الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند النهي منهيٌّ عن قصد التقرب بما أُمر به أوَّلًا - إلى الله تعالى، وهو منهيٌ عن أصل فعله أيضًا من غير قصد التقرب"
(1)
(2)
.
فائدة:
الصحيح عند جمهور العلماء أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام، واحتجوا له بأمورٍ كلُّها ظاهرةٌ غيرُ قطعية. واستنبط والدي رضي الله عنه من القرآن دليلًا على ذلك يقارب القطع، أو يقتضي القطع بذلك، لم يسبقه
= وهذا من شرط الشيء في نفسه، وهو محال، أي: محال أن يكون الشيء شرطًا لنفسه؛ إذ الشرط غير المشروط، فلا يتأتى جَعْل الشيء شرطًا لنفسه. هذا معنى ما يفيده كلام القاضي رحمه الله في "التلخيص" 2/ 492 - 494، وإليك بعض كلامه، حيث قال:". . . لا يتصور كونه مأمورًا إلا باتصال الأمر به، فلا معنى لقول القائل: إنه إنما يكون مأمورًا ما دام الأمر متصلًا به، ولا فائدة في جَعْل ذلك شرطًا، فإن كونه مأمورًا عين اتصال الأمر به، فلا فرق بين أن يقول القائل: هو في كونه مأمورًا مشروطًا بكونه مأمورًا، وبين أن يقول: هو في كونه مأمورًا مشروطًا باتصال الأمر به. فهذا إذًا من قبيل شرط الشيء في نفسه، وهو محال غير معقول". التلخيص 2/ 493.
(1)
انظر: التلخيص 2/ 494.
(2)
انظر المسألة الثالثة في: المحصول 1/ ق 3/ 467، الحاصل 1/ 647، التحصيل 2/ 15، نهاية الوصول 6/ 2272، نهاية السول 2/ 562، السراج الوهاج 2/ 651، المستصفى 2/ 52 (1/ 112)، المعتمد 1/ 375، البرهان 2/ 1303، شرح اللمع 1/ 485، الإحكام 3/ 126، المحلي على الجمع 2/ 77، البحر المحيط 5/ 219، شرح التنقيح ص 306، العضد على ابن الحاجب 2/ 190، إحكام الفصول ص 404، تيسير التحرير 3/ 187، فواتح الرحموت 2/ 61، كشف الأسرار 3/ 169، شرح الكوكب 3/ 531، العدة 3/ 807، المسودة ص 207.
إليه أحد: وهو أنَّ البِشارة
(1)
التي وقعت لإبراهيم عليه السلام بالولد مِنَ الله تعالى كانت مرتين:
(2)
، فهذه الآية قاطعة في أن هذا
(3)
المبشَّر به هو الذبيح.
(4)
، فقد صَرَّح في هذه الآية أنَّ المبشَّر به فيها إسحاق، ولم يكن بسؤال
(5)
من إبراهيم عليه السلام، بل قالت امرأته: إنها عجوز، وإنه شيخ. وكان ذلك في الشام لما جاءت الملائكة إليه بسبب قوم لوط، وهو في أواخر أمره
(6)
.
(1)
بكسر الباء، والضم لغة، وإذا أُطلقت اختُصت بالخير. انظر: المصباح المنير 1/ 56.
(2)
سورة الصافات: الآيات 99 - 102.
(3)
لم ترد في (ت)، و (غ).
(4)
سورة هود: الآيتان 71، 72.
(5)
في (ت)، و (ص):"سؤال".
(6)
أي: لما جاءت الملائكة لإهلاك قوم لوط عليه الصلاة والسلام، وكان هذا في أواخر حياة إبراهيم عليه الصلاة والسلام؛ لأن لوطًا عليه الصلاة والسلام من قوم إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فلم يُبعث لوط إلا بعد أن هاجر مع عمه عليهما الصلاة والسلام، ومجيء الملائكة لإهلاك قوم لوط عليه الصلاة والسلام كان في أواخر =
وأما البشارة الأولى لما انتقل من العراق إلى الشام حين كان سنه لا يُستغرب فيه
(1)
الولد، ولذلك سأله
(2)
؛ فعلمنا بذلك أنهما بشارتان في وقتين بغلامين:
إحداهما: بغير سؤال، وهو إسحاق صريحًا.
والثانية: قبل ذلك بسؤال، وهو غيره؛ فقطعنا بأنه إسماعيل، وهو الذبيح
(3)
.
= حياة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما هو صريح آية هود.
(1)
في (ت): "منه".
(2)
أما كون السؤال وقع مبكرًا في السن التي يمكن فيها الولد عادةً - فهذا مسلَّم، لكن لا يُسَلَّم أن البشارة وقعت في ذلك السن، بل صريح القرآن يدل على أن البشارة بإسماعيل عليه الصلاة والسلام متأخرة، مثل البشارة بإسحاق عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} . قال الإمام في التفسير الكبير 19/ 141: "اعلم أن القرآن يدل على أنه تعالى إنما أعطى إبراهيم عليه السلام هذين الولدين - أعني: إسماعيل وإسحاق - على الكبر والشيخوخة". لكن من المقطوع به أن البشارة بإسماعيل هي البشارة الأولى؛ لأن إسماعيل هو الولد الأول إجماعًا.
(3)
ما أجمل كلام الإمام رحمه الله تعالى في "التفسير" حيث قال في الحجة الخامسة للدلالة على أن الذبيح هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام: "حكى الله تعالى عنه (أي: عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} ، ثم طلب من الله تعالى ولدًا يستأنس به في غربته فقال:{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} ، وهذا السؤال إنما يحسن قبل أن يحصل له الولد؛ لأنه لو حصل له ولد واحد - لما طلب الولد الواحد؛ لأن طلب الحاصل محال، وقوله:{هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} =
ولا يَرِد على هذا قولُه: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً}
(1)
، ووجه الإيراد: ذِكْرُ هبة إسحاق بعد الإنجاء؛ لأنا نقول: لما ذَكَر لوطًا
(2)
وإسحاق هو المبشَّر به في قضية لوط - (ناسَبَ ذِكْره)
(3)
، ولم يكن في الآية ما يدل على التعقيب
(4)
(5)
، والبِشارة الأولى لم يكن للوط فيها ذكر. والله أعلم.
= لا يفيد إلا طلب الولد الواحد، وكلمة "من" للتبعيض، وأقل درجات البعضية الواحد، فكأنه قوله:{مِنَ الصَّالِحِينَ} لا يفيد إلا طلب الولد الواحد، فثبت أن هذا السؤال لا يحسن إلا عند عدم كلِّ الأولاد، فثبت أن هذا السؤال وقع حال طلب الولد الأول. وأجمع الناس على أن إسماعيل متقدِّم في الوجود على إسحاق، فثبت أن المطلوب بهذا الدعاء هو إسماعيل، ثم إن الله تعالى ذكر عَقِيبه قصة الذبيح؛ فوجب أن يكون الذبيح هو إسماعيل". التفسير الكبير 26/ 154. وفي الدر المنثور للسيوطي رحمه الله تعالى 7/ 106:"أخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: إن الذي أَمَر اللهُ إبراهيمَ بذبحه من ابنَيْه إسماعيل، وإنا لنجد ذلك في كتاب الله، وذلك أن الله يقول حين فرغ مِنْ قصة المذبوح: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ}، وقال: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} بابن، وابن ابن، فلم يكن يأمر بذبح إسحاق وله فيه موعود بما وعده، وما الذي أُمر بذبحه إلا إسماعيل".
(1)
سورة الأنبياء: الآيتان 71، 72.
(2)
في (ت): "لوط". وعلى هذا تكون الجملة مبنية للمجهول.
(3)
في (ص): "ناسب ذكره ولم يذكره". وهذه الزيادة خطأ فاحش.
(4)
في (ت)، و (غ):"على التعقب".
(5)
لأن البشارة بإسحاق عليه الصلاة والسلام وردت بالواو {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ} ، والواو لمطلق الجمع، فليس فيها إشارة إلى تعقيب البشارة بإسحاق بعد الإنجاء =