الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنشر، وليس كذلك
(1)
.
قال: (وفيه مسائل: الأولى: أنه يكون قولًا من الله، (ومن الرسول
(2)
وفِعْلًا منه كقوله تعالى: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ}
(3)
، وقوله عليه السلام:"فيما سقت السماء العشر" وصلاته، وحجه، فإنه أدلُّ. فإن اجتمعا وتوافقا فالسابق. وإن اختلفا فالقول؛ لأنه يدل بنفسه).
المبيِّن، بكسر الياء:
قد يكون بالقول وذلك بالاتفاق
(4)
، وقد يكون بالفعل
وخالف في ذلك شرذمة قليلون
(5)
.
والقول إما أن يكون من الله تعالى، كقوله تعالى: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا
(1)
المعنى: أن قولَ الماتن في المبيَّن: "هو الواضح بنفسه أو بغيره، مثل: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} " - فهم منه كثير من الشراح اللفَّ والنشر المرتب، وهو أن يكون المثال الأول للواضح بنفسه، والمثال الثاني للواضح بغيره. والصواب أن المثال الثاني للواضح بنفسه أيضًا؛ لما ذكره الشارح من التعليل. ولم يُمثِّل الماتن هنا للواضح بغيره؛ لأنه سيأتي الكلام عنه. وقد تنبه لهذا الأصفهاني والإسنوي في شرحيهما. انظر: شرح الأصفهاني 1/ 445، نهاية السول 2/ 525.
(2)
في (ص): "والرسول".
(3)
سورة البقرة: الآية 69.
(4)
انظر: البحر المحيط 5/ 98، شرح الكوكب 3/ 441.
(5)
انظر: الإحكام 3/ 27، نهاية الوصول 5/ 1873، تيسير التحرير 3/ 175، فواتح الرحموت 2/ 45، أصول السرخسي 2/ 27، شرح الكوكب 3/ 442، إحكام الفصول ص 303، شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 162، التبصرة ص 247، البحر المحيط 5/ 98.
تَسُرُّ النَّاظِرِينَ}، فإنه مُبَيِّن لقوله:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}
(1)
. وهذا المثال جارٍ على المشهور من
(2)
أن البقرة المأمور بذبحها كانت معيَّنة في نفس الأمر
(3)
، وقد حُكِي عن ابن عباس رضي الله عنه خلاف ذلك، وأنه قال:
(1)
سورة البقرة: الآية 67.
(2)
سقطت من (غ).
(3)
نسب الإمام في "التفسير الكبير"(3/ 122 - 123) هذا القول إلى منكري العموم، وإلى مَنْ يُجَوِّز تأخير البيان عن وقت الخطاب. هكذا قال رحمه الله تعالى، والأقرب أن هذه المسألة من باب تأخير البيان عن وقت الحاجة، فلا يجوز؛ لأن الوقت الذي أُمروا فيه بذبح البقرة كانوا محتاجين إلى ذبحها، فلو كان المأمور به ذبح بقرة معينة، مع أن الله تعالى ما بينها - لكان ذلك تأخيرًا للبيان عن وقت الحاجة، وهو غير جائز. وقد ذكر الجصاص من الحنفية أن تكليفهم بعد كل سؤال نسخ للتكليف السابق، وهذا ماشٍ على طريقة الحنفية في التقييد، وهو أن تقييد المطلق بمتأخر نسخ، كتخصيص العام بمتأخر. أما على طريقة الجمهور فليس هناك نسخ بل هو تقييد للمطلق. والحاصل أن الجمهور - كما يشير إليه كلام المفسرين - على أن المأمور به ذبح أي بقرة، ولكنهم لما لم يمتثلوا، بل تعنتوا وتشددوا - عوقبوا بجنس فعلهم؛ ولذلك قال ابن جرير رحمه الله تعالى (2/ 209):"وقد زعم بعض مَنْ عظمت جهالته، واشتدت حيرته: أن القوم إنما سألوا موسى ما سألوا بعد أَمْر الله إياهم بذبح بقرة من البقر؛ لأنهم ظنوا أنهم أُمروا بذبح بقرة بعينها خُصَّت بذلك، كما خُصَّت عصا موسى في معناها، فسألوه أن يجليها لهم ليعرفوها". فقول الشارح رحمه الله تعالى: وهذا المثال جارٍ على المشهور. . . إلخ، لعله يقصد به المشهور عند الأصوليين أو نحوهم.
وانظر: جامع أحكام القرآن 1/ 448، فتح القدير 1/ 97 - 99، التفسير الكبير 3/ 123 - 124، تفسير ابن كثير 1/ 110، تفسير النسفي 1/ 54 - 55، أحكام القرآن للجصاص 1/ 34، أصول السرخسي 2/ 34.
"لو ذبحوا أيَّ بقرةٍ كانت - لأجزأهم ذلك، ولكنهم شددوا فسألوا؛ فشدد الله عليهم"
(1)
.
وإما أن يكون من الرسول صلى الله عليه وسلم، كقوله:"فيما سقت السماء، أو كان عَثَريًّا العشرُ. وما سُقي بالنضح نصف العشر" رواه البخاري
(2)
من حديث ابن عمر رضي الله عنه، ولمسلم عن جابر نحوه
(3)
، وهو مبيِّن لقوله تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}
(4)
. واستفدنا مِنْ هذا المثال أن السنة تُبَيِّن مجمل
(1)
أخرجه ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى في التفسير (2/ 206) بلفظ: "لو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكنهم شددوا وتعنَّتوا موسى فشدد الله عليهم". وفي رواية أخرى عنه (2/ 204) قال: "لو أخذوا أدنى بقرة اكتفوا بها، لكنهم شددوا فشدد الله عليهم"، وإسناد هذه الرواية الثانية صحيح، كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره 1/ 110. وكذا قال بنحو هذا القول عَبِيدة السلماني، والسُّدِّي، ومجاهد، وعكرمة، وعطاء، وأبو العالية، وغيرهم. انظر: جامع البيان 2/ 204 - 206، تفسير ابن كثير 1/ 110، تفسير عبد الرزاق 1/ 48، 50.
(2)
لفظ البخاري: "فيما سَقَت السماء والعُيُون".
(3)
انظر: صحيح البخاري 2/ 540، كتاب الزكاة، باب العُشر فيما يُسقى من ماء السماء وبالماء الجاري، رقم 1412. صحيح مسلم 2/ 675، كتاب الزكاة، باب ما فيه العُشر أو نصف العشر، رقم 981. وأخرجه أبو داود في السنن 2/ 252 - 253، كتاب الزكاة، باب صدقة الزرع، رقم 1956، 1957. والنسائي في السنن 5/ 41 - 42، كتاب الزكاة، باب ما يوجب العشر وما يوجب نصف العشر، رقم 2488، 2489. والترمذي 3/ 31 - 32، كتاب الزكاة، باب ما جاء في الصدقة فيما يُسقى بالأنهار وغيره، رقم 639، 640. وابن ماجه 1/ 580 - 581، كتاب الزكاة، باب صدقة الزروع والثمار، رقم 1816، 1817.
(4)
سورة الأنعام: الآية 141.
الكتاب، وهو الصحيح
(1)
.
والفعل لا يكون إلا من الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك كصلاته، فإنها مبيِّنة لقوله تعالى:{أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}
(2)
بواسطة قوله عليه السلام: "صلوا كما رأيتموني أصلي"
(3)
. وكحجه، فإنه مبيِّن لقوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}
(4)
بواسطة قوله عليه السلام: "خذوا عني مناسككم"
(5)
.
(1)
هذا مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة، خلافًا للكرخي على ما حكاه أبو الحسين البصري، والإمام، وصفي الدين الهندي، وغيرهم، إذ اشترط المساواة في الثبوت، فلا يجوز عنده بيان الكتاب أو السنة المتواترة بخبر الآحاد. لكن الحنفية لم يحكوا هذا الخلاف عنه، فالله أعلم. انظر: المعتمد 1/ 313، المحصول 1/ ق 3/ 275، نهاية الوصول 5/ 1889، البحر المحيط 5/ 103، تيسير التحرير 3/ 174، فواتح الرحموت 2/ 48، شرح التنقيح ص 281، العدة 1/ 117، شرح الكوكب 3/ 442.
(2)
سورة الأنعام: الآية 72. وفي (غ): "وأقيموا الصلاة". وهي في سورة البقرة: الآية 43.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 226، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، رقم 605، وفي 5/ 2238، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، رقم الحديث 5662.
(4)
سورة آل عمران: الآية 97.
(5)
أخرجه مسلم في صحيحه 2/ 943، كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، رقم 1297 وأبو داود في السنن 2/ 496، كتاب المناسك، باب في رمي الجمار، رقم 1970. والنسائي 2/ 270، كتاب مناسك الحج، باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم، رقم 3062. وابن ماجه 2/ 1006، كتاب المناسك، باب الوقوف بجمع، رقم 3023. وأحمد في المسند 3/ 301، 318، 332، 337، 367، 378.
قوله: "فإنه أدل"، أي: علة جواز البيان بالفعل أنه أدلُّ من القول على المقصود؛ لأن فيه مشاهدة. ومن الأمثال: "ليس الخبر كالمعاينة"، وهو مروي، رواه أحمد بن محمد المُلْحَمي
(1)
- وهو ضعيف - عن علي بن الجعد
(2)
عن شعبة عن قتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله. (ورواه أحمد بن حنبل من حديث ابن عباس بإسناد صحيح، والطبراني من حديث أنس
(3)
، والخطيب في "التاريخ" من وجه آخر موضوع)
(4)
(5)
.
(1)
هو أحمد بن محمد بن حرب، أبو الحسن المُلْحَميّ الجرجانيّ. قال ابن عديّ:"مشهور بالكذب ووضع الحديث" وقال أيضًا: "يتعمد الكذب، ويُلَقِّن فيتلقَّن". انظر: الكامل 1/ 203، ميزان 1/ 134، لسان 1/ 258. ملاحظة: بيَّن الذهبي رحمه الله معنى التلقين في سير أعلام النبلاء (10/ 210): هو أن الراوي "يحدِّثهم بالحديث فيتوقَّف فيه، ويَتَغَلَّطُ، فيردُّون عليه، فيقول. ومثل هذا غضٌّ عن رتبة الحفظ؛ لجواز أن فيما رُدَّ عليه زيادةً أو تغييرًا يسيرًا".
(2)
هو علي بن الجعد بن عبيد الجوهريّ، أبو الحسن البغداديّ مولى بني هاشم. قال ابن حجر:"ثقة ثبت رمي بالتشيع". قال ابن عدي: "ما أرى بحديثه بأسًا، ولم أرَ في رواياته إذا حَدَّث عن ثقةٍ حديثًا منكرًا فيما ذكره، والبخاري مع شدة استقصائه يروى عنه في صِحَاحه". مات سنة 230 هـ. انظر: تهذيب 7/ 289، تقريب ص 398، الكامل 5/ 1856 - 1857.
(3)
سقطت من (ت)، و (غ).
(4)
انظر: نهاية السول 2/ 528.
(5)
انظر: مسند أحمد 1/ 271، تاريخ بغداد 3/ 360 (عن أنس رضي الله عنه، 6/ 56، 8/ 12 (عن ابن عباس رضي الله عنهما، 8/ 28 (عن أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه ابن حبان 14/ 96 - 97، حديث رقم 6213، 6214. والحاكم في المستدرك 2/ 321، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. قال الهيثمي =