الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الأول
عَنْ أَبِي جَمْرَةَ نَصْرِ بْنِ عِمْرَانَ الضُّبَعِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ المُتْعَةِ، فَأَمَرَني بِهَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الهَدْيِ، فَقَالَ: فِيهَا جَزُورٌ، أَوْ بقَرَةٌ، أَوْ شَاةٌ، أو شِرْكٌ في دَمٍ، قَالَ: وَكَأنَّ ناسًا كرِهُوهَا، فَرَأيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنَّ إنْسَانًا يُنَادِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فَأَتَيْتُ ابْنَ عبَّاسٍ فَحَدثْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ! سُنَّةُ أَبِي القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم (1).
* * *
(عن أبي جَمْرَةَ) -بفتح الجيم وسكون الميم وبالرّاء-، واسمه:(نَصْر بن عِمرانَ) بنِ عصامٍ (الضُّبَعِيِّ) -بضم الضّاد المعجمة وفتح الموحّدة وبالعين المهملة- نسبة إلى ضُبيعةَ بنِ قيسِ بنِ ثعلبةَ.
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1603)، كتاب: الحج، باب:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196]، واللفظ له، و (1492)، باب: التمتع والإقران والإفرَاد بالحج، ومسلم (1242)، كتاب: الحج، باب: جواز العمرة في أشهر الحج.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 50)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 1011)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص 211)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 430، 534)، و"عمدة القاري" للعيني (9/ 202)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 212).
من ثقاتِ التّابعين بالبصرة، اتّفقوا على توثيقه.
سمعَ ابنَ عبّاس رضي الله عنهما.
وفي مسلمٍ، وغيرِه: في حديث وَفْدِ عبدِ قيس عنه: أنّه قال: كنت أترجمُ بينَ يدي ابنِ عبّاس وبين النّاس (1).
وسمع أيضًا: ابنَ عمرَ، وجاريةَ -بالجيم- بنَ قُدامة، وهلالَ بنَ جعفرٍ، وغيرَهم.
روى عنه: سعيدٌ، وحمّادُ بنُ زيد، وحمّادُ بن سلمة، وقتادةُ، وخلق، وأخرجَ له الجماعةُ.
قال مسلم: كان مقيمًا بنيسابورَ، ثمّ انصرف إلى مَرْو، ثمّ إلى سَرَخْسَ.
وقال أيضًا في كتاب: الجنائز، وصحّحه: إنّه توفي بسَرَخْسَ (2).
قال الترمذي، وغيرُه: توفي سنة ثمان وعشرين ومئة، وليس في الرّواة أبو جمرة -بالجيم- غيرُه (3).
وكان عمرانُ والدُه جليلًا، قاضيَ البصرة.
روى عنه: ابنُه، وغيرُهُ، ذكره ابنُ عبد البر، وابن مَنْدَهْ، وأبو نُعيم في الصّحابة.
(1) رواه مسلم (17)، كتاب: الإيمان، باب: الأمر بالإيمان باللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(2)
انظر: "صحيح مسلم"(2/ 665).
(3)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 235)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (8/ 104)، و"الثقات" لابن حبان (5/ 476)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 491)، و"تهذيب الكمال" للمزي (29/ 362)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (5/ 243)، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (10/ 385). =
قالوا: واختُلف في أنَّه صحابي، أو تابعي؟
سمعَ عمرانَ بنَ حُصَين (1).
(قال) أبو جمرة: (سألتُ) عبدَ اللَّه (ابن عبّاس رضي الله عنهما عن المتعة)؛ يعني: مشروعيتها واستحبابها بأن يُحرم بالعُمرة في أشهر الحجّ، ويفرغ منها، ثمّ يحجّ من عامه، (2)(فأمرني) ابنُ عبّاس رضي الله عنهما (بها).
وفي رواية في "الصّحيحين": قال أبو جمرة: تمتَّعْتُ، فنهاني ناسٌ (3).
قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على أسمائهم، وكان ذلك في زمن عبد اللَّه بن الزبير رضي الله عنهما؛ فإنّه كان ينهى عن المتعة؛ كما رواه مسلم (4).
قال أبو جمرةَ: (وسألته)؛ يعني: ابنَ عبّاس رضي الله عنهما (عن الهَدْي)؛ أي: عن أحكام الهديِ الواجبِ فيها؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]، (فقال) ابنُ عبّاس:(فيها جَزُور) -بفتح الجيم وضم الزّاي، على وزن فَعُول-، من الجَزْرِ، وهو القطع من الإبل، تقع على الذّكر والأنثى، (5)(أو بقرةٌ، أو شاةٌ): واحدة
(1) انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1209)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 706).
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 50).
(3)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1429)، وعند مسلم برقم (1242).
(4)
رواه مسلم (1238/ 194)، كتاب: الحج، باب: في متعة الحج. وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (3/ 430).
(5)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (3/ 534).
الغنم، يُطلق على الذّكر والأنثى من الضّأن والمعز (1)، (أو شِرْك) -بكسر الشّين المعجمة وسكون الرّاء-؛ أي: النّصيب الحاصل للشريك من الشّركة (2)(في) إراقةِ (دَمٍ).
والمراد به هنا على الوجه المصرّح به في حديث أبي داود، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم:"البقرةُ عن سَبْعَةٍ، والجزورُ عن سبعةٍ"(3)، فهو من المجمَل والمبيَّن.
فإذا شارك غيره في سُبْع بقرة، أو جزور، أَجْزَأَ عنه (4).
(قال) أبو جمرة: (وكأنَّ ناسًا)؛ يعني: كعمرَ بنِ الخطّاب، وعثمانَ بنِ عفان رضي الله عنهما، وغيرهما ممّن نُقل عنه الخلافُ في ذلك (كرهوها)؛ أي: المتعة.
قال: (فنمتُ، فرأيتُ في المنام كَأنَّ إنسانًا).
ولابن عساكر: كأَنَّ المناديَ (5)(ينادي: حَجٌّ مبرورٌ)؛ أي: مقبولٌ، فهو صفة لحجّ.
ولابن عساكر: حجّة مبرورة -بالتأنيث فيهما-، (6)(ومتعةٌ مُتَقَبَّلَةٌ).
قال: (فأتيتُ) عبدَ اللَّه (بنَ عبّاس) رضي الله عنهما، (فحدثتُه).
(1) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 212).
(2)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(3)
رواه أبو داود (2807 - 2808)، كتاب: الضحايا، باب: في البقرة والجزور، عن كم تجزىء؟ من حديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه.
(4)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 212).
(5)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(6)
المرجع السابق، (3/ 134).
وفي لفظ: فأخبرتُ ابنَ عبّاس (1). بما رأيتُ في المنام من قولِ المنادي: حجٌّ مبرورٌ ومتعةٌ.
وفي لفظ: وعُمرةٌ متقبلة (2).
(فقال) ابنُ عبّاس رضي الله عنهما ([اللَّهُ أَكْبَرُ]) متعجِّبًا من الرؤيا، ومُعْجَبًا بها؛ لموافقتها للسنَّة. وقوله: هذه (سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم)؛ أي: طريقته، واستأنس بالرؤيا لما قام به الدّليل الشّرعي؛ فإنّ الرؤيا الصالحة جزءٌ من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، كما في "الصحيح"(3).
ويجوز نصب "سنّة"، وهي رواية غير أبي ذر من رواة البخاري.
قال بعض الشّراح: بتقدير: وافقتَ، أو أتيتَ.
قال الزركشي: على الاختصاص، (4) واعترضه الدّماميني بأنّه لا وجهَ لجعل هذا من الاختصاص (5).
وفي لفظ لمسلم: عن أبي جمرة الضّبعي، قال: تمتّعت، فنهاني ناسٌ عن ذلك، فأتيت ابنَ عبّاس، فسألته عن ذلك، فأمرني بها.
قال: ثمّ انطلقتُ إلى البيتِ فنمتُ، فأتاني آتٍ في منامي، فقال: عمرةٌ
(1) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1492).
(2)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1492).
(3)
رواه البخاري (6582)، كتاب: التعبير، باب: رؤيا الصالحين، ومسلم (2264)، في أول كتاب: الرؤيا، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. وانظر:"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 22).
(4)
انظر: "التنقيح" للزركشي (1/ 281).
(5)
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 134).
مُتَقَبَّلَةٌ وحجٌّ مبرورٌ، فأتيت ابنَ عبّاس، فأخبرته بالذي رأيت، فقال: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، سنّة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم (1).
زاد البخاري فقال: أقمْ عندي وأجعل لك سهمًا من مالي.
قال شعبة: فقلت: لم؟ قال: للرؤيا التي رأيت (2). واللَّه أعلم.
* * *
(1) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (1242).
(2)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1492).