الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لنا: أنه وقع؛ لأن الله تعالى قال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} ، وهذا عام في أولات الأحمال وغيرهن، وقد خُصَّ أولات الأحمال بقوله:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ، ووقوعه دليل جوازه وزيادة
(1)
.
لا يقال: لعل التخصيص وقع بغير هذه الآية؛ لأنا نقول: الأصل عدم غيرها.
واحتج الخصم بقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}
(2)
، فَوَّض البيان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فوجب أن لا يحصل البيان إلا بقوله عليه السلام.
والجواب: أن قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}
(3)
يدل على أن الكتاب هو المبيِّن. والجمع بين الآيتين: أن البيان يحصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أعم من أن يكون منه أو على لسانه.
واعلم أنه يجوز تخصيص السنة المتواترة بها كالكتاب به.
البحث الثاني: يجوز تخصيص القرآن بالسنة المتواترة
. قال الآمدي: "لا أعرف فيه خلافًا"
(4)
. وصَرَّح الهندي بقيام الإجماع عليه
(5)
.
(1)
لأن الجواز لا يقتضي الوقوع، والوقوع يقتضي الجواز، فهو زائد عليه.
(2)
سورة النحل: الآية 44.
(3)
سورة النحل: الآية 89.
(4)
انظر: الإحكام 2/ 322.
(5)
انظر: نهاية الوصول 4/ 1617.
ومنهم من حكى خلافًا في السنة الفعلية
(1)
.
وقد مَثَّل المصنف للقولية: بأنهم خَصَّصوا عمومَ قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}
(2)
بما رَوَى الترمذي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة
(3)
- وهو رجل متروك عند بعض أهل العلم -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "القاتل لا يرث". قال الترمذي: لا يصح هذا الحديث، ولا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال البيهقي: شواهده تُقَوِّيه.
فإن قلتَ: هذا الحديث على تقدير صحته من أخبار الآحاد، والكلام في المتواتر.
قلت: قال القرافي: "هذا السؤال إنما يرد لو كان زماننا زمان النسخ والتخصيص، وإنما ذلك زمن الصحابة رضي الله عنهم، وهذا الحديث وأمثاله كان متواترًا في ذلك الزمان، والمتواتر قد يصير آحادًا، وكم من قضيةٍ كانت متواترةً في الزمن الماضي، ثم صارت آحادًا، بل ربما نُسِيت
(1)
انظر: البحر المحيط 4/ 479، وفيه:"وقال الشيخ أبو حامد الإسفراييني: لا خلاف في ذلك، إلا ما يُحكى عن داود في إحدى الروايتين".
(2)
سورة النساء: الآية 11.
(3)
هو إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عبد الرحمن الأسود، أبو سليمان الأُمويّ، مولى آل عثمان المدنيّ. أدرك معاوية. قال البخاريّ: تركوه. وقال أحمد: لا تحل عندي الرواية عنه. وقال ابن معين: كذَّاب. وقال أيضًا: بنو أبي فروة ثقات إلا إسحاق. قال ابن حجر في التقريب: "متروك". مات سنة 144 هـ. انظر: تهذيب 1/ 240، تقريب ص 102.