الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المساواة
(1)
؛ إذ هي التي كانت مثبتة، ولا يلزم أن لا تثبت مساواة أخرى مقيدة لم يتعرض لها إثباتك ولا نفيك.
البحث الثاني:
وإليه أشار بقوله: "بخلاف: لا آكل" تقريره: أنه إذا حلف لا يأكل، وتلفظ بشيء معيَّن مثل: والله لا آكل التمر. أو لم يتلفظ لكن أتى بمصدر
(2)
ونوى شيئًا معينًا - فلا خلاف بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة أنه لا يحنث بغيره
(3)
. وأما إذا لم يتلفظ بالمأكول ولا أتى بالمصدر، ولكن خَصَّصه بالنية - كما إذا قال: والله لا أكلت - في النفي
(4)
، ونوى شيئًا معينًا - ففي تخصيص
(5)
الحِنْثِ بالمنوي مذهبان، مأخذهما أن قولك:"لا آكل" هل هو سلب للكلي
(6)
: وهو القدر المشترك في الأكل، أو أن حرف النفي الداخل على النكرة عَمَّ لذاته؟ وقد تقدم هذا.
(1)
سقطت من (ت).
(2)
أي: قال: لا آكل أكلًا.
(3)
انظر: نهاية المحتاج 8/ 188، 189، الهداية 2/ 364، ملتقى الأبحر 1/ 323، السراج الوهاج 1/ 513، فواتح الرحموت 1/ 288، نهاية الوصول 4/ 1375.
(4)
قوله: "في النفي" متعلِّق بقوله: "ولكن خصصه بالنية".
(5)
هذا جواب الشرط في قوله: "واما إذا لم يتلفظ بالمأكول ولا أتى بالمصدر".
(6)
في (ص): "الكلي".
فإنْ قلنا بالأول كما هو قول (أبي حنيفة)
(1)
(2)
فلا يقبل التخصيص؛ لأنه نَفْي الحقيقة
(3)
، وهي
(4)
شيء واحد ليس بعام، والتخصيص فرع العموم.
وإنْ قلنا بالثاني عَمَّ
(5)
؛ لكونه نكرة في سياق النفي، وإذا ثبت كونه عامًا قَبِل التخصيص كسائر العمومات. والمصنف في هذا البحث اختار مذهب الشافعي رضي الله عنه واستدل بالقياس على ما لو قال: لا آكل أكلًا، فإن أبا حنيفة سَلَّم قبوله للتخصيص بالنية ثَمَّ
(6)
. قال المصنف: فكذلك لا آكل؛ فإنَّ المصدر موجود فيه لكونه مشتقًا منه
(7)
.
(1)
في (ص)، و (غ)، و (ك):"الحنفية".
(2)
انظر: فواتح الرحموت 1/ 286، وهو قول القرطبي من المالكية. انظر: البحر المحيط 4/ 167.
(3)
والحقيقة تتحقق بأي أكل.
(4)
في (ت)، و (ص):"وهو".
(5)
وهو مذهب الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة، وأبي يوسف من الحنفية. انظر: الإحكام 2/ 251، المحصول 1 / ق 2/ 626، البحر المحيط 4/ 167، نهاية الوصول 4/ 1373، بيان المختصر 2/ 178، شرح تنقيح الفصول ص 184، 185، نشر البنود 1/ 219، شرح الكوكب 3/ 203، تيسير التحرير 1/ 246.
ملاحظة: لم أقف على رأي أبي يوسف رحمه الله تعالى في كتب الحنفية، وإنما نُسب إليه هذا القول في غير كتبهم كالمحصول، والإحكام، ونهاية الوصول، والبحر المحيط، وشرح الكوكب.
(6)
سقطت من (ص)، و (ك)، و (غ). والمعنى: سَلَّم قبوله هناك في هذه الصورة التي سبق ذكرها.
(7)
أي: فإن المصدر موجود في قوله: لا آكل؛ لكون الفعل مشتقًا من المصدر، فالمصدر مُتَضَمَّنٌ في قوله: لا آكل.
وقد فَرَّق من اختار مذهب أبي حنيفة: بأن "لا آكل" يتضمن المصدر، والمصدر إنما يدل على الماهية من حيث هي، والماهية من حيث هي لا تعدد فيها، فليست بعامة، فلا تقبل التخصيص، فيحنث بالجميع
(1)
، قال: وأما "أكلًا"
(2)
فليس بمصدر؛ لأنه يدل على المرة الواحدة، وحينئذ يصح تفسير ذلك الواحد بالنية، فلهذا لا يحنث بغيره
(3)
.
قال صاحب الكتاب: وهو ضعيف؛ لأن هذا مصدر مؤكِّد
(4)
بلا نزاع
(5)
، والمصدر المؤكِّد يطلق على الواحد والجمع
(6)
(7)
ولا يفيد فائدة
(1)
انظر: البحر المحيط 4/ 173.
(2)
في (ص): "أكل".
(3)
يعني: يكون قوله: "لا آكل أكلًا" من باب العموم؛ لأنه نفي للنكرة، لا للماهية، فيقبل التخصيص. وقوله: يصح تفسير ذلك الواحد بالنية - هو التخصيص؛ لأن التخصيص بيان.
(4)
المصدر له ثلاثة معاني: التأكيد، والنوع، والعدد. انظر: شرح ابن عقيل على الألفية 1/ 562.
(5)
قال القرافي: "لأن النحاة اتفقوا على أن ذكر المصدر بعد الأفعال إنما هو تأكيدٌ للفعل، والتأكيد للفعل لا ينشئ حكمًا، بل ما هو ثابت قبله. فإذا صح اعتبار النية معه (أي: مع ذكر المصدر) وجب اعتبارها قبله". شرح التنقيح ص 185.
(6)
في (ص): "والجميع". وهو خطأ.
(7)
وعلى هذا فقول الإمام: بأن "أكلًا" يدل على المرة الواحدة - غير صحيح؛ لأنه يطلق على الواحد والجمع. انظر: السراج الوهاج 1/ 514.
سوى تقوية المؤكَّد
(1)
، فلا فرق حينئذ بين الأول والثاني
(2)
.
واعلم أن الإمام مال في هذه المسألة على أصحابنا وقال: نظر أبي حنيفة فيها دقيق؛ لأن النية لو صَحَّت لصحت إما في الملفوظ أو غيره، والأول باطل؛ لأن الملفوظ هو الأكل، وهو ماهية واحدة لا تقبل التعدد
(3)
، فلا تقبل التخصيص. فإن أُخِذَتْ مع قيودٍ زائدة عليها تعددت
(4)
، وحينئذ تصير محتملة للتخصيص، لكن تلك الزوائد غير ملفوظ بها
(5)
، فالمجموع الحاصل من الماهية ومنها غير ملفوظ
(6)
، فيكون القابل
(1)
انظر: جامع الدروس العربية 1/ 175.
(2)
أي: لا فرق بين حذف المصدر وذِكْره؛ لأن الفعل متضمن لمعنى المصدر، والنفي إنما هو وارد على هذا المصدر المتضمَّن في الفعل، أما المصدر المذكور فهو للتأكيد فقط، وعلى هذا فلا فرق بين الجملتين، والمصدر المتضمَّن في الفعل يدل على الماهية، ونفي الماهية يستدعي نفي كل فردٍ من أفرادها، فيكون نفي المصدر قابلًا للتخصيص. انظر: نهاية الوصول 4/ 1376.
(3)
لأن: الماهية قدر مشترك بين أكل هذا الطعام، وأكل ذلك الطعام، والأكل من حيث إنه أكل مغاير لقيد كونه هذا الأكل وذاك، وغير مستلزم له، فلا تعدد في الماهية. انظر: المحصول 1/ ق 2/ 627، 628.
(4)
يعني: إذا اقترن بالماهية العوارض الخارجية حتى صارت هذا أو ذاك - تعددت. انظر: المحصول 1/ ق 2/ 628.
(5)
سقطت من (ت).
(6)
لأن القيود الزوائد غير ملفوظ بها، فأصبح المجموع المكون من الماهية والقيود الزوائد غير ملفوظ به.
لنيةِ التخصيص شيئًا غيرَ ملفوظٍ. وهذا هو القسم الثاني
(1)
، وهو وإنْ جاز عقلًا إلا أنا نبطله بالدليل الشرعي فنقول: إضافة ماهية "الأكل" إلى الخبز تارة، وإلى اللحم أخرى - إضافاتٌ تَعْرِض لها بحسب اختلاف المفعول به
(2)
. وإضافتها إلى هذا اليوم وذاك، وهذا الموضع وذاك - إضافات عارضة لها
(3)
بحسب اختلاف المفعول فيه
(4)
. ثم أجمعنا على أنه لو نوى التخصيص بالمكان والزمان - لم يصح، فكذا التخصيص بالمفعول به
(5)
، والجامع: رعاية الاحتياط في تعظيم اليمين
(6)
. هذا كلامه.
والنظر الدقيق إنما هو نظر أصحابنا، وما ذكره الإمام مدخولٌ لا يتبين به دِقَّةُ نظر الخصم، وقوله: الأكل ماهية واحدة لا تقبل التعدد.
قلنا: صحيح، ولكن مع قرينة دخول حرف النفي لا نسلم أنه لا دلالة له
(7)
على التعدد، ولو سلَّمنا أن الملفوظ لا يقبل التخصيص - فغير الملفوظ يقبله.
(1)
وهو أن تصح النية في غير الملفوظ.
(2)
فنقول: أكلت اللحم، أكلت الخبز. . . إلخ.
(3)
سقطت من (ص).
(4)
وهو ظرف الزمان، وظرف المكان.
(5)
يعني: لو قال: لا آكل، وهو يقصد موضعًا خاصًا، أو زمانًا خاصًا - لا يصح ولا يصدق، فكذا لا يصح بمفعول خاص، بأن يقول أقصد بقولي: لا آكل، أي: تمرًا أو خبزًا، ونحوهما.
(6)
انظر: المحصول 1/ ق 2/ 627 - 629، مع تصرف واختصار من الشارح رحمه الله تعالى.
(7)
سقطت من (ت).
والجواب عما ذكره من القياس: أما أولًا: فبالمنع، فإنا لا نعرف خلافًا في المذهب أنه يجوز تخصيص النية بالمكان والزمان، كما يجوز بالمأكول المُعَيَّن
(1)
.
وأما ثانيًا: فقياس المفعول به على المفعول فيه واضح التعسف؛ لأن المفعول به من مُقَوِّمات الفعل في الوجود؛ لأن أكلًا بلا مأكول محال
(2)
، وكذا في الذهن: فَهْمُ ماهية الأكل دون المأكول مستحيل، فالتزام الأكل للمأكول واضح. وأما الزمان والمكان فليسا من لوازم ماهية الفعل، ولا من مقوماته، بل هما من لوازم الفاعل
(3)
(المُحْدِث
(4)
، ولهذا ينفك فعل الله تعالى عن الزمان والمكان
(5)
، ولا ينفك أكل)
(6)
عن مأكول، فالزمان والمكان اتفاقي ليس بلازم
(7)
. والحاصل أنَّ
(1)
انظر: شرح التنقيح ص 185، البحر المحيط 4/ 169.
(2)
أي: الفعل لا يتحقق بدون وجود المفعول به، فلو قال:"أكلت" بدون وجود المأكول في الوجود - فهو كلام باطل. وواضح أنه يقصد بالفعل المتعدي؛ لأنه هو الذي لا يُتعقل وجوده بدون المفعول.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
يعني: الفاعل محتاج إلى مكان وزمان لإحداث فِعْله.
(5)
مَثَّل صفي الدين الهندي رحمه الله تعالى لهذا بفعل "الخَلْق"، فإنه قد انفك عن المفعول فيه من المكان والزمان، فإن خَلْق الله تعالى للعالم لم يكن في زمان ولا في مكان. انظر: نهاية الوصول 4/ 1379.
(6)
سقطت من (ت).
(7)
قوله: "ليس بلازم" تفسير لقوله: "اتفاقي"، يعني: تارة يكون، وتارة لا يكون، فهما ضروريان لأفعال العباد، لا لأفعال الله تعالى.