المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الثالثة: يجوز الاتفاق بعد الاختلاف خلافا للصيرفي - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٥

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الباب الرابع: في المجمل والمبين

- ‌اللفظ المجمل إما أن يكون مجملًا

- ‌فوائد:

- ‌(الثانية: قالت الحنفية: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ}(1)مجمل

- ‌(الثالثة: قيل: آية السرقة مجملة

- ‌(الفصل الثاني: في المبيَّن

- ‌تنبيهان:

- ‌ قد يكون بالقول وذلك بالاتفاق(4)، وقد يكون بالفعل

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌ تأخير البيان عن وقت الحاجة

- ‌فائدتان:

- ‌فائدة

- ‌(الفصل الثالث: في المبيَّن له

- ‌(الباب الخامس: في الناسخ والمنسوخ

- ‌ الأولى: أنه واقع وأحالته اليهود

- ‌(الثانية: يجوز نسخ بعض القرآن

- ‌(الثالثة: يجوز نسخ الوجوب قبل العمل خلافًا للمعتزلة)

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌(الرابعة: يجوز النسخ بلا بدل

- ‌فائدة:

- ‌يجوز نسخ الحكم دون التلاوة

- ‌فرع:

- ‌(السادسة: يجوز نسخ الخبر المُسْتَقبل

- ‌(الفصل الثاني: في الناسخ والمنسوخ

- ‌ الأولى: الأكثر على جواز نسخ الكتاب بالسنة

- ‌(الثانية: لا يُنسخ المتواتر بالآحاد

- ‌(الثالثة: الإجماع لا يُنسخ

- ‌(الرابعة: نسخ الأصل يستلزم نسخ الفحوى

- ‌(الخامسة: زيادة صلاة ليس بنسخ

- ‌ زيادة العبادة المستقلة. أما زيادة غير(2)المستقلة، كزيادة ركعة أو ركوع

- ‌(الكتاب الثاني: في السنة

- ‌(الأولى: في عصمة الأنبياء(2)عليهم الصلاة والسلام)

- ‌(الثانية: فِعْله المجرد يدل على الإباحة عند مالك

- ‌ بيان الطرق التي تُعرف(1)بها الجهةُ

- ‌(الرابعة: الفعلان لا يتعارضان

- ‌(الخامسة: أنه عليه السلام قبل النبوة تُعُبِّد(1)(2)بشرع، وقيل: لا)

- ‌الأول: فيما كان صلى الله عليه وسلم عليه قبل أن يبعثه الله تعالى برسالته

- ‌البحث الثاني: في أنه صلى الله عليه وسلم هل تُعُبِّد بعد النبوة بشرعِ مَنْ قبله:

- ‌فروع:

- ‌فائدة:

- ‌(الباب الثاني: في الأخبار

- ‌(الفصل الثاني: فيما عُلِم كذبه

- ‌(الفصل الثالث: فيما ظُنَّ صدقه

- ‌أحدهما: في وجوب العمل بخبر الواحد

- ‌(الطرف(1)الثاني: في شرائط(2)العمل به

- ‌فائدة:

- ‌ أحكام التزكية

- ‌(الأولى: شُرِط العدد في الرواية والشهادة

- ‌فائدة

- ‌ الثاني: فأن لا يخالفه قاطع

- ‌ الثالث مِنْ شرائط العمل بخبر الواحد: وهو الكلام في الخبر

- ‌الأولى: في بيان ألفاظ الصحابي ومراتِبها

- ‌(الثانية: لغير الصحابي أن يروي إذا سمع الشيخ أو قرأ عليه

- ‌الأولى: أن يسمع من لفظ الشيخ

- ‌الثانية: أن يقرأ عليه

- ‌الثالثة: أن يقرأ على الشيخ

- ‌الرابعة: أن يقرأ على الشيخ ويقول له: هل سمعته؟ فيسكت الشيخ

- ‌الخامسة: أن(4)يكتب الشيخ إلى شخص:

- ‌السادسة: أن يشير الشيخ

- ‌السابعة: الإجازة

- ‌(الثالثة: لا يقبل المُرْسل خلافًا لأبي حنيفة ومالك)

- ‌(الرابعة: يجوز نَقْل الحديث بالمعنى خلافًا لابن سيرين

- ‌فائدة:

- ‌(الخامسة: إن زاد أحد الرواة وتعدد المجلس قُبِلت

- ‌(الكتاب الثالث: في الإجماع

- ‌ الباب الأول: في بيان كونه حجة

- ‌الأولى: قيل: محال كاجتماع الناس في وقتٍ واحد على مأكولٍ واحد

- ‌ الإجماع حجةٌ شرعية يجب العمل به

- ‌(الثالثة: قال مالك: إجماع أهل المدينة حجة

- ‌ إجماع أهل البيت

- ‌(الخامسة: قال القاضي أبو خازم: إجماع الخلفاء الأربعة حجة

- ‌الإجماع وإن كان حجة لكن لا يستدل به على جميع الأحكام

- ‌(الباب الثاني: في أنواع الإجماع

- ‌الأولى: إذا اختلفوا على قولين فهل لمَنْ بعدهم إحداث ثالث

- ‌(الثانية: إذا لم يفصلوا بين مسألتين فهل لمَنْ بعدهم التفصيل

- ‌فائدة:

- ‌(الثالثة: يجوز الاتفاق بعد الاختلاف خلافًا للصيرفيّ

- ‌(الرابعة: الاتفاق على أحدِ قولي الأولين

- ‌(الخامسة: (إذا اختلفت الأمة)(3)على قولين فماتت إحدى الطائفتين - يصير قول الباقين حجة؛ لأنهم كل الأمة)

- ‌(السادسة: إذا قال البعض وسكت الباقون - فليس بإجماعٍ ولا حجة

- ‌(الباب الثالث: في شرائطه

- ‌الأولى: أن يكون فيه قول كلِّ عالمي ذلك الفن

- ‌(الثانية: لا بد له من سند؛ لأن الفتوى بدونه خطأ

- ‌(الثالثة: لا يُشترط انقراض المُجْمِعين

- ‌(الرابعة: لا يُشترط التواتر في نقله كالسنة)

- ‌(الخامسة: إذا عارضه(8)نصٌّ أُوِّل القابلُ له(9)، وإلا تساقطا

الفصل: ‌(الثالثة: يجوز الاتفاق بعد الاختلاف خلافا للصيرفي

وأضرب الإمام عن الجواب عن هذا لوضوحه، وأجاب عنه

(1)

المصنف: بأن قول الثوريِّ ليس حجةً علينا.

وقد يجاب أيضًا: بأنهم لم ينصوا في هذه الصورة على عدم الفرق أو اتحاد الجامع، وبأنَّ فتيا الثوري بذلك لعلها قبل استقرار المجمِعين على القولَيْن المطلقين

(2)

.

قال: ‌

‌(الثالثة: يجوز الاتفاق بعد الاختلاف خلافًا للصيرفيّ

. لنا: الإجماع على الخِلافة بعد الاختلاف. وله: ما سبق).

للمسألة تشعب (في النظر)

(3)

، وشفاء الغليل فيها أن يقال: هل يجوز أن يُجْمع على شيء سبق خلافه، وذلك على حالتين

(4)

:

الأولى: ولا تعرض في الكتاب لها، أنه هل يجوز انعقاد الإجماع بعد إجماعٍ على خلافه

(5)

؟ ذهب الأكثرون إلى المنع، وذهب أبو عبد الله

(1)

سقطت من (ص).

(2)

انظر المسألة الثانية في: المحصول 2/ ق 1/ 183، الحاصل 2/ 698، التحصيل 2/ 59، نهاية الوصول 6/ 2534، نهاية السول 3/ 275، شرح الأصفهاني 2/ 609، البحر المحيط 6/ 521، شرح التنقيح ص 327، كشف الأسرار 3/ 236، فواتح الرحموت 2/ 236، تيسر التحرير 3/ 251 - 252، المسودة ص 327، شرح الكوكب 2/ 267.

(3)

سقطت من (ت).

(4)

في (ت): "حالين".

(5)

المسألة مفروضة في إجماع أهل عَصْرين، لا في إجماعَيْن لأهل عصر واحد، وذلك بأن يُجمعوا أولًا ثم يتراجعوا، أو يتراجع بعضُهم، فهذه مسألة أخرى مبنية على =

ص: 2089

البصريّ إلى الجواز

(1)

. قال الإمام: "وهو الأَوْلى؛ لأنه لا امتناع في إجماع الأمة على قولٍ بشرط أن لا يطرأ عليه إجماع آخر، ولكن لما اتفق أهل الإجماع على أن كل ما أجمعوا عليه فإنه يجب العمل به في كل الأعصار - أَمِنَّا مِنْ وقوع هذا الجائز"

(2)

.

الثانية: أن يختلف أهل العصر على قولين في مسألة

(3)

ثم يقع الإجماع على أحدهما، فللخلاف حالتان:

إحداهما: أن لا يستقر

(4)

ولم يتعرض لها الآمديُّ في "الإحكام"،

= اشتراط انقراض العصر في صحة الإجماع أم لا. انظر: البحر المحيط 6/ 501 - 502.

(1)

انظر: نهاية الوصول 6/ 2670، المعتمد 2/ 37، المحلي على الجمع 2/ 200، البحر المحيط 6/ 502، شرح الكوكب 2/ 258.

(2)

هذا الاستدلال ذكره الإمام رحمه الله دليلًا لأبي عبد الله البصرى لا دليلًا من الإمام، وقول الإمام:"وهو الأولى" محلُّها في "المحصول" في آخر المسألة إذ قال فيه 2/ ق 1/ 301: "والقول الأول عندنا أولى"، ويعني بالأول قولَ أبي عبد الله البصري رحمه الله، فتقديم هذه الكلمة مِنْ تصرف الشارح، فحصل وَهْمٌ أن هذا الدليل من الإمام. انظر: المحصول 2/ ق 1/ 300 - 301، والدليل بمعناه موجود في المعتمد 2/ 37. وانظر نهاية الوصول 6/ 2670. وانظر: البحر المحيط 6/ 502. وانظر: المعتمد 2/ 37.

(3)

في (ت): "المسألة".

(4)

وذلك بأن يكون المجتهدون في مُهلة النظر، ولم يستقر لهم قول، كخلاف الصحابة لأبي بكرٍ رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة، وإجماعهم بعد ذلك. انظر: البحر المحيط 6/ 503، شرح اللمع 2/ 734.

ص: 2090

فالجمهور على جواز وقوع الإجماع بعده، وخالف أبو بكر الصيرفيُّ، كما اقتضاه إطلاق الإمام وشيعته

(1)

.

والثانية: أن يستقر ويمضي أصحاب الخلاف عليه مدة. وفيه مسألتان:

إحداهما: إذا اختلف أهل العصر على قولين - فهل يجوز لأهل ذلك العصر بعينهم بعد استقرار الخلاف الاتفاقُ على أحد القولين، والمنعُ من المصير إلى القول الآخر؟

فيه خلافٌ ينبني على اشتراط انقراض العصر في الإجماع، فإن اشترطناه جاز بلا نظر

(2)

. وإلا ففيه مذاهب:

أحدها: وهو اختيار الإمام أنه لا يجوز مطلقًا

(3)

.

(1)

قال الزركشيُّ في البحر 6/ 503: "وحكى الهنديُّ تبعًا للإمام أن الصَّيْرفيَّ خالف في ذلك، ولم أره في كتابه، بل ظاهر كلامه يُشعر بالوِفاق في هذه المسألة". وحكى الشيرازي الإجماع على جواز الإجماع بعد الخلاف غير المستقر، وأنه يرتفع به الخلاف في المسألة، فتصير إجماعية اتفاقًا. انظر: اللمع ص 93، شرح اللمع 2/ 734 - 736، المحصول 2/ ق 1/ 190، الحاصل 2/ 700، التحصيل 2/ 61، نهاية الوصول 6/ 2540.

(2)

أي: جاز قطعًا؛ لأن الخلاف المتقدم لا يُعَدُّ إجماعًا؛ لعدم تحقق شرطه. فالحنابلة مثلًا يشترطون انقراض العصر لتحقق الإجماع، فهم يُجيزون الإجماع بعد الخلاف المستقر. انظر: المحصول 2/ ق 1/ 205، شرح الكوكب 2/ 276.

(3)

أي: لا يجوز أن يُجمعوا بعد تقدم الخلاف واستقراره. وبه قال القاضي أبو بكر، والغزاليّ. انظر: التلخيص 3/ 79 - 80، المستصفى 1/ 205 - 210. وما نسبه الشارح رحمه الله إلى الإمام وَهَمٌ؛ لأن الإمام يقول بالجواز، ولعل الذي =

ص: 2091

والثاني: وهو اختيار الآمديّ - عكسه

(1)

.

والثالث: يجوز إن كان مستندُ اتفاقِهم على الخلاف القياسُ والاجتهاد، لا دليلٌ قاطع

(2)

.

= أوقع الشارح رحمه الله في هذا الوَهَم عدمُ التنبه لمرجع الضمير في كلام الإمام رحمه الله. يقول الإمام: "وأما مَن لم يعتبر الانقراض فقد اختلفوا: فمنهم: مَنْ أحال وقوعه. (أي: أحال وقوع الإجماع بعد الخلاف). ومنهم: مَنْ جَوَّزه، وزعم أنه لا يكون حجة. (أي: جَوَّز الوقوع، ولكنه لا يكون حجة؛ لأنه مسبوق بالإجماع على الخلاف). ومنهم: مَنْ جعله (وهو الإجماع بعد الخلاف) إجماعًا يحرم خلافُه. وهو المختار". المحصول 2/ ق 1/ 205. فقول الإمام: "ومنهم: مَنْ جعله" لعل الضمير التبس على الشارح بأنه يعود إلى الخلاف، وأنه إجماع يحرم مخالفته بالاتفاق. واستدلال الإمام رحمه الله على قوله المختار يدل على المعنى المشار، قال الإمام:"لنا: ما تقدم من أنَّ الصحابة - رضوان الله عليهم - اختلفوا في الإمامة، ثم اتفقوا بعد ذلك عليها. وإذا ثبت وقوعُه وجب أن يكون حجة. . .". المحصول 2/ ق 1/ 206. وقد ذهب شيعة الإمام إلى القول بالجواز، ولم يحكوا عن الإمام أنه يقول بغير ذلك. انظر: الحاصل 2/ 704، التحصيل 2/ 63، نهاية الوصول 6/ 2551 - 2552. وقد نسب الزركشيّ رحمه الله القول بالجواز إلى الإمام والآمديّ رحمهما الله. انظر: البحر المحيط 6/ 504، وكذا الإسنوي نسب الجواز إلى الإمام وأتباعه وابنِ الحاجب. انظر: نهاية السول 3/ 284. والشارح نسب الجواز إلى الآمديّ في القول الثاني. تنبيه: نسب محقِّق كتاب "التلخيص" القولَ بعدم الجواز إلى الإمام، والقول بالجواز إلى الآمديّ. وظاهرٌ أنه تَابَع في هذا العَزْوِ الشارحَ؛ لأنه ذكر "الإبهاج" في ضمن المراجع. انظر: التلخيص 3/ 81.

(1)

انظر: البرهان 1/ 710، البحر المحيط 6/ 504.

(2)

انظر: نهاية الوصول 6/ 2552، البحر المحيط 6/ 504، المحلي على الجمع 2/ 185، المستصفى 1/ 206 - 207.

ص: 2092

المسألة الثانية: إذا اختلفوا على قولين ومضوا على ذلك - فهل يُتَصَوَّر انعقاد إجماع العصر الثاني بعدهم على أحدهما، حتى يمتنع المصير إلى القول الآخر؟

ذهب الشيخ أبو الحسن الأشعريُّ، وأحمد بن حنبل، والصيرفيُّ، وإمام الحرمين، والغزاليُّ - إلى امتناعه. واختاره الآمديّ

(1)

.

وذهب الجمهور إلى الجواز

(2)

، وتبعهم ابن الحاجب

(3)

.

(1)

وهو قول أكثر الشافعية وأكثر الأشعريّة، وأصح القولين عن الشافعيّ رضي الله عنه. قال إمام الحرمين رحمه الله:"ومن العبارات الرشيقة للشافعيِّ أنه قال: المذاهب لا تموت بموت أصحابها". البرهان 1/ 715. ونسب القاضي أبو بكر هذا المذهب إلى الأكثرين، كما في التلخيص 3/ 79. قال الزركشي في البحر 6/ 508: "ونقله القاضي في "التقريب" عن جمهور المتكلمين والفقهاء، قال: وبه نقول". وهو قول عامة أصحاب الحديث، وعامة الحنابلة. انظر: التبصرة ص 378، البرهان 1/ 714، المستصفى 1/ 203، التلخيص 3/ 79 - 80، البحر المحيط 6/ 507 - 508، الإحكام 1/. . .، نهاية السول 3/ 288، كشف الأسرار 3/ 247، شرح الكوكب 2/ 272، المسودة ص 325.

(2)

هو مذهب جمهور المالكية، وأكثر الحنفية، وبعض الشافعية كأبي الطيب الطبريّ، والرازيِّ وأتباعه، وأبي الخطاب والطوفيّ من الحنابلة، وابن حزم، وأبي الحسين البصريِّ، وأكثر المعتزلة. ونسبه الآمديّ إلى أكثر الشافعية. انظر: شرح التنقيح ص 328، إحكام الفصول ص 492، أصول السرخسي 1/ 319، كشف الأسرار 3/ 247، 249، تيسير التحرير 3/ 232، الإحكام 1/. . .، الإحكام لابن حزم 1/ 560، المحصول 2/ ق 1/ 300، الحاصل 2/ 701، التحصيل 2/ 61، نهاية الوصول 6/ 2543 - 2544، التمهيد لأبي الخطاب 3/ 297، مختصر الطوفي ص 135، المعتمد 2/ 38.

(3)

انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 41.

ص: 2093

إذا عرفت ذلك فاستدل المصنف على جواز وقوع الإجماع بعد الاختلاف باتفاق الصحابة على إمامة أبي بكر بعد اختلافهم فيها، وهو دليل على المسألة الأولى

(1)

.

ومثله الاستدلال بإجماعهم على دفنه صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة بعد اختلافهم.

ولك أن تمنع أنّ كلًا منهم

(2)

كان جازمًا بمقالته، وتقول

(3)

: إنما كان اختلافهم على سبيل المشورة، ولم يستقر لأحدٍ منهم الجزمُ بشيء

(4)

.

واسْتُدِل للمسألة الثانية: باتفاق التابعين على المنع مِنْ بيع أمهات الأولاد بعد اختلاف الصحابة فيه

(5)

.

قوله: "وله: ما سبق"، أي: وللصيرفيِّ ما سبق في مَنْع إحداث قولٍ ثالث. وتقريره: أنَّ اختلافهم إجماعٌ على جواز الأخذ بأيِّ

(1)

وهي أن يتفق أهل العصر الواحد بعد استقرار خلافهم.

(2)

في (ص): "منهما". وهو خطأ؛ لأن الضمير يعود إلى الصحابة.

(3)

في (ص): "ونقول".

(4)

انظر: نهاية السول 3/ 285.

(5)

أخرج أحمد في مسنده 3/ 321، حديث جابر رضي الله عنه أنه قال:"كنا نبيع سرارينا أمهاتِ أولادنا والنبي صلى الله عليه وسلم فينا حيٌّ لا يرى بذلك بأسًا". وأخرجه ابن ماجه 2/ 841، كتاب العتق، باب أمهات الأولاد، رقم 2517. وبمعناه أخرجه أبو داود 4/ 263 - 264، كتاب العتق، باب في عتق أمهات الأولاد، رقم 3954. والحاكم في المستدرك 2/ 18 - 19، كتاب البيوع، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.

ص: 2094

قولٍ كان، فلو انعقد الإجماع الثاني لامتنع الأخذ بما أجمعوا على جواز الأخذ به، فلزم رفع الإجامع بالإجماع.

وجوابه: ما سبق أنهم إنما جوزوا بشَرْط أن لا يحصل إجماع. والله أعلم.

وأنتَ إذا انتهى بك التفهمُ فيما أوردناه إلى هنا - علمت أنَّ المسألة في كلام صاحب الكتاب غير مختصة بما إذا أجمع أهل ذلك العصر الذين أجمعوا بعينهم، بل هي أعم من المسألتين، ولم تَغْتَرِرْ بتخصيص بَعض الشارحين لها بالمسألة الأولى

(1)

، مغترًا باقتصار المصنف في

(2)

الدليل على مثالٍ وَقَع الإجماع في صورته

(3)

بعد الاختلاف - ممن

(4)

حصل منهم الاختلاف

(5)

(6)

.

(1)

أي: بمسألة إجماع أهل العصر بعينهم بعد اختلافهم، ومن الشارحين الذين خصوا المسألة بها الإسنوي، والجاربردي، والأصفهاني. انظر: نهاية السول 3/ 281، السراج الوهاج 2/ 820، شرح الأصفهاني على المنهاج 2/ 612.

(2)

في (ص): "من".

(3)

أي: صورة المثال.

(4)

الجار والمجرور مُتَعَلَّق للفعل "وقع".

(5)

والإمام رحمه الله ذكر للمسألة المثالين: مثال إجماع الصحابة على الإمامة بعد اختلافهم فيها، ومثال اتفاق التابعين على المنع من بيع أمهات الأولاد بعد اختلاف الصحابة فيها. فدلَّ هذا على صحة ما قاله الشارح. انظر: المحصول 2/ ق 1/ 190 - 191.

(6)

انظر المسألة الثالثة في: 2/ ق 1/ 190، الحاصل 2/ 700، التحصيل 2/ 61، نهاية الوصول 6/ 2540، نهاية السول 3/ 281، السراج الوهاج 2/ 820، الوصول =

ص: 2095