الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَنُسِخْن بخمس").
يجوز نسخ الحكم دون التلاوة
، وبالعكس، ونسخهما معًا. وخالف في ذلك كله بعض الشاذين
(1)
. واستدل في الكتاب لكل من الصور بالوقوع.
أما نسخ الحكم دون التلاوة: فكنسخ الاعتداد بالحول مِنْ قوله تعالى: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} بقوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}
(2)
، وقد سبق الكلام في آية الحول، فكان الأولى التمثيل بغير هذه الآية المختلَف في أنها (هل هي)
(3)
منسوخة، والآيات في هذا القسم كثيرة
(4)
.
وأما عكسه، أعنى: نسخ التلاوة دون الحكم: فكما روى سعيد بن
(1)
انظر: نهاية الوصول 6/ 2307، المستصفى 2/ 95، ونسبه الآمدي لطائفة شاذة من المعتزلة. انظر: الإحكام 3/ 141، وكذا ابن الحاجب. انظر: العضد على ابن الحاجب 2/ 194، وادعى بعض الأصوليين الاتفاق على نسخ الحكم والتلاوة، وإنما الخلاف مع بعض المعتزلة في نسخ الحكم دون التلاوة، وبالعكس. انظر: فواتح الرحموت 2/ 73، تيسير التحرير 3/ 204، الوصول إلى الأصول 2/ 28، شرح الكوكب 3/ 553، البرهان 2/ 1312، وقد وافق أبو الحسين البصري رحمه الله الجمهور في الصور الثلاث، ولم يحك خلافًا عن المعتزلة. انظر: المعتمد 1/ 386.
(2)
سورة البقرة: الآية 234.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
ومنها آية الوصية للوالدين والأقربين، وهي قوله تعالى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} ، نسختها آية الميراث.
المسيَّب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "إياكم أن تَهْلِكوا
(1)
عن آية الرجم أن يقول قائل: "لا نجد حَدَّين في كتاب الله. فلقد رَجَم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتُها: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة". فإنا قد قرأناها". رواه الشافعي، وهذا لفظه
(2)
- وروى الترمذي نحوه، والبخاري ومسلم ما يقرب منه
(3)
. وروى النسائي عن أبي أُمامة أسعد بن سهل بن حُنِيف
(4)
عن خالته قالت: لقد أقْرْأَناها
(5)
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم آيةَ الرجم: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من لديهما
(6)
"
(7)
. وإسناده
(1)
من باب ضرب. المصباح المنير 2/ 312.
(2)
انظر: ترتيب مسند الشافعي 2/ 81 - 82، رقم 266. وهو لفظ مالك رضي الله عنه في الموطأ 2/ 824، كتاب الحدود، باب ما جاء في الرجم، رقم 10.
(3)
انظر: سنن الترمذي 4/ 29 - 30، كتاب الحدود، باب ما جاء في تحقيق الرجم، رقم 1431، 1432. صحيح البخاري 6/ 2503 - 2504، كتاب المحاربين، باب رجم الحبلى في الزنا إذا أحْصَنَت، رقم 6442. صحيح مسلم 3/ 1317، كتاب الحدود، باب رجم الثيب في الزنا، رقم 1691. سنن أبي داود 4/ 572 - 573، كتاب الحدود، باب في الرجم، رقم 4418.
(4)
هو أبو أُمامة أسعد بن سهل بن حُنيف - بضم الحاء - الأنصاريّ الأوسيّ المدنيّ، الفقيه المعمَّر الحجة. سُمِّي باسم جده لأمه أسعد بن زرارة، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسَمَّاه وحَنَّكه، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم. توفي سنة 100 هـ. انظر: سير 3/ 517، تهذيب 1/ 263، تقريب ص 104.
(5)
في (غ): "أقرأنا".
(6)
في (غ): "لدنهما".
(7)
لم أقف عليه في المجتبى، فلعله في السنن الكبرى.
جيد، والمراد بالشيخ والشيخة: المحصَن والمحصَنة
(1)
.
قلت
(2)
: وأنا لا يبين لي معنى قول عمر رضي الله عنه: "لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتها"؛ إذ ظاهر هذا أن كتابتها جائزة، وإنما مَنَعه مِنْ ذلك قولُ الناس. والجائز في نفسه قد يقوم مِنْ خارجٍ ما يمنعه، وإذا كانت كتابتها جائزةً - لزم أن تكون التلاوة باقية؛ لأن هذا شأن المكتوب.
وقد يقول القائل في مقابلة هذا: لو كانت التلاوة باقيةً لبادر عمر رضي الله عنه إلى كتابتها، ولم يُعَرِّج على مقال الناس؛ لأن مقال الناس لا يصلح مانعًا مِنْ فعل هذا الواجب.
وبالجملة: لا تبين لي
(3)
هذه الملازمة، أعني: لولا قولُ الناس - لكتبتُ
(4)
. ولعل الله أن ييسر علينا حَلَّ هذا الأثر بمنه وكرمه
(5)
، فإنا لا
(1)
انظر: الموطأ ص 824، فتح الباري 12/ 143.
(2)
في (ت) بياض بالسطر.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
قوله: "لولا قول الناس" مُقَدَّم. وقوله: "لكتبت" تالي.
(5)
قد يكون مراد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بقوله: لولا أن يقول. . . إلخ أن هذه الآية التي لم تُثْبت في المصحف الشريف - باقٍ حكمها وإنْ نُسخت تلاوتها، ولخطورة حكمها؛ إذ هو حدٌّ من الحدود، وليس في القرآن نصٌّ عليه، بل ظاهر آية الجلد خلافه - أحَبَّ عمر رضي الله عنه وهو المؤيَّد أن يُثبت هذه الآية في المصحف؛ بيانًا لبقاء حكمها لا تلاوتها، لكنه رضي الله عنه خشي أن يظن ظان بأنه إنما أثبتها لكونها آيةً متلوة، فَيُتَّهم رضي الله عنه بالزيادة في كتاب الله، وهو لم يُرِد ذلك، =
نشك في أن عمر رضوان الله عليه إنما نطق بالصواب، ولكنا نتهم فهمنا
(1)
.
= بل أراد أنها منسوخة التلاوة لا الحكم. وينبغي على هذا التأويلِ تأويلُ وَضْع عمر لهذه الآية في المصحف: بوَضْعها في حاشية الصفحة من سورة النور مثلًا، لا أنه يضعها بين الآيات في أصل الصفحة، ويشير إلى هذا قول عمر رضي الله عنه:"لكتبتها"، ولم يقل:"لزدتها"، والفرق بينهما واضح، لكنه رضي الله عنه خشي أن تُفهم كتابته زيادة في المصحف، لا سيما وأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتحاشون كتابة أيِّ شيء في المصحف غيره، بل لم يكن منقوطًا ولا مُحَزَّبًا، ولذلك عدل رضي الله عنه عن كتابة هذه الآية المنسوخة التلاوة في المصحف؛ حتى لا يقع الناس في اللبس، ويقع الاتهام له رضي الله عنه. وتأمل قولَه رضي الله عنه:"إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم" يعني: إياكم أن تنسوها وتتركوا حكمها؛ لكونها منسوخة التلاوة. ثم تأمل أيضًا قوله في آخر كلامه: "فإنا قد قرأناها" بالفعل الماضي لا المضارع، وهو يفيد بأن قراءتها على أنها آية متلوة من القرآن في الوقت الحاضر غير حاصل. ثم بعد أن كتبتُ هذا التعليق بقرابة عام تقريبًا وقفتُ على جواب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى، يوافق المعنى الذي ذكرتُه فالحمد لله تعالى على توفيقه ومَنِّه، وقد ذكر هذا الجواب العلامة البناني في حاشيته على شرح المحلي لجمع الجوامع (2/ 77) قال:"استُشْكِل: بأنه إن جاز كتابتُها فهي قرآن، فيجب مبادرة عمر رضي الله عنه لكتابتها؛ لأَن قول الناس بمجرده لا يصلح مانعًا مِنْ فعل الواجب. وأجيب: بأن المراد: لكتبتُها منبهًا على أن تلاوتها قد نُسخت؛ ليكَون في كتابتها الأمن من نسيانها، لكن قد تُكتب بلا تنبيه في بعض المصاحف غفلةً من الناسخ، فيقول الناس: زاد في كتاب الله، فترك كتابتها بالكلية؛ دفعًا لأعظم المفسدتين بأخفهما. شيخ الإسلام".
(1)
انظر إلى الأدب مع الأئمة رضي الله عنهم، وحَمْل كلامهم على المحامل الحسنة اللائقة بهم، وإن لم يظهر المعنى ويتضح. وقارن هذا مع مَنْ يتعسف في الفهم والتأويل، ولا يقبل إلا فهمه وتأويله، وأما تأويلات الآخرين وفهومُهم مِنْ مخالفيه - فهي تحريف وتبديل. والحق ما رأه فلان، والباطل ما خالفه، والواجب على =
وأما نسخهما معًا: فكما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان فيما (أنزل الله)
(1)
عشر رضعاتٍ معلومات، فَنُسِخْنَ بخمسٍ معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يقرأ من القرآن". رواه مسلم
(2)
. ونحن نعلم أنه ليس في القرآن اليوم، وَأن حكمه غير
(3)
ثابت.
وقد تكلم العلماء في قولها: "وهي فيما يُقرأ من القرآن"، فإن ظاهره يقتضي أن التلاوة باقية، وليس كذلك. فمنهم من أجاب: بأن المراد قارب الوفاة. والأظهر في الجواب: أن التلاوة نُسِخت أيضًا، ولم يبلغ ذلك كلَّ الناس إلى
(4)
بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوفي وبعضُ الناس يَقْرأها، فَيَصْدق أنه توفي وهي فيما يُقرأ
(5)
.
= الجميع متابعته والانقياد إليه. وهذا حالٌ - والله - يشبه حال اليهود والنصارى، قال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} . فنعوذ بالله من ضلالتهما: الجهل والهوى، فإنهما يصدان عن الحق.
(1)
في (غ)، و (ص):"أنزل".
(2)
انظر: صحيح مسلم 2/ 1075، كتاب الرضاع، باب التحريم بخمس رضعات، رقم 1452. وأخرجه الدارمي في سننه 2/ 80، كتاب النكاح، باب كم رضعة تحرِّم، رقم 2258. وأبو داود في سننه 2/ 551، كتاب النكاح، باب هل يحرِّم ما دون خمس رضعات، رقم 2062. والنسائي 6/ 100، في كتاب النكاح، باب القدر الذي يحرِّم من الرضاعة، رقم 3307. وابن ماجه 1/ 625، في كتاب النكاح، باب لا تحرِّم المصَّة ولا المصتان، رقم 1942.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
في (ت)، و (غ):"أي".
(5)
هذا المعنى هو الذي ذكره النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم (10/ 29) حيث قال: وقولها: "فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ" هو بضم الياء مِنْ يقرأ، =
واعترض الهندي: "بأن ثبوتَ نسخِ تلاوة ما هو من القرآن، وحكمِه معًا - يتوقف على كونه من القرآن، وكونه من القرآن لا يثبت بخبر الواحد، فلا يثبت به [نسخ]
(1)
تلاوةُ ما هو من القرآن وحكمِه معًا
(2)
.
قلت: والاعتراض وارد أيضًا في منسوخ التلاوة دون الحكم، فلا ينبغي أن يَقْصُره على هذا القسم.
ثم قال الهندي: "يمكن أن يُجاب: بأن القرآن المُثْبَت بين الدفتين هو الذي لا بد في نقله من التواتر، وأما المنسوخ فلا نسلم أنه لا يثبت بخبر الواحد.
سلمنا: لكن الشيء قد يثبت ضمنًا بما لا يثبت به استقلالًا
(3)
، كما
= ومعناه: أن النسخ بخمس رضعات تأخَّر إنزاله جدًّا، حتى أنه صلى الله عليه وسلم تُوفي وبعض الناس يقرأ: خمس رضعات. ويجعلها قرآنًا متلوًا؛ لكونه لم يبلغه النسخ، لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك، وأجمعوا على أن هذا لا يُتلى. اهـ.
(1)
هذه الكلمة ساقطة من (ت)، و (ص)، وأثبتها من نهاية الوصول 6/ 2309.
(2)
يعني: لما لم يثبت بخبر الواحد - كحديث عائشة رضي الله عنها، مثلًا - تلاوةُ ما هو من القرآن وحكمُه معًا: لم يثبت به نسخُ التلاوةِ والحكمِ معًا؛ لأن ثبوتَ نسخ التلاوة والحكم معًا فرعُ ثبوت كون المنسوخ قرآنًا أصلًا.
(3)
المعنى والله أعلم: سَلَّمنا أن المنسوخ التلاوة لا يثبت بخبر الواحد، لكن استقلالًا، لا ضمنًا، فيمكن أن يثبت المنسوخ التلاوة بخبر الواحد ضمنًا، كما هو الحال في حديث عائشة رضي الله عنها، إذ صَرَّح أن نزول آية الخمس رضعات متأخر عن نزول آية العشر رضعات، فتكون العشر رضعات منسوخة قطعًا، فيثبت كونها قرآنًا منسوخًا. فالممتنع في خبر الواحد أن يُقال مثلًا: آية العشر رضعات منسوخة، وناسخها آية الخمس رضعات. لكن لما ورد الحديث بأن آية الخمس متأخرة عن آية العشر علمنا قطعًا بأن آية العشر منسوخة، فثبوت كونها آية منسوخة فرع ثبوت كونها آية =
قال بعض الأصوليين: إذا قال الصحابي في أحد الخبرين المتواترين: إنه كان قَبْل الآخر - قُبِل، ولزم منه نسخ المتأخِّر، وإن لم يُقبل قولُه في نسخ المعلوم
(1)
"
(2)
.
ولقائل أن يقول: لا يندفع السؤال بواحدٍ من الجوابين
(3)
:
أما الأول: فإنا لا نعقل كونه منسوخًا حتى نعقل كونه قبل ذلك من القرآن، وكونه من القرآن لا يثبت (بخبر الواحد)
(4)
، وقوله:"لا نسلم أن القرآن المنسوخ لا يثبت بخبر الواحد" - قلنا: لأن نسخه
(5)
لا يكون إلا
= متقدمة لا متأخرة، وثبوت كونها متقدمة لا يشترط فيه التواتر. فإثبات نسخ آية العشر رضعات ليس بسبب قول عائشة رضي الله عنها:"ثم نسخن"؛ لأنه خبر واحد لكن بسبب أنها رضي الله عنها بيَّنت تاريخ نزول الخمس، وأنها متأخرة، حتى أنها كانت تُقرأ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فَقَبِلْنا قولَها في تاريخ النزول، وهو يتضمن نسخ المتأخِّر للمتقدم، فثبت نسخ العشر تضمنًا لثبوت التاريخ، وثبوت التاريخ لا يشترط فيه التواتر.
(1)
المعنى: أن الصحابي إذا أخبر بأنَّ أحد الخبرين المتواترين قَبْل الآخر - قُبِل قوله، ولزم مِنْ قبول قوله نسخ المتأخر للمتقدم، مع أنّ الصحابي لو أخبرنا بأن هذا الخبر المتواتر ناسخ للخبر الآخر المتواتر - لا يُقبل قوله في النسخ، فهذا يدل على أن الشيء قد يثبت ضمنًا بما لا يثبت به استقلالًا، فالنسخ لا يثبت بقول الصحابي استقلالًا، ولكن يثبت بقوله ضمنًا، أي: إذا تضمن قولُه النسخ - قُبِل، وإذا صَرَّح به رُدَّ ولم يُقبل. وتعليل هذا سيأتي إن شاء الله تعالى.
(2)
انظر: نهاية الوصول 6/ 2309.
(3)
أي: جوابَيْ صفي الدين الهندي رحمه الله، وهما: مَنْع اشتراط التواتر في إثبات المنسوخ تلاوته، ومع التسليم بالاشتراط فيمكن ثبوت المنسوخ تلاوته بخبر الواحد ضمنًا لا استقلالًا.
(4)
في (ص): "بخبر الواحد قلنا". وزيادة لفظه "قلنا" لا معنى لها.
(5)
قوله: لأن نسخه. . . إلخ - تعليلٌ للرد والإبطال، لا للتأييد والانتصار.
بعد ثبوت كونه من القرآن، ثم يرد النسخ بعد ذلك متأخِّرًا في الزمان، فيصدق إثبات قرآن غير منسوخ بخبر الواحد، ثم إثبات نسخه بخبر الواحد. ويُوضِّح هذا: أن قول الراوي: كانت الكلمة الفلانية من القرآن ثم نُسخت تلاوةً وحكمًا - في قوة خبرين:
أحدهما: أنها من القرآن.
والثاني: أنها منسوخة.
وكلا الخبرين لا يكفي فيه خبر الواحد
(1)
.
وأما الثاني: ففيما نحن فيه
(2)
لم يتعارض دليلان، وفيما استشهد به تعارض دليلان فلذلك رَجَّحْنا في موضع التعارض بمرجِّحٍ ما، وهو قول الصحابي: هذا متقدم
(3)
.
(1)
المعنى: أن قول الهندي رحمه الله في جوابه الأول: بأن المنسوخ التلاوة يثبت بخبر الواحد - تناقضٌ منه؛ لأنه سلَّم بأن الذي بين الدفتين لا يثبت إلا بالتواتر، ثم قال: بأن المنسوخ التلاوة يثبت بخبر الواحد. فيقال له: إن المنسوخ التلاوة أصله قرآن غير منسوخ، ثم نُسخ، فلا يثبت ابتداءً إلا بالتواتر، وكذا نسخه؛ لأن المتواتر لا ينسخه إلا متواتر، فيكون شرط المنسوخ كشرط غير المنسوخ؛ لأن طريق ثبوتهما واحد، بل شرط التواتر في المنسوخ أوكد؛ لأنه يحتاجه لإثبات أصله غير المنسوخ، وإثبات نسخه.
(2)
سقطت من (ت)، و (ص).
(3)
أي: ما نحن فيه لم يتعارض دليلان، فحديث عائشة رضي الله عنها خبر آحاد، وهو يُثبت قرآنًا منسوخًا، وليس هناك دليل آخر ينفي كونه قرآنًا منسوخًا، فلو كان هناك نافٍ - لقلنا: بأن قول عائشة رضي الله عنها يرجِّح كونه منسوخًا، وبالتالي تثبت بقولها قرآنيته ضمنًا لا استقلالًا. أما فيما مَثَّل به مِنْ قول الصحابي: هذا =