الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حَائِضٌ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي المَسْجِدِ، وَهِيَ فِي الحُجْرَةِ، يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ" (1).
وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ لا يَدْخُلُ البَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الإِنْسَان (2).
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنْ كُنْتُ لأَدْخُلُ البَيْتَ لِلْحَاجَةِ، وَفِيهِ المَرِيضُ، فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إِلَّا وَأَنَّا مَارَّةٌ (3).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1941)، كتاب: الاعتكاف، باب: المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل، واللفظ له، والنسائي (386)، كتاب: الحيض والاستحاضة، باب: ترجيل الحائض رأس زوجها وهو معتكف في المسجد، من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.
(2)
رواه مسلم (297/ 6)، كتاب: الحيض، باب: جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، واللفظ له، وأبو داود (2467)، كتاب: الصوم، باب: المعتكف يدخل البيت لحاجته، والترمذي (804)، كتاب: الصوم، باب: المعتكف يخرج لحاجته أم لا؟، من طريق مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة، به.
(3)
رواه البخاري (1925)، كتاب: الاعتكاف، باب: لا يدخل البيت إلا لحاجة، ومسلم (297/ 7)، كتاب: الحيض، باب: جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، واللفظ له، وأبو داود (2468)، كتاب: الصوم، باب: المعتكف يدخل البيت لحاجته، والترمذي (805)، كتاب: الصوم، باب: المعتكف =
(عن عائشة) أُمِّ المؤمنين الصدِّيقة (رضي الله عنها: أنها كانت تُرَجِّلُ)؛ أي: تمشِّطُ وتسرِّحُ شعرَ رأسِ (النبي صلى الله عليه وسلم)، وتنظِّفه، وتحسِّنه (1)، (وهي)؛ أي: والحال أنها (حائض)، فيه دليل على طهارة بدن الحائض (2).
وفي رواية عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يباشرني -أي: يمسُّ بشرتي- من غير جماع، وأنا حائضٌ، وكان يُخرج رأسَه من المسجد، (وهو معتكف)، فأغسله وأنا حائض (3)، وهو صلى الله عليه وسلم معتكفٌ (في المسجد) الشريف النبوي، (وهي)؛ أي: عائشةُ رضي الله عنها (في حجرتها)؛ أي: بيتها، والجمع حُجَر، وهي البيوت، وكل موضعٍ حُجر عليه بحجارة فهو حُجْرة، والحجار: الحائط (4)، (يناولُها)؛ أي: يناول النبيُّ صلى الله عليه وسلم عائشةَ الصديقةَ رضي الله عنها (رأسَه) الشريفَ لترجِّلَه.
= يخرج لحاجته أم لا، وابن ماجه (1776)، كتاب: الصيام، باب: في المعتكف يعود المريض ويشهد الجنائز، من طريق الليث، عن الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة رضي الله عنها، به.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (1/ 329)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 129)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 256)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 925)، و"فتح الباري" لابن رجب (1/ 410)، و"طرح التثريب" للعراقي (4/ 172)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 273)، و"عمدة القاري" للعيني (3/ 265)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 448)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 356).
(1)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 440).
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 256).
(3)
رواه البخاري (1926)، كتاب: الاعتكاف، باب: غسل المعتكف.
(4)
انظر: "عمدة القاري" للعيني (18/ 141).
وفي لفظ، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصْغي -بضم المثناة تحت وسكون الصاد المهملة وكسر الغين المعجمة-؛ أي: يدني، ويميل إليَّ رأسَهُ -منصوبٌ بيصغي- وهو مجاورٌ، أي: معتكفٌ في المسجد (1)، والجملة حالية (2).
وعند الإمام أحمد: كان يأتيني وهو معتكفٌ في المسجد، فيتكىء على باب حجرتي، فأغسلُ رأسَه وسائرُه في المسجد (3).
وفيه: أن إخراج البعض لا يجري مجرى الكُل، وينبني عليه: ما لو حلف لا يدخل بيتًا، فأدخل بعض أعضائه؛ كرأسه، لم يحنث (4).
قال في "الفروع": وإن أخرج -يعني: المعتكف- بعضَ جسده، لم يبطل في المنصوص؛ وفاقًا. واستدل بحديث عائشة هذا، وإن أخرج جميعَه مختارًا عمدًا، بطل، وإن قَلَّ؛ وفاقًا.
وأبطله أَبو يوسف، ومحمدُ بأكثرَ من نصفِ يومٍ فقط.
وأبطله الثوريُّ والحسنُ بنُ صالح إن دخل تحتَ سقفٍ ليس ممرُّه فيه (5).
(وفي رواية) عنها في "الصحيحين": (وكان) صلى الله عليه وسلم (لا يدخلُ البيتَ إلا لحاجة الإنسان).
(1) رواه البخاري (1924)، كتاب: الاعتكاف، باب: الحائض ترجل المعتكف.
(2)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 440).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 86).
(4)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 440).
(5)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 140).
فَسَّرها الزهريُّ راويه بالبولِ والغائطِ، والتحقيقُ استثناؤهما (1)؛ كسائر ما لابدَّ له من الخروج إليه.
وفيه: دليل على عدم بطلانه بدخوله لحاجته تحت سقف؛ خلافًا للثوري ومَنْ وافقه (2).
وإن قال المعتكف: متى مرضت، أو عرض لي عارض، خرجْتُ، فله شرطُه (3).
وله السؤال عن المريض في طريقه إذا خرجَ لما لا بدَّ منه، ما لم يعرِّجْ أو يقفْ لمسألةٍ (4)، (و) عليه يحمل ما (في رواية) في "الصحيحين":(أن عائشة) رضي الله عنها (قالت: إني كنتُ لأدخلُ البيتَ للحاجة) التي خرجتُ لها، (وفيه) -الواو للحال-؛ أي: في البيت (المريضُ، فما أسأل عنه)؛ أي: المريضِ (إلا وأنا مارَّةٌ) من غير وقوف عندَه للمسألة.
وروى أَبو داود من حديث عائشة -رضى اللَّه عنها-: أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يُعرِّج يسأل عن المريض (5).
قال في "الفروع": لا يجوز خروجُ المعتكفِ إلا لما لا بدَّ منه، فلا يخرج لكل قُربة لا تتعين؛ كعيادة مريض، وزيارة، وشهودِ جنازةٍ، وتحمُّلِ شهادةٍ وأدائِها، وتغسيلِ ميتٍ. نص عليه الإمام أحمد، واختاره الأصحاب؛ وفاقًا للأئمة الثلاثة، انتهى (6).
(1) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 440).
(2)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 133).
(3)
المرجع السابق، (3/ 138).
(4)
المرجع السابق، (3/ 148).
(5)
رواه أَبو داود (2472)، كتاب: الصوم، باب: المعتكف يعود المريض.
(6)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 137).
فلا يخرج لشيء من ذلك إلا بشرط، أو وجوب.
قال في "الفروع": كانوا يُحبون للمعتكِفِ أن يشترطَ هذهِ الخصالَ (1).
قال في "الإقناع": وإن شرطَ ما لَهُ منه بُدٌّ، وليس بقربة؛ كالعَشاء في منزله، والمبيتِ فيه، جاز له فعله؛ لا إن شرط الوطء، أو الفرجة، أو النزهة، أو الخروج للبيع والشراء، أو لتكسب في الصناعة في المسجد، انتهى (2).
تنبيه:
إن خرجَ لِما لا بدَّ منه، فسأل عن المريض أو غيره، ولم يعرِّجْ، جاز له وفاقًا؛ لما سبق، وكبيعه وشرائه، ولم يقف لذلك، فأما إن وقف لمسألته، بطل اعتكافُه؛ وفاقًا، وللشافعية وجهٌ: لا بأس بقدر صلاة الجنازة.
وعن مالك: إن خرج لحاجة الإنسان، فلقيه ولدُه، أو شرب ماءً وهو قائم، أرجو أن لا بأس.
والمعتمدُ في الخروج لِما لا بدَّ منه لا يجوز معه ما يزدادُ به زمانُه مما منه بُدٌّ؛ لأنه يفوت به جزءًا مستحقًا من اللبث بلا عذر؛ كما لو خرج له، ويجوز معه ما لا يزداد به زمانُه غير المباشرة؛ لأنه لا يفوت به حقًا، واللَّه أعلم (3).
* * *
(1) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(2)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (1/ 521).
(3)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 139).