الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعشرين
(1)
.
قال:
(السادسة: إذا قال البعض وسكت الباقون - فليس بإجماعٍ ولا حجة
. وقال أبو علي: إجماعٌ بعدهم. وقال ابنه
(2)
: هو حجة.
لنا: ربما سكت لتوقفٍ أو خوفٍ أو تصويبِ كلِّ مجتهد. قيل: يتمسك بالقول المنتشِر ما لم يُعرف له مُخَالِفًا. وجوابه: المنع وأنه إثبات الشيء بنفسه).
إذا قال بعض المجتهدين قولًا في المسائل التكليفية الاجتهادية، وعَرَفه الباقون وسكتوا
(3)
عن الإنكار
(4)
- فإن ظهرت عليهم أمارات الرضا بما ذهبوا إليه: فهو إجماع بلا خلاف
(5)
. قاله القاضي عبد الوهاب من المالكية، والقاضي الرُّويانيُّ من أصحابنا
(6)
.
(1)
انظر: الإحكام 1/. . .
(2)
في (ص): "أنه".
(3)
بعد مضِيِّ مُهلةِ النظر عادة. انظر: المحلي على الجمع 2/ 191، شرح الكوكب 2/ 254، تيسير التحرير 3/ 246، فواتح الرحموت 2/ 232.
(4)
وذلك قبل استقرار المذاهب في تلك الحادثة، فأما بعد استقرارها فلا أثر للسكوت قطعًا، كإفتاء مقلِّدٍ سكت عنه المخالفون للعلم بمذهبهم ومذهبه، كشافعي يفتي بنقض الوضوء بمس الذكر، فلا يدل سكوتُ الحنفي عنه على موافقته؛ للعلم باستقرار المذاهب.
انظر: البحر المحيط 6/ 472، تيسير التحرير 3/ 246، فواتح الرحموت 2/ 232.
(5)
انظر: الحاوي 1/ 26، القواطع 3/ 278، نشر البنود 2/ 101.
(6)
انظر: نفائس الأصول 6/ 2691، البحر المحيط 6/ 471.
وقضية ذلك
(1)
: أنه إنْ ظهرت عليهم أمارات السخط لا يكون إجماعًا بلا نزاع. وكلام الإمام كالصريح في أنَّ الخلاف جارٍ وإنْ ظهرت أمارات السخط، فإنه قال:"السكوت يحتمل وجوهًا سوى الرضا"، وعَدَّ منها أن يكون في باطنه مانعٌ من إظهار القول، قال:"وقد يظهر عليه قرائن السخط"
(2)
.
والأشبه أنَّ هذا ليس من محل الخلاف
(3)
(4)
.
وإن لم يظهر عليهم شيءٌ سوى السكوت
(5)
ففيه مذاهب:
(1)
أي: ومقتضى ذلك.
(2)
انظر: المحصول 2/ ق 1/ 216. وجه الدلالة في كلام الرازي رحمه الله: أنه استدل على نفي الإجماع السكوتي ونفي حجيته بأن سكوت المجتهدين قد يكون مصحوبًا بظهور قرائن السخط، ولولا أن الخصم يقول بالحجية في تلك الحالة - لما استدل الإمام على نفيها؛ إذ الاستدلال على الخصم لا يكون إلا في قول يقول به، ويكون محلَّ نزاعٍ بين الطرفين.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
انظر: المحلي على الجمع 2/ 191، شرح الكوكب 2/ 254، البحر المحيط 6/ 456، نشر البنود 2/ 101.
(5)
غير المتكرر، فأما إن تكرار السكوت بتكرر الفتيا مع طول الزمن - فإنَّ ظَنَّ عدمِ مخالفتِهم يترجَّح، بل يُقطع بها. ذكره إمام الحرمين وإلكيا. قال الزركشي رحمه الله:"وصَرَّح بذلك أيضًا التِّلِمْسانيّ في "شرح المعالم"، وأنه (أي: السكوت المتكرر) ليس من محل الخلاف، بل هو إجماعٌ وحجة عند الشافعيّ رحمه الله. قال: ولهذا استدل على إثبات القياس وخبر الآحاد بذلك لكونه في وقائع. وتوهم الإمامُ في "المعالم" أن ذلك تناقض من الشافعي، وليس كذلك". البحر المحيط 6/ 472. وانظر: نهاية السول 3/ 296 - 297، البرهان 1/ 705 - 706، فواتح الرحموت 2/ 232، تيسير التحرير 3/ 250.
أحدها: أنه ليس بإجماع ولا حجة. وبه قال الغزاليُّ، والإمام وأتباعه
(1)
، ونقله هو والآمديُّ عن الشافعيّ
(2)
، لكن قال الرافعيّ:"المشهور عند الأصحاب أن الإجماع السكوتيَّ حجةٌ؛ لأنهم لو لم يساعدوه لاعترضوا عليه. وهل هو إجماع أوْ لا؟ فيه وجهان"
(3)
.
وقال الشيخ أبو إسحاق في "شرح
(4)
اللمع": "إنه إجماعٌ على المذهب"
(5)
.
(1)
انظر: المستصفى 1/ 191، المحصول 2/ ق 1/ 215، الحاصل 2/ 707، التحصيل 2/ 66، نهاية الوصول 6/ 2567، المعالم ص 131.
(2)
انظر: الإحكام 1/ 252، وكذا نسبه إلى الشافعي إمام الحرمين وقال:"إنه ظاهر مذهبه". وقال الغزاليُّ في المنخول ص 318: "قال الشافعيّ رضي الله عنه في الجديد: لا يكون إجماعًا؛ إذ لا يُنسب إلى ساكتٍ قول". وقال القاضي أبو بكر: "وللشافعي رضي الله عنه ما يدل على المذهبين، وآخر أقواله استقرَّ على أنه ليس بإجماع، فإنه قال: لا يُنسب إلى ساكتٍ قول"، وقد اختار هذا القول القاضي، وكذا إمام الحرمين، وبه قال داود والأشعريّ، وعيسى بن أبان من الحنفية، وبعض المعتزلة منهم أبو عبد الله البصريّ.
انظر: كشف الأسرار 3/ 229، التلخيص 3/ 98، 99، البرهان 1/ 699، 701، البحر المحيط 6/ 456 - 460، نهاية الوصول 6/ 2567، اللمع ص 90.
(3)
انظر: البحر المحيط 6/ 460، 461، وذكر الماورديُّ أن في المسألة قولين. انظر: الحاوي 1/ 26.
(4)
سقطت من (ص).
(5)
انظر: شرح اللمع 2/ 691، اللمع ص 90. قال الزركشيّ في البحر المحيط 6/ 460:"وقال الرُّويانيّ في أوائل "البحر": إنه حجة مقطوعٌ بها، وهل يكون إجماعًا؟ =
والثاني: أنه إجماع بعد انقراض العصر. وبه قال أبو عليٍّ الجبائي، والإمام أحمد
(1)
، وهو أحد الوجهين عندنا
(2)
، كما نقله الرافعيّ
(3)
.
والثالث: أنه حجة وليس إجماعًا. وذهب إليه أبو هاشم بن
(4)
أبي علي
(5)
، وهو المشهور عند أصحابنا كما نقل الرافعي
(6)
. وهل المراد بذلك
= فيه قولان، وقيل: وجهان: أحدهما: وبه قال الأكثرون، أنه يكون إجماعًا؛ لأنهم لا يسكتون على المنكر. والثاني: المنع؛ لأن الشافعيَّ رحمه الله قال: لا ينسب إلى ساكتٍ قول. قال: وهذا الخلاف راجعٌ إلى الاسم؛ لأنه لا خلاف أنه حجة يجب اتباعه، ويحرم مخالفته". فالشافعية متفقون على الحجية، مختلفون في التسمية. وذهب إلى أنه إجماع وحجة أكثر الحنفية والمالكية. انظر: كشف الأسرار 3/ 228 - 229، تيسير التحرير 3/ 246، فواتح الرحموت 2/ 232، إحكام الفصول ص 473 - 474.
(1)
انظر: المحصول 2/ ق 1/ 215، نهاية الوصول 6/ 2568، شرح الكوكب 2/ 254، المسودة ص 335.
(2)
انظر: شرح اللمع 2/ 698.
(3)
لكن في البحر المحيط 6/ 463: "وقال الرافعيّ: إنه أصح الأوجه عند الأصحاب"، وقال الزركشيُّ أيضًا:"ونقله الأستاذ أبو طاهر البغداديّ عن الحذّاق من أصحابنا. واختاره ابن القطان". البحر 6/ 463، وانظر: الحاوي 1/ 25.
(4)
سقطت من (ت).
(5)
المحصول 2/ ق 1/ 215، نهاية الوصول 6/ 2568.
(6)
ونقله الشيخ أبو إسحاق وابن برهان وصفي الدين الهندي عن الصيرفيّ من الشافعية، وهو مذهب الكرخي من الحنفية. انظر: اللمع ص 90، شرح اللمع 2/ 691، نهاية الوصول 6/ 2568، البحر المحيط 6/ 460 - 461، قواطع الأدلة 3/ 272، كشف الأسرار 3/ 229.
أنه دليل آخر من أدلة الشرع غير الإجماع، أو أنه ليس بإجماعٍ قطعي بل ظني؟
النظر مضطرب في ذلك، ويؤيِّد الأول قولُ الماوردي:"والقول الثاني: أنه لا يكون إجماعًا. قال الشافعي: مَن نسب إلى ساكتٍ قولًا فقد كذب عليه"
(1)
، فاقتضى أن يكون
(2)
الساكت لا يُنسب إليه قولٌ لا ظنًا ولا قطعًا. ويعضد الثاني قولُ أبي عمرو بن الحاجب في "المختصر الكبير": هو حجة وليس بإجماع قطعي
(3)
.
والرابع: وذهب إليه أبو علي بن أبي هريرة: إنْ كان هذا القول مِنْ حاكمٍ لم يكن إجماعًا ولا حجة، وإلا فإجماع؛ لأن الاعتراض على الحاكم ليس من الأدب فلعل السكوت كان لذلك. وأيضًا فالحكم في المختلف فيه لا يُنكر ويصير
(4)
مُجْمعًا عليه، بخلاف الفتيا
(5)
(6)
.
(1)
انظر: الحاوي 1/ 26.
(2)
سقطت من (ص).
(3)
انظر: منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل ص 58.
(4)
في (ص)، و (غ):"ويُصَيِّره".
(5)
قال القرافيُّ مُعَلِّلًا قولَ ابن أبي هريرة رحمه الله: "لأن الحاكمَ كثيرُ الفحص عن رعيته، فيعلم من الأسباب والأحوال ما لم يطلع عليه غيرُه، فربما كان ظاهر حكمه على خلاف الإجماع؛ لأجل ما خَفِيَ عن غيره، وهو حقّ، فهو يعتمد في حُكمه أسبابًا وأحوالًا ومدارك شرعية، وربما أداه إلى ترجيح ما هو مرجوحٌ في غير هذه الصورة". ومن أجل هذه العِلَل لا يحسن الإنكار عليه، فربما يكون سكوت المجتهد لذلك، ثم قال القرافي:"وأما غير الحاكم فلا يحكم إلا بالأدلة الشرعية فقط، وغيره يُشاركه في ذلك، فلو أخطأ لردَّ عليه غيره". نفائس الأصول 6/ 2689، وانظر: شرح تنقيح الفصول ص 331.
(6)
انظر: المحصول 2/ ق 1/ 215، البحر المحيط 6/ 463.
والخامس: عكس ذلك؛ لأن الحكم إنما يصدر بعد بحث واتفاق
(1)
بعد الكلام مع العلماء وتصويبهم لذلك، فإذا سكتوا عن الحكم جُعل ذلك
(2)
إجماعًا. وأما الفتيا فلا يُحتاط فيها كالحكم. وذهب إلى هذا (أبو إسحاق المروزي)
(3)
.
ثم استدل صاحب الكتاب على ما ذهب إليه هو وإمامه من أنه ليس بإجماع ولا حجة: بأن السكوت يحتمل وجوهًا سوى الرضا، وهي كثيرة:
أحدُها: أنه كان في مُهلة النظر.
والثاني: أن يكون في باطنه مانع من إظهار القول وهو الخوف.
والثالث: أن يعتقد أنَّ كلَّ مجتهدٍ مصيبٌ فلا يرى الإنكار فرضًا.
وقد ذَكَر هذه الأوجه في الكتاب.
(1)
في (ص): "وإتقان".
(2)
سقطت من (ت).
(3)
في (ت)، و (غ):"الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني". وقد رجَّع الزركشيُّ أن قائل هذا القول هو أبو إسحاق المروزيّ؛ لأن ابن القطان نقله عن أبي إسحاق المروزيّ، وابن القطان أقدم من أبي إسحاق الإسفراييني. انظر: البحر المحيط 6/ 465. وقد نسب هذا القول لأبي إسحاق المروزي ابنُ السمعاني في القواطع 3/ 277، والشارحُ نفسُه في جمع الجوامع. انظر: المحلي على الجمع 2/ 189، ونسبه لأبي إسحاق الإسفراييني الهنديُّ في نهاية الوصول 6/ 2568، إلا أن الزركشي اعترض عليه بما سبق ذِكْره.
والرابع: ربما رآه قولًا سائغًا
(1)
لمن أداه إليه اجتهاده وإن لم يكن موافقًا عليه.
والخامس: ربما أراد الإنكار، ولكنه ينتهز فرصة التمكن منه، ولا يرى المبادرة إليه مصلحةً.
والسادس: أنه لو أنكر لم يُلْتفت إليه.
والسابع: ربما سكت لظنِّه أنَّ غيره قام مقامَه في ذلك، وإنْ كان قد غَلِط فيه.
والثامن: ربما رأى ذلك الخطأ من الصغائر فلم يُنْكِر
(2)
.
وإذا احتمل السكوت هذه الجهات كما احتملِ الرضا - علمنا أنه لا يدل على الرضا لا قطعًا (ولا ظاهرًا)
(3)
وهذا معنى قول الشافعي رضي الله عنه: لا
(1)
في (ص): "شائعًا". وهو خطأ، والمُثْبت موافق لما في المحصول 2/ ق 1/ 216، ونهاية الوصول 6/ 2569. وهما من مصادر الشارح.
(2)
أي: فلا يرى في ترك الإنكار قدحًا في عدالته؛ لأن ترك الإنكار على الصغيرة صغيرة. كذا ذكر تعليلَ هذا الاحتمال صفي الدين الهندي. انظر: نهاية الوصول 6/ 2569. لكن قال القرافي في نفائس الأصول (6/ 2691) ردًّا على قول الإمام الذي ذكره الشارح في السبب الثامن: "هذا غير مُتَّجه؛ فإن الإنكار واجبٌ في الصغائر إجماعًا، وكذلك التعزير، وإنما لا يفسَّق بها العدلُ فقط". فلا يلزم من عدم القدح في العدالة أن لا يُنكِر؛ لأن الباعث على الإنكار حاصل وهو حرمة السكوت، سواء كانت تقدح في العدالة، أو لا تقدح. انظر: نهاية الوصول 6/ 2572.
(3)
في (ص): "ولا ظنًا هذا". ويتضح من نسخة (ص) أنَّ ناسخها حَرَّف كلمة =
يُنسب إلى ساكتٍ قول
(1)
(2)
.
ولقائل أن يقول: أما أنها لا تدل على الرضا قطعًا فمسلم، وأما ظاهرًا فممنوعٌ؛ إذ هذه الاحتمالات مرجوحةٌ بالنسبة إلى احتمال الرضا، وذلك ظاهر
(3)
. ومنها ما هو ظاهر الفساد كالثامن، فإن الصغيرة يجب إنكارها كما يجب إنكار الكبيرة.
قال القرافي: وقد اختلف الناس في المندوبات والمكروهات هل يدخلها الأمر والإنكار أمْ لا؟ وأما الواجبات والمحرمات صغائر كانت أم كبائر - فيدخلها الأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكر إجماعًا
(4)
.
= "ظاهرًا" إلى هذا التعديل؛ لأنه ظن أن "ولا ظا" أن النون أُسقطت من بعد الظاء، فعدَّلها إلى "ولا ظنًا"، ثم لما كتب "هرا" هكذا في نسخة (ص) - عَدَّلها ووضع للراء نبرة الذال ونقطة، لتكون "هذا"، ومن الواضح أنَّ كلمة "هذا" لا حاجة لها هنا، فهذا يؤكِّد تَصَرُّف ناسخ (ص) وتخريفَه للكلمة. ويزيد هذا التأكيد صحةً أن الشارح رحمه الله نَقَل كلامَه هذا بحروفه من المحصول 2/ ق 1/ 220، والموجود فيه "ولا ظاهرًا" على أن "ولا ظنًا" لا تنافي من جهة المعنى "ولا ظاهرًا" لأنَّ الظن هو الطرف الراجح، وهو المراد بالظهور، لكن الخطأ جاء من جهة التصرف والتحريف.
(1)
انظر الزركشي رحمه الله البحر المحيط 6/ 456 - 457، وانظر: البرهان 1/ 701.
(2)
انظر الأوجه الثمانية في: المحصول 2/ ق 1/ 216 - 220، نهاية الوصول 6/ 2569.
(3)
انظر: نهاية الوصول 6/ 2570، نفائس الأصول 6/ 2691.
(4)
لم أقف على مكان هذا النص. وفي الفروق 4/ 257: "المندوبات والمكروهات يدخلها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على سبيل الإرشاد للورع ولِمَا هو أولى، من غير تعنيف ولا توبيخ، بل يكون ذلك من باب التعاون على البر =
واحتج أبو هاشم بما ذكره في الكتاب: من أنَّ الناس في كل عَصْر يحتجون بالقول المنتشر في الصحابة إذا لم يُعرف
(1)
له مخالف.
وجوابه: أنَّ ذلك ممنوع
(2)
، ولو سلِّم فالاستدلال به إنما يتم أن لو كان الإجماع السكوتي حجة؛ إذ هو عينه
(3)
، فلو أثبتم الإجماع السكوتي به لأثبتم الشيء بنفسه
(4)
. وفي عبارة المصنف - كما قال الجاربردي - تساهل؛ لأنه إثباتٌ للشيء بفردٍ من أفراده لا بنفسه
(5)
. ولم يذكر المصنف حجةَ أبي عليٍّ والردَّ عليها؛ لأنه إذا بطل كونه حجةً بطل كونه إجماعًا. وهذا مِنْ حسن الاختصار رحمه الله ورضي عنه.
قال: (فرع: قول البعض فيما تعم به البلوى كقول البعض وسكوت الباقين).
هذه المسألة فيما إذا قال بعض أهل العصر قولًا، ولم يُعلم له مخالف، ولا أنه بَلَغ جميعَ أهل العصر
(6)
. وليست مختصةً بعصر الصحابة، على
= والتقوى".
(1)
في (ت): "يظهر".
(2)
نظر: المحصول 2/ ق 1/ 221.
(3)
أي الإجماع السكوتي هو عين القول المنتشر في الصحابة الذي لم يُعرف له مخالف.
(4)
انظر: نهاية السول 3/ 301، شرح الأصفهاني 2/ 619.
(5)
انظر: السراج الوهاج 2/ 827.
(6)
أي: انتشر ذلك القول، ولكن لا نعلم بأنه بلغ جميعَ أهلِ ذلك العصر. انظر: نهاية الوصول 6/ 2575، التحصيل 2/ 67. وقال الإسنوي:"إذا قال بعض المجتهدين قولًا ولم ينتشر ذلك القول بحيث يُعلم أنه بلغ الجميع، ولم يُسمع من أحدٍ ما يخالفه".
خلاف ما صَوَّره الإمام
(1)
. وتلك المسألة فيما إذا نُقِل أنه بَلَغ جميعهم وسكتوا عليه.
وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنه ليس بإجماع ولا حجة
(2)
؛ لأنَّ الإجماع السكوتي إنما كان حجة وإجماعًا لأن بعضَهم قال الحكم وسكت الباقون مع العلم به، فلو كان ذلك الحكم خطأ لحرم عليهم السكوت عن الإنكار، فالسكوت دليل الرضا. وهنا لا يمكن حمل السكوت على الرضا؛ لاحتمال أن يكون ذلك لعدم العلم به.
وثانيها: أنه كالسكوتي حتى يجري فيه الخلاف المتقدم؛ لأن الظاهر مع الاشتهار وصولُه إليهم
(3)
.
وثالثها: وهو الحق عند الإمام وأتباعه - وبه جَزَم - منهم المصنف: أنَّ هذا القول إنْ كان فيما يعم به البلوى، كنقض الوضوء بمس الذكر - كان كالسكوتي؛ إذ لا بد لمن انتشر فيهم من قولٍ لكنه لم يَظْهر، وإلا لم
= نهاية السول 3/ 301 - 302. فقول الإسنوي: "ولم ينتشر ذلك القول بحيث يعلم أنه بلغ الجميع" - ليس فيه نفيٌ لأصل الانتشار، بل نفي للانتشار الذي يتحقق به بلوغ الجميع.
(1)
وكذا صاحب "الحاصل". انظر: المحصول 2/ ق 1/ 223، الحاصل 2/ 709.
(2)
وهو رأي الأكثرين، واختاره الآمدي.
انظر: الإحكام 1/ 255، منتهى السول والأمل ص 59، العضد على ابن الحاجب 1/ 37.
(3)
انظر: نهاية السول 3/ 302.
يكن إجماعًا ولا حجة؛ لاحتمال ذهول البعض عنه
(1)
.
واعلم أنَّ الآمديَّ صَوَّر المسألة بما إذا ذهب واحدٌ من أهل العصر إلى حكمٍ ولم ينتشر بين أهل العصر، لكنه لم يُعْرف له مخالف. وتبعه ابن الحاجب في شرطه عدمَ الانتشار
(2)
. وظاهر كلام الإمام وصَرَّح به صفي الدين الهندي تصويرُ المسألة بما إذا انتشر.
واعلم أنه لا مخالفة بين الكلامين؛ فإنَّ الانتشار في كلام [الإمام]
(3)
(محمول على الشهرة وإن لم يُعلم أنه بلغ الجميع، والانتشار المنفي في كلام الآمدي)
(4)
هو الانتشار بحيث يبلغ الجميعَ ويسكتون عنه.
(1)
انظر: المحصول 2/ ق 1/ 223، الحاصل 2/ 709، التحصيل 2/ 67، نهاية الوصول 6/ 2575.
(2)
انظر: الإحكام 1/ 255، العضد على ابن الحاجب 1/ 37، منتهى السول والأمل ص 59.
(3)
في (ت)، و (ص)، و (غ):"الآمدي". وهو خطأ؛ لأن الإمام هو الذي صَوَّر المسألة في حالة الانتشار لا الآمدي، فالظاهر أن التحريف من أحد النساخ. والله أعلم.
(4)
سقطت من (ت).
الباب الثالث: شرائط الإجماع