الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقريب"
(1)
للقاضي
(2)
.
وأما ترك العمل بما رواه هل يكون جرحًا؟ - فقال القاضي في "مختصر التقريب": "إنْ تحقق تركه للعمل بالخبر مع ارتفاع الدوافع
(3)
والموانع، وتقرر عندنا تركه
(4)
موجب الخبر، مع أنه لو كان ثابتًا للزم العمل به - فيكون ذلك جرحًا. وإن كان مضمون الخبر مما يسوغ تركُه، ولم يتبين قَصْدُه إلى مخالفة الخبر - فلا يكون جرحًا"
(5)
.
فائدة
(6)
:
أطلق الإمام أن الحكم بالشهادة تزكية
(7)
كما في الكتاب، وقَيَّده الآمدي بما إذا لم يكن الحاكم ممن يرى قبولَ الفاسقِ الذي لا يكذب
(8)
. وهو قيد صحيح إلا أنه لا يختص بهذا القسم، فإن القسم الرابع كذلك.
= ص 272، نهاية السول 3/ 148.
(1)
انظر: التلخيص 2/ 371.
(2)
رأي جمهور المحدثين أنه ليس بتعديل مطلقًا. انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 100، تدريب الراوي 1/ 267، فتح المغيث 2/ 38.
(3)
في (ص)، و (ت)، و (غ):"الروافع". وهو خطأ. والمثبت من "التلخيص".
(4)
في (ت)، و (غ):"بتركه". والضمير يعود إلى الراوي.
(5)
انظر: التلخيص 2/ 372. وانظر: المحلي على الجمع 2/ 164، المستصفى 2/ 256 (1/ 163)، نهاية الوصول 7/ 2903، العضد على ابن الحاجب 2/ 66، تيسير التحرير 3/ 54، فواتح الرحموت 2/ 148، شرح الكوكب 2/ 433، علوم الحديث لابن الصلاح ص 100، تدريب الراوي 1/ 267، الكفاية ص 186.
(6)
في (ت) بياض مكان هذه الكلمة.
(7)
انظر: المحصول 2/ ق 1/ 589.
(8)
انظر: الإحكام 2/ 88.
قال: (الرابع: الضبط، وعدم المساهلة في الحديث. وشَرَط أبو علي العدد، ورُدَّ بقبول الصحابة خبر الواحد. قال: طلبوا العدد. قلنا: عند التهمة).
الشرط الرابع من شروط الراوي: أن يكون بحيث يُؤمَن من الكذب والخطأ فيما رواه، وذلك يستدعي حصول أمرين:
أحدهما: الضبط. فمن يكون مختل الطبع لا يقدر على الحفظ أصلًا - لا يُقبل خبره البتة. وكذا من يعتريه السهو غالبًا، ورب مَنْ يضبط قِصَار الأحاديث دون طوالها؛ لقدرته على ضبطِ تلك دون هذه، فتقبل روايته فيما عُلم ضبطه إياه.
الثاني: ولعله يدخل في الأول، عدم التساهل. فلو رَوَى الحديثَ وهو غيرُ واثقٍ به - لم نقبله
(1)
. وإن كان يتساهل في غير الحديث ويحتاط في الحديث - قُبلت روايته على الأظهر، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله:"في الحديث".
وَشَرَط أبو علي الجبائي العدد في كل خبر
(2)
، وقال كما حكى عنه القاضي عبد الجبار: لا يُقبل في الزنا إلا خبرُ أربعةٍ، كالشهادة عليه
(3)
.
(1)
في (ص)، و (ت):"لم يقبله". وهو خطأ.
(2)
أي: لا بد من رواية عدلين. انظر: المحصول 2/ ق 1/ 599.
(3)
أي: يُشترط في كل رواية من روايات الزنا أربعة رواة، قياسًا على الشهادة عليه.
ونقل القرافي عن كتاب "المحصول في الأصول" لابن العربي
(1)
: أن الجبائي اشترط في قبول الخبر اثنين، وشرط على الاثنين اثنين إلى أن ينتهي الخبر إلى التاسع
(2)
. وهذا الذي قاله مردود بقبول الصحابة خبر العدل الواحد كعمل عليٍّ بخبر المقداد، وتعويلهم على خبر عائشة في التقاء الختانين، وغير ذلك.
واحتج: بأنهم طلبوا العدد في أماكن، فإن أبا بكرٍ رضي الله عنه لم يَقبل خبر المغيرة في الجدة حتى رواه معه محمد بن مَسْلَمة
(3)
، ولم يعمل عمر بخبر أبي موسى في الاستئذان حتى رواه أبو سعيد الخدري
(4)
، وغير ذلك.
والجواب: أنهم لم يطلبوا العدد إلا عند الريبة في صحة الرواية، إما
(1)
هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، أبو بكر بن العربيّ الأندلسيُّ الإشبيليُّ المالكيّ، الإمام الحافظ العلَّامة القاضي. ولد سنة 468 هـ. كان يُقال: إنه بلغ رتبة الاجتهاد. صنف في غير فنٍّ تصانيف مليحة كثيرة، منها:"أحكام القرآن"، "المسالك في شرح موطأ مالك"، "المحصول" في أصول الفقه، "أنوار الفجر" في تفسير القرآن، أتى فيه بكل بديع. توفي بفاس سنة 543 هـ. انظر: سير 20/ 197، الديباج المذهب 2/ 252.
(2)
انظر: نفائس الأصول 7/ 2979.
(3)
سبق تخريجه.
(4)
أخرجه مالك في الموطأ 2/ 964، كتاب الاستئذان، باب الاستئذان، رقم 3. والبخاري في صحيحه 2/ 727، كتاب البيوع، باب الخروج في التجارة، رقم 1956، وفي كتاب الاستئذان، باب التسليم والاستئذان ثلاثًا 5/ 2305، رقم الحديث 5891. ومسلم 3/ 1694 - 1696، في كتاب الآداب، باب الاستئذان، رقم 2153، 2154.
لاحتمال نسيان مَنْ روى
(1)
، أو غير ذلك. وبهذا يحصل الجمع بين قبولهم تارةً ورَدِّهم أخرى. وحَكَى ابن الأثير في "جامع الأصول" أن بعضهم اشترط أربعةً عن أربعة إلى أن ينتهي الإسناد
(2)
(3)
.
قال: (الخامس: شرط أبو حنيفة فِقْه الراوي إنْ خالف القياس. ورُدَّ: بأن العدالة تُغَلِّب ظَنَّ الصدقِ فيكفي).
الراوي لا يُشْترط أن يكون فقيهًا عند الأكثرين، سواء كانت روايته مخالفة للقياس أم لم تكن.
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: يُشترط فقهه إن خالف القياس
(4)
؛ لأن الدليلَ نحو قوله: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ
(1)
في (غ): "يروي".
(2)
انظر: جامع الأصول 1/ 33.
(3)
انظر المسألة في: المحصول 2/ ق 1/ 591 - 593، 599، الحاصل 2/ 797، 799، التحصيل 2/ 130، 132، 136، نهاية الوصول 7/ 2885، 2915، نهاية السول 2/ 150، السراج الوهاج 2/ 765، مناهج العقول 2/ 251، المعتمد 2/ 135، الإحكام 2/ 94، شرح التنقيح ص 368، فواتح الرحموت 2/ 131 شرح الكوكب 2/ 362.
(4)
هذا المنسوب إلى أبي حنيفة رضي الله عنه غير صحيح، بل الصواب أنه مذهب عيسى بن أبان، وأبي زيد الدبوسي، والبزدوي، وأكثر المتأخرين من الحنفية، فإنهم يرون أن خبر الواحد إذا كان راويه عدلًا ضابطًا فقيهًا: فإنه يقدم على القياس مطلقًا. أما رواية العدل غير الفقيه: فإنه يقدم على القياس إذا لم ينسد باب الرأي. أما إذا انسد باب الرأي قُدِّم القياس عليه. وقد اشترط فقه الراوي مالك رضي الله عنه، وأكثر المالكية. =
شَيْئًا}
(1)
، {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}
(2)
، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}
(3)
- ينفي
(4)
جواز العمل بخبر الواحد. خالفناه فيما إذا كان الراوي فقيهًا؛ لأن الاعتماد على روايته أوثق، فوجب بقاء ما عداه على الأصل
(5)
.
ورُدَّ: بأن عدالة الراوي تُغَلِّب ظَنَّ صدقه، والعملُ بالظن واجب كما تقرر، وبقوله صلى الله عليه وسلم: "نَضَّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها
(6)
" إلى قوله: "فربَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيه"
(7)
، فهذا صريح في الباب.
= وحجة مالك رضي الله عنه: أن غير الفقيه يسوء فهمه، فَيَفْهم الحديث على خلاف وضعه، وربما خطر له أن ينقله بالمعنى الذي فهمه معرضًا عن اللفظ، فيقع الخلل في مقصود الشارع، فالحزم أن لا يُروى عن غير الفقيه. انظر: شرح التنقيح ص 369، نشر البنود 2/ 47، إحكام الفصول ص 366، كشف الأسرار 2/ 377، تيسير التحرير 3/ 52، 116، فواتح الرحموت 2/ 144، أصول السرخسي 1/ 338، المحصول 2/ ق 1/ 607، نهاية الوصول 7/ 2920، الإحكام 2/ 94، نهاية السول 3/ 152، السراج الوهاج 2/ 767.
(1)
سورة يونس: الآية 36.
(2)
سورة الإسراء: الآية 36.
(3)
سورة النجم: الآية 28.
(4)
جملة "ينفي" خبر قوله: لأن الدليل.
(5)
أي: وجب بقاء رواية غير الفقيه على الأصل وهو عدم القبول.
(6)
سقطت من (ت).
(7)
أخرجه أحمد في المسند 1/ 437. والترمذي في السنن 5/ 34، كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع، رقم 2656 - 2658. والشافعي في الرسالة ص 401، باب الحجة في تثبيت خير الواحد، رقم 1102. وابن ماجه في السنن =