الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه سَدُّ باب الاجتهاد.
فائدة:
(ظاهر كلامِ الإمام والمصنف)
(1)
أنَّ نحوَ قولِ بعضهم: لا يُقتل المسلم بالذميّ، ولا يصح بيع الغائب. وقولِ بعضِهم: يُقتل ويصح - جريانُ
(2)
خلافٍ في أنه هل يجوز الفصل؟ فيقال: يُقتل المسلم بالذمي ولا يصح بيع الغائب، أو العكس
(3)
. وبه يُشعر إيرادُ القاضي في "مختصر التقريب"
(4)
. وصَرَّح الآمديُّ بنفي الخلاف
(1)
في (ت)، و (غ) زيادة وهي:"ظاهر كلام الإمام والمصنف (جريان خلاف في) ". وهذه الزيادة ستأتي بعد قليل، فالراجح حذفها من هنا. والله أعلم.
(2)
هذا خبر المبتدأ في قوله: "ظاهرُ كلامِ الإمام والمصنف".
(3)
لأن الإمام رحمه الله قال: "وأما إن لم يكن كذلك (يعني: إن لم تكن علة الحكم في المسألتين واحدة) - فالحقُّ جواز الفرق لمَنْ بعدهم؛ لأنه لا يكون بذلك مخالفًا لما أجمعوا عليه لا في حكمٍ، ولا في علة حكم". المحصول 2/ ق 1/ 186، فظاهر كلام الإمام رحمه الله وجودُ خلافٍ في التفريق بين المسألتين المختلفتين مطلقًا؛ لأن عدم اتحاد العلة شاملٌ لهما، وذلك مثل قتل المسلم بالذمي، وبيع الغائب، فهما مسألتان مختلفتان، لا يجمع بينهما علة، فهناك مَنْ يَمنع الفصلَ بينهما، وهناك مَنْ يجوِّزه كالإمام رحمه الله.
(4)
لأن القاضي رحمه الله قال في مختصر التقريب 3/ 94 - 95: "وأما إذا لم يُنقل ذلك عنهم (أي: لم يُنقل الإجماع على مَنْع الفصل بين المسألتين) - فالصحيح أنه يجوز لبعض العلماء الأخذُ بالتحليل في إحدى المسألتين، والتحريمِ في الأخرى، وذلك أنه إذا أَخَذ بالحلِّ في إحداهما - فقد قال بالتحليل فيها قائلون، وكذلك إذا أخذ بالتحريم في الثانية، ولم يُنقل عن الأمة مَنْعُ الفصل، ولا تَعَلُّق لإحدى المسألتين =
في ذلك
(1)
.
وما اقتضاه كلامُ الإمام غيرُ بعيدٍ؛ لأن التفصيل فيه يؤدي إلى تخطئة كلِّ الأمة، إذ يلزم خطأ شطرهم في جواز قتل المسلم بالذميّ، وخطأ الشطر الآخر في منع بيع الغائب. وقد تقدم أنَّ الأكثرين منعوا انقسام الأمة إلى فرقتين، كلُّ فرقةٍ خاطئة في مسألة.
وقد يقال: لا يلزم من الذهاب إلى التفصيل كونُه حقًا في نفس الأمر، بل يكفي أن يكون في ظن المجتهد كذلك، وقد سبق هذا.
قال: (قيل: أجمعوا على الاتحاد. قلنا: عين الدعوى. قيل: قال الثوري: الجماع ناسيًا يُفطر
(2)
، والأكلُ لا. قلنا: ليس بدليل).
احتج مَنْ منع الفصل
(3)
مطلقًا: بأن الأمة إذا قال نصفها بالحرمة في
= بالأخرى بوجهٍ من الوجوه"، فقول القاضي رحمه الله: "ولا تَعَلُّق لإحدى المسألتين بالأخرى بوجه من الوجوه" ظاهر في أنه يشمل المسألتين المتباينتين مطلقًا، كمسألة قتل المسلم بالذميّ، وبيع الغائب. وانظر: التمهيد لأبي الخطاب 3/ 315.
(1)
أي: لا خلاف في أنه يجوز الفصل بينهما؛ لعدم الجامع بينهما. وهذا ما صَرَّح به القرافيّ، وقد سبق نَقْلُ كلامه. قال الزركشيُّ في البحر 6/ 522:"وكلام التِّبْريزيِّ في "التنقيح" يدل على أنه إذا وقع الاشتراك في المأخذ - فهو محل الخلاف، وأما إذا لم يشتركا فيه فلا خلاف في أنه (أي: عدم الفصل) ليس بحجة، وهو خلاف كلام الرازيّ".
(2)
في (ص): "يُفطر الصائم". وهذه زيادة ليست موجودة في باقي النسخ، ولا في نهاية السول 3/ 275، وشرح الأصفهاني على المنهاج 2/ 609، والظاهر أنها من زيادة ناسخ (ص)، فإنَّ المتون بُنيت على الاختصار، وهذه الكلمة لا حاجة لها؛ لوضوح المعنى.
(3)
في (ت): "التفصيل".
المسألتين، وقال النصف الآخر بالحِلِّ فيهما - فقد اتفقوا على اتحاد الحكم في المسألتين، وأنه لا فصل بينهما، فيكون الفصل ردًّا للإجماع.
وجوابه: أنه إنْ عَنِيَ بقوله: "اتفقوا على أنه لا فَصْل بينهما": أنهم نصوا على استوائهما في الحكم وهما مستويان في علة الحكم - فليس كذلك؛ لأنَّ النزاع ليس في هذا. وإنْ أراد أنَّ ذلك لازمه - فليس كذلك؛ لأنه لا يلزم مِنْ عدم التعرض لتحريم التفصيل الحكمُ بتحريمه، واتحادُ الحكم. وهذا عَيْن الدعوى، وأول المسألة
(1)
.
واحتج مَنْ أجاز الفصل مطلقًا: بأنه وقع، ألا ترى إلى ذهاب بعض العلماء إلى أن (الجماع ناسيًا والأكل ناسيًا يفطران
(2)
)
(3)
. وقال بعضهم: لا يفطر واحدٌ منهما
(4)
. ثم فَرَّق سفيان الثوريُّ رضي الله عنه فقال: الجماعِ ناسيًا يفطر، والأكل لا؛ لبُعْد النسيان في الجماع دون الأكل
(5)
.
(1)
يعني: فالاستدلال بعدم التفصيل على حرمة التفصيل مصادرةٌ على المطلوب؛ إذ هو استدلال بمحل النزاع، فنحن لا نسلم أن عدم التفصيل إجماع على حرمة التفصيل. وانظر: نهاية السول 3/ 280.
(2)
وهو مذهب ربيعة ومالكٍ رضي الله عنهما، ويجب على الناسي القضاء دون الكفارة. انظر: بداية المجتهد 1/ 303، شرح الزرقاني على خليل 2/ 205، المجموع 6/ 324.
(3)
في (ص): "الجماع ناسيًا يُفطر، والأكل ناسيًا يُفطر".
(4)
وبه قال الحسن البصريّ، ومجاهد، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر، وغيرهم. انظر: المجموع 6/ 324، الهداية 1/ 132.
(5)
وبه قال عطاء، والأوزاعيّ، والليث، وأحمد، وابن الماجشون من المالكية، إلا أن أحمد وابن الماجشون انفردا بوجوب القضاء والكفارة على مَنْ جامع ناسيًا. انظر: المجموع 6/ 324، المغني 3/ 56، بداية المجتهد 1/ 303، فتح الباري 4/ 164.