الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجب نَصْبُه
(1)
. وعلى التقدير فمتى اتفق المجتهدون فلا بد مِنْ موافقة الإمام لهم، وإلا لم يوجد اتفاق أهل الحل والعقد، وإذا وجد اتفاقٌ قولُ الإمام معهم كان حجة لا من حيث هو بل بواسطة قول الإمام المعصوم.
ولما كان مذهبُهم في أنَّ كل زمان لا يخلو عن إمام معصوم يجب نصبُه - ظاهرَ السخافة، واضحَ الفساد، والاشتغال بتبيين بُطلانه من وظائف علم الكلام - لم يشتغل صاحب الكتاب بردِّه
(2)
.
قال:
(الثالثة: قال مالك: إجماع أهل المدينة حجة
؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إنَّ المدينة لتنفي خَبَثَها" وهو ضعيف).
ذهب الأكثرون إلى أنَّ البقاع لا تُؤثِّر في كون الأقوال حجة، وذهب مالك بن أنس رحمه الله إلى أنَّ إجماع أهل المدينة حجة، فمنهم مَنْ قال: إنما أراد بذلك ترجيح روايتهم على رواية غيرهم
(3)
.
ومنهم مَنْ قال: أراد بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
(4)
.
وقال ابن الحاجب: الصحابةَ والتابعين
(5)
.
(1)
ومع ذلك فإن الإمامية قد أجازوا لإمامهم المعصوم في حال التَّقِيَّة أن يقول: "لست بإمام" وهو إمام، وقد أباحوا له الكذب في هذا مع قولهم بعصمته من الكذب. انظر: الفَرْق بين الفِرَق ص 350.
(2)
انظر: المحصول 2/ ق 1/ 142، نهاية الوصول 6/ 2512.
(3)
انظر: نهاية الوصول 6/ 2579، البحر المحيط 6/ 441.
(4)
انظر: البحر المحيط 6/ 441.
(5)
انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 35، والصحيح عند ابن الحاجب رحمه الله =
وقيل: محمول على المنقولات المُشْتَهَرة
(1)
كالأذان والإقامة دون غيرها
(2)
، وذهب إلى الحمل على هذا القرافي في شرح "المنتخب"
(3)
. وقرر
(4)
الإمام مذهبَ مالكٍ وقال: "ليس يُسْتبعد كما اعتقده جمهورُ أهل الأصول"
(5)
.
قلت: ولا ينبغي أن يُخالَف مالك
(6)
في ذلك إنْ أراد به ترجيحَ روايتهم على رواية غيرهم وكانوا من الصحابة؛ لأنهم شاهدوا التنزيل، وسمعوا التأويل، ولا ريب في أنهم أخَبْرُ بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ضرب من الترجيح لا يُدْفع. ولا ينبغي أن يظن ظانٌّ أنَّ مالكًا رضي الله عنه يقول بإجماع أهل المدينة لذاتها في كل زمان، وإنما هي من زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمان
(7)
= أن إجماع أهل المدينة حجة مطلقًا، أي: بكل أنواعه وصُوَرِه النقلية والاجتهادية.
(1)
هكذا عَبَّر المصنف، ومِثْله الإسنوي في نهاية السول 3/ 264، وعَبَّر آخرون بالمنقولات المستمرة أي: المتكررة الوجود من غير انقطاع. انظر: نهاية الوصول 6/ 2579، تيسير التحرير 3/ 244.
(2)
انظر: نهاية الوصول 6/ 2579، البحر المحيط 6/ 442.
(3)
انظر شرح التنقيح ص 334، و"ترتيب المدارك" 1/ 67 - 75، وانظر أيضًا: الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة ص 207، التلخيص 3/ 113، نيل السول على مرتقى الوصول ص 168، خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة، د. حسان فلمبان، ص 74، 83، 97 - 102، 109.
(4)
في (ت)، و (غ):"وقرب". والمُثْبت يُقارب ما في "المحصول"، إذ قال الإمام:"فهذا تقريرُ قول مالك رحمه الله. . .".
(5)
انظر: المحصول 2/ ق 1/ 235.
(6)
سقطت من (ت).
(7)
في (غ): "زمن".
مالكٍ لم تبرح دارَ العلم، وآثارُ النبي صلى الله عليه وسلم بها أكثر، وأهلُها بها أعرف. إذا
(1)
عُرِف هذا فقد اسْتُدِل على حجية إجماع
(2)
أهل المدينة بما صح وثبت من قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما المدينة كالكير تَنْفي خَبَثَها وتَنْصَعُ طَيِّبَها"
(3)
، والاستدلال بهذا كما ذكره المصنف ضعيف؛ لأن الحمل على الخطأ متعذر؛ لأنا نشاهد صدورَ الخطأ من بعض سكانها، وكونها من أشرف البقاع لا يُوجب عصمةَ ساكنيها
(4)
.
(1)
في (غ): "وإذا".
(2)
سقطت من (ت).
(3)
أخرجه أحمد في المسند 3/ 306، والبخاري في صحيحه 2/ 665، كتاب الحج، باب المدينة تنفي خبثها، رقم 1784، وانظر الأرقام: 6783، 6785، 6790، 6791. ومسلم في صحيحه 2/ 1006، كتاب الحج، باب المدينة تنفي شرارها، رقم 1383. والترمذي 5/ 677، في كتاب المناقب، باب في فضل المدينة، رقم 3920. والنسائي 7/ 151، في كتاب البيعة، باب استقالة البيعة، رقم 4185. فائدة: قال ابن حجر رحمه الله في الفتح 4/ 97: "قوله: (وتنصع) بفتح أوله وسكون النون وبالمهملتين، من النصوع: وهو الخلوص. والمعنى: أنها إذا نفت الخبثَ تميَّز الطِّيبُ واستقر فيها. وأما قوله: (طيبها) فضبطه الأكثر بالنصب على المفعولية، وفي رواية الكُشْمِيهَنيّ بالتحتانية أوله (أي: بالياء، فيقول: ويَنْصَعُ) ورَفْعِ طيِّبِها على الفاعلية. وطيِّبُها للجميع بالتشديد".
(4)
وقد ضَعَّف الاستدلال بهذا الحديث ابنُ الحاجب رحمه الله، وقال الأصفهاني في بيان المختصر 1/ 567: "أجاب المصنف: بأن هذا الاستدلال يعيد؛ فإنَّ الحديث الأول ورد لطائفة كرهوا الإقامة بالمدينة، فيكون نَفْي الخبث إشارةً إلى نفي تلك الطائفة، لا إلى نفي الخطأ. ولأنه لا يدل على أن إجماع أهل المدينة دون غيرهم حجة. ولأن الخبث لا يمكن حملُه على الخطأ بطريق العموم؛ لأنا نقطع بخطأ بعض أهل المدينة، =
وإذا تقرر أنه لا أثر للبقاع عُلم أنَّ إجماع أهل الحرمين مكة والمدينة، والمِصْرين البصرة والكوفة - غيرُ حجة، خِلافًا لمَنْ زَعَم ذلك من المنتمين إلى الأصول
(1)
.
قال القاضي في "مختصر التقريب": "وإنما
(2)
صاروا إلى ذلك لاعتقادهم تخصيصَ الإجماع بالصحابة، وكانت هذه البلاد موطن الصحابة، ما خرج منها إلا الشذوذُ منهم"
(3)
. انتهى. فلا يظنن الظانُّ أن القائل بذلك قال به في كل عصر
(4)
.
قال: (الرابعة: قالت الشيعة: إجماع العِتْرة حجةٌ؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، وهم علي وفاطمة وابناهما رضي الله عنهم؛ لأنها لما نزلت لَفَّ عليه السلام عليهم كساء، وقال: "هؤلاء أهل بيتي"؛ ولقوله عليه السلام: "إني تارك فيكم ما إنْ تمسكتم به لن تضلوا كتابَ الله وعِتْرَتي").
= وإذا لم يُفد العمومَ لم يكن حجة".
(1)
انظر: البحر المحيط 6/ 449، المستصفى 2/ 349 (1/ 187)، الإحكام 1/ 244، نهاية السول 3/ 265.
(2)
في (ت): "فإنما". والمثبت موافق لما في "التلخيص".
(3)
انظر: التلخيص 3/ 113.
(4)
انظر المسألة الثالثة في: الإحكام 1/ 243، نهاية السول 3/ 263، شرح الأصفهاني 2/ 595، كشف الأسرار 3/ 241، أصول السرخسي 1/ 314، تيسير التحرير 3/ 244، الإحكام لابن حزم 1/ 600، المسودة ص 331، المحلي على الجمع 2/ 179، شرح الكوكب 2/ 237.