الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(1)
((الفصل الثالث: في النواهي
.
وفيه مسائل)
(2)
:
الأولى: النهي يقتضي التحريم؛ لقوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} )
.
لم يذكر المصنف حَدَّ النهي؛ لكونه معلومًا من حَدِّ الأمر
(3)
. (فكلما قيل في حد الأمر)
(4)
من مُزَيَّف ومختار - فقد قيل مُقَابله في النهي
(5)
.
وصيغة النهي عند القائلين بالصيغة تَرِد لسبعةِ محامل:
التحريم: مثل: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}
(6)
.
والتنزيه: مثل قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يُمْسِكَنَّ أحدُكم ذَكَرَه بيمينه وهو يبول"
(7)
.
(1)
سقطت من (ت).
(2)
سقطت من (ت).
(3)
فالنهي: هو القول الطالب للترك دلالة أولية. انظر: نهاية السول 2/ 293.
(4)
سقطت من (ت).
(5)
انظر: الإحكام 2/ 187.
(6)
سورة الأنعام: الآية 151. سورة الإسراء: الآية 33.
(7)
أخرجه مسلم بلفظه 1/ 225، في كتاب الطهارة، باب النهي عن الاستنجاء باليمين، رقم 267. وأخرجه بمعناه البخاري 1/ 69، في كتاب الوضوء، باب النهي عن الاستنجاء باليمين، وباب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال، رقم 152، 153. وانظر رقم 5307. وأحمد في المسند 5/ 309 - 310، والدارمي 1/ 137 - 138، في كتاب الصلاة والطهارة، باب النهي عن الاستنجاء باليمين، رقم 679. وغيرهم.
والدعاء: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا}
(1)
.
والإرشاد: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}
(2)
.
وبيان العاقبة: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ}
(3)
(4)
.
والتحقير: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ}
(5)
(6)
.
واليأس: {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ}
(7)
.
والكلام في أنَّ صيغة النهي هل هي حقيقة في التحريم، أو الكراهة، أو مشتركة بينهما، أو موقوفة - على ما سبق في الأمر، فالخلاف في أكثر مسائله
(8)
على وَزَان الخلاف في مقابِلاتها من مسائل النهي
(9)
، والمآخذ كالمآخذ. وقد سبق أنَّ الأمر المجرد عن القرينة
(1)
سورة آل عمران: الآية 8.
(2)
سورة المائدة: الآية 101.
(3)
سورة آل عمران: الآية 169.
(4)
وكقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا} . انظر: نهاية السول 2/ 294.
(5)
سقطت من (ت).
(6)
سورة الحجر: الآية 88.
(7)
سورة التحريم: الآية 7.
(8)
في (ص): "المسائل". والضمير يعود إلى الأمر.
(9)
كان الأولى أن يقول: من مسائل الأمر. فيكون الضمير في قوله قَبْلَه "مسائله" عائدًا إلى النهي، كما عبر الآمدي في الإحكام 2/ 187؛ لأن الخلاف في الأمر =
يقتضي الوجوب، فالمختار أن النهي المجرد عن القرينة يقتضي التحريم.
واعلم أنه إذا ثبت أن الأمر للوجوب والنهي نقيضه - فلا يثبت أن النهي للتحريم، بل أنه ليس للوجوب؛ لأن نقيض الوجوب لا وجوب، ولما كان في الرأي المختار زيادة على ذلك، وهو أن النهي للتحريم - استدل عليه بقوله تعالى:{وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
(1)
، ووجه الاحتجاج: أنه أمر بالانتهاء عن المنهي، والأمر للوجوب، فكان الانتهاء عن المنهي واجبًا، وذلك هو المراد من قولنا: النهي للتحريم.
ولقائل أن يقول: هذا أولًا لا يتم إلا بعد تسليم أن الأمر
(2)
للوجوب، وثانيًا: أن التحريم حينئذ لا يكون مستفادًا من صيغة النهي، بل بما دَلَّ مِنْ خارجٍ وهو قوله:{فَانْتَهُوا} ، بل قد يقال: لو كان النهي للتحريم (لما احتيج إلى الأمر باجتناب المنهي عنه، فكان الأمر بذلك دليلًا على أن التحريم)
(3)
غير مكتسب منه. وبهذا يظهر لك أن التحريمَ مستفادٌ من الشرع لا مِنَ اللغة، ولم ترد الصيغة المطلقة من حيث اللغة على تضمن جَزْم الاقتضاء في الانكفاف عن المنهي عنه، كما قدمناه في الأمر إذا قلنا: الصيغة المطلقة تتضمن جزم الاقتضاء في المأمور به
(4)
، وهذا هو مذهب إمام
= هو المقيس عليه، والخلاف في النهي مقيس، كما هو واضح.
(1)
سورة الحشر: الآية 7.
(2)
سقطت من (ت).
(3)
سقطت من (غ).
(4)
المعنى: أننا إذا قلنا بأن الصيغة المطلقة في الأمر تتضمن جَزْمَ الاقتضاء في المأمور به - فليس لنا أن نقول: الصيغة المطلقة في النهي تتضمن جزم الاقتضاء في الانكفاف =
الحرمين الذي اخترناه، كما علمت
(1)
.
ثم قال: (وهو كالأمر في التكرار والفور).
حكمُ النهي حكمُ الأمر في عدم دلالته على التكرار وعلى الفور، وقد اختار الإمام أن النهي لا يقتضي التكرار
(2)
، مع قوله في مسألة الفور: إن النهي يقتضيه، وإيهامِه عدم الخلاف فيه
(3)
، وكذلك
(4)
وقع للمصنف
(5)
كما نبهنا عليه.
واستدل الإمام على أن النهي لا يقتضي التكرار: بأنه يرد للمرة،
= عن المنهي عنه؛ لأن اللغة تفرق بين الحالتين، وعلى هذا فالتحريم مستفاد من الشرع لا من اللغة.
(1)
انظر حَدَّ النهي ومعانيه في: الإحكام 2/ 187، البحر المحيط 3/ 365، نهاية الوصول 3/ 1165، المحصول 1/ ق 2/ 469، التحصيل 1/ 334، الحاصل 1/ 488، نهاية السول 2/ 293، السراج الوهاج 1/ 484، تيسير التحرير 1/ 374، فواتح الرحموت 1/ 395، كشف الأسرار 1/ 256، شرح التنقيح ص 168، بيان المختصر 2/ 86، شرح الكوكب 3/ 77.
(2)
انظر: المحصول 1/ ق 2/ 470.
(3)
أي: أوهم كلام الإمام في مسألة دلالة الأمر على الفور أن النهي يقتضي التكرار والفور بلا خلاف، مع أنه في باب النهي اختار أنه لا يقتضي التكرار، والاختيار يدل على وجود الخلاف، فهذا نوع من التناقض.
انظر: المحصول 1/ ق 2/ 199، 204.
(4)
في (ص): "ولذلك".
(5)
أي: لأجل كون الإمام وقع في هذا الخطأ، وقع فيه المصنف؛ لأنه تابع له.
كقول الطبيب للمريض الذي يشرب
(1)
الدواء: لا تشرب الماء، ولا تأكل اللحم. أي: في هذه الساعة. ويرد للتكرار مثل: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}
(2)
، فوجب جَعْلُه حقيقةً في القدر المشترك
(3)
.
وأما الآمدي: فإنه قال: "اتفق العقلاءُ على أنَّ النهي يقتضي الانتهاء عن المنهي عنه دائمًا، خلافًا لبعض الشَّاذِّين"
(4)
.
وزعم ابن بَرْهان - كما نقله عنه الأصفهاني - انعقادَ الإجماع عليه، وهذا ما جزم به الشيخ أبو إسحاق قي "شرح اللمع"
(5)
، وهو المختار عند ابن الحاجب
(6)
.
ونحن نوافق القائلين بأنه للتكرار في المعنى دون العبارة، فنقول: إذا قلتَ مثلًا: لا تضرب - فلا ريب أنك
(7)
منعت المكلَّف من إدخال ماهية الضرب في الوجود، ولا يحصل ذلك إلا بالامتناع عن إدخال كل الأفراد، ولا يتحقق الامتثال إلا بالامتناع؛ فكان التكرار من لوازم الامتثال، لا مِنْ مدلول اللفظ. وينبغي أن يُرَدَّ
(8)
كلام القائل: بأنه
(1)
في (غ)، و (ك):"شرب".
(2)
سورة الإسراء: الآية 32.
(3)
انظر: المحصول 1/ ق 2/ 470، 471.
(4)
انظر: الإحكام 2/ 194.
(5)
انظر: شرح اللمع 1/ 294، 295.
(6)
انظر: بيان المختصر 2/ 101.
(7)
في (غ)، و (ك):"في أنك".
(8)
أي: يُحْمل.