الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(الثالثة: يجوز نسخ الوجوب قبل العمل خلافًا للمعتزلة)
.
كل نسخ على التحقيق فهو واقع قبل الفعل
(1)
، فإنه إنما يَرِد على مستقبل الزمان دون ماضيه، وهذا واضح.
وإنما الخلاف في أنه هل يجوز أن يُقال: صَلِّ غدًا ركعتين. ثم إنه ينسخه قبل مجيء الغد؟
فجوَّز ذلك الجماهير من أصحابنا
(2)
، وخالفت المعتزلة
(3)
، وكثير من
= 2/ 13، نهاية السول 2/ 560، السراج الوهاج 2/ 647، شرح الأصفهاني 1/ 467، مناهج العقول 2/ 168، المحلي على الجمع 2/ 76، شرح التنقيح ص 306، نشر البنود 1/ 289، فواتح الرحموت 2/ 73، شرح الكوكب 3/ 553.
(1)
لأنه سبق في تعريف النسخ: أنه بيان مدة انتهاء الحكم. فالناسخ لم يَنْسخ ما مضى، وإنما نسخ ما يكون في مستقبل الزمان، ومستقبل الزمان لم يقع. ولو قلنا أيضًا بأن النسخ: رفع الحكم - كما هو رأي الباقلاني والغزالي - فإن الرفع لا يكون لما وقع، بل لما لم يقع، أي: منع وقوعه. وانظر: البرهان 2/ 1303، البحر المحيط 5/ 234.
(2)
والجماهير من الحنفية والمالكية والحنابلة. قال الباجي رحمه الله تعالى: "وبه قال القاضي أبو محمد، وبه قال أبو تمام وحكاه عن مالك، وعلى ذلك أكثر الفقهاء والمتكلمين". إحكام الفصول ص 404 - 405. وكذا حكاه الآمدي عن الأشاعرة وأكثر الققهاء. وبه قال ابن حزم رحمه الله تعالى. انظر: نهاية الوصول 6/ 2272، الإحكام 3/ 126، المحصول 1/ ق 3/ 468، البحر المحيط 5/ 226، تيسير التحرير 3/ 187، فواتح الرحموت 2/ 61، 62، شرح التنقيح ص 306، نشر البنود 1/ 293، العضد على ابن الحاجب 2/ 190، العدة 3/ 807، التمهيد لأبي الخطاب 2/ 355، المسودة ص 207، شرح الكوكب 3/ 531، الإحكام لابن حزم 1/ 512.
(3)
انظر: المعتمد 1/ 376، نهاية الوصول 6/ 2272، وباقي المراجع السابقة.
الحنفية، والحنابلة
(1)
. وهذه هي المسألة الملقَّبة: بنسخ الشيء قبل حضور وقت العمل به
(2)
. والمصنف عبر عنها: بنسخ الوجوب قبل العمل. وهذا يُوهم اختصاصَ المسألة بالوجوب، وليس كذلك. والتعبير الأول غير وافٍ بالمقصود أيضًا؛ لأنه قد يقال: إنه لا يتناول ما إذا حضر وقتُ العمل به، لكنه لم يمض مقدارُ ما يسعه. وهذه الصورة من صور النزاع.
وقد يَعْتذر المُعَبِّر بهذه العبارة: بأنه لا يُتصور حضورُ وقت العمل به إلا إذا مضى ما يسعه. ولو عَبَّر عنها: بنسخ الشيء قبل
(3)
مُضِيِّ مقدارِ ما يسعه مِنْ وقته - لتناول
(4)
جميع صور النزاع من غير شك
(5)
.
(1)
قد تبين أن الجمهور من الحنفية والحنابلة يجوزون ذلك، فالصواب أن بعض الحنفية كالكرخي، والجصاص، والماتريدي، والدبوسي - ذهبوا إلى المنع. وكذا بعض الحنابلة وهو أبو الحسن التميمي، ولم يذكر الحنابلة غيره، ونُقِل عنه أيضًا الجواز، كما في المسودة ص 207. وإلى المنع ذهب الصيرفي من الشافعية. وقال القاضي عبد الوهاب: وهو قول شيوخنا المتكلمين. انظر: البحر المحيط 5/ 227. وانظر المراجع السابقة.
(2)
انظر: نهاية الوصول 6/ 2272، المحصول 1/ ق 3/ 467، الحاصل 2/ 647، التحصيل 2/ 15، الإحكام 3/ 126، شرح الكوكب 3/ 531، نشر البنود 1/ 293.
(3)
سقطت من (غ).
(4)
في (ت): "ليتناول".
(5)
كذا قال صفي الدين الهندي في نهاية الوصول 6/ 2273، وعبارة الشارح رحمه الله تعالى في "جمع الجوامع" أخصر من هذه، وهي:"نسخ الفعل قبل التمكن". انظر: المحلي على الجمع 2/ 77. وعبارة ابن برهان رحمه الله تعالى: "نسخ العبادة قبل التمكن من فعلها". انظر: الوصول إلى الأصول 2/ 36. ومعنى التمكن من الفعل: =
وعلى هذا يجوز النسخ بعد مضي مقدار ما يسعه، وإن لم يكن قد فعل المأمور به
(1)
. قال الهندي: "وفي بعض المؤلفات القديمة: أن بعضهم كالكرخي خالف فيه أيضًا، وقال: لا يجوز النسخ قبل الفعل، سواء مضى من الوقت مقدارُ ما يسعه أم لم يمض"
(2)
.
والمصنف أطلق قوله: "قبل العمل"، وهو يقتضي أن الخلاف جارٍ من غير فرق بين الوقت، وما قبله، وما بعده.
فأما قبله، وفي معناه ما إذا دخل ولكن لم يمض زمنٌ يسع الفعل
(3)
-
= أن يمضي بعد ما وصل الأمر إلى المكلف - زمانٌ يسع الفعلَ المأمور به. انظر: كشف الأسرار 3/ 169.
(1)
لأن هذه الحالة خارجة عن صورة المسألة، وقد حكى الإجماع على جواز النسخ في هذه الحالة القاضي أبو يعلى، وابن عقيل، وأبو الخطاب الكلوذاني، وكذا سليم وابن الصباغ من الشافعية، وابن برهان في "الأوسط"، قال الزركشي رحمه الله:"وكلام إمام الحرمين في "البرهان" مصرِّح به، وجرى عليه العبدري في شرح المستصفى". البحر المحيط 5/ 229. انظر: العدة 3/ 807، مختصر ابن اللحام ص 137، التمهيد 2/ 354، البحر المحيط 5/ 228، البرهان 2/ 1303، المسودة ص 207.
(2)
انظر: نهاية الوصول 6/ 2273، وكذا حكى خلافَ الكرخي الكمالُ بن الهمام في "التحرير". انظر: تيسير التحرير 3/ 187.
(3)
قال الإسنوي رحمه الله تعالى: "وفي معناه أيضًا: ما إذا لم يكن له وقت معيَّن، ولكن أُمر به على الفور، تم نُسخ قبل التمكن. نعم في جريان الخلاف بعد الشروع نظرٌ يحتاج إلى نقل". نهاية السول 2/ 563. قال القرافي رحمه الله: "وأما بعد الشروع وقبل الكمال فلم أَرَ فيه نقلًا، ومقتضى مذهبنا جواز النسخ". انظر: شرح التنقيح ص 307، نفائس الأصول 6/ 2448. وقد ذكر البخاري في كشف الأسرار (3/ 170) أن صورة الشروع في الفعل وقبل الكمال من محل النزاع، ومَثَّل له =