الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الله بن إبراهيم الجرجاني الآبندوني
(1)
(2)
: سمعتُ، ولا يقول: حدثنا، ولا أخبرنا؟
فذكر له أن أبا القاسم كان مع علو قدره عَسِرًا في الرواية، وكان البرقاني يجلس بحيث لا يراه أبو القاسم ولا يَعْلم بحضوره، فيسمع منه ما يحدث به الشخص الداخل إليه، فلذلك يقول: سمعت. ولا يقول: حدثنا ولا أخبرنا؛ لأنه إنما كان قصده الرواية للداخل إليه وحده.
الثانية: أن يقرأ عليه
. وأكثر المحدثين يسمون القراءةَ على الشيخ عَرْضًا، من حيث إن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرأه
(3)
، ويقول له بعد الفراغ من القراءة أو قَبْلها: هل سمعت؟ فيقول الشيخ: نعم. أو يقول بعد
= توفي رحمه الله سنة 425 هـ. انظر: تاريخ بغداد 4/ 373، تذكرة 4/ 1074، الطبقات الكبرى 4/ 47.
(1)
هو أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم بن يوسف الجُرجانيُّ الآبندونيّ، وآبندون: قرية من قُرى جُرجان. ولد سنة 274 هـ. كان محدِّثًا زاهدًا متقلِّلًا من الدنيا. قال الخطيب: كان ثقةً ثبتًا. وقال الحكم: كان أحد أركان الحديث. وقال البرقاني: كان الآبندوني سيدًا في المحدثين. توفي سنة 368 هـ. انظر: تاريخ بغداد 9/ 407، سير 16/ 261.
(2)
في (ص): "الابنذوبي". وهو تصحيف.
(3)
كما يُعرض القرآن على المقرِئ، وسواء كنتَ أنتَ القارئ، أو قرأ غيرُك وأنت تسمع، أو قرأت من كتاب أو من حفظك، أو كان الشيخ يحفظ ما يُقرأ عليه، أو لا يحفظه لكن يُمسك أصله هو، أو ثقةٌ غيره. انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 122، فتح المغيث 2/ 167.
الفراغ: الأمر كما قُرئ عليَّ.
ولا خلاف أنها رواية صحيحة، إلا ما حُكِي عن بعض مَن لا يعتد بخلافه
(1)
. واختلفوا في أنها مثل السماع من لفظ الشيخ في المرتبة
(2)
، أو دونه
(3)
، أو فوقه. والصحيح ترجيح السماع من لفظ الشيخ، والحكم بأن
(1)
انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 122، تدريب الراوي 2/ 13، نزهة النظر ص 122، البحر المحيط 6/ 311، الإحكام لابن حزم 2/ 272، جمع الجوامع مع المحلي 2/ 174، شرح الكوكب 2/ 493. قال السخاوي في فتح المغيث 2/ 169 - 170:"وكان مالك يأبى أشدّ الإباء على المخالف، ويقول: كيف لا يُجزيك هذا في الحديث، ويُجزيك في القرآن، والقرآن العظيم أعظم! ولذا قال بعض أصحابه: صَحِبْته سبع عشرة سنة فما رأيتُه قرأ الموطأ على أحد، بل يقرؤون عليه".
(2)
وهو مذهب مالك رضي الله عنه، وأصحابه، وأشياخه من علماء المدينة كالزهري رضي الله عنه، ومعظم علماء الحجاز والكوفة، والبخاري، ورواية عن أبي حنيفة وغيرهم، رضي الله عنهم جميعًا. قال السخاوي رحمه الله في فتح المغيت 2/ 171:"وحكاه البيهقي وعياض عن أكثر أئمة المحدثين، والصيرفي عن نص الشافعي". قال الزركشي رحمه الله: "وبه جزم الماوردي والرُّوياني". البحر المحيط 6/ 312. وانظر: تدريب الراوي 2/ 14، علوم الحديث لابن الصلاح ص 122، الكفاية ص 383، تيسير التحرير 3/ 91، التقرير والتحبير 2/ 279.
(3)
وإليه ذهب ابن أبي ذئب، ومالك في رواية، رضي الله عنهما. قال السخاوي:"ولكن المعروف عنه (أي: عن مالك) التسوية"، وإليه ذهب أيضًا أبو حنيفة رضي الله عنه، وأطلق المحدثون نسبة هذا القول إليه، ولكن الحنفية قيدوه بأن الذي رجَّحه أبو حنيفة إنما هو العرضُ على قراءة الشيخ من كتاب، أما إذا حدث الشيخُ من حفظه فهو أرجح من العرض. انظر: تيسير التحرير 3/ 91، 92، التقرير والتحبير 2/ 279، كشف الأسرار 3/ 40 - 41، فواتح الرحموت 2/ 164، أصول السرخسي 1/ 375، فتح المغيث 2/ 172 - 174، تدريب الراوي 2/ 15، علوم الحديث لابن الصلاح ص 122، الكفاية ص 398.
القراءة عليه مرتبة ثانية، وهو مذهب جمهور أهل المشرق
(1)
.
وللقارئ هنا أن يقول: قرأتُ على فلان. وللسامع أن يقول: قُرِئ عليه وأنا أسمع فأقَرَّ به. وله أن يقول: حدثنا قراءة عليه، أو: أخبرنا قراءة عليه
(2)
. وأما إطلاق: حدثنا، وأخبرنا
(3)
- ففيه مذاهب:
أحدها: المنع منهما جميعًا. وبه قال ابن المبارك
(4)
، ويحيى بن
(1)
وخراسان، وصححه ابن الصلاح والنووي والعراقي رحمهم الله جميعًا. قال السخاوي عن هذا الترجيح لهذا القول:"لكن محله ما لم يَعْرض عارض يُصَيِّر العَرْض أولى: بأن يكون الطالب أعلم، أو أضبط، ونحو ذلك، كأن يكون الشيخ في حال القراءة عليه أوعى وأيقظ منه في حال قراءته هو. وحينئذٍ فالحق أن كلما كان فيه الأمنُ من الغلط والخطأ أكثرَ - كان أعلى مرتبة. وأعلاها فيما يظهر أن يقرأ الشيخ من أصله، وأحد السامعين يقابل بأصل آخر؛ ليجتمع فيه اللفظ والعرض". فتح المغيث 2/ 174. وانظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 122، تدريب الراوي 2/ 15، الكفاية ص 395.
(2)
انظر: الإحكام 2/ 100، العضد على ابن الحاجب 2/ 69، تيسير التحرير 3/ 93، فواتح الرحموت 2/ 165، شرح الكوكب، 2/ 494، المسودة ص 283، علوم الحديث لابن الصلاح ص 122 - 123، تدريب الراوي 2/ 16، فتح المغيث 2/ 174.
(3)
في (غ): "أو أخبرنا".
(4)
هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظليُّ مولاهم، التركيّ، ثم المروزيّ، الحافظ الغازي، أحد الأعلام، وشيخ الإسلام. كان أبوه تركيًا عبدًا لرجل من هَمَذان من بني حنظلة، وأمه خُوَارَزمية. ولد سنة 118 هـ. يقول ابن عيينة رضي الله عنه:"نظرت في أمرِ الصحابة وأمرِ عبد الله، فما رأيتُ لهم عليه فضلًا إلا بصُحْبتهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وغَزْوِهم معه". ويقول أبو إسحاق الفَزَاريّ: "ابن المبارك إمام المسلمين =
يحيى
(1)
، وأحمد بن حنبل
(2)
، والنسائي
(3)
.
والثاني: التجويز، وأنه كالسماع من لفظ الشيخ في جواز إطلاق: حدثنا، وأخبرنا. وبه قال الزهري، ومالك، وسفيان بن عيينة
(4)
، ويحيى
= أجمعين". ويقول ابن مهدي: "ابن المبارك أعلم من سفيان الثوريّ". من مصنفاته كتاب "الزهد". توفي رحمه الله سنة 181 هـ، وله ثلاث وستون سنة. انظر: سير 8/ 378، تهذيب 5/ 382، تقريب ص 320.
(1)
هو يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن، أبو زكريا التميميُّ المِنْقَرِيُّ النيسابوريُّ الحافظ. ولد سنة 142 هـ. قال إسحاق بن راهُوية:"ما رأيتُ مثلَ يحيى بن يحيى، ولا أحْسب أنه رأى مِثْلَ نفسِه". وبنحوه قال أحمد رضي الله عنه، وقال عنه أحمد أيضًا:"ما أخرجت خراسانُ بعد ابن المبارك مثلَه". مات سنة 226 هـ على الصحيح. انظر: سير 10/ 512، تهذيب 11/ 296، تقريب ص 598.
(2)
في رواية عنه. انظر: العدة 3/ 978، المسودة: ص 283، شرح الكوكب 2/ 494.
(3)
قال الخطيب رحمه الله: "هو مذهب خلقٍ كثير من أصحاب الحديث". الكفاية ص 428، وصححه القاضي أبو بكر الباقلاني رحمه الله. انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 123، تدريب الراوي 2/ 16، فتح المغيث 2/ 176، الكفاية ص 427، تيسير التحرير 3/ 93، البحر المحيط 6/ 319.
(4)
هو سفيان بن عُيَيْنة بن أبي عمران ميمون مولى محمد بن مُزَاحم، أبو محمد الهلاليُّ الكوفيُّ ثم المكيّ. الإمام الكبير حافظ العصر. ولد بالكوفة سنة 107 هـ. قال عنه الشافعي رضي الله عنه:"لولا مالك وسفيان بن عيينة لذهب علم الحجاز". وقال أيضًا: "ما رأيتُ أحدًا فيه من آلة العلم ما في سفيان بن عيينة، وما رأيتُ أكفَّ عن الفتيا منه". قال ابن حجر رحمه الله: "ثقة حافظ فقيه إمام حجة، إلا أنه تغيَّر حفظه بأَخَرةٍ، وكان ربما دلَّس لكن عن الثقات". توفي سنة 198 هـ. انظر: سير 8/ 454، تهذيب 4/ 117، تقريب ص 245.
ابن سعيد القطان
(1)
، والبخاري
(2)
. ومِنْ هؤلاء مَنْ أجاز فيها أيضًا أن يقول: سمعت فلانًا. حكاه ابن الصلاح
(3)
.
والثالث: المنع مِنْ إطلاق: حدثنا. وتجويز
(4)
: أخبرنا. وهو قول الشافعي وأصحابه، ومسلم بن الحجاج، وجمهور أهل المشرق
(5)
.
(1)
هو الإمام القدوة يحيى بن سعيد بن فَرُّوخ، أبو سعيد التميميُّ مولاهم البصريُّ الأحول القطان، الحافظ، أمير المؤمنين في الحديث. ولد سنة 120 هـ. قال أحمد رضي الله عنه:"ما رأيتُ بعينيَّ مثل يحيى بن سعيد القطان". وكذا قال عبد الرحمن بن مهدي. وكان يختم القرآن كل يومٍ وليلة، وإذا قُرئ عنده القرآن سقط حتى يصيب وجهُهُ الأرض. مات سنة 198 هـ. انظر: سير 9/ 175، تهذيب 11/ 216، تقريب ص 591.
(2)
وجماعات من المحدثين، ومعظم الحجازيين، والكوفيين، كالثوري، وأبي حنيفة وصاحبيه، والطحاوي وألف فيه جزءًا، وأبي نعيم الأصبهاني، وحكاه عياض عن الأكثرين، وهو رواية عن أحمد رضي الله عنه وعنهم أجمعين. قال الزركشي رحمه الله:"ونقله الصيرفي والماوردي والروياني عن الشافعي". البحر المحيط 6/ 320.
وانظر: تدريب الراوي 2/ 16 - 17، الكفاية ص 434، فتح المغيث 2/ 176 - 178، تيسير التحرير 3/ 93، فواتح الرحموت 2/ 165، شرح الكوكب 2/ 494، المسودة ص 283، العدة 3/ 977. تنبيه: وقع في "العدة" خطأ في حكاية هذه الرواية عن أحمد رضي الله عنه؛ إذ فيها "لا يجوز"، وهو خطأ ظاهر كما هو صريح الكلام بعد ذلك في العدة. والله أعلم.
(3)
انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 123، وبهذا قال الإمام في المحصول 2/ ق 1/ 645.
(4)
في (ت)، و (ص):"يجوز".
(5)
قال ابن الصلاح في علوم الحديث ص 124: "وذكر صاحب كتاب "الإنصاف" محمد بن الحسن التميمي الجوهري المصري: أن هذا مذهب الأكثر من أصحاب =