الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال القاضي: "ويدل عليه: أنه جَمَع الأنبياء عليهم السلام في هذه الجملة، ونحن نعلم أنهم لا يجتمعون في قضية الشريعة، والذي اجتمعوا عليه هو التوحيد ومعرفة الله تعالى، وأمثال ذلك.
فإن قلت: لئن استقام لكم ذلك في هذه الآية التي صيغتها تعميمٌ في أحوال الأنبياء - فلا يستقيم في الآية المنطوية على تخصيص إبراهيم عليه السلام بالاتباع، ونحن نعلم أن التوحيد لا يختص به فيتعين حمل هذه الآية على الشريعة التي اختُصت بإبراهيم عليه السلام.
قلت: أجاب القاضي: بأنه كما خصص إبراهيم خصص نوحًا، ونحن نعلم اختلاف مِلَّتَيْهما، واستحالة الجمع بينهما (جملة، فدل ذلك على أنه لم يُرِد اتباع الشريعة، وإنما خَصَّص مَنْ خصص)
(1)
بالذكر تكريمًا له وتعظيمًا. قال: "وهذا كقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ}
(2)
مع اندراجهما في اسم النبيين، ونظائر ذلك يكثر في الكتاب العزيز"
(3)
.
فروع:
الأول: إنْ قلنا: إنَّ شرع مَنْ قبلنا شَرْعٌ لنا: فالاختلافُ السابق في البحث الأول: أنه هل هو شرع آدم، أو نوح، أو
(1)
سقطت من (ت).
(2)
سورة الأحزاب: الآية 7.
(3)
انظر: التلخيص 2/ 268 - 270، مع بعض التصرف من الشارح.
إبراهيم، أو موسى، أو عيسى عليهم السلام جارٍ ههنا بعينه
(1)
.
الثاني: إذا وجدنا حيوانًا لا يمكن معرفة حكمه من كتابٍ
(2)
، ولا سنة، ولا استطابة
(3)
(ولا استخباث)
(4)
، ولا غير ذلك مما قرره علماء شريعتنا من المآخذ، وثبت تحريمه في شرع مَن قبلنا - فهل يستصحب تحريمه؟ فيه قولان: الأظهر أنَّا لا نستصحب، وهو قضية كلام عامة الأصحاب. فإن استصحبناه فشرطه أن يثبت تحريمه في شرعهم بالكتاب، أو السنة، أو يشهد به عدلان أسلما منهم، يعرفان المُبَدَّل مِنْ غيره. كذا ذكره أصحابنا
(5)
. ويَخْدِشه ما سلف عن القرافي.
الثالث: اختلف الفقهاء في أن الإسلام هل هو شرطٌ في الإحصان أم
(1)
قال القرافي في نفائس الأصول 6/ 2370 - 2371: "نقل المازَري الخلافَ بعينه في المسألتين، وعَيَّن الأنبياء بعينهم في الحالين، فلا تظنن أن النقل غلط، وكذلك القاضي عبد الوهاب في "الملخص" وزاد في النقل فقال: من الناس من قال: كان متعبَّدًا بشريعة كلِّ نبي تقدَّمه إلا ما نُسخ أو دُرس، وهذا لم ينقله المصنِّف (أي: الرازي رحمه الله مع أنه هو غالب أحوال الفقهاء في المبحث إذا قالوا: شَرْع مَنْ قبلنا شرعٌ لنا - لا يعنون نبيًا معيَّنًا". وانظر: شرح التنقيح ص 300.
(2)
في (ت): "كتاب الله".
(3)
أي: تستطيبه النفس وتشتهيه. انظر: كفاية الأخيار 2/ 141، نهاية المحتاج 8/ 141 - 142.
(4)
في (ص): "ولا استحباب".
(5)
نقل الشارح رحمه الله المسألة من "المجموع"، وتتمة كلام النووي رحمه الله تعالى:"قال الماوردي: فعلى هذا لو اختلفوا - اعتُبر حُكْمه في أقرب الشرائع إلى الإسلام وهي النصرانية. وإن اختلفوا - عاد الوجهان عند تعارض الأشباه، أصحهما الحِلُّ، والله سبحانه أعلم". المجموع 9/ 27، وانظر المسألة في: كفاية الأخيار 2/ 142.