الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العَدَد، ومع كل جزئياتها العام).
هذه المسألة في
الفرق بين العام، والمطلق، والنكرة والمعرفة، والعدد
. فنقول: لكل شيءٍ حقيقة هو بها هو، تلك الحقيقة مغايرة لكل ما عداها من الأمور اللازمة لها، والمفارقة، كالإنسانية فإنها من حيث هي حقيقةٌ مغايرةٌ للوَحدة والكثرة، وإن لم تنفك عن إحديهما
(1)
(2)
.
إذا عرفت هذا: فاللفظ الدال على تلك الحقيقة من حيث هي
(3)
من غير اعتبار عارض من عوارضها - هو المطلق، كقولنا: الرجل خيرٌ من المرأة.
والدال على تلك الحقيقة مع وَحْدةٍ معيَّنة شخصيةٍ أو نوعيةٍ أو جنسيةٍ
(4)
- المَعْرِفةُ.
(1)
فالوَحْدة والكثرة من الأمور اللازمة للحقيقة؛ لأن الحقيقة إما موجودة في ضمن الواحد، أو في ضمن الكثير.
(2)
قال الإسنوي موضحًا هذا المثال بشكل أوضح: "فالجسم الإنساني مثلًا له حقيقة: وهي الحيوان الناطق، وذلك الجسم بتلك الحقيقة إنسان، فإن الانسان إنما يكون إنسانًا بالحقيقة، وتلك الحقيقة مغايرة لما عداها سواء كان ما عداها ملازمًا لها كالوحدة والكثرة، أو مفارقًا كالحصول في الحَيِّز المعين، فمفهوم الإنسان من حيث هو إنسان لا واحد ولا كثير؛ لكون الوحدة والكثرة مغايرة للمفهومِ مِنْ حقيقته، وإن كان لا يخلو عنه". نهاية السول 2/ 319.
(3)
أي: من حيث هي حقيقة.
(4)
شخصية: كزيد، وعائشة. ونوعية: كإنسان، وفرس. وجنسية: كحيوان. والجنس: هو ما صدق في جواب ما هو على كثيرين مختلفين بالحقيقة. كالحيوان فإنه يصدق =
والدَّال عليها مع وَحْدة غير مُعَيَّنة النكرةُ، مثل: رأيت رجلًا.
والدال عليها مع وَحْدَاتٍ (أي: مع كثرة) إما أن تكون تلك الكثرة معدودةً (أي: محصورة) أوْ لا، فإنْ كانت محصورة فهي العدد، كمائةٍ وعشرة
(1)
. وإن لم تكن معدودةً بل استوعبت جميعَ جزئيات تلك الحقيقة فهو العام، كالرجال والمسلمين
(2)
.
وقد عَرَفْتَ مِنْ هذا التقسيم الفرق بين المطلق والنكرة
(3)
، ومن الناس
= في جواب ما هو على كثيرين. . إلخ، بمعنى أنه يصح حمله على ما ذكر. فلو قلت مثلًا: ما هو الإنسان، وما هو الفرس، وما هو الحمار، وما هو البغل - فالجواب بالقدر المشترك بينها وهو الحيوان، فالحيوان إذًا قد صَدَق (أىِ: حُمِل) في جواب ما هو على كثيرين مختلفة حقائقهم. والنوع: هو ما صدق في جواب ما هو على كثيرين متفقين بالحقيقة. فلو قلت مثلًا: ما هو زيد، وما هو عمرو، وما هو بكر، وما هو خالد، وما هي هند؟ فجواب ذلك بالنوع بأن تقول: إنسان؛ لأنه القدر المشترك بين الأفراد. وقد بيَّن الشيخ الباجوري أن المراد في تعريف النوع: بصدقه على كثيرين - حَمْله على تلك الأفراد وإن لم تُجمع في السؤال، بخلاف صِدْق الجنس على كثيرين فإنه لا بد فيه من جمعها، أي: لا بد في السؤال عن الجنس من ذكر عددٍ من أنواعه، ولا يكفي في السؤال ذِكْرُ نوعٍ واحد. انظر: حاشية الباجوري على السلم ص 38، 39، آداب البحث والمناظرة ص 33، 34.
(1)
فالعدد محصور لا يتناول ما عداه من جزئيات الماهية، بل يدل على بعض أفرادها.
(2)
انظر: نهاية السول 2/ 320، شرح الكوكب 3/ 101.
(3)
فالمطلق: اللفظ الدال على الحقيقة من حيث هي. والنكرة: اللفظ الدال على الحقيقة مع وحدة غير معيَّنة. فالمطلق أعم من النكرة؛ لأنه غير مقيد بأي عارض من العوارض، والنكرة مقيدة بعارض الوحدة غير المعينة.
مَنْ زعم أنه لا فرق بينهما وعليه جرى الآمدي
(1)
.
وهذا التقسيم فيه مناقشات:
أحدها
(2)
: أنه غير حاصر؛ وذلك لأن الماهية على ثلاثة أقسام:
ماهيةٌ بلا شَرْط شيء وهي المطلقة.
وماهية بشرط لا شيء، وهي المجردة عن جميع الأعراض واللواحق.
(وماهيةٌ بشرط شيء، وهي المقيدة بشيء من الأعراض واللواحق)
(3)
، كالوحدة والكثرة وغيرهما.
والتقسيم المذكور لا يشمل إلا الماهية المطلقة، وأهمل الأُخريين
(4)
.
والثاني: أنه يقتضي وقوع التقابل بين العدد والمعرفة والعام، أي: لا يصدق أحدهما على الآخر؛ لأن هذا شأن التقسيم، وليس كذلك، فإن العام قد يكون معرفة كالرجال، وقد يكون نكرة نحو: كل رجل. والعدد قد يكون معرفة نحو: الخمسة. أو نكرة كخمسة.
الثالث: أنه اعتبر الوَحْدة في مدلول المعرفة ومدلول النكرة، وذلك يُوجِب خروجَ نحو: الرجلين والرجال عن حَدِّ المعرفة؛ لأنه اعتبر الوحدة
(1)
وكذا ابن الحاجب. انظر: الإحكام 3/ 3، بيان المختصر 2/ 349، البحر المحيط 5/ 6.
(2)
في (غ)، و (ك):"إحداها".
(3)
سقطت من (ص).
(4)
في (ص): "الأخرتين".