الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِم بِالبَيْتِ، إِلا أَنهُ خُفِّفَ عَنِ المَرْأَةِ الحَائِضِ (1).
* * *
(عن) حبر الأمة وأبي الأئمة (عبدِ الله بنِ عباس رضي الله عنهما، قال: أُمِر) -بضم الهمزة وكسر الميم مبنيًا لما لم يسمَّ فاعله- (الناسُ) -بالرفع-: نائبُ فاعل؛ أي: أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَ وجوبٍ عند الأئمة الثلاثة، وعند مالك أمرَ ندب (أن يكون آخر عهدهم) طواف الوداع (بالبيت).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (323)، كتاب: الحيض، باب: المرأة تحيض بعد الإفاضة، و (1668)، كتاب: الحج، باب: طواف الوداع، ومسلم (1327 - 1328/ 379 - 381)، كتاب: الحج، باب: وجوب طواف الوداع، وسقوطه عن الحائض، وأبو داود (2002)، كتاب: المناسك، باب: الوداع، وابن ماجه (3070)، كتاب: المناسك، باب: طواف الوداع.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (2/ 215)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 416)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 427)، و"شرح مسلم" للنووي (9/ 79)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 87)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 1067)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 585)، و"عمدة القاري" للعيني (10/ 94)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 252)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 215)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 171).
وصرح مسلم في رواية له عن ابن عباس رضي الله عنهما بالرفع فيه، ولفظه: كان الناسُ ينصرفون في كلِّ وجه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يكونَ آخرُ عَهْدِه بالبيتِ"(1)؛ أي: الطواف به، كما رواه أبو داود (2)، (إلا أنه خُفِّفَ عن [المرأة] الحائض)، فلم يجب عليها، واستفيد الوجوب على غيرها من الأمر المؤكَّد، والتعبير في حق الحائض
بالتخفيف، والتخفيف لا يكون إلا لأمر مؤكد (3).
قال في "فتح القدير": لا يقال أمر ندب بقرينة المعنى، وهو أن المقصود الوداع؛ لأنا نقول: ليس هذا يصلح صارفًا عن الوجوب، لجواز أن يطلب حتمًا، لما في عدمه من شائبة عدم التأسف على الفراق، وعدمِ المبالاة به، على أن معنى الوداع ليس مذكورًا في النصوص، بل أن يجعل آخر عهدهم بالطواف، فيجوز أن يكون معلولًا بغيره مما لم نقف عليه، ولو سلم، فإنما تعتبر دلالة القرينة إذا لم يقم منها خلاف ما يقتضي مقتضاها، وهنا كذلك، فإن لفظ الترخيص يفيد أنه حتم في حق من لم يرخص له؛ لأن معنى عدم الترخيص في الشيء، هو تحتيمُ طلبه، إذ الترخيص فيه هو إطلاق تركه، فعدمه عدمُ إطلاق تركه (4).
تنبيه: ظاهر كلام علمائنا: عدمُ وجوب طواف الوداع على الخارج من غير مكة، كمنى.
(1) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (1327/ 379).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 252).
(4)
نقله الشارح رحمه الله عن القسطلاني في "إرشاد الساري"(3/ 252)، الذي نقله عن "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (2/ 504).
وفي "الفروع": وإن ودع، ثم أقام بمنى، ولم يدخل مكة، فيتوجَّهُ جوازُه (1).
ونقل في محل آخرَ فيه: من الواجبات طوافُ الوداع في الأصح، وهو الصَّدَر، وقيل: الصَّدَرُ: طوافُ الزيارة، قال: وظاهرُ قولهم: ولو لم يكن بمكة.
قال الآجري: يطوفه متى ما أراد الخروجَ من مكة، أو منى، أو من نفر آخر (2).
وصرح علماء الشافعية بوجوبه على من أراد الرجوعَ إلى بلده من منى، قالوا: فإن عاد بعد خروجه من مكة أو من منى بلا وداع قبلَ مسافة قصر، فطاف للوداع، فلا دم عليه، وإلا يعد، أو عادَ بعدَ مسافة قصر، فعليه دم (3). والله سبحانه الموفق.
(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 384).
(2)
المرجع السابق، (3/ 388).
(3)
انظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (8/ 184). وانظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 253).