الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العصمة ثابتة بالعقل. وهم المعتزلة
(1)
. ولا على مَنْ يقول: إنها ثابتة بالسمع
(2)
؛ لأنها قد اشْتَهَرت وصار العقل يحيل عدمها، وإن كان الأصل في إحالة هذا العقلِ لذلك - إنما هو السمع؛ لأنا بالضرورة من العقول نُدرك أن الملائكة وعيسى عليهم السلام غير راضين بعبادة هؤلاء إياهم.
فائدة
(3)
:
ابن الزبعرى، بكسر الزاي المعجمة، وفتح الباء الموحدة مِنْ تحت بعدها، وقد تكسر أيضًا، بعدها عين مهملة ساكنة، ثم راء مهملة مفتوحة
(4)
كان من أشد الناس على الإسلام وأكثرهم أذى بلسانه فُحْشًا وهجاء، وبنفسه مكابرة وعنادًا، ثم أسلم عام الفتح وحسن إسلامه. وهذا المذكور عنه مشهور في كتب التفسير والسير، وروى الحاكم أبو عبد الله في "المستدرك"
(5)
عن الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن
(1)
أي: فلا يحسن الرد عليهم بأن العصمة ثابتة بالنقل، وهم يقولون بأنها ثابتة بالعقل؛ لأن هذا الجواب لا يلزمهم. انظر: المعتمد 1/ 342، شرح الكوكب 2/ 169، البحر المحيط 6/ 13، 14، البرهان 1/ 483.
(2)
انظر: شرح الجوهرة ص 274 - 281، البيت (59، 60).
(3)
في (ت) مكانها بياض.
(4)
في اللسان 4/ 318، مادة (زبعر):"رجل زِبَعْرَى: شَكِس الخُلُق سيِّئُه، والأنثى زِبَعْراة، بالهاء. قال الأزهرى: وبه سمي ابن الزَّبَعْرَى الشاعر. والزِّبَعْرى: الضخم، وحكى بعضهم الزَّبَعْرَى، بفتح الزاي". وفي الصحاح 2/ 668: "قال الفراء: الزِّبَعْرَى: السيئ الخلق، ومنه سمي الرجل الكثير شعر الوجه والحاجبين واللَحْيَيْن". وانظر: المصباح المنير 1/ 267، القاموس 2/ 37.
(5)
انظر: المستدرك 2/ 385.
ابن عباس قال: لما نزلت {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}
(1)
- قال المشركون: "فالملائكة وعيسى وعُزيرٌ يُعبدون مِنْ دون الله"، (قوله: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا
(2)
}
(3)
قال فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}
(4)
(5)
. (وهذا سَنَدٌ صحيح)
(6)
(7)
، لكن ليس فيه ذكر ابن الزبعرى بخصوصه.
قال: (قيل: تأخير البيان إغراء
(8)
. قلنا: كذلك ما يُوجب الظنونَ الكاذبةَ. قيل: كالخطاب
(9)
بلغةٍ لا تُفهم. قلنا: هذا يفيد غرضًا
(10)
إجماليًا، بخلاف الأول).
(1)
سورة الأنبياء: الآية 98.
(2)
سورة الأنبياء: الآية 99.
(3)
في مستدرك الحاكم: "فقال: لو كان هؤلاء الذين يُعبدون آلهة ما وردوها".
(4)
سقطت من (ت): {أولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} .
(5)
سورة الأنبياء: الآية 101.
(6)
سقطت من (ت)، و (غ).
(7)
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
(8)
في نهاية السول 2/ 531، والسراج الوهاج 2/ 633:"إغواء". وقال الإسنوي في النهاية 2/ 539 - 540: "ويقع في كثير من النسخ إغراء، بالراء، أي: يكون إغراءً للسامع بأن يعتقد غير المراد، أي: حاملًا له عليه، وهو إيقاع في الجهل. وقرره في المحصول بتقرير الراء، وفي الحاصل بتقرير الواو".
(9)
في (ت): "الخطاب". وهو خطأ.
(10)
سقطت من (غ).
احتج أبو الحسين على اشتراط البيان الإجمالي فيما له ظاهر: بأن العموم خطاب لنا في الحال إجماعًا، فالمخاطِب إما أن لا يقصد إفهامَنا في الحال وهو باطل؛ لأنه إذا لم يقصد إفهامنا في الحال مع أن ظاهره يقتضي كونه خطابًا لنا في الحال - يكون قد أغْرانا
(1)
بأن نعتقد أنه قصد إفهامنا في الحال، فيكون قصد أن نجهل؛ لأن مَنْ خاطب قومًا بلغتهم فقد أغراهم
(2)
بأن يعتقدوا فيه أنه يعني ما يفهمونه منه، فثبت بطلانه.
وإما أن يقصد وحينئذ - فإما أنْ يريد أن نفهم أن المراد ظاهره فقد أراد منا الجهل، وهو باطل. أو غير ظاهره فقد أراد ما لا سبيل إليه، وهو تكليف بالمحال.
وهذا التقرير على هذا الوجه هو الذي أورده الإمام
(3)
، و
(4)
هو الصواب فاعْتَمِدْه.
وأجاب المصنف: بأنا لا نسلم أن ذلك ممتنع، وقد ورد ما أوجب ظاهرُه الظنونَ الكاذبة؛ فدل على الجواز. أما وروده فكثير، قال الله تعالى:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}
(5)
، وقال:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
(6)
،
(1)
في (ص): "أغوانا".
(2)
في (ص): "أغواهم". وهو خطأ.
(3)
انظر: المحصول 1/ ق 3/ 307 - 310.
(4)
سقطت الواو من (ت).
(5)
سورة الفتح: الآية 10.
(6)
سورة طه: الآية 5.
وقال: {وَجَاءَ رَبُّكَ}
(1)
(2)
، فلو صح ما ذكرتم لزم أن تكون هذه الخطابات للإغواء
(3)
؛ لأنه أطلق وأراد خلاف الظاهر، ومِنْ ها هنا عَمِيت بصائر الحشوية
(4)
، وصمموا على فاسد عقدٍ
(5)
، لو نُشِر الواحد منهم بالمناشير
(6)
لم يَكَعْ
(7)
ولم يرجع، وهو مُعْتَقدٌ لا يعود وباله إلا عليه، ولا
(1)
سورة الفجر: الآية 22.
(2)
لأن ظاهر هذه الآيات أن يد الله تعالى فوق أيديهم بالملامسة، وأن الرحمن تعالى مستوٍ على عرشه استواء الاستقرار والجلوس، وأن مجيء الرب تعالى هو النقلة والحركة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وتَنَزَّه عن مشابهة الحوادث وتقدس تقدسًا كثيرًا، فهو الواحد الذي ليس له شبيه في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله، وكل ما كان للمخلوق فالله تعالى بخلافه. انظر: سنن الترمذي 3/ 49 - 51، كتاب الزكاة، باب ما جاء في فضل الصدقة.
(3)
في (ت): "للإغراء".
(4)
الحشوية: هم الذين كانوا يجلسون في حلقة الحسن البصري رحمه الله أمامه، فلما وَجَد كلامهم ساقطًا أنكره، وقال:"ردُّوا هؤلاء إلى حشى الحلقة" أي: جانبها. ويجوز فتح الشين في "الحشوية" وإسكانها، أما الفتح فبالنسبة إلى الحشى بالقصر كالفتى. وأما الإسكان فبالنسبة إلى الحشْو؛ لأنهم يقولون بوجود الحشو الذي لا معنى له في الكتاب والسنة، أو لقولهم بالتجسيم ونحو ذلك. وبالوجهين ضبطها الزركشيُّ والبِرْماويّ. انظر: شرح المحلي الجمع مع البناني 1/ 232، شرح الكوكب 2/ 147.
(5)
إذ حملوا هذه الآيات على ظواهرها المعلومة المعروفة في حق المخلوقين، فوقعوا في التشبيه، عياذًا بالله تعالى.
(6)
في (غ): "بالمناشر".
(7)
أي: لم يَمِلْ. انظر: اللسان 8/ 408، المصباح المنير 2/ 347.
يرجع نكاله إلا إليه.
ولقائل أن يقول: هذه الأشياء يَحْتَوِشُها براهين عقلية، تُرشد إلى الصواب، بخلاف تأخير البيان
(1)
.
واعلم أن ظاهر إيراد المصنف يُفهم أن هذا الدليل الذي أجاب عنه دليل للمانع مطلقًا، وعلى ذلك قرره العِبْري والجاربردي
(2)
وليس كذلك، بل هي حجة أبي الحسين كما قلناه
(3)
، وبه صَرَّح الإمام، وكيف يتجه أن يكون حجةً للمانع
(4)
مطلقًا، والمشترك ليس فيه إيقاع في الجهل؛ فإن نسبته عند عدم القرينة إلى كل معانيه على السوية. وقد تنبه الإسفراييني لهذا، وذَكَر ما أوردناه.
واحتج مَنْ منع تأخير البيان عن وقت الخطاب مطلقًا: بأنه كالخطاب بلغةٍ لا تُفْهم، (مثل: خطابك العربي باللغة الزنجية، والخطَاب بلغةٍ لا تُفْهم)
(5)
ممنوع، والجامع بينهما كونُ كلِّ
(6)
واحدٍ منهما لا يفيد المقصودَ حالةَ الخطاب.
(1)
أي: التمثيل بهذه الآيات على الظاهر المؤخَّر بيانُه فيه نظر؛ لأن هذه الآيات تحوطها البراهين العقلية التي تصرف ظواهر التشبيه عنها، ومِنْ ثَمَّ فلم يُؤخَّر بيانها، وهذا يخالف ما نحن فيه مِنْ تأخير البيان عن وقت الخطاب.
(2)
انظر: السراج الوهاج 2/ 633.
(3)
وكذا قرره الإسنوي في نهاية السول 2/ 539، والأصفهاني في شرح المنهاج 1/ 454.
(4)
في (ت): "المانع".
(5)
سقطت من (غ).
(6)
سقطت من (غ).
وأجاب في الكتاب: بالفرق، وهو أن الخطاب بما لا يفهمه المخاطَب لا يفيد شيئًا، بخلاف الخطاب بالمشترك ونحوه فإنه يُفهِم غَرَضًا إجماليًا يستعد المكلفُ مِنْ أجله لما يراد منه. فإن قيل مثلًا: اعتدِّي بثلاثة أقراء - أفاد أن المراد إما الأطهار أو الحيض، وأن العُدَّة وجبت بأحدهما. وأما الخطاب بما لا يُفْهَم فلا يفيد لا غَرَضًا إجماليًا، ولا تفصيليًا.
وقد أجاب القاضي في "مختصر التقريب"
(1)
: "بأن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثٌ إلى العرب والعجم، (وكان)
(2)
ما يندر منه من الألفاظ العربية إلزامًا للفريقين وفاقًا، وإذا ساغ
(3)
مخاطبة العجم بلغة العرب - لم يبعد عكسه".
قلت: وهذا حسن. والتحقيق أن خطاب الغير أضْرُب:
أحدها: أن يُخاطِب بما يفهمه هو وغيره، وهو جائز إجماعًا.
والثاني: عكسه، وفيه الخلاف المتقدم في مسألة أن الله لا يخاطبنا بالمهمل.
والثالث: أن يفهمه المخاطَب - بفتح الطاء - دون غيره. فيجوز اتفاقًا، سواء تعلق بخاصة نفسه، أم بغيره، ويصير فيما إذا تعلَّق بغيرهِ كالتَّرْجمان والمبلِّغ.
والرابع: أن يفهمه غيرُه، ولا يفهمه هو. وهذا هو
(4)
الذي تكلم فيه
(1)
انظر: التلخيص 2/ 212.
(2)
سقطت من (غ).
(3)
في (ص): "شاع". والمثبت موافق لما في التلخيص.
(4)
سقطت من (ت).
القاضي، ويظهر أنه جائز اتفاقًا؛ لاطلاع المخاطَب على مدلول الخطاب مِنْ غيره.
والخامس: أن يُخاطِب جَمْعًا
(1)
بلغةٍ يفهمها بعضهم دون بعض. وهذا أيضًا لا نزاع في جوازه، كيف والقرآن خطاب للعرب والعجم! .
قال: (تنبيه: يجوز تأخير التبليغ إلى وقت الحاجة، وقوله تعالى: {بَلِّغْ} لا يوجب الفور).
الذين منعوا تأخير البيان عن وقت الخطاب - اختلفوا في جواز تأخير تبليغ ما أُوحي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الأحكام. والجمهور على جوازه
(2)
؛ لأن امتناعه لا جائز أن يكون لذاته، إذْ لا يلزم مِن فَرْض وقوعه محال. ولا لأمرٍ خارج؛ إذ الأصل عدمه، كيف ويحتمل أن يكون في التأخير مصلحةٌ لا نعلمها نحن.
واحتج المانع
(3)
بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ
(1)
في (ص): "جميعًا". وهو خطأ.
(2)
انظر: الإحكام 3/ 48، نهاية الوصول 5/ 1964، العضد على ابن الحاجب 2/ 167، شرح الكوكب 3/ 453، البحر المحيط 5/ 118، نشر البنود 1/ 283، فواتح الرحموت 2/ 49.
(3)
وهو أحمد رضي الله عنه في رواية عنه، اختارها بعض أصحابه، وذهب إليها أبو الخطاب الكلوذاني رحمه الله تعالى، من غير أن يحكي خلافًا في المذهب، ومع كونه أيضًا يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب. انظر: شرح الكوكب 3/ 453، المسودة ص 179، التمهيد لأبي الخطاب 2/ 289، مختصر ابن اللحام ص 130، الإحكام 3/ 48، نشر البنود 1/ 283، فواتح الرحموت 2/ 49.
رَبِّكَ}
(1)
.
والجواب: أنَّ الأمر لا يقتضي الفور، كما سبق. قال الإمام والآمدي: ولو سلمناه لكن المراد هو القرآن، إذ هو الذي يُطلق عليه القول بأنه منزل
(2)
.
قلت: وفي الفرق بين تبليغ القرآن وغيره نظرٌ.
وقد يقال: قال المصنف في أول الفصل: "وفيه مسائل"، ولم يُورد سوى اثنتين، وهذا التنبيه.
ويجاب: بأن التنبيه هو الثالثة، وليس يشترط أن تُصَدَّر المسألة بلفظ: الثالثة. أو أنه ذكر في الثانية مسألتين: تأخير البيان عن وقت الحاجة، وعن وقت الخطاب. والاشتغال بمثل هذا مما يُضيع الوقت، ولا يُحَصِّل فائدة.
(1)
سورة المائدة: الآية 67.
(2)
أي: فهذا الأمر خاص بتبليغ القرآن. انظر: المحصول 1/ ق 3/ 328 - 329، الإحكام 3/ 48.
الفصل الثالث: المبيَّن له