المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المقدمة الثانية: اصطلحوا على أن المعنى يقال له: أعم وأخص، واللفظ - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٤

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الباب الثاني: في الأوامر والنواهي

- ‌الأولى: أنه حقيقة في القول الطالب للفعل

- ‌تنبيه:

- ‌(الثانية: الطلب بديهي التصور وهو غير العبارات المختلفة

- ‌فائدة:

- ‌(الفصل الثاني: في صيغته

- ‌الأولى: أن صيغة "افعل" تَرِد لستةَ عشرَ معنى:

- ‌(الثانية: أنها حقيقة في الوجوب مجاز في البواقي

- ‌(الثالثة: الأمر بعد التحريم للوجوب

- ‌فائدة

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌(الرابعة: الأمر المطلق لا يفيد التكرار ولا يدفعه

- ‌فائدة:

- ‌(الخامسة: المعلَّق بشرطٍ أو صفةٍ مثل:

- ‌(السادسة: الأمر لا يفيد الفور خلافًا للحنفية

- ‌فائدة:

- ‌((الفصل الثالث: في النواهي

- ‌الأولى: النهي يقتضي التحريم؛ لقوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا})

- ‌(الثانية: النهي شرعًا يدل على الفساد في العبادات

- ‌(الثالثة: مقتضى النهي فِعْلُ الضد

- ‌(الرابعة: النهي عن أشياء إما عن الجمع كنكاح الأختين، أو عن الجميع كالزنا والسرقة)

- ‌(الباب الثالث: في العموم والخصوص

- ‌الفصل الأول: في العموم

- ‌المقدمة الأولى:

- ‌المقدمة الثانية:

- ‌المقدمة الثالثة:

- ‌فائدة

- ‌المقدمة الرابعة:

- ‌المقدمة الخامسة:

- ‌المقدمة السادسة:

- ‌ الفرق بين العام، والمطلق، والنكرة والمعرفة، والعدد

- ‌(الثانية: العموم إما لغة بنفسه كـ "أي" للكل، و"مَنْ" للعالِمين، و"ما" لغيرهم، و"أين" للمكان، و"متى" للزمان)

- ‌القسم الأول: المفيد لغةً

- ‌تنبيه

- ‌فائدتان:

- ‌ القسم الثاني: وهو ما يفيد العموم من جهة العرف

- ‌(الثالثة: الجمع المنكَّر لا يقتضي العموم

- ‌ مشتملة على بحثين:

- ‌الأول: أن نفي المساواة بين الشيئين هل يقتضي العموم

- ‌البحث الثاني:

- ‌خاتمة:

- ‌(الفصل الثاني: في الخصوص

- ‌الأولى: التخصيص: إخراج(1)بعض ما يتناوله(2)اللفظ

- ‌(الثانية: القابل للتخصيص: حكمٌ ثَبَت لمتعددٍ لفظًا

- ‌تنبيه:

- ‌ الغاية التي يجوز أن ينتهي إليها التخصيص

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌فائدة:

- ‌ العام إذا خُصَّ هل يكون في الباقي حقيقة

- ‌(الخامسة: المخصَّص بمعيَّنٍ حجة

- ‌(السادسة: يُستدل بالعامِّ ما لم يظهر مخصِّصٌ. وابن سريج أوجب طلبه أوَّلًا)

- ‌فائدة:

- ‌(الفصل الثالث: في المخصِّص

- ‌الأُولى: شَرْطه

- ‌أحدهما: أن يكون متصلًا بالمستثنى منه عادةً

- ‌فوائد:

- ‌الشرط الثاني: عدم الاستغراق

- ‌ يشترط أن لا يزيد على النصف

- ‌(الثانية: الاستثناء من الإثبات نفيٌ

- ‌فرع:

- ‌(الثالثة: المتعددة إنْ تعاطفت أو استغرق الأخير(2)الأول عادت إلى المتقدم عليها، وإلا يعود الثاني إلى الأول؛ لأنه أقرب)

- ‌ حكم الاستثناء الواقع عقيب جملٍ عُطِف بعضها على بعض

- ‌فائدة:

- ‌القسم الثاني من أقسام المخصِّصات المتصلة: الشرط

- ‌إحداهما(6): في وقت وجود المشروط:

- ‌المسألة الثانية: في تعدد الشرط والمشروط:

- ‌فائدة:

- ‌(القسم الثالث)(2)من المخصِّصات المتصلة: الصفة

- ‌(الرابع: الغاية:

- ‌(والمنفصل ثلاثةٌ:

- ‌ الأول: العقل

- ‌فرع:

- ‌المخصِّص الثاني من المخصصات المنفصلة: الحس

- ‌الثالث من المخصصات المنفصلة: الدليل السمعي

- ‌الأولى: في بناء العام على الخاص

- ‌(الثانية: يجوز تخصيص الكتاب به، وبالسنة المتواترة، وبالإجماع

- ‌الأول: أنه يجوز تخصيص الكتاب به، أي: بالكتاب

- ‌البحث الثاني: يجوز تخصيص القرآن بالسنة المتواترة

- ‌فرع:

- ‌البحث الثالث: يجوز تخصيص الكتاب بالإجماع

- ‌تنبيه:

- ‌ تخصيص العموم بالمفهوم

- ‌(الخامسة: العادة (التي قَرَّرها رسول الله)

- ‌فرع:

- ‌(السادسة: خصوص السبب لا يُخَصِّص(4)؛ لأنه لا يعارضه)

- ‌الأول: في أن خصوص السبب لا يخصِّص عموم اللفظ

- ‌البحث الثاني: فيما إذا عمل الراوي بخلاف العموم هل يكون ذلك(1)تخصيصًا للعموم

- ‌خاتمة:

- ‌ أفرد الشارع فردًا من أفراد العام بالذكر

- ‌(الثامنة: (عَطْفُ الخاص)(1)لا يخصِّص

- ‌(التاسعة: عَوْد ضميرٍ خاصٍّ لا يخصِّص

- ‌ فائدة

الفصل: ‌ ‌المقدمة الثانية: اصطلحوا على أن المعنى يقال له: أعم وأخص، واللفظ

‌المقدمة الثانية:

اصطلحوا على أن المعنى يقال له: أعم وأخص، واللفظ يقال له: عام وخاص. ووجه المناسبة: أن "أعم" صيغة "أفعل" التفضيل، والمعاني أفضل من الألفاظ، فَخُصّت بصيغة "أفعل" التفضيل. قاله القرافي

(1)

.

ومنهم من يقول فيهما

(2)

: عام وخاص أيضًا

(3)

.

‌المقدمة الثالثة:

مدلول العموم كلية، لا كل ولا كلي: وبيان ذلك يتوقف على معرفة الكل والكلي والكلية، والجزء والجزئي والجزئية.

أما الكل: فهو المجموع الذي لا يبقى بعده فرد، والحكم فيه (على

= 1/ 403، شرح الكوكب 3/ 106.

(1)

انظر: نفائس الوصول 4/ 1725.

قال البناني في حاشيته على شرح المحلي 1/ 404: (قوله: لأنه أهم) أي: لأنه المقصود، واللفظ وسيلة إليه. وحاصله أن صيغة التفضيل لما كان لها شرفٌ ومزيةٌ بوضعها للتفضيل والزيادة - ناسب عند إرادة التمييز بين الألفاظ والمعاني في الوصفِ بالعمومِ تخصيصُها بالمعاني؛ لأنها أشرف من الألفاظ، ليكون اللفظ الأشرف مستعملًا فيما يتعلق بالأشرف، وليس المقصود من توجيه الشارح المذكور أن صيغة التفضيل استعملت في المعنى للدلالة على التفضيل فيه، كما توهمه بعضهم فاعترض: بأن الأعم لم يُرَدْ به معنى التفضيل، بل الشمول مطلقًا. اهـ.

(2)

أي: في اللفظ والمعنى.

(3)

انظر: المحلى على الجمع 1/ 404، شرح الكوكب 3/ 105.

ص: 1196

المجموع) من حيث هو مجموع، لا على الأفراد. كأسماء العدد

(1)

، وكقولنا: كل رجل يحمل الصخرة العظيمة. فهذا صادق باعتبار المجموع.

ويقابله الجزء: وهو ما تركب منه ومن غيره كل. كالخمسة مع العشرة، فالجزء بعض الكل.

وأما الكلي: فهو الذي يشترك في مفهومه كثيرون. وإن شئت قلتَ: القَدْر المشترك بين جميع الأفراد، كمفهوم الحيوان في أنواعه، والإنسان في أنواعه، فإن الحيوان

(2)

صادق على جميع أفراده.

ويقابله الجزئي، كزيد، وحاصله: أنه

(3)

الكلي مع قيدٍ زائد وهو تشخصه

(4)

. فلك أن تقول: الكلي بعض الجزئي

(5)

.

وأما الكلية: فهي التي يكون الحكم فيها على كل فردٍ فردٍ بحيث لا

(1)

فمائة مثلًا لا يطلق على الواحد والاثنين، إنما يطلق على المجموع، وهكذا باقي أسماء الأعداد.

(2)

في (ت): "الإنسان".

(3)

في (ت): "أن". وهو خطأ.

(4)

المعنى: أن الجزئي هو نفس الكلي، ولكن بزيادة التشخص صار جزئيًا. قال الباجوري:"القاعدة أن كلَّ كليٍّ جُزْء من جُزْئيِّه، وكلُّ جزئيٍّ كلٌّ لكليِّه؛ لأن حقيقة الجزئي مركبةٌ من الكلي ومن التشخص، فالجزئي كلٌ للكلي، والكلي جزءٌ للجزئي. مثلًا: حقيقة زيد مركبة من الإنسان والتشخص، فالإنسان كلي، وهو جزءٌ مِنْ جُزْئيِّه كزيد، وزيد جزئي وهو كلٌّ لكليِّه" انظر: حاشية الباجوري على السلم ص 36.

(5)

فالجزئي وهو زيد مركب من الكلي وهو إنسان، والتشخص: وهو الصورة والشكل، فالكلي وهو الإنسان بعض زيد. انظر: نفائس الأصول 4/ 1732.

ص: 1197

يبقى فردٌ. مثل: قولنا: كلُّ رجلٍ يُشْبعه رغيفان غالبًا. فإنه يصدق باعتبار الكلية، أي: كل رجل على حِدَته يُشبعه رغيفان غالبًا، ولا يصدق باعتبار الكل، أي: المجموع من حيث هو مجموع، فإنه لا يكفيه رغيفان ولا قناطير عديدة؛ لأن الكل والكلية يندرج فيهما

(1)

الأشخاص الحاضرة والماضية والمستقبلة، وجميع ما في مادة الإمكان

(2)

، وإنما الفرق بينهما أن الكل يَصْدق من حيث المجموع، والكلية تصدق من حيث الجميع، وفَرْق بين المجموع والجميع، فإن المجموع: الحكم على الهيئة الاجتماعية لا على الأفراد، والجميع: الحكم على كل فردٍ فردٍ.

ويقابلها الجزئية: وهي الحكم على أفرادٍ حقيقةٍ من غير تعيين. كقولك: بعض الحيوان إنسان. فالجزئية بعض الكلية.

إذا عرفتَ ذلك - فمسمى العموم

(3)

كلية لا كل، وإلا لتعذر الاستدلال به (في النفي والنهي على ثبوت حكمه لفرد من أفراده

(4)

كما

(1)

في (ت): "فيها".

(2)

يعني: يندرج في الكل، والكلية - كلُّ شخص في الماضي والحاضر والمستقبل إلى آخر الزمان.

(3)

أي: معنى العموم.

(4)

فمثلًا قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} ، فلو جعلنا العموم هنا من باب الكل لكان المؤمن الواحد يجوز له أن يوالي الكافر الواحد، وهذا غير مراد. وكذلك قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} لو جعلنا العموم - وهو الضمير في قوله: {فَلَا يَقْرَبُوا} - من باب الكل لجاز دخول بعض المشركين المسجد الحرام، وهذا غير مراد. وكذلك =

ص: 1198

عرفت، فلا يصح الاستدلال به)

(1)

على ثبوت حكمه للفرد المعين في النفي والنهي إلا إذا كان معناه الكلية، التي يُحكم فيها على كلِّ فردٍ فردٍ بحيث لا يبقى فرد، كما عرفت، وحينئذ يستدل بها على أي

(2)

فردٍ شئنا من الأفراد في النفي والنهي، فإنما يختلف الحال بين الكل والكلية في النفي والنهي، لا في الأمر وخبر

(3)

الثبوت

(4)

، فمدلول العموم

= قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة" فلو جعلنا العموم من باب الكل لتخلف الحكم عن بعض البيوت التي فيها كلب أو صورة، ولجاز دخول بعض ملائكة الرحمة البيت الذي فيه كلب أو صورة؛ لأن النفي أو النهي مخصوص بالمجموع لا بالأفراد، فأصبح يتعذر حمل العموم في حالة النفي أو النهي على فردٍ من أفراده إلا إذا جعلناه من باب الكلية لا الكل.

(1)

سقطت من (ت).

(2)

سقطت من (ت).

(3)

في (ص): "حين". وفي (ت)، و (غ)، و (ك):"حيز". وكلاهما صحيحان، لكن المثبت من نفائس الأصول 4/ 1733، فإن الشارح ناقل منه، وهو أقرب.

(4)

لاحظ أن الأمر يقابل النهي، والثبوت يقابل النفي، والمعنى أن في حالة الأمر والثبوت لا يختلف حكم العموم لو جعلناه من باب الكلية أو الكل؛ لأن المقصد أن الحكم شامل لجميع الأفراد، ومطالب به جميع الأفراد، فسواء قلنا عن دلالة العموم أنها كلية أو كل فالحكم واحد. قال البناني: "لا يتعذر الاستدلال على تقدير الكل في الأمر؛ لأن أمر المجموع بشيء طلبٌ للفعل من المجموع، ولا يتحقق الفعل من المجموع إلا بفعل الجميع؛ إذ المجموع هو المركب من الأفراد باعتبار الهيئة التركيبية، فلو فعل البعض فقط لم يمتثل الأمر، إذ الفاعل البعض لا المجموع، وهذا بخلاف نهي المجموع عن شيء؛ إذ هو طلب أن لا يجتمعوا على ذلك الشيء، فنهي المجموع هو النهي عن الاجتماع، وذلك يتمثل بكف بعضهم دون بعض. والحاصل أن أمر المجموع معناه: اجتمعوا فافعلوا، وذلك لا يتحقق بفعل البعض. ونهي المجموع معناه: لا تجتمعوا =

ص: 1199

كلية لا كل؛ لصحة الاستدلال به على ثبوت حكمه لكل فرد من أفراده عند القائلين به إجماعًا، فإن قوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}

(1)

دال على تحريم قتل كلِّ

(2)

فردٍ من أفراد النفوس بالإجماع، وليس معناه: ولا تقتلوا مجموع النفوس، وإلا لم يدل على كل

(3)

فرد فرد، فلا يكون عاصيًا بقتل الواحد؛ لأنه لم يقتل المجموع

(4)

.

إذا تقرر هذا فهنا سؤال قويٌّ شُغِف به الشيخ

(5)

أبو العباس القرافي وهو أنَّ دلالة العموم على كل فردٍ من أفراده نحو: زيدٌ المشرك

(6)

- مثلًا - من المشركين

(7)

، لا يمكن أن تكون بالمطابقة، ولا بالتضمن، ولا بالالتزام

(8)

. وإذا بطل أن يدل لفظ العموم على زيدٍ مطابقةً وتضمنًا

= فتفعلوا، وذلك يتحقق بكف البعض. . .". حاشية البناني 2/ 407، مع اختصار يسير، وواضح من التعليل أن كف البعض في حالة النهي يمنع الاجتماع على الفعل، فيتحقق الامتثال بكف البعض، وأما فعل البعض في حالة الأمر فلا يُحَقِّق الاجتماع على الفعل، فلا يحصل بفعل البعض الامتثال. وانظر نفائس الأصول 4/ 1733.

(1)

سورة الأنعام: الآية 151. سورة الإسراء: الآية 33.

(2)

سقطت من (ص).

(3)

سقطت من (ت).

(4)

انظر المقدمة الثالثة في: نفائس الأصول 4/ 1731 - 1733، وقد استفادها الشارح من النفائس، وجُلُّ ما ذكره منها، وانظر: شرح المحلي على الجمع 1/ 404.

(5)

سقطت من (ت)، و (غ).

(6)

في (ص): "المشترك". وهو خطأ.

(7)

في (ص): "المشتركين". وهو خطأ.

(8)

أي لا يمكن أن تكون دلالة العموم الذي هو المشركون، على فرده الذي هو زيد المشرك، بالمطابقة، ولا بالتضمين، ولا بالالتزام.

ص: 1200

والتزامًا بطل أن يدل لفظ العموم مطلقًا؛ لانحصار الدلالة في الأقسام الثلاثة.

إنما قلنا: لا يدل عليه بطريق المطابقة؛ لأنها: دلالة اللفظ على مسماه بكماله. ولفظ العموم لم يُوضَع لزيد فقط، حتى تكون الدلالة عليه مطابقة.

وإنما قلنا: لا يدل بالالتزام؛ لأن دلالة الالتزام: هي دلالة اللفظ على لازم مسماه. ولازم المسمى لا بد وأن يكون

(1)

خارجًا عن المسمى، وزيد ليس بخارج عن مسمى العموم؛ لأنه لو خرج لخرج عمروٌ وخالدٌ، وحينئذ لا يبقى في المسمى شيء

(2)

. فدلَّ على أنه لا يدل بالمطابقة ولا الالتزام.

وإنما قلنا: لا يدل بالتضمن؛ لأن دلالة التضمن: هي دلالة اللفظ على جُزْءِ مسماه. والجزء إنما يصدق إذا كان المُسَمَّى كُلًا؛ لأنه مقابله، ومدلول لفظ العموم ليس كلًا كما عرفت، فلا يكون زيدٌ جزءًا، فلا يدل عليه تضمنًا

(3)

.

فتبين بطلانُ دلالةِ لفظِ العمومِ على "زيد" بشيء من (هذه الثلاثة، والدلالات منحصرة فيها، فبطل أن يدل لفظ العموم مطلقًا

(4)

.

(1)

سقطت من (غ).

(2)

أي: تخرج جميع الأفراد.

(3)

أي: فلا يدل لفظ العموم "المشركون" على زيدِ المشرك تضمنًا؛ لأنه جزئي لا جزء.

(4)

انظر: نفائس الأصول 4/ 1733 - 1735، شرح تنقيح الفصول ص 26.

ص: 1201

وقد سار)

(1)

هذا السؤال غورًا ونجدًا، ولم أر مَنْ أجاب عنه إلا الشيخ شمس الدين الأصفهاني في "شرح المحصول" فقال

(2)

: إنا حيث قلنا: إن

(3)

اللفظ إما أن يكون دالًا بالمطابقة، أو التضمن، أو الالتزام - فذلك في لفظٍ مفردٍ دالٍ على معنى ليس ذلك المعنى هو نسبة بين مفردين، وذلك لا يتأتى ههنا فلا ينبغي أن يُطْلب ذلك

(4)

.

وإذا عرفت هذا فاعلم أن قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}

(5)

في قوة جملةٍ من القضايا؛ وذلك لأن مدلوله: اقتل هذا المشرك، واقتل هذا المشرك، إلى آخر الأفراد. وهذه الصيغ إذا اعتُبِرت بجملتها فهي لا تدل على قتل زيد المشرك

(6)

، ولكنها تتضمن ما يدل على قتل زيد المشرك لا بخصوص

(1)

سقطت من (ت).

(2)

سقطت من (ت)، و (غ).

(3)

سقطت من (ت)، و (غ).

(4)

أي: قولنا: "اللفظ يدل بأحد أنواع الدلالات الثلاث" إنما يقال بالنسبة لدلالة اللفظ المفرد على معناه، فزيد يدل على حيوان بالتضمن، وعلى حيوان ناطق بالمطابقة، وعلى متحرك باللزوم. ولا نريد بقولنا هذا أن اللفظ المفرد يدل على معنى لفظ مفرد آخر بأحد أنواع الدلالات الثلاث، كما هو الحال هنا حينما نقول: لفظ المشركين هل يدل على زيد المشرك بالمطابقة أو التضمن أو الالتزام؟ هذا غير صحيح، لأن هذه الدلالات الثلاث إنما تكون بالنسبة لدلالة اللفظ على معناه أو جزئه أو لازمه، لا إلى معنى لفظ آخر.

(5)

سورة التوبة: الآية 5 (والآية: {فَاقْتُلُوا} بالفاء).

(6)

لأنه ليس فيها تصريح باسم زيد، بل هي تدل على قتل أي مشرك سواء كان زيدًا أو غيره، فقصده بأن هذه الصيغ بجملتها لا تدل على قتل زيد المشرك، أي: لا تدل عليه من حيث خصوص كونه زيدًا، بل هي تدل على قتل الكل.

ص: 1202

كونه زيدًا، بل بعموم كونه فردًا

(1)

ضرورة تضمنه

(2)

(اقتل زيدًا)

(3)

المشرك، فإنه من جملة هذه القضايا، وهي جزء من مجموع تلك القضايا، فتكون دلالة هذه الصيغة على وجهين: قتل زيد المشرك لتضمنها ما يدل على ذلك الوجوب، "والذي هو في ضمن ذلك المجموع هو دال على ذلك مطابقة

(4)

". قال: "فافهم ذلك، فإنه من دقيق الكلام، وليس

(1)

أي: بعموم الدلالة على قتل كل فردٍ، وزيدٌ فردٌ من الأفراد.

(2)

أي: تضمن العموم.

(3)

في (ص): "لقتل زيد".

(4)

أي: دلالة صيغة: {الْمُشْرِكِينَ} تدل على قتل زيد المشرك من جهة تضمنها ما يدل على وجوب قتله، وهو ما سبق بيانه أن هذه الجملة في قوة: اقتلوا هذا المشرك، واقتلوا هذا المشرك، وهكذا بعدد أفراد المشركين، وزيد تشمله أحد هذه الجمل. فصيغة:{الْمُشْرِكِينَ} متضمنة للجملة الدالة على قتل زيد، وهذه الجملة تدل على قتل زيد مطابقة. قال البناني في حاشيته على المحلي 1/ 406:"وحاصل جواب الأصفهاني أن الأقسام الثلاثة المذكورة إنما هي في لفظٍ مفردٍ خالٍ من الحكم، وذلك لا يتأتى هنا، فلا يدل قوله تعالى: {الْمُشْرِكِينَ} على وجوب قتل زيد المشرك، لكنها تتضمن ما يدل عليه، فدلالتها عليه إنما هو لتضمنها ما يدل عليه، وذلك الدال دلَّ عليه مطابقة. . . . وحاصله أن العام دال على ما ذكر مطابقة بواسطة كونه متضمنًا لما يدل مطابقة، فيرجع الجواب إلى مَنْع أن دلالة العام ليست داخلة في الدلالات الثلاث، بل هي داخلة في المطابقة بواسطة ما تضمنته القضية المندرجة تحت العام. . . وقد جرى الآمدي تبعًا لشيخه التلمساني على أن دلالة العام على الفرد من أفراده تضمنية، ووجَّهه بإلحاق الجزئى بالجزء، فإن كلًا من أفراد العام جزء باعتبار أنه بعض ما صدق عليه العام، وإن كان جزئيًا باعتبار دلالة العام في التركيب على كل فرد". فوجهة نظر الآمدي وموافقيه في جعل دلالة العام على الفرد تضمنية: أن الفردَ =

ص: 1203