الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(الخامسة: زيادة صلاة ليس بنسخ
. قيل: تَغَيَّر الوسط. قلنا: وكذا زيادة العبادة).
اتفق العلماء على أن
(1)
زيادةَ عبادةٍ من غير جنسِ ما سبق وجوبُه، كزيادة وجوب الزكاة مثلًا على الصلاة - ليس بنسخ
(2)
.
واختلفوا في أنَّ زيادة صلاةٍ على الصلوات الخمس هل يكون نسخًا؟
فذهب الجماهير
(3)
إلى أنه ليس بنسخ
(4)
.
وقال بعض أهل العراق: إنه نسخ؛ لأن زيادة هذه السادسة تغيِّر الوسط، أي أنها تجعل ما كان وسطًا غير وسط، فيكون ذلك نسخًا للأمر بالمحافظة على الصلاة الوسطى
(5)
.
وأجاب: بأن هذا غير سديد؛ (إذ يلزم)
(6)
عليه أن تكون زيادة عبادة على آخِر العبادات نسخًا؛ لأنه يجعل العبادة الأخيرة غير الأخيرة
(7)
، فلو
(1)
سقطت من (ت).
(2)
انظر: المحصول 1/ ق 3/ 541، الإحكام 3/ 170، نهاية الوصول 6/ 2387، التلخيص 5012 /، البحر المحيط 5/ 305، كشف الأسرار 3/ 191، شرح الكوكب 3/ 583، شرح التنقيح ص 317، نزهة الخاطر 2/ 209.
(3)
في (ت)، و (غ):"الجماعة".
(4)
انظر: المراجع السابقة.
(5)
انظر: تيسير التحرير 3/ 220، فواتح الرحموت 2/ 91، والمراجع السابقة.
(6)
في (ت): "ويلزم".
(7)
في (ص): "الأَخَرة". وفي المصباح 1/ 11: "والأخرة وزان قَصَبة، بمعنى الأخير، يقال: جاء بأخرة، أي: أخيرًا". وانظر: اللسان 4/ 14، مادة (أخر).
كان عدد كل الواجبات قبل الزيادة عشرة فبعد الزيادة لا يبقي ذلك، فيكون نسخًا.
واعلم أن هذا الجواب غير سديد؛ لأن غير الصلاة من العبادات لم يَرِد فيه الأمر بالمحافظة على الوسطى ليقال مِثْلُه فيها
(1)
، بل الحق عندي أنهم إنْ أرادوا بكونها تُغَيِّر الوسط: أنها تجعل المتوسط بين الشيئين غير وسط - فذلك غير سديد؛ لأن كون العبادة وَسَطًا أمرٌ حقيقي ليس بشرعي، والنسخ إنما يتطرق إلى الحكم الشرعي
(2)
.
وإن أرادوا به ما ذُكر مِنْ نَسْخ الأمر بالمحافظة على الوسطى - فنقول: إن كانت الوسطى عَلَمًا على صلاة بعينها إما الصبح أو العصر، وليست فُعْلَى من المتوسط بين الشيئين
(3)
- فما ذكرتموه ساقطٌ، إذ لا يلزم من
(1)
المعنى: أن القول باللازم: وهو أن الزيادة على العبادات العشر مثلًا يكون نسخًا - غيرُ سديد؛ لأن دليل القوم في حالة الزيادة على الصلاة ليس هو لمجرد الزيادة بل لأن الشارع أمر بالمحافظة على الصلاة الوسطى، فالزيادة على الصلوات تُلغي هذا الأمر؛ لأنها تجعل الوسط غير الوسط. وأما مجرد الزيادة على مجموع العبادات فليس يرفع الأمر بالمحافظة على العبادة الأخيرة قبل الزيادة. لكن لو أمر الشارع في أي عبادة بالمحافظة على العبادة الوسطى منها - لكانت الزيادة على تلك العبادة نسخًا لذلك الأمر. وانظر: نهاية الوصول 6/ 2387، كشف الأسرار 3/ 191.
(2)
يعني: رفع الوسطية ليس بنسخ؛ لأن الوسطية ليست حكمًا شرعيًا، بل أمرًا عقليًا، ورفع العقلي ليس بنسخ. انظر: فواتح الرحموت 2/ 91، سلم الوصول 2/ 602.
(3)
يعني: وُسْطى على وزن فُعْلى، ولا يشترط في هذا الوزن التوسط بين شيئين، بل يمكن أن يكون بين ثلاثة واثنين. قال في المصباح 2/ 335: "وحقيقة الوسط ما تساوت أطرافه، وقد يُراد به ما يُكْتَنف من جوانبه، ولو من غير تساوٍ، كما قيل: =
زيادة صلاة أن يرتفع الأمر بالمحافظة على تلك الصلاة الفاضلة؛ لعدم منافاته له
(1)
.
وإن كانت الوسطى: المتوسطة بين الصلوات
(2)
فنقول حينئذ: الذي يظهر أنَّ الأمر يختلف بما يُزاد والحالة هذه:
فإن زيدت واحدة - فهي ترفَع الوسط
(3)
بالكلية
(4)
، ويتجه ما ذكروه اتجاهًا واضحًا؛ لأن الوسط حينئذٍ وإنْ كان أمرًا حقيقيًا إلا أنَّ
= إنَّ صلاة الظهر هي الوسطى". وانظر: اللسان 7/ 430، مادة (وسط). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عن لفظ "الوسطى" الوارد في الآية: "هي تأنيث الأوسط، والأوسط: الأعدل من كل شيء. وليس المراد به التوسط بين الشيئين؛ لأن فُعْلى معناه التفضيل، ولا ينبني للتفضيل إلا ما يقبل الزيادة والنقص، والوسط بمعنى الخيار، والعدل يقبلهما (أي: يقبل الزيادة والنقص)، بخلاف المتوسط فلا يقبلهما، فلا يُبنى منه أفعل تفضيل". فتح الباري 8/ 195.
(1)
أي: ليس هناك تعارض بين الزيادة، والأمر بالمحافظة على الصلاة الوسطى، إذا كانت الصلاة الوسطى عَلَمًا على صلاةٍ بعينها، كصلاة الفجر، أو صلاة العصر، فكأنه قال: حافظوا على الصلوات، وصلاة الفجر. أو صلاة العصر. وحينما يأمر الشارع بالمحافظة على صلاةٍ بعينها، لا تكون الزيادة على الصلوات نسخًا للأمر بالمحافظة على تلك الصلاة المعيَّنة، فالمراد بالوسطى على هذا الجواب هو العَلَمية لا الوصف، أي: أنَّ الشارع أراد بقوله: {الْوُسْطَى} هو ذات صلاة الفجر، أو ذات صلاة العصر، لا كونها موصوفة بالوسطى، بل لكونها مقصودة لذاتها، والوصف عَلَم عليها.
(2)
فالمراد بالوسطى هنا الوصف لا العلمية.
(3)
في (ت): "الوسطى".
(4)
لأن عدد الصلوات يكون ستًا، وهو لا وسط له.
الشرع ورد عليه وقرره؛ فيكون نسخًا للحكم الشرعي
(1)
.
وإن زيدت ثنتين ونحوها
(2)
مما لا يرفع الوسط - فلا نسخ؛ إذ لم يرتفع الوسط، وإنما خرجت الظهر مثلًا عن أن تكون وسطًا، وكونها كانت الوسط
(3)
إنما هو أمر حقيقي اتفاقي لا يرد النسخ عليه
(4)
، والأمر بالمحافظة على الوسط
(5)
شيء وراء ذلك، وهو لم يزل، بل هو باق
(6)
.
قال: (أما زيادة ركعةٍ ونحوها - فكذلك عند الشافعي رضي الله عنه، ونَسْخٌ عند أبي حنيفة رحمه الله. وفَرَّق قوم بين ما نفاه المفهوم وما لم ينفه. والقاضي عبد الجبار بين ما ينفي اعتداد الأصل وبين ما لا ينفيه.
(1)
يعني: وإن كان الوسط أمرًا عقليًا ورفعه ليس بنسخ، لكن الشارع علَّق الحكم عليه، فجعل الأمر منوطًا بوصف الوسطية، فَرَفْعُ الوسطية إلغاءٌ لعلة الحكم، والحكم تابع للعلة، وإذا أُلغي الحكم حصل النسخ.
(2)
أي: ونحوها من الأعداد الزوجية.
(3)
في (غ): "الوسطى".
(4)
لأن المراد هو الوصف، لا صلاة بعينها، فالحكم يدور مع الوصف، ولما كان الوصف موجودًا في الظهر كانت هي المقصودة بالأمر، فلما انتقل الوصف إلى صلاة أخرى انتقل الأمر.
(5)
في (ت): "الوسطى".
(6)
يعني: الأمر بالوسط شيءٌ وراء قَصْدِ صلاةٍ بعينها؛ لأن المرادَ الوصفُ لا تعيينُ صلاةٍ بذاتها، فزوال الظهر عن أن تكون هي الصلاة الوسطى - لا ينفي وصفَ الوسط، وأنه متحقق في صلاة أخرى. وعلى هذا فتغيُّر الصلاة الوسطى ليس بنسخ؛ لأن المأمور به هو الوسط، وكون الظهر هو الوسط أو الصلاة الوسطى أمرٌ اتفاقي لا يرد عليه النسخ، وإنما النسخ يكون على وصف الوسط وهو لم يزل باق.