الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رِفاعة
(1)
عن أبي خَلَف الأعمى
(2)
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أمتي لا تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم الحق وأهله" هذا لفظه. وأهل الحق هم جميع الأمة. ولا أعلم لهذا الحديث طريقًا غير الذي
(3)
ذكرت، ومُعَان
(4)
(وأبو خَلَف ضعيفان.
قال:
(الثانية: لا بد له من سند؛ لأن الفتوى بدونه خطأ
. قيل: لو كان فهو الحجة. قلنا: يكونان
(5)
دليلين. قيل: صَحَّحوا بيعَ المراضاة بلا دليل. قلنا: لا بل تُرِك اكتفاءً بالإجماع).
رُبَّ مُتراشِقٍ في اللفظ
(6)
يعبِّر عن المسألة: بأنَّ الإجماع لا بد فيه من توقيف. وقيل: قد يقع عن توفيق
(7)
.
(1)
قال ابن حجر رحمه الله في التقريب ص 537، رقم 6747:"مُعَان، بضم أوله وتخفيف المهملة، ابن رفاعة السَّلَامي، بتخفيف اللام، الشامي. لين الحديث كثير الإرسال، من السابعة، مات بعد الخمسين. ق." أي: مات بعد سنة 150 هـ، وأخرج له ابن ماجه في السنن.
(2)
قال ابن حجر في التقريب ص 637، رقم 8083:"أبو خلف الأعمى، نزيل الموصل، خادم أنس، قيل: اسمه حازم بن عطاء. متروك، ورماه ابن معين بالكذب، من الخامسة. ومَن زعم أنه مروان الأصفر، فقد وهم، ومروان أيضًا يُكْنى أبا خلف فيما قال مسلم، والله أعلم. ق".
(3)
في (غ): "التي".
(4)
في (ص): "ومعاذ".
(5)
في (ص)، و (غ):"قد يكونان". وهو خطأ.
(6)
أي: ربَّ رشيقِ اللفظ، يعني: حَسَنِه.
(7)
في (ص): "توقيف". وهو خطأ.
واشتراط السند في الإجماع هو الذي عليه الجماهير
(1)
.
وقال قوم
(2)
: يجوز أن يوفقهم الله تعالى لاختيار الصواب من غير توقيفٍ على مُسْتندٍ، لكن سَلَّموا أنَّ ذلك غير واقع، كما ذكر الآمدي
(3)
.
لنا: أن الفتوى في الدين بغير دلالة أو أمارة
(4)
(5)
خطأ، فلو اتفقوا عليه كانوا مجمعين على الخطأ، وذلك يقدح في الإجماع.
واعترض الآمدي على هذا الدليل: بأنه إنما يكون خطأ إذا لم تتفق الأمة عليه، أما إذا اتفقت عليه فلا نسلم أنه خطأ؛ وذلك لأن مَنْ يجوِّز ذلك مع القول بعصمة الأمة عن الخطأ، يمنع أن يكون ذلك خطأ عند الاتفاق
(6)
.
(1)
من الأئمة الأربعة وغيرهم. انظر: الإحكام 1/ 261، البحر المحيط 6/ 397، كشف الأسرار 3/ 263، تيسير التحرير 3/ 254، شرح التنقيح ص 239، إحكام الفصول ص 458، شرح الكوكب 2/ 259.
(2)
وهي طائفة شاذّة من المتكلمين. انظر: الإحكام 1/ 261، المعتمد 2/ 56، نهاية الوصول 6/ 2633، المسودة ص 330، شرح الكوكب 2/ 259.
(3)
انظر: الإحكام 1/ 261. قال الزركشي: "وذكر الآمديُّ أنَّ الخلاف في الجواز لا في الوقوع، وليس كما قال، فإن الخصوم ذكروا صورًا، وادَّعَوْا وقوعَ الإجماعِ فيها من غير مُستند". البحر المحيط 6/ 397 - 398.
(4)
في (ت): "وأمارة".
(5)
قال القرافي في شرح التنقيح ص 239: "والمراد بالدلالة: ما أفاد القطع. وبالأمارة: ما أفاد الظن؛ لأن الدليل والبرهان موضوعان في عُرف أرباب الأصول لما أفاد علمًا، والأمارةَ لما أفاد الظن. والطريقُ صادق على الجميع؛ لأن الأولَيْن طريق إلى العلم، والثالث طريق إلى الظن".
(6)
انظر: الإحكام 1/ 262.
وحاول الشيخ صفي الدين الهنديُّ ردَّ هذا الاعتراض فقال: "القول في الدين بغير دليلٍ وأمارة باطل في الأصل، ولذلك
(1)
لو لم يحصل الإجماع عليه كان ذلك باطلًا وفاقًا، والإجماع لا يُصَيِّر الباطل حقًا، بل غاية
(2)
تأثيره (أن يَصير المظنونُ حقًا) "
(3)
.
قلت: وفيه نظر، فقد يقال: يتبين بحصول الإجماع بعد ذلك أنَّ القول في الأصل كان حقًا هذا إذا وقع قولهم مترتبًا. وإن وقع دفعةً واحدة فلم يقع إلا حقًا.
ثم إنَّ القائل بغير اجتهادٍ قَبْل حصول الإجماع على قوله لا نقول: إنه مخطئ فيما قاله ولا مصيب، بل مخطئ في كونه قال بدون اجتهاد، وهذا الخطأ لا يزول بإجماعهم بعد ذلك على قوله. وأما المقول فيحتمل أنه أخطأ فيه، ويحتمل أنه أصاب. وهذا التردد يزول بالإجماع بعد ذلك على قوله، ويُعْلم أنه كان مصيبًا.
فإن قلت: إذا كان كل فرد منهم أخطأ في كونه قال - فيلزم خطأ المجموع في كونهم قالوا، وهو محذور.
قلت: القائل الأخير منهم الذي بقوله يحصل الاتفاق ويتكمل
(4)
الإجماع ليس مخطئًا في كونه قال. وهذا إذا وقع مترتبًا، فإنْ وقع دفعةً
(1)
في (ص): "وكذلك". والمثبت موافق لما في "نهاية الوصول".
(2)
عبارة "النهاية": "أن يَصِير المظنونُ مقطوعًا به".
(3)
انظر: نهاية الوصول 6/ 2634.
(4)
في (ت): "ويكمل". وفي (غ): "ويتكامل".
واحدة فلا نسلم خطأهم في كونهم قالوا، بل نقول: إنما يخطئ مَنْ أقدم على القول وَحْده بغير مستندٍ، أما إذا حصل اتفاقٌ من الأمة على القول فلا.
واحتج مَنْ قال يجوز
(1)
أن يُوفقوا لاختيار الصواب بأمرين:
أحدهما: أنه لو لم ينعقد الإجماع إلا عن مستندٍ لكان ذلك المستند هو الحجة، وحينئذ فلا
(2)
يبقى في الإجماع فائدة.
وأجاب المصنف: بأن الإجماع وأصلَه يكونان دليلين، واجتماع دليلين على مدلولٍ واحدٍ جائزٌ حسن.
والثاني: أنه وَقَع، بدليلِ إجماعهم على بيع المراضاة بلا دليل.
وأجاب: بأن له دليلًا، لكن تُرِك ذِكْره لما وقع الإجماع عليه اكتفاءً بالإجماع.
قلت: وقد ذكر الآمدي في أثناء المسألة أن الخلاف ليس في وقوعه، وتقدم نقلُ هذا عنه، فاحتجاج الخصم ضعيف لذلك أيضًا
(3)
.
وأيضًا فإن أريد ببيع المراضاة المعاطاة
(4)
التي يذكرها الفقهاء -
(1)
في (غ): "بجواز".
(2)
في (ت): "لا".
(3)
سقطت من (ت).
(4)
هي وضع الثمن وأخذ المبيع من غير إيجابٍ ولا قبول، أو من غير أحدهما. انظر: القاموس الفقهي ص 252، المجموع 9/ 163، المغني 4/ 4، ملتقى الأبحر 2/ 5، كفاية الأخيار 1/ 147، شرح الزرقاني على خليل 5/ 4.
فالمذهب الصحيح أنها باطلة
(1)
فأين الإجماع! وإنْ كان كما ذكره الشراح: أنه إذا تحقق التراضي من الجانبين فالإجماع منعقد على صحة هذا البيع، لكن اختلفوا في الدليل
(2)
على التراضي: فقال الشافعي ومَنْ وافقه: لا بد من صيغة تدل عليه
(3)
. وقال مالك وبعض أصحاب الشافعي: يكفي المعاطاة - فهذا فيه نظر؛ إذ سند الإجماع أشهر مِنْ أن يُذكر، وأكثر من أن يُحصر.
قال: (فرعان: الأول: يجوز الإجماع عن
(4)
الأمارة؛ لأنها مبدأ الحكم. قيل: الإجماع على جواز مخالفتها. قلنا: قَبْل الإجماع. قيل: اختلف فيها. قلنا: منقوض بالعموم وخبر الواحد).
علمتَ أن الإجماع لا بد له من مستند
(5)
، ويجوز أن يكون ذلك المستند
(6)
نصًا بالاتفاق، وكذلك دليلًا ظاهرًا
(7)
، وهل يجوز أن يكون أمارة أي: قياسًا؟ فيه مذاهب:
(1)
انظر: فتح القدير 5/ 459، ملتقى الأبحر 2/ 5، الهداية 3/ 24، المغنى 4/ 4، بداية المجتهد 2/ 170، الشرح الصغير للدردير 3/ 14، شرح الزرقاني على خليل 5/ 3.
(2)
في (ت): "الدلائل".
(3)
انظر: نهاية المحتاج 3/ 364.
(4)
في (غ): "من".
(5)
في (ت)"سند. . . السند".
(6)
في (ت)"سند. . . السند".
(7)
انظر: المحصول 2/ ق 1/ 268، نهاية الوصول 6/ 2638، البحر المحيط 6/ 399، القواطع 3/ 222، نهاية السول 3/ 309.
أحدها: أنه جائز واقع. وعليه الجمهور
(1)
.
والثاني: جائز غير واقع
(2)
.
والثالث: أنه غير ممكن (وذهب إليه)
(3)
ابن جرير الطبريّ، وكذلك داود الظاهري
(4)
لكنه بناه على أصله في منع القياس.
والرابع: إن كانت الأمارة جَلِيَّة
(5)
جاز وإلا فلا
(6)
.
ثم اختلف القائلون بالوقوع في أنه هل يحرم مخالفته (إذا وقع، مع إطباقهم على أنه حجة؟ والحق أنه تحرم مخالفته
(7)
)
(8)
.
(1)
انظر: الإحكام 1/ 264، نهاية الوصول 6/ 2638، البحر المحيط 6/ 399، شرح التنقيح ص 339، تيسير التحرير 3/ 256، فواتح الرحموت 2/ 239، المسودة ص 328، التمهيد 3/ 288، شرح الكوكب 2/ 261.
(2)
انظر: نهاية الوصول 6/ 2638.
(3)
في (ت): "وعليه".
(4)
وأتباعه، والشيعة، والقاشانيّ وجعفر بن مبشر من المعتزلة. قال الزركشي:"ثم اختلفت الظاهرية: فمنهم مَنْ أحاله، ومنهم مَنْ سلَّم الإمكان ومنع الوقوع، وادعوا أن العادة تحيله في الجمع العظيم". البحر المحيط 6/ 400. وانظر: كشف الأسرار 3/ 263، شرح الكوي 2/ 261، الوصول إلى الأصول 2/ 118، القواطع 3/ 223.
(5)
في (ص): "خلية". وفي (ت): "جليلة".
(6)
وبه قال بعض الشافعية، منهم أبو بكر الفارسيّ من الشافعية. انظر: نهاية الوصول 6/ 2639، البحر المحيط 6/ 401، المعتمد 2/ 59.
(7)
وبه قال الجمهور. وعن قوم: أنه لا يكون حجة. وبه قال الحاكم صاحب "المختصر" من الحنفية. انظر: الإحكام 1/ 264، القواطع 3/ 231، البحر المحيط 6/ 401، المسودة ص 328، شرح الكوكب 2/ 261.
(8)
سقطت من (ت).
واستدل المصنف على جوازه: بأن الأمارة مبدأ الحكم، أي: تصلح أن تكون طريقًا للحكم، فيجوز الإجماع عليها
(1)
قياسًا على الدليل.
ولم يتكلم في الوقوع، وقد استدل عليه الإمام: بأن الصحابة أجمعت في زمان عمر رضي الله عنه (على أن حدَّ الشارب ثمانون، وهو بطريق الاجتهاد، لما روى أن عمر رضي الله عنه)
(2)
- شاور الصحابة في ذلك، فقال علي رضي الله عنه:"أراه إذا سكر هَذَى، وإذا هَذَى افترى، وحَدُّ المفتري ثمانون"
(3)
.
وقال عبد الرحمن (بن عوف)
(4)
رضي الله عنه: "هذا حَدٌّ وأقل الحد ثمانون"
(5)
(1)
في (غ): "عنها".
(2)
سقطت من (ت).
(3)
أخرجه الدارقطني 3/ 157، في كتاب الحدود، رقم الحديث 223، بلفظ:"فقال علي رضي الله عنه: نراه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون". وكذا الحاكم في المستدرك 4/ 375 - 376، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 320 - 321، وفي معرفة السنن 6/ 458. وأخرجه مالك في الموطأ 2/ 842، في الأشربة، باب الحد في الخمر. والشافعي في مسنده ص 286. وأبو داود في السنن 4/ 628، في كتاب الحدود، باب إذا تتابع في شرب الخمر، حديث رقم 4489. قال الحافظ في تلخيص الحبير 4/ 75: "وهو منقطع؛ لأن ثورًا لم يلحق عمر بلا خلاف، لكن وصله النسائي في الكبرى (3/ 253)، والحاكم من وجه آخر عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه عبد الرزاق. (انظر: المصنف 7/ 378، رقم الحديث 13542)، عن معمر عن أيوب عن عكرمة لم يذكر ابن عباس. وفي صحته نظر. . .".
(4)
سقطت من (ت).
(5)
أخرجه مسلم 3/ 1330 - 1331، في كتاب الحدود، باب حد الخمر، رقم 1706، بلفظ:"فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانين". وفي رواية: "فقال عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخفِّ الحدود. قال: فجلد عمر ثمانين".=
. . . .
(1)
.
وهذا تصريح
(2)
منهم بأنهم إنما أثبتوا الحكم بالاجتهاد وضَرْبٍ من القياس؛ لأنه مع وُجدان النص لا يُتعلَّق بمثله. ومِنْ هذا يُعرف اندفاعُ ما يُورَد مِنْ أنه لعلهم أجمعوا عليه لنصٍّ لكنه لم يُنقل؛ استغناءً بالإجماع.
واستدل عليه قوم أيضًا: بإجماعهم على تحريم شحم الخنزير قياسًا علي لحمه، وعلى إراقة الشَّيْرج
(3)
والدِّبْس
(4)
السَّيَّال
(5)
إذا وقعت فيه فأرة وماتت قياسًا على السمن
(6)
.
واستدل المانعون بوجهين:
أحدهما: أن الإجماع قائمٌ على جواز مخالفة الأمارة والحكمِ الصادر
= وبنحوها أخرجه أبو داود 4/ 621، في كتاب الحدود، باب الحدِّ في الخمر.
(1)
انظر: المحصول 2/ ق 1/ 269.
(2)
في (ت): "صريح".
(3)
قال الفيوميّ في المصباح المنير 1/ 330: "والشَّيْرج: مُعَرَّب مِنْ شَيْره، وهو دهن السمسم، وربما قيل للدهن الأبيض، وللعصير قبل أنْ يتغيَّر: شيرج، تشبيهًا به لصفائه. وهو بفتح الشين، مثال: زينب وصَيْقل وعَيْطل، وهذا الباب باتفاقٍ ملحقٌ بباب فَعْلل، نحو جَعْفر، ولا يجوز كسر الشين؛ لأنه يصير من باب دِرْهم، وهو قليل، ومع قلَّته فأمثلته محصورة، وليس هذا منها".
(4)
الدِّبْس: عصارة الرطب. انظر: المصباح المنير 1/ 202.
(5)
في (ت)، و (غ):"السايل".
(6)
انظر: القواطع 3/ 227، شرح اللمع 2/ 684، بيان المختصر 1/ 587، العضد على ابن الحاجب 2/ 39.
عن الاجتهاد، فلو صدر إجماع عنها لكان يجوز مخالفته، وذلك ممتنع.
والجواب: أن مخالفتها إنما تجوز إذا لم يُجْمع على الحكم المُثْبت بها، أما بعد الإجماع فلا يجوز مخالفتها.
والثاني: أن الأمارة مُخْتَلَف فيها، إذ مِنَ الأمة مَنْ يعتقد بطلان الحكم بها، وذلك يصرفه عن الحكم بها.
والجواب: أن ذلك منقوض بالعموم وخبر الواحد؛ إذ وقع الخلاف فيهما كما مَرّ، ويجوز صدورُ الإجماع عنهما اتفاقًا.
قال: (الثاني: الموافق لحديث لا يجب أن يكون عنه
(1)
خلافًا لأبي عبد الله لجواز اجتماع دليلين).
الإجماع الموافق لمقتضى دليلٍ إذا لم يُعلم له دليل آخر (لا يجب أن يكون مُسْتَنِدًا إلى ذلك الدليل؛ لاحتمال أن يكون له دليل آخر)
(2)
وهو مُسْتَنَدُه، ولم يُنقل إلينا استغناءً بالإجماع. هذا رأي الجماهير
(3)
.
وقال أبو عبد الله البصري: إنه يكون مُسْتَنِدًا إليه
(4)
.
(1)
في نهاية السول 3/ 309، وشرح الأصفهاني 2/ 626:"منه".
(2)
سقطت من (ت).
(3)
انظر: نهاية الوصول 6/ 2644، الوصول إلى الأصول 2/ 128، البحر المحيط 6/ 404.
(4)
قال المطيعي في سلم الوصول 3/ 313: "هو مذهب الكرخي من الحنفية، وأبي هاشم والبصريّ المعتزليَّيْن، في جماعة معهم". وانظر: المحصول 2/ ق 1/ 274.
والإنصاف أن أبا عبد الله إنْ أراد أنه كذلك على سبيل غَلَبات الظنون فهو حقٌّ؛ إذ الأصل عَدَمُ دليلٍ غيره، والاستصحابُ حجة
(1)
.
وينبغي أن يُحمل على ذلك ما نقله ابن بَرْهان عن الشافعي رضي الله عنه مِنْ موافقة مذهبه لرأي أبي عبد الله البصريّ
(2)
.
وقد فَصَّل أبو الحسين في "المعتمد" فقال: "إنْ كان الخبر نَصًّا متواترًا لا يُحتاج معه إلى استدلالٍ طويلٍ واجتهاد فيُعلم أنهم أجمعوا لأجله، وإن احتاج في الاستدلال به إلى استدلال طويل وبَحْثٍ لم يجب أن يكون هو
(3)
المُسْتَنَد.
وكذلك إنْ كان مِنْ أخبار الآحاد ولم يُرْوَ لنا أنه ظهر فيهم، أو روى أنه ظهر فيهم لكن بخبر واحد أيضًا
(4)
. وإنْ رُوي بالتواتر وجب أن يكون عنه
(5)
.
(1)
أي: لا يصح التمسك بهذا الأصل إلا إذا قلنا بحجية الاستصحاب، فنستصحب عدمَ دليلٍ آخر، فيغلب على الظن أن الإجماع إنما كان بسبب هذا الدليل المنقول. انظر: نهاية الوصول 6/ 2644.
(2)
انظر: الوصول إلى الأصول 2/ 128، نهاية السول 3/ 313، البحر المحيط 6/ 404 - 405.
(3)
في (ت): "هذا".
(4)
أي: فلا يُجزم بأن ذلك الخبر هو مستند إجماعهم، بل يَحْتمل. ولفظ أبي الحسين في المعتمد 2/ 58:"فلا يُقطع على أنهم أجمعوا لأجله، ولكن يغلبُ صدقُه على الظن".
(5)
انظر: المعتمد 2/ 58 - 59. وانظر: نهاية السول 3/ 313. وانظر: نفائس الأصول 6/ 2745.