الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصحيح خلافه؛ لأنه قد يكون ذلك مسموعه، ثم لا يأذن في روايته عنه؛ لكونه لا يُجَوِّز روايتَه لخلل يعرفه فيه
(1)
، وبهذا تفارق هذه الصورة ما إذا قُرِأ عليه وهو يستمع
(2)
ويُقِرُّ به، حيث يجوز لكل سامعٍ أن يرويه عنه بالطريق المتقدمة، فإنَّ هناك وُجِد منه تحديث وإقرار، فدلَّ على أنه لا خلل عنده فيه يمنع من التحديث به، وإنما هذا
(3)
كالشاهد إذا ذَكَر في غير مجلس الحكم شهادتَه بشيء، فليس لمن سمعه أن يشهد على شهادتَه إذا لم يأذن له، (ولم يُشْهِدْه)
(4)
على شهادته
(5)
، وذلك أمر تساوت فيه الشهادة والرواية؛ لأن المعنى يجمع بينهما في ذلك، وإن افترقا
(6)
في غيره
(7)
.
السابعة: الإجازة
. وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه يجب العمل
(1)
وبهذا قال الغزالي في المستصفى 1/ 165، وابن الصلاح، ونسبه لغير واحدٍ من المحدثين، وصححه النووي، واختاره الحافظ ابن حجر والسخاوي رحمهم الله جميعًا. انظر: علوم الحديث ص 156، تدريب الراوي 2/ 56، نزهة النظر ص 125، فتح المغيث 3/ 17.
(2)
في (ت): "يسمع".
(3)
أي: مجرد الإعلام فقط، أو المناولة مع الإعلام فقط.
(4)
في (ت): "ولم يشهد".
(5)
قال الغزالي رحمه الله: "لأن الرواية شهادة، والإنسان قد يتساهل في الكلام، لكن عند جزم الشهادة قد يتوقف". المستصفى 1/ 165.
(6)
في (ص): "افترقتا".
(7)
انظر: علوم الحديث ص 156.
بالمَرْويِّ بها
(1)
، وخالف بعض أهل الظاهر
(2)
، وهو خلاف ضعيف؛ لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها، وفي الثقة به
(3)
.
وأما الرواية بالإجازة: فقد اختلف العلماء فيها:
والذي استقر (عليه العمل، وقال به جماهير أهل العلم من المحدثين وغيرهم:
القولُ)
(4)
بتجويز الإجازة وإباحة الرواية بها
(5)
.
وخالفهم جماعة، منهم: إبراهيم بن إسحاق الحربي
(6)
، وأبو محمد عبد الله بن محمد الأصبهاني الملقب بأبي الشيخ
(7)
، وهو رواية عن
(1)
انظر: البحر المحيط 6/ 328، اللمع ص 81، شرح اللمع 2/ 652، الكفاية ص 446، علوم الحديث ص 136، تدريب الراوي 2/ 28، فتح المغيث 2/ 218.
(2)
انظر: المراجع السابقة.
(3)
أي: بالمنقول.
(4)
سقطت من (ت).
(5)
انظر: علوم الحديث ص 135، الكفاية ص 446، فتح المغيث 2/ 221، تدريب الراوي 2/ 28، البحر المحيط 6/ 330، شرح الكوكب 2/ 500، الإحكام 2/ 100، شرح التنقيح ص 378.
(6)
هو إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم أبو إسحاق البغداديُّ الحربيّ. الإمام الحافظ شيخ الإسلام. ولد سنة 198 هـ. قال الدارقطني: "كان يقاس بأحمدَ بنِ حنبل في زهده وعلمه وورعه". وقال أيضًا: "الحربيُّ إمامٌ، مصنِّفٌ، عالم بكل شيء، بارع في كل علم، صدوق". من مصنفاته: دلائل النبوة، سجود القرآن، ذم الغيبة. توفي سنة 285 هـ. انظر: سير 13/ 356، تاريخ بغداد 6/ 28، طبقات الحنابلة 1/ 86.
(7)
هو عبد الله بن محمد بن جعفر بن حَيَّان، أبو محمد، المعروف بأبي الشيخ. الإمام الحافظ الصادق محدِّث أصبهان. ولد سنة 274 هـ. قال الخطيب رحمه الله: "كان =
الشافعي
(1)
، واختيار القاضي الحسين والماوردي من أصحابنا
(2)
، وقالا
(3)
: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة
(4)
.
واعلم أن في الاحتجاج لصحة الإجازة غموضٌ. قال أبو طاهر الدباس
(5)
من أئمة الحنفية: مَنْ قال لغيره: أجزت لك أن تروي عني -
= أبو الشيخ حافظًا ثبتًا مُتقنًا". وكان أحدَ عباد الله الصالحين، عرض كتابه "ثواب الأعمال" على الطبراني فاستحسنه، ويُروى عنه أنه قال: ما عملتُ فيه حديثًا إلا بعد أَنِ استعملتُه. قال الذهبي: "قد كان أبو الشيخ من العلماء العاملين، صاحب سنةٍ واتباع، لولا ما يملأ تصانيفه بالواهيات". من مصنفاته:"السنة"، "العظمة"، "السنن"، وغيرها. توفي سنة 369 هـ. انظر: سير 16/ 276، شذرات 3/ 69.
(1)
حمل الخطيب رحمه الله هذه الرواية على الكراهة للاتكال على الإجازة بدلًا من السماع؛ لأنه قد حُفِظ عنه الإجازة لبعض أصحابه ما لم يسمعه من كتبه. انظر: الكفاية ص 455، البحر المحيط 6/ 330، فتح المغيث 2/ 226.
(2)
وابن حزم من الظاهرية. انظر: علوم الحديث ص 135، فتح المغيث 2/ 218، الإحكام لابن حزم 2/ 273، البحر المحيط 6/ 329، شرح الكوكب 2/ 501. وقال أبو حنيفة ومحمد رضي الله عنهما، والحنفية: إن كان المجيز والمجاز له كلاهما يعلمان ما في الكتاب من الأحاديث جازت الرواية بهذه الإجازة، وإلا فلا. انظر: تيسير التحرير 3/ 94، فواتح الرحموت 2/ 165، البحر المحيط 6/ 331.
(3)
في (ص): "وقال". وهو خطأ.
(4)
انظر: علوم الحديث ص 135. وسبقهما شعبة رضي الله عنه. بمثل هذا القول، حيث قال:"لو صحت الإجازة بطلت الرحلة". انظر: الكفاية ص 454، فتح المغيث 2/ 219 - 220.
(5)
هو محمد بن محمد بن سفيان، أبو طاهر الدَّبَّاس الفقيه، إمام أهل الرأي بالعراق، وهو من أقران أبي الحسن الكرخي رحمه الله. ولي القضاء بالشام، ومات مجاورًا بمكة. انظر: الجواهر المضية 3/ 323، طبقات الفقهاء ص 148.
فكأنه يقول: أجزت لك أن تكذِب عليَّ
(1)
. وكذا قال غيره: تقدير أجزتُ لك: أبحتُ لك ما لا يجوز في الشرع؛ لأن الشرع لا يُبيح روايةَ ما لم يُسْمع
(2)
.
واحتج ابن الصلاح للإجازة: بأنه إذا أجاز له أن يروي عنه مروياته - فقد أخبره بها جملةً، فهو كما لو أخبره بها
(3)
تفصيلًا، وإخباره بها غير متوقف على التصريح نُطْقًا، كما في القراءة على الشيخ على ما سبق
(4)
.
قلت: وتقدير قوله: "أجزتُ لك"، أي
(5)
: أجزتك أني أروي هذا الكتاب، وأذنتُ لك أن تنقله عني. وقول الراوي:"أخبرنا فلان إجازةً" ليس معناه إلا هذا، كأنه يقول: أخبرني أنه يروي الكتاب الفلاني، وأذن لي في نقله عنه، فأنا أنقله عنه بهذا الطريق. هذا هو الذي يتجه في الإجازة، ولا يتضح غيره. وقد يشبه هذا بما إذا كتب وصيته، وقال لشخص: اشهد عليَّ بما في هذا المكتوب. قال محمد بن نصر من أئمة أصحابنا: له أن يَشْهد عليه بما فيه، والرواية أولى بالجواز من الشهادة. وإذا تقرر جواز الإجازة من حيث الجملة فنقول: هي عند التفصيل أنواع:
(1)
انظر: علوم الحديث ص 135، كشف الأسرار 3/ 43.
(2)
انظر: علوم الحديث ص 135، كشف الأسرار 3/ 43.
(3)
سقطت من (ت)، و (ص).
(4)
انظر: علوم الحديث ص 136.
(5)
في (ص): "انى".
الأول: أن يُجيز لمعيَّن في معيَّن. مثل: أن
(1)
يقول
(2)
: أجزت لك
(3)
الكتاب الفلاني، أو ما اشتملت عليه
(4)
فِهْرِسَتي
(5)
هذه. فهذا أعلى أنواع الإجازة، وزعم بعضهم
(6)
أنه لا
(7)
خلاف في جوازها، وأن الخلاف إنما هو في غير هذا النوع من الإجازة. والصحيح أن الخلاف يطرقها أيضًا
(8)
.
الثاني: أن يجيز لمعيَّن في غير معين. مثل: أجزتُ لك، أو لكم - جميعَ مسموعاتي
(9)
. فالخلاف في هذا النوع أقوى وأكثر
(10)
، والجمهور على
(1)
في (ت): "أي".
(2)
إما بخطه ولفظه، وهو أعلى. أو بأحدها. انظر: فتح المغيث 2/ 217.
(3)
أو لكم، أو لفلان. انظر: فتح المغيث 2/ 217، تدريب الراوي 2/ 28.
(4)
سقطت من "ت".
(5)
أي: جملة عدد مروياتي، وهي بكسر الفاء والراء. قال السيوطي رحمه الله:"قال صاحب تثقيف اللسان: الصواب أنها بالمثناة الفوقية وقوفًا وإدماجًا، وربما وقف عليها بعضهم بالهاء، وهو خطأ. قال: ومعناها جملة العدد للكتب، لفظة فارسية". تدريب الراوي 2/ 28.
وانظر: فتح المغيث 2/ 217، لسان العرب 6/ 167. وفي المعجم الوسيط 2/ 704:"الفِهْرِس: الكتاب تجمع فيه أسماء الكتب مرتبة بنظام معيَّن. ولَحَقٌ يُوضع في أول الكتاب أو في آخره، يذكر فيه ما اشتمل عليه الكتاب من الموضوعات والأعلام، أو الفصول والأبواب، مرتبة بنظام معيَّن. (مُعَرَّب فهرست الفارسية) ".
(6)
وهو القاضي عياض، وأبو مروان الطبني رحمهما الله تعالى. انظر: فتح المغيث 2/ 217.
(7)
سقطت من (ت).
(8)
انظر: علوم الحديث ص 134، تدويب الراوي 2/ 28، فتح المغيث 2/ 217 - 221.
(9)
أو مروياتي. وما أشبه ذلك. انظر: فتح المغيث 2/ 230، علوم الحديث ص 136.
(10)
لأنه لم ينص له في الإجازة على شيء بعينه، ولا أحاله على تراجم كتب بعينها =
تجويزه
(1)
.
الثالث: أن يُجيز لغير معيَّن (بوصف العموم
(2)
)
(3)
. مثل: أجزتُ للمسلمين
(4)
، أو لمن أدرك حياتي. فقد منعه جماعة
(5)
، وجَوَّزه الخطيب وغيره
(6)
.
وجَوَّز القاضي أبو الطيب الإجازةَ لجميع المسلمين مَنْ كان منهم موجودًا عند الإجازة.
والإجازةُ لغير معيَّن بمعين، مثل: أجزت جميع المسلمين أن يرووا عني
= من أصوله، ولا من الفروع المقروءة عليه، وإنما أحاله على أمرٍ عام، وهو في تصحيح ما رَوَى الناسُ عنه على خطر، لا سيما إذا كان كل منهما في بلد. قال السخاوي رحمه الله:"وحينئذٍ فيجب - كما قال الخطيب - على هذا الطالب التفحص عن أصول الراوي من جهة العدول الأثبات، فما صح عنده من ذلك جاز له أن يحدث به". فتح المغيث 2/ 230.
(1)
رواية وعملًا. انظر: تدريب الراوي 2/ 31، والمراجع السابقة.
(2)
أي: سواء عيَّن المجاز به، أو أطلق. انظر: فتح المغيث 2/ 231.
(3)
في (ت): "في غير معين". وهو خطأ.
(4)
في (ص)، و (غ):"المسلمين".
(5)
منهم ابن الصلاح، والعراقي، والحافظ ابن حجر، وغيرهم. قال السخاوي في فتح المغيث 2/ 242:"نقل شيخنا عدم الاعتداد بها عن مُتقني شيوخه، ولم يكن هو يعتد بها. . ." انظر: علوم الحديث ص 137، نزهة النظر ص 126.
(6)
كالحافظ أبي عبد الله بن منده، والحافظ أبي العلاء الهمداني، وكثيرون. قال السيوطي:"جمعهم بعضهم في مجلد، ورتبهم على حروف المعجم لكثرتهم". تدريب الراوي 2/ 32. وانظر علوم الحديث ص 137، فتح المغيث 2/ 231.
الكتاب الفلاني - أقوى من الإجازة لغير معين بغير معين، مثل: أجزتُ جميع المسلمين أن يرووا عني جميع مروياتي
(1)
.
الرابع: الإجازة للمجهول، أو بالمجهول. مثل:"أجزت لمحمد بن خالد الدمشقي"، وفي وقته ذلك جماعة مشتركون في هذا الاسم والنسب، ثم لا يعيِّن المُجاز له منهم. أو يقول:"أجزت لفلانٍ أن يروي عني كتاب السنن"، وهو يروي جماعةً من كتب السنن المعروفة بذلك
(2)
، وليس ثَمَّ قرينةُ عهدٍ ولا غيرِها تُرْشِد إلى المراد من ذلك، فهذه إجازة فاسدة لا فائدة لها. وليس من هذا القبيل ما إذا أجاز جماعةً مُسَمَّيْن مُعَيَّنِين بأنسابهم، والمُجيز جاهلٌ بأعيانهم
(3)
، فإن هذا غيرُ قادح، كما لا يقدح عدمُ معرفته به إذا حضر شخصُه في السماع منه.
وإنْ أجاز للمسمَّيْن
(4)
المنتسبِين
(5)
في الإجازة، ولم يعرفهم بأعيانهم، ولا بأنسابهم، ولم يعرف عددهم، ولا تصفح أسماءهم واحدًا فواحدًا. قال ابن الصلاح: "فينبغي أن يصح ذلك أيضًا، كما يصح سماع مَنْ حضر
(1)
انظر: فتح المغيث 2/ 244.
(2)
كسنن أبي داود، والدارقطني، والبيهقي، وغيرها.
(3)
أي: الشيخ لا يعرف ذواتهم، ولكن يعرف أسماءهم.
(4)
في (ت): "للمسلمين". وهو تصحيف، والعبارة موجودة في علوم الحديث لابن الصلاح ص 138.
(5)
في (ت): "المسمين"، وهو تصحيف أيضًا. والمعنى: إن أجاز للمعينين مع البيان لأنسابهم وشُهَرِهم، بحيث يزول الاشتباه عنهم، ويتميزون عن غيرهم. انظر: فتح المغيث 2/ 247.
مجلسه للسماع منه، وإن يعرفهم أصلًا، ولا عددهم، ولا تصفح أشخاصَهم"
(1)
.
الخامس: الإجازة المعلَّقة بشرطٍ. مثل: أجزت لمَنْ يشاء
(2)
فلان
(3)
. أو نحو ذلك
(4)
، وهو كالنوع الرابع، ففيه جهالة، (وتعليقٌ بشرط)
(5)
. وقد أفتى القاضي
(6)
أبو الطيب: بأنه لا يصح
(7)
، وعَلَّل: بأنه إجازةٌ لمجهول، فصار كقوله: أجزت بعضَ الناس.
وقال أبو يعلى بن الفراء
(8)
، وأبو الفضل بن عُمْرُوسٍ
(1)
انظر: علوم الحديث ص 138، وكذا فتح المغيث 2/ 247.
(2)
في (ص): "شاء".
(3)
أي: لمن يشاء فلانٌ الإجازةَ له.
(4)
كأن يقول: مَن شاء فلانٌ أن أجيزه فقد أجزتُه. انظر: فتع المغيث 2/ 249.
(5)
في (ص): "وتعليقُ شرطٍ".
(6)
سقطت من (ت).
(7)
وهو الذي رجَّحه العراقي، وابن حجر رحمهما الله تعالى. انظر: فتح المغيث 2/ 250، نزهة النظر ص 126.
(8)
هو محمد بن الحسين بن محمد بن خلف، أبو يعلى بن الفَرَّاء البغداديّ. الإمام العلَّامة شيخ الحنابلة. ولد سنة 380 هـ. قال الذهبي رحمه الله:"ولي القضاء بدار الخلافة والحريم، مع قضاء حَرَّان وحُلْوان، وقد تلا بالقراءات العشر، وكان ذا تعبُّدٍ وتهجد، وملازمةٍ للتصنيف، مع الجلالة والمهابة، ولم تكن له يدٌ طولى في معرفة الحديث، فربما احتج بالواهي". وثَّقه الخطيب رحمه الله. من مصنفاته: أحكام القرآن، المقتبس، الردُّ على الكرَّامية، الردُّ على الجهمية، وغيرها. توفي رحمه الله سنة 458 هـ.
المالكي
(1)
: يجوز ذلك.
وإذا قال: أجزت لمن يشاء
(2)
- فهو مثل: أجزت لمن يشاء
(3)
فلان. بل هذه
(4)
أكثر جهالة وانتشارًا مِنْ جهة تعليقها بمشيئة مَنْ لا يُحصر عددهم. ثم هذا فيما إذا أجاز لمن شاء الإجازة منه له.
فإنْ أجاز لمن شاء
(5)
الرواية (عنه
(6)
- فهذا أولى بالجواز؛ من حيث إن قضية كل إجازة تفويضُ الرواية)
(7)
بها إلى مشيئة المُجاز
(8)
له، فكان
= انظر: تاريخ بغداد 2/ 256، سير 18/ 89.
(1)
هو محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن عُمْرُوسٍ البغداديُّ، أبو الفضل البزار المالكيّ. الإمام العلَّامة شيخ المالكية. ولد سنة 372 هـ. قال أبو إسحاق: كان فقيهًا أصوليًا صالحًا. توفي سنة 452 هـ.
انظر: تاريخ بغداد 2/ 339، سير 18/ 73، ترتيب المدارك 2/ 762، تاج العروس 8/ 375، مادة (عمرس).
(2)
في (ص): "شاء".
(3)
في (ص): "شاء".
(4)
أي: قوله: أجزت لمن يشاء.
(5)
في (ت)، (غ):"يشاء".
(6)
بأن يقول: أجزتُ لمن يشاء الروايةَ عني.
انظر: تدريب الراوي 2/ 34 - 35، فتح المغيث للعراقي ص 206.
(7)
سقطت من (ت).
(8)
في (ص): "الجواز".
هذا مع كونه بصيغة التعليق - تصريحًا بما يقتضيه الإطلاق، وحكايةً للحال، لا تعليقًا في الحقيقة
(1)
؛ ولهذا أجاز بعض أصحابنا في البيع أن يقول: بعتُك بكذا إن شئت. فيقول: قبلتُ
(2)
.
السادس: الإجازة للطفل الصغير. قال الخطيب: "سألت القاضي أبا الطيب: هل يُعتبر في صحة الإجازة للطفل الصغير سِنُّه، أو تمييزه، كما يُعتبر ذلك في صحة سماعه؟ فقال: لا يُعتبر ذلك. قال: فقلت له: إن بعض أصحابنا قال: لا تصح الإجازة لمن لا يصح سماعه. فقال: قد يصح أن يُجيز للغائب عنه، ولا يصح السماع له"
(3)
.
واحتج الخطيب للصحة: بأن الإجازة إنما هي إباحة المُجيز للمُجاز له أن يروي عنه، والإباحة تصح للعاقل وغير العاقل
(4)
.
السابع: الإجازة للمعدوم ابتداء
(5)
. مثل: أن يقول: أجزتُ لمن يُولد لفلان. وقد أجازها أبو يعلى بن الفراء من الحنابلة، وأبو الفضل بن
(1)
يعني: فالمشيئة للرواية موجودة بكل حال، فكان ذكرها وعدم ذكرها سواء، فهي شرط لفظي. انظر: فتح المغيث 2/ 253.
(2)
انظر: فتح المغيث للعراقي ص 206. قال السيوطي رحمه الله: "وكذا قال البُلْقيني في محاسن الاصطلاح". تدريب الراوي 2/ 35، وفتح المغيث 2/ 253.
(3)
انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 141، الكفاية ص 466، والنقل بتصرف يسير من "الكفاية".
(4)
قال الخطيب في الكفاية ص 466: "وعلى هذا رأينا كافة شيوخنا يُجيزون للأطفال الغُيَّب عنهم من غير أن يسألوا عن مبلغ أسنانهم، وحال تمييزهم".
(5)
أي: من غير عطف على موجود.
عُمْرُوس من المالكية، والخطيب من أصحابنا
(1)
. قال ابن الصباغ: ومأخذ مَنْ أجازها اعتقاده أن الإجازة إذْنٌ في الرواية لا محادثة
(2)
. والصحيح وهو الذي استقر عليه رأي القاضي أبي الطيب: أنها لا تصح
(3)
؛ لأن الإجازة في حكم الإخبار جملةً بالمُجاز، كما تقدم، فكما لا تصح الإخبار للمعدوم (لا تصح)
(4)
إجازته
(5)
.
الثامن: الإجازة للمعدوم عطفًا على الموجود. مثل: أجزتُ لك ولولَدِكَ وعَقِبِكَ ما تناسلوا
(6)
. وهو أقرب إلى الجواز من
(1)
وأبو عبد الله الدامغاني الحنفي. قال عياض: "إنه أجازه معظم الشيوخ المتأخرين". انظر: فتح المغيث 2/ 257، 258، علوم الحديث ص 140، تدريب الراوي 2/ 36.
(2)
يعني: فلا يشترط في الإذن الوجود. انظر: فتح المغيث 2/ 257. قال ابن الصلاح رحمه الله تعالى: "ولو قدرنا أن الإجازة إذنٌ - فلا يصح أيضًا ذلك للمعدوم، كما لا يصح الإذن في باب الوكالة للمعدوم؛ لوقوعه في حالةٍ لا يصح فيها المأذون فيه من المأذون له". علوم الحديث ص 141.
(3)
قال ابن الصلاح رحمه الله: "وذلك هو الصحيح الذي لا ينبغي غيره". علوم الحديث ص 141، وكذا قال النووي، والعراقي، وهو الذي اختاره ابن الصباغ والماوردي، والحافظ ابن حجر رحمهم الله جميعًا. انظر: تدريب الراوي 2/ 36، فتح المغيث 2/ 256، نزهة النظر ص 126. قال السيوطي رحمه الله:"أما إجازة مَنْ يُوجد مطلقًا فلا يجوز إجماعًا". تدريب الراوي 2/ 36.
(4)
في (ص): "لا يصح".
(5)
انظر: علوم الحديث ص 141.
(6)
ومثله: "أجزت لطلبة العلم ببلد كذا متى كانوا". فإن هذه الإجازة. بمعنى قوله: أجزت لطلبة العلم في هذا الزمان ولمن يأتي بعدهم ببلد كذا. ففيها عطف المعدوم على الموجود. انظر: فتح المغيث 2/ 255.
الأول
(1)
؛ ولهذا أجازه الأصحاب في الوقف، ولم يجيزوا الأول
(2)
. وقد فعل هذا أبو بكر بن أبي داود السجستاني
(3)
، فإنه سُئل الإجازة فقال: قد أجزت لك، ولأولادك، ولحَبَل الحَبَلَة يعني: مَنْ يُولد بَعْدُ
(4)
.
التاسع: الإجازة بما لم يسمعه المُجيزُ، ولم يتحملْه فيما مضى؛ ليرويَه المُجاز له إذا
(5)
تَحَمَّله المُجِيزُ بعد ذلك
(6)
.
(1)
كذا قال ابن الصلاح والنووي، وهذا ليس اختيارهم، بل على مقتضى قول مَنْ جَوَّز إجازة المعدوم ابتداءً، والخلاف فيها هو الخلاف في هذه، والمخالفون هناك هم المخالفون هنا. انظر: فتح المغيث 2/ 255 - 256، نزهة النظر ص 126، فتح المغيث للعراقي ص 207، تدريب الراوي 2/ 36.
(2)
لأن من شرط الوقف عند الشافعية التنجيز، والوقف على المعدوم ليس مُنَجَّزًا. انظر: روضة الطالبين 4/ 392، نهاية المحتاج 5/ 371، 375.
(3)
هو عبد الله بن سليمان بن الأشعث، أبو بكر السِّجِسْتاني. الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد. ولد سنة 230 هـ. كان عجيب الحفظ واسع العلم بحيث إن البعض فضَّله على أبيه. قال عنه الدارقطني:"ثقة، كثير الخطأ في الكلام على الحديث". من مصنفاته: السُّنن، المصاحف، الناسخ والمنسوخ، وغيرها. مات سنة 316 هـ، وصلَّى عليه نحو من ثلاثمائة ألف إنسان، وأكثر. وصُلِّي عليه ثمانين مرة. انظر: تاريخ بغداد 9/ 464، سير 13/ 221.
(4)
انظر: الكفاية ص 465، علوم الحديث ص 140. وهذا النوع فقط هو الذي أجازه ابن أبي داود رحمهما الله، ولذلك قال الخطيب رحمه الله: "ولم أجد لأحدٍ من الشيوخ المحدثين في ذلك قولًا، ولا بلغني عن المتقدمين سواه فيه رواية". انظر: فتح المغيث 2/ 255.
(5)
سقطت من (ت).
(6)
مثل أن يقول: أجزت لك فيما أسمعه في المستقبل. أو: أجزتُك بما أُجاز به في المستقبل. ونحو ذلك من أنواع التحمل. انظر: فتح المغيث 2/ 263، تدريب الراوي 2/ 38.
قال ابن الصلاح: "ينبغي أن يُبنى ذلك على أن الإجازة في حكم الإخبار بالمُجاز جُملةً أو هي إذن، فلا تصح إنْ جُعلت في حكم الإخبار، إذ كيف يُخبِر بما لا خَبَر عنده منه. وإنْ جُعِلت إذنًا بُنِي على الخلاف في تصحيح الإذن في باب الوكالة فيما لم يملكه الآذِن المُوَكِّل بَعْدُ. مثل: أن يوكِّل في بيع العبد الذي يريد أن يشتريه. وقد أجاز ذلك بعض أصحابنا
(1)
، والصحيح بطلان هذه الإجازة
(2)
"
(3)
.
العاشر: إجازة المُجاز. مثل: أجزت لك مُجَازاتي، أو رواية
(4)
ما أُجيز لي روايتُه.
وقد مَنعَ من ذلك بعضُ المتأخرين
(5)
، والصحيح جوازُه
(6)
. وقد كان
(1)
كالقفال. انظر: العزيز شرح الوجيز 5/ 205. والمذهب عند الشافعية عدم الجواز. انظر: نهاية المحتاج 5/ 20 - 21.
(2)
بل الصواب بطلانها، كما قاله النووي، وسبقه إليه عياض رحمهما الله تعالى. انظر: فتح المغيث 2/ 263، وكذا صححه العراقي والقسطلاني. انظر: فتح المغيث للعراقي ص 210 تدريب الراوي 2/ 38 - 39.
(3)
انظر: علوم الحديث ص 142 - 143.
(4)
في (ت): "ورواية".
(5)
حكاه الحافظ البَرَدَاني عن بعض منتحلي الحديث ولم يسمه، وكذا قال به الحافظ أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي الحنبلي شيخ ابن الجوزي رحمهم الله جميعًا. انظر: فتح المغيث 2/ 267، تدريب الراوي 2/ 39، فتح المغيث للعراقي ص 211. لكن خلافهم ضعيف جدًا.
(6)
وبه قطع الحفاظ أبو الحسن الدارقطني، وأبو العباس بن عقدة، وأبو نعيم الأصبهاني. انظر: تدريب الراوى 2/ 39. قال أبو نعيم الأصبهاني رحمه الله: "الإجازة على =
الفقيه الزاهد نصر المقدسي
(1)
يروي بالإجازة عن الإجازة، حتى ربما وَالَى بين إجازات ثلاث في روايته
(2)
.
الحادي عشر: الإذن في الإجازة. مثل: أن يقول له: أذِنْتُ لك أن تجيز
(3)
عني مَنْ شئت
(4)
. وهذا نوعٌ لم أر مَنْ ذكره، ولكنه وقع في عصرنا هذا، وسألني بعض المحدثين عنه. والذي يتجه أنه يصح، كما لو
= الإجازة قوية جائزة". انظر: علوم الحديث ص 143 - 144. قال السخاوي رحمه الله تعالى: "بل نقل الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي: الاتفاق بين المحدثين القائلين بصحة الإجازة - على صحة الرواية بالإجازة على الإجازة". فتح المغيث 2/ 270.
(1)
هو نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم، أبو الفتح النابلسيّ المقدسيّ. الإمام العلَّامة القدوة المحدِّث شيخ الإسلام، وشيخ الشافعية بالشام. ولد قبل سنة 410 هـ. وكان زاهدًا ورعًا يقتات من غلَّةٍ تُحمل إليه من أرضٍ له بنابلس وهو بدمشق، ولا يقبل من أحدٍ صلة. من مصنفاته: الحجة على تارك المحجة، الكافي، التهذيب، وغيرها. توفي سنة 490 هـ.
انظر: سير 19/ 136، شذرات 3/ 395.
(2)
انظر: علوم الحديث ص 144. قال السيوطي رحمه الله: "وكذلك الحافظ أبو الفتح بن أبي الفوارس والى بين ثلاث إجازات، ووالى الرافعي في أماليه بين أربع أجائز، والحافظ قطب الدين الحلبي بين خمس أجائز في تاريخ مصر، وشيخ الإسلام في أماليه بين ست". تدريب الراوي 2/ 39 - 40.
(3)
في (ص): "تخبر".
(4)
لاحظ أن المأذون له لم يُجِزْه الآذِن، بل أذِن له في الإجازة، فمن ثَمَّ هو يجيز بالوكالة، وليس له إجازة خاصة به.