الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ كان الثاني - لم يجز التخصيص بها؛ لأن أفعال الناس لا تكون حجة على الشرع، اللهم إلا أن يُجْمعوا عليه فيصح حينئذ، والمخصِّص هو الإجماع لا العادة
(1)
.
وإنْ كان الثالث - احْتَمَل، واحْتَمَل
(2)
"
(3)
. وتابعه المصنف على ذلك.
فرع:
إذا باع شجرة وأطلق - دخل في بيعها أغصانُها إلا اليابس؛ لأن العادة فيه القطع. وقال صاحب "التهذيب"
(4)
(يحتمل أن
(1)
وهذه الصورة متفق عليها؛ إذ التخصيص بالإجماع متفق عليه. انظر: سلم الوصول 2/ 471، تخصيص العموم ص 393.
(2)
عبارة الإمام في المحصول 1/ ق 3/ 199: "وإن كان الثالث: كان محتملًا للقسمين الأولين، ومع احتمال كونه غير مخصَّص لا يجوز القطع بذلك". قال القرافي: "ولا الظن لأن العموم ظاهر لا يَنْصرف عن عمومه إلا لمانع، والأصل عدمه، فالراجح الذي يغلب على الظن عَدَمُه (أي: عدم التخصيص) عملًا بالأصل (وهو ظهور العموم)؛ فلا يكون التخصيص مظنونًا". نفائس الأصول 5/ 2144.
(3)
انظر: المحصول 1/ ق 3/ 198 - 199.
(4)
هو شيخ الإسلام الإمام الحافظ أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفَرَّاء البغويّ الشافعيّ المفسِّر. كان يلقَّب بمحيي السنة وبركن الدين. وكان رجلًا مخشوشنًا يأكل الخبز وحده، فعُذِل فصار يأكله بالزيت، وكان لا يُلقي الدرس إلا على طهارة. من مصنفاته:"شرح السنة"، "معالم التنزيل"، "التهذيب" في المذهب، وغيرها. توفي سنة 516 هـ. انظر: سير 19/ 439، الطبقات الكبرى 7/ 75.
يدخل)
(1)
، كالصوف على ظهر الغنم
(2)
، يعني: إذا بيع (وقد)
(3)
استحق الجز.
الاحتمال الثاني: أن تكون العادة جاريةً بفعلٍ مُعَيَّنٍ كأكل طعامٍ مُعَيَّن مثلًا، ثم إنه عليه السلام ينهاهم عنه بلفظٍ يتناوله
(4)
، كما لو قال: نهيتكم عن أكل الطعام. ومنه: نهيه عليه السلام عن بيع الطعام بجنسه. فهل يكون النهيُ مقتصرًا على ذلك الطعام فقط، أم يجري على عمومه، ولا تأثير للعادة في ذلك؟ وهذا الاحتمال هو الذي تكلم فيه الآمدي، وتابعه ابن الحاجب
(5)
. وهما مسألتان لا تعلق لإحداهما بالأخرى، ولم يتعرض الآمدي لتلك وقد عرفتَ حكمَها، ولا الإمام لهذه.
ومَنْ قال: إن العادة
(6)
تُخَصِّص حَمَل النهيَ فيها على ذلك المعتاد لا
(1)
في (ت)، و (ص):"يحتمل أن لا يدخل". وهو خطأ، والمثبت من العزيز شرح الوجيز 4/ 338، فتح العزيز مع المجموع 9/ 38.
(2)
انظر: العزيز 4/ 338.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
فالصورة في هذا الاحتمال الثاني هي أن تكون العادة سابقة للنص العام، ثم يرد النص بعدها بلفظ يشملها ويشمل غيرها. وعلى هذا فالعادة هنا مقارنة لزمن ورود النص العام لا طارئة عليه.
(5)
انظر: الإحكام 2/ 334، المنتهى ص 133، بيان المختصر 2/ 333.
(6)
أي: العادة الفعلية المقارنة لزمن ورود الخطاب العام، ولم يرد من الشارع إقرارٌ لها ولا إنكار. وهي العادة التي تكلم عنها الآمدي وابن الحاجب رحمهما الله تعالى، =
غير
(1)
. ومَنْ قال: لا تُخَصِّص - وهو المختار - أجراه على عمومه
(2)
.
هذا تمام القول في التخصيص بالعادة
(3)
. وقد أورده
(4)
الهندي كما ذكرناه
(5)
(فلا تعدل به)
(6)
، فإن بعض الضعفاء حاول الجمع بين كلام الإمام والآمدي ظنًا منه أنهما تواردا على محلٍّ واحدٍ، فوقع في خبط كبير
(7)
(8)
.
= وهي محل الخلاف في التخصيص بالعادة؛ إذ العوائد الطارئة لا يقضى بها على العام اتفاقًا، إلا إذا كانت مصحوبة بتقرير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو إجماع العلماء، فيكون المخصِّص حقيقة هو التقرير أو الإجماع كما سبق بيانه. انظر: نفائس الأصول 5/ 2145، شرح التنقيح ص 211، البحر المحيط 4/ 520، 522، تخصيص العام ص 392 - 395.
(1)
وإليه ذهب الحنفية وجمهور المالكية، ويظهر من كلام المجد ابن تيمية مَيْلُه إلى هذا المذهب، ونسبته إياه إلى الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
(2)
وإليه ذهب الشافعية والحنابلة، ونسبه الآمدي وابن الحاجب وغيرهما إلى الجمهور.
(3)
انظر مسألة التخصيص بالعادة في: المحصول 1/ ق 3/ 198، الحاصل 1/ 576، التحصيل 1/ 404، نهاية الوصول 5/ 1758، نهاية السول 2/ 469، السراج الوهاج 1/ 578، الإحكام 2/ 334، شرح التنقيح ص 211، إحكام الفصول ص 269، بيان المختصر 2/ 333، نشر البنود 1/ 258، نثر الورود 1/ 308، تيسير التحرير 1/ 317، فواتح الرحموت 1/ 345، العدة 2/ 593، المسودة ص 123، شرح الكوكب 3/ 387، تخصيص العام ص 390.
(4)
في (ت): "أورد".
(5)
انظر: نهاية الوصول 5/ 1758.
(6)
في (ص): "فلا يعدل به".
(7)
في (ت): "كثير".
(8)
انظر: البحر المحيط 4/ 520.
البحث الثاني: في أن تقرير النبي صلى الله عليه وسلم واحدًا من المكلَّفين على خلاف مُقْتضي العام هل يكون مُخَصِّصًا؟ .
أما في حق ذلك الشخص الذي أُقِرَّ: فلا شك فيه؛ ضرورةَ أنه عليه السلام لا يقر على باطل.
وأما في حق غيره: فإنْ ثبت المَرْوِي مِنْ قوله صلى الله عليه وسلم: "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة"
(1)
- فيرتفع حكم العام عن الباقين أيضًا. وعلى هذا يكون نسخًا لا تخصيصًا إنْ خالف ذلك الواحدُ جميعَ ما دلَّ عليه العام، ويكون تخصيصًا إنْ خالف في فردٍ، كما لو قال: لا تقتلوا المسلمين. وقَدَّرنا أن شخصًا قَتَل مسلمًا، وأقره عليه السلام على ذلك -
(1)
قال الغماري رحمه الله في تخريج أحاديث اللمع ص 81: "لا أصل له بهذا اللفظ، كما قال جماعة من الحفاظ، منهم المِزِّي، والذهبي، والعراقي، والسخاوي. نعم قده ورد ما يؤدي معناه"، فروى النسائي من طريق مالك، والترمذي من طريق سفيان، كلاهما عن محمد بن المنكدر، سمعت أُميمة بنت رُقَيْقَة تقول:"بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوةٍ فقال لنا: فيما اسْتَطَعْتُنَّ وأَطَقْتُنَّ. قلت: الله ورسوله أرحم بنا منَّا بأنفسنا. قلت: يا رسول الله بايِعْنا. قال سفيان: تعني صافِحْنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما قولي لمائة امرأةٍ كقولي لامرأةٍ واحدة" لفظ الترمذي، وقال: حسن صحيح. ولفظ النسائي مقارب له. انظر: سنن الترمذي 4/ 129، كتاب السير، باب ما جاء في بيعة النساء، رقم 1597. سنن النسائي 7/ 149، كتاب البيعة، باب بيعة النساء، رقم 4181. وأخرجه ابن حبان في صحيحه. انظر: موارد الظمآن ص 34، كتاب الإيمان، باب بيعة النساء، رقم 14. والدارقطني في السنن 4/ 146، في النوادر، رقم الحديث 14. ومالك في الموطأ 2/ 982، كتاب البيعة، باب ما جاء في البيعة، رقم 2. وأحمد في المسند 6/ 357، في مسند أُميمة بنت رُقيقة رضي الله عنها.
فَيُعْلم أنَّ ذلك المقتولَ كان يجوز قتله لكل أحد
(1)
.
وهذا الحديث وهو: "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة"
(2)
- لا أعرف له أصلًا، وسألت عنه شيخنا الحافظ أبا عبد الله الذهبي فلم يعرفه.
واعلم أنه يُشْتَرط في تقريره عليه السلام أن لا يَعْلم من الفاعل اعتقادَه ذلك الفعل، كتردد اليهود إلى كنائسهم، فإن سكوته عن ذلك لا يقتضي إباحته؛ للعلم بتقرير أهل الذمة على ذلك
(3)
.
ونختم البحث في التقرير بسؤال: وهو أن الاستدلال بالتقرير على الإباحة كيف يتم مع أنه يحتمل أن يكون التقرير قبل نزول الوحي، فينبغي أن يقال: يستدل به على عدم التحريم، أما إنشاء الإباحة فلا؟
وهذا السؤال أورده والدي - أحسن الله إليه - قديمًا على الشيخ صدر الدين بن المرحل، ولم يحصل عنه جواب إذ ذاك. قال والدي أيده الله تعالى: وقد ظهر لي بعد ذلك جوابُه: وهو أن التقرير إنما يكون على فعلٍ قد وقع أو هو واقع، ولنا قاعدة قد نقلوها: وهي أنه لا يجوز الإقدام على فعل حتى يُعْرف
(4)
حُكْمه. فذلك الفعل الذي أَقَرَّ عليه لو لم
(1)
فهذا تخصيص للعام؛ لأن حكمه على باقي الأفراد باقي.
(2)
سبق تخريجه في الصفحة السابقة.
(3)
انظر: الإحكام 1/ 188.
(4)
في (ت): "نعرف".