الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: (وفيه مسائل:
الأُولى: شَرْطه
الاتصال عادةً بإجماع الأدباء. وعن ابن عباس رضي الله عنه خلافه قياسًا على التخصيص بغيره. والجواب: النقض بالصفة والغاية).
يُشترط في الاستثناء شيئان:
أحدهما: أن يكون متصلًا بالمستثنى منه عادةً
. واحْتَرَزَ بقوله: "عادةً" عما إذا طال الكلام
(1)
، فإن ذلك لا يمنع صحة الاستثناء، كما قاله الإمام. وكذلك قَطْع الكلام بالتنفس والسعال لا يمنع الاتصال
(2)
.
والدليل على ما قلناه من اشتراط الاتصال: إجماعُ أهل اللغة - وهم الأدباء - على ذلك.
وهذا الدليل ليس بجيد؛ فإن ابن عباس مِنْ أخبر الناس بلغة العرب، فلا يتجه هذا إن صحَّ المنقولُ عنه
(3)
.
ويمكن على بُعْدٍ أن يُجْعل قوله: "بإجماع الأدباء" متعلِّقًا بقوله:
= بيان المختصر 2/ 251، تقريب الوصول ص 80، شرح التنقيح ص 237، كشف الأسرار 3/ 121، تيسير التحرير 1/ 282، شرح الكوكب 3/ 282، المسودة ص 159، العدة 2/ 659.
(1)
كأن يأتي بالمستثنى منه في أول الكلام، ويأتي بالاستثناء في آخر الكلام، وبينهما فصل طويل من الكلام.
(2)
انظر: المحصول 1/ ق 3/ 39 - 40.
(3)
يعني: فالصواب في الجواب أن نقول: لم يصح النقل عنه. أما أن نثبت الإجماع، وابن عباس رضي الله عنهما مخالف - فهذا لا يتأتى.
"عادةً" أي: لا يضر ما لا يَمْنَعُ الاتصالَ في العادة، كالسعالِ، والتنفس - بإجماعهم.
ونُقِل عن ابن عباس رضي الله عنه أنه جَوَّز الاستثناء المنفصل، ولم يصح عنه. ثم اختلف النَّقَلةُ عنه: فَنُقِل عنه أنه يُجَوِّز الاستثناء إلى شهر
(1)
، ونَقَل الشيخُ أبو إسحاق عنه الجواز إلى سنة
(2)
(3)
، ونقل الجواز أبدًا
(4)
. فهذه ثلاث روايات
(5)
، فلما لم يصح النقل عنه - عَبَّر المصنفُ بقوله:
(1)
انظر: الإحكام 2/ 289، بيان المختصر 2/ 266.
(2)
حديث ابن عباس: أنه يجيز الاستثناء المنفصل ولو إلى سنة، أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 303، وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. والبيهقي في الكبرى 10/ 48، في الأيمان، باب الحالف يسكت بين يمينه واستثنائه سكتة يسيرة لانقطاع صوت أو أخذ نفس. والطبراني في الكبير 11/ 68، رقم الحديث 11069، والأوسط 1/ 115، رقم 119. كلهم عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس. وفي معجَمَي الطبراني: فقيل للأعمش: سمعتَ هذا من مجاهد؟ قال: حدثني به الليث عن مجاهد. قال الهيثمي في المجمع 7/ 53: رواه الطبراني في الأوسط والكبير، ورجاله ثقات. وأخرجه الطبراني في الأوسط 1/ 507، رقم الحديث 934، من حديث جابر بن زيد عن ابن عباس. وأخرجه الطبراني في الصغير 2/ 115، رقم 876، من حديث الوليد بن مسلم عن عبد العزيز بن حصين، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس. قال الهيثمي في مجمع البحرين 4/ 74: لم يروه عن ابن أبي نجيح إلَّا عبد العزيز تفرد به الوليد. وقال في المجمع 4/ 182: رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه عبد العزيز بن حصين وهو ضعيف.
(3)
انظر: شرح اللمع 1/ 399.
(4)
انظر: اللمع ص 39، البرهان 1/ 385، المستصفى 3/ 379، المعتمد 1/ 242، نهاية الوصول 4/ 1510.
(5)
انظر: نهاية السول 2/ 411، المحلي على الجمع 2/ 10، البحر المحيط 4/ 380.
"ونُقِل"
(1)
، ولما لم يُعْرف أقيَّده أم أطلقه، وعلى تقدير التقييد: . بماذا هو - عَبَّر المصنف بقوله: "خلافه".
وقال القاضي في "مختصر التقريب" فمَنْ بعده: لعل مراده إنْ صح النقلُ ما إذا نوى الاستثناء متصلًا بالكلام، ثم أظهر نيته بعده - فإنه يُدَيَّن
(2)
(3)
.
(1)
هذه اللفظة لم ترد في المتن في جميع النسخ، ولعل مراد الشارح أن الماتن لم يجزم النقل، بل قال:"وعن ابن عباس"؛ ليفيد عدم صحة النقل. وبمثل كلام الشارح رحمه الله تعالى قال الإسنوي في نهاية السول 2/ 411، مع أن هذه اللفظة "ونقل" لم ترد في متن البيضاوي الذي في نهاية السول. ولم ترد كذلك في المتن الذي في شرح الأصفهاني 1/ 382، ولا في المتن الذي في السراج الوهاج 1/ 540. وفي شرح البدخشي 2/ 96:(و) نُقِل (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (خلافه). اهـ ففسر البدخشي العبارة بصيغة التمريض: نُقِل.
(2)
انظر: التلخيص 2/ 65 - 66، والنقل عنه بالمعنى والتصرف. وعبارته في "التلخيص":"إما أن نقول: لا تصح الرواية عنه، وإما أن تحمله على محمل قريب" ثم ذكره وقال عنه: "وهذا لعمرنا أقرب، وإن كان لا يرتضيه معظم الفقهاء". وبنحوه لحال إمام الحرمين في البرهان 1/ 387، وقال عن هذا المحمل:"فهذا مذهب على كل حال، وإن كان مُزيَّفًا، وقد صار إليه بعض أصحاب مالك". وبنحوهما قال الغزالي في المنخول ص 157، والمستصفى 3/ 379 (2/ 165)، وكذا قال الرازي في المحصول 1/ ق 3/ 40، وذكر هذا المحمل أيضًا ابن الحاجب في منتهى الوصول ص 124، واستبعد الشيرازي ثبوت المنقول عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولم يذكر هذا المحمل. انظر: اللمع ص 39، شرح اللمع 1/ 399.
(3)
أي: يُصَدَّق فيما بينه وبين الله فيما نواه. ومذهب ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن ما يُدَيَّن الرجلُ فيه - يقبل منه إبداؤه أبدًا. انظر: المنخول ص 157.
وَاحْتُجَّ للمنقول عن ابن عباس بالقياس على التخصيص بغير الاستثناء، بجامع أنَّ كلًا منهما مخصِّص.
وأجيب بالنقض بالصفة، والغاية، وكذا الشرط، فإن هذا يقتضي جواز انفصالها، وهو باطل اتفاقًا.
وقد نَقَل الشيخُ أبو إسحاق عن الحسن وعطاء
(1)
: أنهما جَوَّزا الاستثناء ما دام في المجلس
(2)
. وقال قوم بصحة الاستثناء المنفصل في كتاب الله، دون غيره
(3)
(4)
.
(1)
هو عطاء بن أبي رباح واسمه أسلم، أبو محمد القرشيُّ مولاهم المكيّ. يقال: ولاؤه لبني جُمح. ولد لعامَيْن خلوا من خلافة عثمان رضي الله عنه. كان رضي الله عنه أسودَ أعورَ أفطسَ أشلَّ اليد أعرجَ، ثم عَمِي. وكان ثقةً فقيهًا عالمًا كثير الحديث، أدرك مئتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أعلمَ أهلِ زمانه. بمناسك الحج. مات سنة 114 هـ على المشهور. انظر: سير 5/ 78، تهذيب 7/ 199، تقريب ص 391.
(2)
انظر: التبصرة ص 163.
(3)
انظر: المنخول ص 157، البحر المحيط 4/ 381، نهاية الوصول 4/ 1514، الإحكام 2/ 289، وحجة من قال بهذا: أن كلام الله تعالى في الأزل واحد؛ لا ينقطع، ولا انفصال فيه، والتقدم والتأخر إنما هو في الوصول إلى المخاطبين. قال الغزالي:"وهذا فاسد؛ لأن القرآن نزل على لسان العرب، ونحن نتكلم في الألفاظ، فلا نفهم منها إلا ما يُفهم من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم". انظر: المنخول ص 158.
(4)
انظر المسألة في: المحصول 1/ ق 3/ 39، الحاصل 1/ 537، التحصيل 1/ 373، نهاية الوصول 4/ 1510، نهاية السول 2/ 410، السراج الوهاج 1/ 539، البرهان 1/ 385، المستصفى 3/ 379 (2/ 165)، الوصول إلى الأصول 1/ 240، الإحكام 2/ 289، التلخيص 2/ 63، إحكام الفصول ص 273، بيان المختصر 2/ 266، نشر البنود 1/ 244، تيسير التحرير 1/ 297، فواتح الرحموت 1/ 321، ميزان الأصول ص 312، شرح الكوكب 3/ 297، العدة 2/ 660، المسودة ص 152.