المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الفصل الثاني: فيما علم كذبه - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٥

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الباب الرابع: في المجمل والمبين

- ‌اللفظ المجمل إما أن يكون مجملًا

- ‌فوائد:

- ‌(الثانية: قالت الحنفية: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ}(1)مجمل

- ‌(الثالثة: قيل: آية السرقة مجملة

- ‌(الفصل الثاني: في المبيَّن

- ‌تنبيهان:

- ‌ قد يكون بالقول وذلك بالاتفاق(4)، وقد يكون بالفعل

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌ تأخير البيان عن وقت الحاجة

- ‌فائدتان:

- ‌فائدة

- ‌(الفصل الثالث: في المبيَّن له

- ‌(الباب الخامس: في الناسخ والمنسوخ

- ‌ الأولى: أنه واقع وأحالته اليهود

- ‌(الثانية: يجوز نسخ بعض القرآن

- ‌(الثالثة: يجوز نسخ الوجوب قبل العمل خلافًا للمعتزلة)

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌(الرابعة: يجوز النسخ بلا بدل

- ‌فائدة:

- ‌يجوز نسخ الحكم دون التلاوة

- ‌فرع:

- ‌(السادسة: يجوز نسخ الخبر المُسْتَقبل

- ‌(الفصل الثاني: في الناسخ والمنسوخ

- ‌ الأولى: الأكثر على جواز نسخ الكتاب بالسنة

- ‌(الثانية: لا يُنسخ المتواتر بالآحاد

- ‌(الثالثة: الإجماع لا يُنسخ

- ‌(الرابعة: نسخ الأصل يستلزم نسخ الفحوى

- ‌(الخامسة: زيادة صلاة ليس بنسخ

- ‌ زيادة العبادة المستقلة. أما زيادة غير(2)المستقلة، كزيادة ركعة أو ركوع

- ‌(الكتاب الثاني: في السنة

- ‌(الأولى: في عصمة الأنبياء(2)عليهم الصلاة والسلام)

- ‌(الثانية: فِعْله المجرد يدل على الإباحة عند مالك

- ‌ بيان الطرق التي تُعرف(1)بها الجهةُ

- ‌(الرابعة: الفعلان لا يتعارضان

- ‌(الخامسة: أنه عليه السلام قبل النبوة تُعُبِّد(1)(2)بشرع، وقيل: لا)

- ‌الأول: فيما كان صلى الله عليه وسلم عليه قبل أن يبعثه الله تعالى برسالته

- ‌البحث الثاني: في أنه صلى الله عليه وسلم هل تُعُبِّد بعد النبوة بشرعِ مَنْ قبله:

- ‌فروع:

- ‌فائدة:

- ‌(الباب الثاني: في الأخبار

- ‌(الفصل الثاني: فيما عُلِم كذبه

- ‌(الفصل الثالث: فيما ظُنَّ صدقه

- ‌أحدهما: في وجوب العمل بخبر الواحد

- ‌(الطرف(1)الثاني: في شرائط(2)العمل به

- ‌فائدة:

- ‌ أحكام التزكية

- ‌(الأولى: شُرِط العدد في الرواية والشهادة

- ‌فائدة

- ‌ الثاني: فأن لا يخالفه قاطع

- ‌ الثالث مِنْ شرائط العمل بخبر الواحد: وهو الكلام في الخبر

- ‌الأولى: في بيان ألفاظ الصحابي ومراتِبها

- ‌(الثانية: لغير الصحابي أن يروي إذا سمع الشيخ أو قرأ عليه

- ‌الأولى: أن يسمع من لفظ الشيخ

- ‌الثانية: أن يقرأ عليه

- ‌الثالثة: أن يقرأ على الشيخ

- ‌الرابعة: أن يقرأ على الشيخ ويقول له: هل سمعته؟ فيسكت الشيخ

- ‌الخامسة: أن(4)يكتب الشيخ إلى شخص:

- ‌السادسة: أن يشير الشيخ

- ‌السابعة: الإجازة

- ‌(الثالثة: لا يقبل المُرْسل خلافًا لأبي حنيفة ومالك)

- ‌(الرابعة: يجوز نَقْل الحديث بالمعنى خلافًا لابن سيرين

- ‌فائدة:

- ‌(الخامسة: إن زاد أحد الرواة وتعدد المجلس قُبِلت

- ‌(الكتاب الثالث: في الإجماع

- ‌ الباب الأول: في بيان كونه حجة

- ‌الأولى: قيل: محال كاجتماع الناس في وقتٍ واحد على مأكولٍ واحد

- ‌ الإجماع حجةٌ شرعية يجب العمل به

- ‌(الثالثة: قال مالك: إجماع أهل المدينة حجة

- ‌ إجماع أهل البيت

- ‌(الخامسة: قال القاضي أبو خازم: إجماع الخلفاء الأربعة حجة

- ‌الإجماع وإن كان حجة لكن لا يستدل به على جميع الأحكام

- ‌(الباب الثاني: في أنواع الإجماع

- ‌الأولى: إذا اختلفوا على قولين فهل لمَنْ بعدهم إحداث ثالث

- ‌(الثانية: إذا لم يفصلوا بين مسألتين فهل لمَنْ بعدهم التفصيل

- ‌فائدة:

- ‌(الثالثة: يجوز الاتفاق بعد الاختلاف خلافًا للصيرفيّ

- ‌(الرابعة: الاتفاق على أحدِ قولي الأولين

- ‌(الخامسة: (إذا اختلفت الأمة)(3)على قولين فماتت إحدى الطائفتين - يصير قول الباقين حجة؛ لأنهم كل الأمة)

- ‌(السادسة: إذا قال البعض وسكت الباقون - فليس بإجماعٍ ولا حجة

- ‌(الباب الثالث: في شرائطه

- ‌الأولى: أن يكون فيه قول كلِّ عالمي ذلك الفن

- ‌(الثانية: لا بد له من سند؛ لأن الفتوى بدونه خطأ

- ‌(الثالثة: لا يُشترط انقراض المُجْمِعين

- ‌(الرابعة: لا يُشترط التواتر في نقله كالسنة)

- ‌(الخامسة: إذا عارضه(8)نصٌّ أُوِّل القابلُ له(9)، وإلا تساقطا

الفصل: ‌(الفصل الثاني: فيما علم كذبه

قال: ‌

‌(الفصل الثاني: فيما عُلِم كذبه

.

وهو قسمان: الأول: ما عُلم خلافُه ضرورةً أو استدلالًا).

الخبر المقطوع بكذبه ذكر المصنف أنه قسمان:

الأول: ما عُلم بالضرورة خلافُه، كالإخبار باجتماع النقيضين، أو ارتفاعهما.

أو بالاستدلال، كإخبار الفيلسوف بِقِدَم العالم.

قال: (الثاني: ما لو صَحَّ - لتوفرت الدواعي على نَقْله، (كما يُعْلم أنَّه)

(1)

لا بلدة بين مكة والمدينة أكبر منهما؛ إذ لو كان لنُقل. وادعت الشيعة: أن النص دَلَّ على إمامة علي رضي الله عنه ولم يتواتر

(2)

، كما لم تتواتر الإقامة، والتسمية، ومعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم. قلنا: الأولان من الفروع، ولا كفرَ ولا بدعةَ في مخالفتهما، بخلاف الإمامة. وأما تلك المعجزات فَلِقِلَّةِ المشاهدين).

القسم الثاني: الخبر الذي لو كان صحيحًا - لكانت الدواعي متوفرةً على نقله:

إما لكونه أمرًا غريبًا، كسقوط الخطيب عن المنبر وقت الخطبة.

أو لتعلق أصل من أصول الدين به، كالنص الذي تزعم

(3)

الروافض

(1)

في (ص): "كما نعلم أنه". وفي (ت): "كما يعلم أن".

(2)

في (ص): "تتواتر".

(3)

في (ت): "يزعم".

ص: 1847

أنه دلَّ على إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فعدم تواتره دليلٌ على عدم صحته، ولهذا إنا نقطع بأنه لا بلدة بين مكة والمدينة أكبرُ منهما، وليس مستندُ هذا القطع إلا أنه لو كان لتواتر.

وقالت

(1)

الشيعة: ما ندعيه من النص الدال على إمامة علي رضي الله عنه لم يتواتر، كما لم تتواتر كلمات الإقامة من أنها مثنى أو فرادى

(2)

، والتسمية في الصلاة

(3)

، ومعجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لم تتواتر: كحنين الجذع

(1)

في (غ): "وقال".

(2)

فيه حديث أنس: "لما كَثُر الناس ذكروا أن يُعْلموا وقتَ الصلاة بشيء يعرفونه فذكروا أن يُوروا نارًا أو يضربوا ناقوسًا فأُمِر بلالٌ أن يَشْفع الأذانَ وأن يُوتر الإقامة".

أخرجه البخاري 1/ 220، في كتاب الأذان، باب الأذان مثنى مثنى، حديث رقم 580، 581، وانظر حديث رقم 578، 582.

ومسلم 1/ 286، في كتاب الصلاة، باب الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة، حديث رقم 378.

وانظر: فتح الباري 2/ 82 - 83.

(3)

قال الإمام النووي رحمه الله عن الجهر بالبسملة في كتابه خلاصة الأحكام 1/ 369 - 373: "هذا الباب واسع جدًا وقد جمع فيه الإمام أبو محمد المقدسي المعروف بأبي شامة رضي الله عنه كتابًا مشهورًا نفيسًا، وجمعتُ أنا في "شرح المهذب" مقاصده مع نفائس مهمة. ومن عيون ذلك أن الجهر بها رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد وعشرون صحابيًا منها صحيح عن ستة منهم: أبو هريرة وأم سلمة وابن عباس وأنس وعلي وسمرة بن جندب" ثم ذكر الروايات، ونقل عن ابن خزيمة قوله: صح الجهر بها عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسنادٍ ثابت متصل لا ارتياب في صحته عند أهل المعرفة.

وانظر: المجموع 3/ 332 - 356، تلخيص الحبير 1/ 232 - 235.

ص: 1848

إليه

(1)

، وتسليم الحَجَر عليه

(2)

، ووقوف الشجر بين يديه

(3)

، وتسبيح

(1)

أخرجه أحمد في المسند 2/ 109، 3/ 293، 295. والبخاري في صحيحه 3/ 1313 - 1314، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم 3390 - 3392. والترمذي في سننه 1/ 554، كتاب المناقب، باب في آيات إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 3627. وابن ماجه في السنن 1/ 454 - 455، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في بدء شأن المنبر، رقم 1414، 1415، 1417. والدارمي في السنن 1/ 22، باب ما أكرم النبي صلى الله عليه وسلم بحنين المنبر.

(2)

أخرجه مسلم 4/ 1782، في كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم، وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، رقم الحديث 2277، من حديث سماك بن حرب عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلِّم عليَّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن". وأخرجه الدارمي في السنن 1/ 19، باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن، رقم 20. وعن علي رضي الله عنه قال:"كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا في بعض نواحيها فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله". أخرجه الدارمي 1/ 19، رقم 21، والترمذي 5/ 553، في المناقب، باب في آيات إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 3626، قال الترمذي:"هذا حديث غريب". والحاكم 2/ 620، وصححه ووافقه الذهبي، وليس كما قالا فإن في السند الوليد بن أبي ثور وهو الوليد بن عبد الله بن أبي ثور الهمداني الكوفي، ضعيف كما في التقريب ص 582، رقم 7431، وفيه عباد بن أبي يزيد، وبعضهم يقول: عباد بن يزيد الكوفي، مجهول كما في التقريب ص 291، رقم 3152.

(3)

أخرجه أحمد في المسند 1/ 223. والترمذي 5/ 554، في كتاب المناقب، حديث رقم 3628، وقال: حديث حسن غريب صحيح. والدارمي 1/ 20، باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن، رقم 23، 24. وأبو يعلى في مسنده 4/ 237، رقم الحديث 2350. وابن حبان كما في الاحسان 14/ 453 - 454، حديث رقم 6523. والحاكم في مستدركه 2/ 620، كتاب التاريخ، وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. قال الهيثمي في المجمع 9/ 10: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج الشامي وهو ثقة.

ص: 1849

الحصى في يمينه

(1)

، مع توفر الدواعي على نقلها، فدل ذلك

(2)

على أن عدم تواتر ما تتوفر الدواعي على نقله ليس دليلًا على عدم صحته.

وأجاب عن الأوَّلَيْن، أعني: الإقامة، والتسمية: بأنهما من مسائل الفروع، ولا كفر ولا بدعة في مخالفتها، فلم تتوفر الدواعي على نقلهما؛ لذلك، بخلاف الإمامة فإنها من الأصول ومخالفتها بدعة، ومؤثرة في الفتن، فتتوفر الدواعي على نقلها، فلما لم تَتَوفَّر دَلَّ على عدم صحته.

وعن الثالث: أن تلك المعجزات التي لم تتواتر لم تكن بحضرة جمعٍ عظيم، فعدم تواترها إنما هو لقلة المشاهدين.

فإن قلت: يُعارَض هذا بمثله، فنقول: إنما لم يتواتر النصُّ الدالُّ على إمامة علي رضي الله عنه لقلة السامعين.

قلت: ما تَدَّعون من النص لا نعرفه بنقلٍ في الآحاد الصحاح فضلًا عن المتواترات، ولو كان له وجود لما خفي على أهل بيعة السقيفة، ولتحدثت

(1)

قال ابن حجر في الفتح 6/ 592: وقد اشْتَهَر تسبيح الحصى، ففي حديث أبي ذر قال:"تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع حصيات فسَبَّحْن في يده حتى سمعت لهنَّ حنينًا، ثم وضعهن في يد أبي بكر فسَبَّحْنَ، ثم وضعهن في يد عمر فسبحن، ثم وضعهن في يد عثمان فسبحن" أخرجه البزار والطبراني في الأوسط، وفي رواية الطبراني:"فسمع تسبيحهن مَنْ في الحلقة" وفيه: "ثم دفعهن إلينا فلم يُسَبِّحْن مع أحدٍ منا". اهـ ثم قال الحافظ: وأما تسبيح الحصى فليست له إلا هذه الطريق الواحدة مع ضعفها. اهـ. وانظر: مجمع الزوائد 8/ 298 - 299، المواهب اللدنية للقسطلاني 2/ 531 - 533.

(2)

سقطت من (ت).

ص: 1850

به امرأة في خِدْرها، ولأبداه معاضِدٌ أو مُعانِد

(1)

، وقد كان الأمر إذ ذاك مُعْضِلًا أزِمًا يحتاج إلى التلويح فضلًا عن النص الصريح، ولم يكن عن إبدائه غِنًى، بخلاف سائر معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ربما اكْتُفِى بنقل القرآن الذي هو أشهرها وأعظمها عن نقلها، وخلافة أبي بكر رضوان الله عليه لم تكن مؤيَّدة بشوكة قاهرة، وإنما كان الأمر فوضى، ومن المعلوم أن أمر الولايات من أخطر الأشياء في العادات، ولا تتشوف النفوس

(2)

إلى شيء تشوفها إلى نقل ما يتعلق بالولايات، ففيها تطير الجماجم عن الغلاصم، وتهلك النفوس

(3)

.

ويلوح من هذا فرق آخر واضح بين ما سألوه

(4)

من أمر الإقامة، وبين الإمامة. قال إمام الحرمين: "وهو من أغمض الأسئلة؛ فإن بلالًا كان يُقيم بعد الهجرة إلى انقلاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رضوانه - في اليوم والليلة خمس مرات، ثم لم يقع التواتر، واختلف

(5)

النقلةُ. فنقول: الإقامة شعار مسنون، ليس بالعظيم الموقع

(6)

في العرف والشرع"

(7)

. قال إمام الحرمين:

(1)

انظر: البرهان 1/ 587.

(2)

سقطت من (ت).

(3)

انظر: البرهان 1/ 595.

(4)

في (ت)، و (غ):"ما يسألوه".

(5)

في (ص): "واختلفت".

(6)

في البرهان 1/ 596: "الوقع".

(7)

انظر: البرهان 1/ 593، 590، 596. (هذا الكلام الذي نقله الشارح جَمَعَه من الصفحات المذكورة، فهو ليس متوالي في كلام إمام الحرمين رحمه الله تعالى).

ص: 1851

"والمعتمد عندي أن الصحابة هَوَّنت أمر الإفراد والتثنية، فلم يعتنوا بالإشاعة، وإنْ أشاعوا - أفضى إلى الدروس، وليس ذلك بِدْعًا فيما ليس من العزائم، وهذا ينضم إليه بِدَعٌ ثارت مع ثوائر

(1)

وأصحاب سلطنة واستيلاء وقهر، فإنه جرى في آخر أيام علي رضي الله عنه قريبٌ من مائة سنة دواهي

(2)

تُشَيِّب النواصي، واستجرا على تغيير ما كان منوطًا بالأمراء

(3)

؛ إذ كانت الجماعة وإقامةُ شعارها من أهم ما يهتم به الأمراء

(4)

، ثم ألهى الناسَ عنه ما حدث

(5)

"

(6)

.

فقد تقرر واضحًا: أن من المقطوع بكذبه خبرٌ لو صح لتوفرت الدواعي على نقله، ويتبين به بطلانُ ما ادعاه الروافض من النص، وفسادُ قول العيسوية إن في التوراة أن موسى بن عمران عليه السلام آخرُ مبعوث؛ فإن هذا لو كان لذكره أحبار اليهود في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما آثروا عنه مَعْدِلا إلى تحريف نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبديلهم الذي (خانوا به)

(7)

وخسروا

(8)

.

(1)

في (ت): "تواثر". وهو خطأ. والموجود في البرهان 1/ 594: "تواتر".

(2)

في البرهان: "دواه".

(3)

في (ت)، و (ص)، و (ع):"بالأمر". وهو خطأ.

(4)

في (ص)، و (غ):"الأمر". وهو خطأ.

(5)

قوله: واستجرا. . . إلخ - معناه: أن هذه الدواهي استتبعت في تغيير ما كان منوطًا بالأمراء الاهتمام به، وهو الجماعة وإقامة شعارها، لكن تلك الدواهي ألهتهم عن ذلك. انظر: لسان العرب 14/ 142 - 143، مادة (جرا).

(6)

البرهان 1/ 594 - 595، مع بعض الاختصار.

(7)

في (ت): "خابوا به".

(8)

انظر: البرهان 1/ 587.

ص: 1852

واعلم أن المصنف لم يذكر من المقطوع بكذبه غير قسمين، وذكر الإمام ثالثًا:(وهو)

(1)

ما نُقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد استقرار الأخبار، ثم فتش عنه فلم يُوجد في بطون الكتب، ولا في صدور الرواة

(2)

.

ولقائل أن يقول: غاية مُنْتهى المُنَقِّب الجَلِد، والمتفحِّصِ الألدِّ

(3)

- عدمُ الوجدان

(4)

، فكيف ينتهض ذلك قاطعًا في عدم الوجود! وإنما قصاراه ظنٌّ غالبٌ يُوجب أن لا يُلتفت إلى ذلك الخبر. وإنْ فُرِض دليلٌ عقليٌّ أو شرعيٌّ، أو تَوَفُّرُ الدواعي على

(5)

نقله عاد إلى القسمين المذكورين في الكتاب.

وذكر إمام الحرمين قسمًا رابعًا فقال: "ومما

(6)

يُذكر من أقسام الكذب: أن يتنبأ متنبئ من غير معجزة، فَيُقْطع بكذبه". قال: "وهذا مُفَصَّلٌ

(7)

عندي، فأقول: إنْ تنبأ وزعم أن الخلق كُلِّفوا متابعتَه وتصديقَه من غير آيةٍ - فهذا كذب؛ فإن مساقه يفضي إلى تكليف

(1)

سقطت من (ت)، و (ص).

(2)

والإمام متابع في هذا القسم لأبي الحسين البصري رحمه الله تعالى. انظر: المحصول 2/ ق 1/ 425، المعتمد 2/ 79. وتابع الإمام على ذكره تاج الدين في الحاصل 2/ 767، وسراج الدين في التحصيل 2/ 113، وصفي الدين رحمهم الله جميعًا - في نهاية الوصول 7/ 2790.

(3)

أي: الشديد الخَصِم. انظر: لسان العرب 3/ 390 - 391، مادة (لدد).

(4)

في (ت): "الوجود".

(5)

في (غ): "إِلى".

(6)

في (غ): "وما".

(7)

في (ص): "معضل". وهو تصحيف.

ص: 1853

ما لا يطاق، وهو العلم بصدقه من غير سبيل مؤدٍّ إلى العلم. فأما إذا قال: ما أكلف الخلقَ اتباعي، ولكن أُوحيَ إليَّ - فلا يُقطع بكذبه"

(1)

.

قلت: وهذا كله يجب أن يكون فيما إذا كان من ادعى النبوة قبل محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وأما بعده فيقطع بكذبه؛ لقيام القاطع على أن لا نبي بعده. وهذا راجع إلى القسم الأول، وهو ما علم خلافه استدلالا.

قال: (مسألةٌ: بعض ما نُسِب إلى الرسول

(2)

صلى الله عليه وسلم كذب؛ لقوله: "سَيُكْذبُ عليَّ"؛ ولأن منها ما لا يقبل التأويل، فيمتنع صدوره عنه).

بعض الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الآحاد مقطوعٌ بكذبه؛ لوجهين:

أحدهما: أنه رُوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سَيُكْذب عليَّ"

(3)

، فإن صح هذا الحديث - لزم وقوعُ الكذب عليه؛ ضرورةَ صدقه فيما يفوه به.

وإنْ لم يصح مع كونه رُوي عنه - فقد حصل الكذب فيما رُوي عنه، ضرورةً أن هذا الخبر مِنْ جملة ما رُوي عنه، لكن على هذا التقدير يتعين الموضوع عليه، وهو هذا الخبر، والدعوى كانت مبهمةً في بعضٍ غير معيَّن.

(1)

انظر: البرهان 1/ 596 - 597.

(2)

في (ت): "النبي".

(3)

قال مُلَّا علي قاري - رحمه الله تعالى - في "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" ص 221: قال ابن الملقِّن في "تخريج البيضاوي": هذا الحديث لم أره كذلك. نعم في أفراد مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: "يكون في آخر الزمان دجَّالون كذَّابون". اهـ.

ص: 1854

فإن قلت: نلتزم صحته، ولا يلزم وقوع الكذبِ في الماضي الذي هو المدّعى؛ لأنه قال:"سَيُكْذب" بصيغة المضارع، فيجوز أن يقع في المستقبل

(1)

.

قلت: السينُ الداخلةُ على "يُكْذب" وإن دلت على الاستقبال فإنما تدل على استقبال قليلٍ، بخلاف سوف، كما نصوا عليه

(2)

، وقد حصل هذا الاستقبال القليل بزيادة.

واعلم أن هذا الحديث لا يُعرف، ويُشبه أن يكون موضوعًا.

الثاني: أن مِنْ جملة ما رُوي عنه صلى الله عليه وسلم ما لا يقبل التأويل، إما لمعارضة الدليل العقلي، أو غير ذلك مما يُوجب عدمَ قبوله للتأويل، فيمتنع صدوره عنه عليه السلام قطعًا.

قال: (وسببه: نسيان الراوي، أو غلطه، أو افتراء الملاحدة لتنفير العقلاء).

سبب وقوع الكذب عليه صلى الله عليه وسلم:

إما نسيان الراوي؛ لطول عهدٍ بالخبر المسموع، أو غير ذلك، فربما حَمَل النسيانُ على نَقْص ما يُخِلُّ بالمعنى، أو رفع ما هو موقوف، أو غير ذلك من آفات النسيان.

(1)

ولزيادة التفصيل انظر: حاشية البناني على المحلي 2/ 118.

(2)

هذا هو مذهب البصريين، أما مذهب الكوفيين فالسين وسوف مترادفان، وليست المدة مع "سوف" أوسع، بل هما مستويان. انظر: مغني اللبيب 1/ 158، 159.

ص: 1855

وإما غَلَطُه: بأن أراد النطق بلفظٍ فسبق لسانه إلى سواه، أو وضع لفظًا مكان آخر ظانًا أنه يؤدي معناه.

وإما افتراء الزنادقةِ وغيرِهم مِنْ أعداء الدين، الذين وضعوا أحاديث تخالف العقول، ونسبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ تنفيرًا للعقلاء عن شريعته المطهرة.

وقد يقع الوضع مِنْ متهالك على حب الجاه، كما وضعوا في دولة بني العباس رضي الله عنه نصوصًا دالةً على إمامة العباس وذريته.

ومن الغُواة المتعصبين مَنْ وضع أحاديث لتقرير مذهبه، ودَفْع خصومه

(1)

.

ومنهم مَنْ جَوَّز وضع الأحاديث للترغيب في الطاعة والترهيب عن المعصية، فوقع منه الوضع في ذلك.

وأسباب الوضع كثيرة

(2)

؛ لأنها تختلف باختلاف أغراض الفسقة المتمردين، والزنا دقة المبتدعين. والله أعلم

(3)

.

(1)

مثل الكرَّامية، فإنَّ مذهبهم أنه إذا صَحَّ المذهب وظهرت حقيقته جاز وضع الأخبار لتصحيحه؛ لأن فيه ترويجًا للحق. انظر نهاية الوصول 7/ 2796.

(2)

في (ت)، و (غ):"كثيرة والله أعلم".

(3)

انظر الفصل الثاني في: المحصول 2/ ق 1/ 413، الحاصل 2/ 764، التحصيل 2/ 111، نهاية الوصول 7/ 2779، نهاية السول 3/ 88، السراج الوهاج 2/ 729، شرح الأصفهاني 2/ 533، مناهج العقول 2/ 225، الإحكام 2/ 12، 41، المستصفى 2/ 167 (1/ 142)، المعتمد 2/ 78، البرهان 1/ 586، المحلي على الجمع 2/ 116، التلخيص 2/ 315، شرح التنقيح ص 355، منتهى السول ص 67، 73، العضد على ابن الحاجب 2/ 51، 57، كشف الأسرار 2/ 360، فواتح الرحموت 2/ 109، شرح الكوكب 2/ 318.

ص: 1856

الفصل الثالث: فيما ظُنَّ صدقه من الأخبار

ص: 1857