الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْع حَبَلِ الحَبَلَةِ، وَكانَ بَيْعًا يَتَبَايعُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، كانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجَزُورَ إلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2036)، كتاب: البيوع، باب: بيع الغرر وحبل الحبلة، و (2137)، كتاب: السلم، باب: السلم إلى أن تنتج الناقة، و (3630)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: أيام الجاهلية، ومسلم (1514/ 5 - 6)، كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع حبل الحبلة، وأبو داود (3380 - 3381)، كتاب: البيوع، باب: في بيع الغرر، والنسائي (4623 - 4624)، كتاب: البيوع، باب: بيع حبل الحبلة، و (4625)، باب: تفسير ذلك، والترمذي (1229)، كتاب: البيوع، باب: ما جاء في بيع حبل الحبلة، وابن ماجه (2197)، كتاب: التجارات، باب: النهي عن شراء ما في بطون الأنعام وضروعها.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (6/ 420)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (5/ 236)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 136)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 363)، و"شرح مسلم" للنووي (10/ 157)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 125)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 1110)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 231)، و"طرح التثريب" للعراقي (6/ 58)، و"فتح الباري" لابن حجر =
قِيلَ: إِنَّهُ كانَ يَبيعُ الشَّارِفَ -وَهِيَ الكَبِيرَةُ المُسِنةُ- بِنِتَاجِ الْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ نَاقَتِهِ.
* * *
(عن) أبي عبد الرحمن (عبدِ الله بنِ) أمير المؤمنين (عمرَ) بنِ الخطاب (رضي الله عنهما: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى) نهيَ تحريم (عن بيع حَبَلِ الحَبَلَةِ).
في تفسيره وجهان:
أحدهما: أن يبيع إلى أن تحمل الناقة وتضع، ثم تحمل هذا البطن الثاني، وهذا باطل؛ لأنه بيع إلى أجل مجهول.
الثاني: أن يبيع نتاج النتاج، وهو باطل -أيضًا-؛ لأنه بيع معدوم (1).
قال النووي: هو -بفتح الحاء المهملة، والباء الموحدة- في حَبَل وحَبَلَة (2).
وقال القاضي: رواه بعضهم -بإسكان الباء- في الأول، وهو قوله: حَبْل، وهو غلط، والصواب ما قال أهل اللغة، والحَبَلَةُ هنا جمعُ: حابل، كظالم وظَلَمة، وفاجر وفَجَرة، وكاتب وكَتَبَة.
قال الأخفش: يقال: حبلت المرأةُ فهي حابل، والجمع نسوة حَبَلَة.
وقال ابن الأنباري: الهاء في الحبلة للمبالغة، ووافقه بعضهم، واتفق
= (4/ 356)، و"عمدة القاري" للعيني (12/ 71)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 63)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 14)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 243).
(1)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 125).
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (10/ 157).
أهل اللغة على أن الحبل مختص بالآدميات، وفي غيرهن يقال: الحمل، يقال: حبلت المرأة بولد، وحملت ولدًا، وحملت الشاة سخلة، ولا يقال: حبلت.
قال أبو عبيد: لا يقال لشيء من الحيوان: حبل، إلا ما جاء في هذا الحديث (1).
قال علماؤنا: ولا يصح بيعُ حبل الحبلة، ومعناه: نتاج النتاج، وهذا تفسير أبي عبيدة معمر بن المثنى، وصاحبِه أبي عبيد القاسم بن سَلَّام، وآخرين من أهل اللغة، وبه قال الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وهو أقرب إلى اللغة من قول من قال: إنه البيع بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة ويلد ولدُها.
وقد ذكر مسلم في هذا الحديث هذا التفسير، وبه قال مالك، والشافعي، ومن تابعهما، والذي ذكره مسلم هو ما قاله (2).
قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة: أن تُنتج الناقةُ، ثم تحمل التي نُتجت، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا (3).
ولفظ البخاري ما ذكره المصنف: (وكان) -أي: بيع حبل الحبلة-
(1) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (1/ 208)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض، (1/ 175)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 344)، و"تحرير ألفاظ التنبيه" (ص: 177)، "تهذيب الأسماء واللغات"(3/ 58)، و"شرح مسلم" ثلاثتها للنووي (10/ 157).
(2)
قاله النووي في "شرح مسلم"(10/ 158).
(3)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (3630).
(بيعًا يتبايعه أهل الجاهلية) قبل الإسلام، (كان الرجل يبتاع الجزور) إلى مدة غير معلومة، وهي:(إلى أن تنتج الناقة، ثم) إذا ولدت، يستمر الأجل ممتدًا إلى أن (تنتج) النتاج (التي) كانـ[ـت](في بطنها).
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (قيل: إنه كان يبيع الشارف)، (وهي) الناقة (الكبيرة المسِنَّة) -أي: الطاعنة في السن- (بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته)، والسرُّ في النهي عنه؛ لأنه قد يفضي إلى أكل المال بالباطل، أو إلى التشاجر والتنازع المنافي للمصلحة الكلية (1).
والحاصل: أن البيع على كلا التفسيرين باطل، والله تعالى الموفق.
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 125).