الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(الفصل الثاني: في الناسخ والمنسوخ
.
وفيه مسائل:
الأولى: الأكثر على جواز نسخ الكتاب بالسنة
، كنسخ الجَلْد في حق المُحْصن. وبالعكس، كنسخ القبلة. وللشافعي رضي الله عنه قولٌ بخلافهما. دليله في الأول: قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا}
(1)
. ورُدَّ: بأن السنة وحيٌ أيضًا وفيهما بقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}
(2)
. وأجيب في الأول: بأن النسخ بيان. وعُورض الثاني بقوله: {تِبْيَانًا}
(3)
).
المراد هنا بالناسخ والمنسوخ: ما يُنْسخ وما يُنْسخ به من الأدلة.
اعلم أنه يجوز نسخ الكتاب به، والسنة المتواترة بها، والآحاد بمثله وبالمتواتر
(4)
. وأما نسخ الكتابِ بالسنة، والسنةِ بالكتاب - فالجمهور
(5)
على جوازه، ووقوعه
(6)
.
(1)
سورة البقرة: الآية 106.
(2)
سورة النحل: الآية 44.
(3)
سورة النحل: الآية 89.
(4)
بلا خلاف في هذه الصور. انظر: التلخيص 2/ 513، المحصول 1/ ق 3/ 495، نهاية الوصول 6/ 2325، شرح التنقيح ص 311، إحكام الفصول ص 417، الإحكام 3/ 146، اللمع ص 59، شرح اللمع 1/ 498، البحر المحيط 5/ 259، أصول السرخسي 2/ 67، فواتح الرحموت 2/ 76، فتح الغفار 2/ 133، شرح الكوكب 3/ 559، نزهة الخاطر 2/ 223، التمهيد للكلوذاني 2/ 368.
(5)
في (غ): "فالجماهير".
(6)
أي: جوازه عقلًا، ووقوعه شرعًا. انظر رأي الجمهور في: الإحكام 3/ 150، شرح التنقيح ص 312، التبصرة ص 264، اللمع ص 59، المستصفى 2/ 99 (1/ 124) =
وذهب ابن سريج كما نقله القاضي عنه في "مختصر التقريب": إلى أنه جائز، ولكن لم يرد
(1)
.
وذهب قومٌ إلى امتناعهما
(2)
، ونُقِل عن الشافعي رضي الله عنه. وقد استنكر
= المحلى على الجمع 2/ 78، البحر المحيط 5/ 261، إحكام الفصول ص 417، بيان المختصر 2/ 542، تيسير التحرير 3/ 202، فواتح الرحموت 2/ 78، أصول السرخسي 2/ 67، العدة 3/ 788، شرح الكوكب 3/ 559، 562، الإحكام لابن حزم 4/ 518. تنبيه: جَوّز الحنفية نسخ الكتاب بالخبر المشهور؛ لأنه في قوة المتواتر من حيث ظهور العمل به من غير نكير، وظهوره يغني الناس عن روايته. انظر: تيسير التحرير 3/ 203، فواتح الرحموت 2/ 80، أصول السرخسي 2/ 67، مناهج العقول 2/ 180.
(1)
انظر: التلخيص 2/ 514 - 515، 520، التبصرة ص 264.
(2)
أما نسخ القرآن بالسنة - فلا يجوز عند الشافعي رضي الله عنه قولًا واحدًا، على ما حكه إمام الحرمين والآمدى وغيرهما، وهو مذهب أكثر أصحابه، وهي الرواية المشهورة عن أحمد رضي الله عنه وعليها أكثر أصحابه. وأما نسخ السنة بالقرآن فللشافعي رضي الله عنه قولان على ما حكاه عامة الأصوليين، وإلى المنع ذهب بعض الشافعية. انظر: نهاية الوصول 6/ 2340، سلاسل الذهب ص 301، شرح اللمع 1/ 499، البرهان 2/ 1307، الإحكام 3/ 150، نهاية السول 2/ 579، شرح الكوكب 3/ 559، العدة 3/ 788، المسودة ص 201. والضمير في قول الشارح:"إلى امتناعهما" يعود إلى الجواز العقلي والوقوع الشرعي. وقد اختُلف في نسبة عدم الجواز العقلي إلى الشافعي رضي الله عنه، فظاهر كلام الآمدي نسبته إليه، وصَرَّح بذلك ابن السمعاني، وسليم في التقريب، وكذلك أبو الحسين البصري، والباجي. انظر: الإحكام 3/ 150، 153، القواطع 3/ 177، المعتمد 1/ 391، 392، إحكام الفصول ص 417، البحر المحيط 5/ 263، 268. قال الزركشي: "مَنْ نقل عنه (أي: عن الشافعي) المنع الشرعي فقط أعظم وأكثر؛ فيرجَّح على نقل هؤلاء، ولو
جماعةٌ من العلماء ذلك من الشافعي حتى قال إلْكيا الهراسي: "هفوات الكبار على أقدارهم، ومَنْ عُدَّ خطؤه عَظُم قدره. وقد
(1)
كان عبد الجبار بن أحمد كثيرًا ما ينصر مذهب الشافعي في الأصول والفروع، فلما وصل إلى هذا الموضع - قال: هذا الرجل كبيرٌ، لكن الحقَّ أكبر منه. قال: والمغالون في حب الشافعي لما رأوا هذا القول لا يليق بعلو قدره، كيف وهو الذي مَهَّد هذا الفن، ورَتَّبه، وأولُ مَنْ أخرجه - قالوا: لا بد وأن يكون لهذا القول مِنْ هذا العظيم مَحْمَلٌ، فتعمقوا في محامِل ذكروها"، وأورد إلكيا بعضَها.
واعلم أنهم صَعَّبوا أمرًا سهلًا، وبالغوا في غير عظيم. وهذا إنْ صح عن الشافعي - فهو غير مستنكر
(2)
، وإن جَبُن جماعةٌ من الأصحاب عن نصرة
(3)
هذا المذهب - فذلك لا يوجب ضعفه. ولقد صَنَّف شيخ الدنيا الإمام
(4)
الجليل أبو الطيب سهل
(5)
ابن الإمام الكبير المتفق على جلالته
= قطعنا النظر عن كلِّ من المقاتلين - لرجعنا إلى قول الشافعي، وقد علمتَ أن كلامه في نفي الجواز الشرعي. . . لا المنع مطلقًا؛ ولهذا احتج بأدلة الشرع". البحر المحيط 5/ 268.
(1)
في (غ): "قال: وقد".
(2)
في (ص): "منكر".
(3)
في (ت): "نصر".
(4)
في (ص): "الشيخ".
(5)
هو سهل بن محمد بن سليمان العِجْليّ، الحنفيّ نسبًا، الشافعي مذهبًا، أبو الطيب الصُّعْلوكيّ. اتفق علماء عصره على إمامته وسيادته، وجمعه بين العلم والعمل، =
وعظمته وبلوغه (في
(1)
العلم المبلغ الذي يتضاءل عنده جماعة من المجتهدين أبي سهل الصُّعْلوكي)
(2)
- كتابًا في نصرة هذا القول، وكذلك الأستاذان الكبيران أبو إسحاق الإسفرايني، وتلميذه أبو منصور البغدادي، وهما من أئمة الأصول والفقه، وكانا من الناصرين لهذا الرأي
(3)
.
قال القاضي في "مختصر التقريب": "واختلف الذين منعوا نسخ القرآن بالسنة: فمنهم مَنْ مَنَعه عقلًا. ومنهم مَنْ قال: يجوز [عقلًا]
(4)
، وإنما امتنع بأدلة السمع". قال القاضي:"وهذا هو الظن بالشافعي مع علو مرتبته في هذا الفن"
(5)
.
ومنهم مَنْ نقل للشافعي في كلٍّ مِنْ نسخ الكتاب بالسنة وعكسه قولين، وهو ما أورده في الكتاب. والرافعي حكى في باب الهدنة
(6)
وجهين
= والأصالة والرياسة، بل عَدَّه بعض العلماء مجدِّد المائة الرابعة. توفي سنة 404 هـ بنَيْسابور. انظر: سير 17/ 207، الطبقات الكبرى 4/ 393.
(1)
في (غ): "من".
(2)
سقطت من (ت).
(3)
قال الزركشي: "وكذلك الشيخ أبو إسحاق المروزي في كتابه "الناسخ"، حكى نَصَّ الشافعي بالمنع وقَرَّره". البحر المحيط 5/ 266.
(4)
في (ت)، و (ص)، و (غ):"سمعًا". وهو خطأ، والمثبت من "التلخيص" 2/ 515.
(5)
هذا هو الصواب في مذهب الشافعي أنه يمنع نسخ القرآن بالسنة من جهة السمع لا من جهة العقل. كذا قال الصيرفي، والشيرازي، وابن بَرْهان، ورجَّحه الزركشي رحمهم الله جميعًا. انظر: شرح اللمع 1/ 501، الوصول إلى الأصول 2/ 43، البحر المحيط 5/ 267 - 268.
(6)
في (ص)، و (غ):"الهدية". وهو خطأ.
في نسخ السنة بالقرآن، أو قولين. التردد منه
(1)
. قال: وينسب المنع إلى أكثر الأصحاب.
فإذا جَرَى الخلاف في نسخ السنة بالقرآن - فليكن في العكس بطريقٍ أولى.
وقال إمام الحرمين: "قَطَع الشافعيُّ جوابَه بأن الكتاب لا يُنسخ بالسنة، وتَرَدَّد قولهُ في نسخ السنة بالكتاب"
(2)
.
قلت: وهذا هو الذي قاله في "الرسالة" فإنه قال في باب
(3)
ابتداء الناسخ والمنسوخ ما نَصُّه: "لا يَنسخ كتابَ الله إلا كتابُه، كما كان المبتدِي بفرضه - فهو المزيل المثبِت لما شاء منه جل ثناؤه، ولا يكون ذلك لأحدٍ من خلقه
(4)
، انتهى. ثم قال ما نصه: وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَنسخها (إلا سنةُ رسول الله)
(5)
صلى الله عليه وسلم. ولو أحدث الله لرسوله في أمرٍ سَنَّ فيه (غيرَ ما سَنَّ فيه)
(6)
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لسنَّ فيما أحدث اللهُ إليه، حتى يُبَيِّن للناس أنَّ له سنةً ناسخة للتي قبلها مما يُخالفها
(7)
. انتهى. ومِنْ صَدْر هذا الكلام أخذ مَنْ نقل عن
(8)
الشافعي أن السنة لا تُنسخ بالكتاب،
(1)
أي: من الرافعي.
(2)
انظر: البرهان 2/ 1307.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
انظر: الرسالة ص 107.
(5)
في "ص": "إلا سنة رسوله". وفي "الرسالة": "إلا سنةٌ لرسول الله".
(6)
سقطت من (ت).
(7)
انظر: الرسالة ص 108.
(8)
سقطت من (ت).
وليس بجيد، وإنما مراد الشافعي رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سَنَّ سنةً ثم أنزل الله في كتابه ما يَنسخ ذلك الحكم - فلا بد أن يسنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم سنةً أخرى موافقةً للكتاب تَنْسخ سنتَه الأُولى؛ لتقوم الحجة على الناس في كل حكم بالكتاب والسنة جميعًا، ولا تكون سنةٌ منفردةٌ تخالف الكتاب. وقولُه: ولو أحدث الله. إلى آخره - صريحٌ في ذلك
(1)
.
وكذلك قوله بعد ذلك ما نصه: فإن قال: هل تُنسخ السنة بالقرآن؟ قيل له: لو نُسخت السنة بالقرآن - كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه
(2)
سنة تبيِّن أن سنتَه الأُولى منسوخةٌ بسنته
(3)
الأخيرة، حتى تقوم الحجة على الناس بأنَّ الشيء يُنسخ بمثله
(4)
. انتهى.
وكذلك ما ذكره بعد ذلك في باب جُمَل الفرائض التي أحكم اللهُ فرضَها بكتابه، وبَيَّن كيف فَرَضها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فإنه قال لما تكلم على صلاة ذات الرقاع ما نصه: وفي هذا دلالةٌ على ما وصفتُ قَبْلُ
(5)
في
(1)
قال الزركشي رحمه الله بعد نقله لكلام الشارح رحمه الله دون عزوه إليه، كما هي عادته:"والحاصل أن الشافعي يشترط لوقوع نسخ السنة بالقرآن سنةً معاضدة للكتاب ناسخة، فكأنه يقول: لا تُنسخ السنة إلا بالكتاب والسنة معًا؛ لتقوم الحجة على الناس بالأمرين معًا، ولئلا يتوهم متوهِّم انفراد أحدهما من الآخر، فإن الكل من الله، والأصوليون لم يقفوا على مراد الشافعي في ذلك، وهذا أدب عظيم من الشافعي رضي الله عنه". البحر المحيط 5/ 275، مع اختصار يسير.
(2)
سقطت من (ص).
(3)
في (ص): "لسنته".
(4)
انظر: الرسالة ص 110.
(5)
في "الرسالة": "قبلَ هذا".
هذا الكتاب مِنْ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا سَنَّ سنةً فأحدث الله في تلك السنة نسخًا، أو مَخْرجًا إلى سَعَةٍ
(1)
منها - سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم (بسنة
(2)
تقوم)
(3)
الحجة على الناس بها، حتى يكونوا إنما صاروا من سنته إلى سنته التي بعدها
(4)
. انتهى.
فهذا هو معنى القول المنسوب إلى الشافعي، أعني: أنه لا بد أن يسن النبي صلى الله عليه وسلم سنةً أخرى، وأكثر الأصوليين الذين تكلموا في ذلك لم يفهموا مراد الشافعي، وليس مراده إلا ما ذكرناه.
واستدل المصنف على كون السنة المتواترة تَنسخ الكتابَ: بأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم المحصن مع شمول آية الجلد له.
وفيه نظر؛ فإن هذا تخصيص لا نسخ. والمصنِّف قد ذكره بعينه مثالًا لتخصيص الكتاب بالسنة.
ثم إنه ثابت بالقرآن الذي نُسخت تلاوته، وهو:"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما"
(5)
.
(1)
في "الرسالة": "سنة".
(2)
في (ص): "سنة". وهو خطأ.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
انظر: الرسالة ص 183 - 184.
(5)
ذكر الجاربردي والأصفهاني والإسنوي والبدخشي اعتراضًا آخر: وهو أن رجم المحصن من قبيل الآحاد، فهو غير المدعى، والأكثر على منع نسخ القرآن بالآحاد.
انظر: شرح الأصفهاني 1/ 479، السراج الوهاج 2/ 665، نهاية السول 2/ 581، مناهج العقول 2/ 180.
واستدل على أن الكتاب يَنسخ السنة: بأن التوجه إلى بيت المقدس كان ثابتًا بالسنة، ثم نُسخ بقوله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}
(1)
.
قوله: "في ليله في الأول"، أي: دليل الشافعي في امتناع نسخ الكتاب بالسنة قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}
(2)
، وقد استدل بها الشافعي رحمه الله في "الرسالة"
(3)
، ويمكن تقرير وجه الدلالة منها بطريقين:
أحدهما
(4)
: أنه تعالى أسند للإتيان بالخير أو المِثْل إلى نفسه، وإنما يكون ذلك إذا كان الناسخ القرآن.
والثاني: أنه تعالى قال: نأت بالخير أو المثل، والسنة ليست خيرًا من الكتاب، ولا مثله؛ فدل على أن
(5)
الإتيان إنما هو بالقرآن.
والجواب: أن السنة مُنَزلةٌ؛ إذ هي حاصلة بالوحي؛ لِقَوْله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}
(6)
، فالآتي بها هو الله تعالى. وأما الخير أو المِثْل فالمراد
(1)
سورة البقرة: الآية 144.
(2)
سورة البقرة: الآية 106.
(3)
انظر: الرسالة ص 108.
(4)
في (ت): "إحداهما". وهذا على تأنيث الطريق. قال في المصباح 2/ 18: "والطريق يذكَّر في لغة نجد، وبه جاء القرآن في قوله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا}، ويؤنَّث في لغة الحجاز".
(5)
سقطت من (ت).
(6)
سورة النجم: الآية 3.
بهما: الأكثر ثوابًا أو المساوي.
ودليل الشافعي فيهما، أي: في نسخ الكتاب بالسنة، وفي عكسه - قولُه تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}
(1)
.
فأما نسخ الكتاب بالسنة: فلأن الآية دلت على أنَّ السنة تبيِّن جميع القرآن، بدليل قوله:{مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}
(2)
(3)
، فلو كانت ناسخة - كانت رافعةً لا مُبَيِّنةً.
وأما نسخ السنة بالكتاب: فلأنها تدل على أن السنة تبيِّن القرآن، فلو كان القرآن ناسخًا للسنة
(4)
- لكان القرآن بيانًا للسنة؛ فيلزم كون كلِّ واحدٍ منهما بيانًا للآخر
(5)
.
وأجيب عن الأول: بأن النسخ لا ينافي البيان، بل هو عينه، بناءً على أنه بيانُ انتهاء الحكم.
وعن الثاني: بقوله تعالى في صفة القرآن: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}
(6)
، فإنه يقتضي أن يكون الكتاب تبيانًا للسنة، كما أن قوله:
(1)
سورة النحل: الآية 44.
(2)
سورة النحل: الآية 44.
(3)
لأن "ما" تفيد العموم.
(4)
في (ص): "بالسنة". وهو خطأ.
(5)
وهذا دور، وهو ممتنع. وهذا الاستدلال فيه نظر؛ لأنه في الأول (نسخ الكتاب بالسنة) جعل البيان غير النسخ، وفي الثاني (نسخ السنة بالكتاب) جعل البيان هو النسخ. وسيأتي اعتراض الشارح بمثل هذا.
(6)
سورة النحل: الآية 89.
{لِتُبَيِّنَ} يقتضي أن تكون السنة مبيِّنةً للكتاب فلما تعارض مقتضاهما
(1)
- لم يكن الاستدلال بواحدٍ منهما أرجحَ مِنْ عكسه.
وفي الاستدلال بقوله: {لِتُبَيِّنَ} على المقامين معًا نظرٌ آخر؛ لأن البيان إن لم يكن مغايرًا للنسخ لم يتجه الاستدلال به
(2)
على امتناع نسخ الكتاب بالسنة، وإنْ كان مغايرًا لم يتجه أن يُستدل به على العكس.
وأورد القرافي على الشافعي: بأن قوله تعالى: {مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} عام في الكتاب وفي السنة؛ وإن السنة مُنَزلة أيضًا، فقد يُفهم من الآية: أنه عليه السلام يُبَيِّن
(3)
القرآن والسنة بغيرهما وهو خلاف الإجماع، فما تدل عليه الآية لا يقولون به، وما يقولون به لا تدل عليه الآية
(4)
.
وقد يجاب عن هذا: بأن الآية إنما تدل على أنه يبيِّنهما لا تعرض لها المُبَيَّن به، ولعل المُبَيَّن به منهما أو من أحدهما، على أنَّ هذا كله خلاف ما يقتضيه ظاهر الآية وسياقها، فإن المفهوم منها أن التبيين هو التفهيم لا النسخ
(5)
.
(1)
وهو كون آية: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} تدل على أن السنة مبيِّنة لجميع القرآن، والآية الأخرى تدل على أن القرآن مبيِّنًا لجميع السنة.
(2)
أي: بالبيان في قوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ} .
(3)
في (غ): "بين".
(4)
انظر: نفائس الأصول 6/ 2488.
(5)
انظر المسألة الأولى في: المحصول 1/ ق 3/ 508، الحاصل 2/ 657، التحصيل 2/ 23، نهاية الوصول 6/ 2339، نهاية السول 2/ 578، السراج الوهاج 2/ 664، شرح الأصفهاني 1/ 477، مناهج العقول 2/ 179، الإحكام 3/ 150، المستصفى 2/ 99 =