الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الأول
عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ المُنَابَذَةِ، وَهِيَ: طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالبَيعْ إلَى الرَّجُلٍ -قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ-، وَنَهَى عَنِ المُلَامَسَةِ، وَالمُلَامَسَةُ: لَمْسُ الثَّوْبِ لا ينظُرُ إِلَيْهِ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2307)، كتاب: البيوع، باب: بيع الملامسة، واللفظ له، و (2040)، باب: بيع المنابذة، و (5482)، كتاب: اللباس، باب: اشتمال الصماء، و (5927)، باب: الجلوس كيفما تيسر، ومسلم (1512)، كتاب: البيوع، باب: إبطال بيع الملامسة والمنابذة، وأبو داود (3377 - 3378)، كتاب: البيوع، باب: في بيع الغرر، والنسائي (4510)، كتاب: البيوع، باب: تفسير ذلك، و (4511 - 4512)، باب: بيع المنابذة، و (4514 - 4515)، باب: تفسير ذلك، وابن ماجه (2170)، كتاب: التجارات، باب: ما جاء في النهي عن المنابذة والملامسة.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (6/ 459)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 126)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 360)، و"شرح مسلم" للنووي (10/ 154)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 110)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 1092)، و"طرح التثريب" للعراقي (6/ 98)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 359)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 267)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 64).
(عن أبي سعيدٍ) سعدِ بنِ مالكٍ (الخدريِّ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى) نهيَ تحريم (عن) بيع (المنابذة): مفاعلة من نبذَ الشيءَ ينبذه: إذا ألقاه (1)؛ أي: أن يجعل النبذ بيعًا، وفسَّر المنابذة بقوله:(وهي طرحُ الرجلِ)؛ أي: الشخص (ثوبَه بالبيعِ إلى الرجلِ قبلَ أنْ يُقَلِّبَهُ)؛ أي: الثوبَ، (أو) قبل أن (ينظرَ إليه).
وفي "النهاية": هي أن يقول الرجل لصاحبه: انبذ إليَّ الثوبَ، أو أنبذه إليك ليجبَ البيعُ.
وقيل: هو أن يقول: إذا نُبذت إليك الحصاةُ، فقد وجب البيع (2).
قال علماؤنا: فلا يصح بيع المنابذة، للجهالة، أو التعليق، وكذا بيع الحصاة، كارمها، فعلى أي ثوب وقعت، فهو لك بكذا، أو بعتُك من هذه الأرض قدرَ ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا، أو بعتك هذا بكذا على أني متى رميت هذه الحصاةَ، فقد وجب البيع، فلا يصح كل ذلك، لما فيه من الغررِ، والجهالةِ، وتعليقِ البيع (3).
وفي "مسلم" عن أبي هريرة مرفوعًا: نهى عن بيع الحصاة (4).
(ونهى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن) بيع (الملامسة، والملامسة) المنهيُّ عن البيع بها في هذا الحديث مفاعلة من (لمس) يلمس، ويلمس: إذا أجرى يده على الشيء (5)، وهي أن يشتري الشخص (الثوب) ونحوه باللمس
(1) انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: 231).
(2)
انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (5/ 5).
(3)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (2/ 170).
(4)
رواه مسلم (1513)، كتاب: البيوع، باب: بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر.
(5)
انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: 231).
باليد، و (لا ينظر إليه) نظرًا يزيل الجهالة، وكقوله: بعتك ثوبي هذا على أنك متى لمسته، فهو عليك بكذا، أو على أنك إن لمستَه، فعليك بكذا؛ لأنه بيع معلق، ولا يصح تعليقه، أو: أي ثوب لمستَهُ، فهو عليك بكذا، لورود البيع على غير معلوم (1).
وفي "النهاية": نهى عن بيع الملامسة، وهي أن يقول: إذا لمستَ ثوبي، أو لمستُ ثوبك، فقد وجب البيع، وقيل: هو أن يلمس المتاع من وراء ثوب، ولا ينظر إليه، ليوقع البيع عليه، نهى عنه؛ لأنه غرر، أو لأنه تعليق، أو عدول عن الصيغة الشرعية، وقيل: معناه: أن يجعل اللمس باليد قاطعًا للخيار، ويرجع ذلك إلى تعليق اللزوم، وهو غير نافذ، انتهى (2).
وقال ابن دقيق العيد: اتفق الناس على منع بيع المنابذة والملامسة، واختلفوا في تفسير الملامسة -وذكرَ نحو ما قدمناه-، وأما لفظ الحديث الذي ذكره المصنف، فإنه يقتضي أن جهة الفساد عدمُ النظر والتقليب، وقد يستدل به من يمنع بيعَ الأعيان الغائبة عملًا بالعلة، ومن يشترط الصفةَ في بيع الأعيان الغائبة لا يكون الحديث دليلًا عليه؛ لأنه ها هنا لم يذكر وصفًا، انتهى.
والفرق بين هذين البيعين وبين بيع المعاطاة: عدم الجهالة في بيع المعاطاة ووجودها، أو التعليق فيهما (3)، والله أعلم.
(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (4/ 19)، و"كشاف القناع" للبهوتي (3/ 166).
(2)
انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (4/ 269 - 270).
(3)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 110 - 111).