الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورحلتهم كانت في سنة ثماني عشرة وخمسمائة كما ذكرنا وهو يسير ورا [ء] هم على مهل حتى أبعدوا عن البلد فأرسل الشاوشية ليردوا الناس فجعل أبو الفضل بن الخشاب يقول له: يا مولانا لو سقت خلفهم أخذناهم بأسرهم فإنهم منهزمون فقال له: تعلم أن في بلدكم ما يقوم بكم وبعسكري لو قدر والعياذ بالله علينا كسرة. فقال: لا. فقال: وما يؤمننا أنهم لو كسرونا. ودخلنا البلد وقووا علينا ما نفعنا أنفسنا. ولكن الله تعالى قد دفع شرهم. وكان أهل البلد قد أكلوا القطاط في هذه الحصرة. ولما طال الحصار عليهم وقلت أزوادهم وقع فيهم المرض والفنا [ء] . فكان يمر المار من الأسواق فيجد المرضى على الدكاكين فإذا قارب الفرنج البلد للقتال. ووقع الصائح قام المريض مع شدة مرضه وقاتل أحسن قتال وردوا العدو (22 ظ) ف وكان إقلاع الفرنج في آذار فجعل الناس يأخذون الغلة ويبلونها بالماء (26 و) م ويزرعونها فجا [ء] ت تلك «1» السنة الغلة من أحسن الغلات وأزكاها.
تنبيه: [دبيس بن صدقة]
دبيس بن صدقة المذكور هو نور الدولة ملك العرب «2» - صاحب الحلة المزيدية «3» كان جوادا كريما. عنده معرفة بالأدب والشعر. وتمكن في خلافة المسترشد «4» واستولى على كثير من بلاد العراق. وهو من بيت كبير، وله شعر حسن. وأبوه وأجداده مذكورون
في كتب التواريخ. وأبوه سيف الدولة «1» له نظم الشريف أبو علي بن الهبارية كتاب: «الصادح والباغم» .
والحلة «2» : بليدة بين الكوفة وبغداد اختطّها سيف الدولة سنة خمس وتسعين وأربعمائة.
وفي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة: سار صاحب القدس بالفرنج فقصد حلب فخرج إليه عسكرها فالتقوا فانهزم المسلمون. وقتل منهم مائة فارس. ثم التقوا ونصرهم الله سبحانه وتعالى؛ قاله الذهبي «3» .
وفي سنة اثنين وثلاثين وخمسمائة «4» : خرج ملك الروم وقدم إلى بزاعا وفعل ما سيأتي فيها. وأقام على بزاعة بعد أخذها عشرة أيام. ثم رحل بمن معه من الفرنج إلى حلب.
ونزل على قويق. وزحف على حلب. وجرى بين أهلها وبينهم قتال كبير. فقتل من الروم بطريق عظيم القدر عندهم فعادوا خاسرين.
وأقاموا ثلاثة أيام ورحلوا إلى الأتارب وملكوها؛ وتركوا فيها سبايا بزاعة، وتركوا من الروم من يحفظهم.
وسار ملك الروم بمجموعة من الأتارب نحو شيزر فخرج أسوار نائب زنكي بحلب بمن عنده وأوقع بمن في الأتارب من الروم فقتلهم واستفكت أسرى بزاعة وسباياها «1» .
وسار ملك الروم بمجموعة إلى شيزر وحصرها ونصب عليها ثمانية عشر منجنيقا وأرسل صاحب شيزر أبو العساكر سلطان بن علي بن منقذ بن نصر بن منقذ الكناني «2» إلى زنكي يستنجده، فسار زنكي ونزل على العاصي بين حماة وشيزر وكان يركب عماد الدين زنكي وعسكره كل يوم ويشرفون على الروم وهم محاصرون شيزر بحيث يراهم الروم.
ويرسل السرايا فيأخذون كل ما يظفرون به منهم.
وأقام ملك الروم محاصرا شيزر أربعة وعشرين يوما ثم رحل عنها من غير أن ينال منها غرضا «3» . وسار زنكي في أثر الروم فظفر بكثير ممن تخلف منهم.
ومدح الشعرا [ء] زنكي بسبب ذلك فأكثروا. فمن ذلك ما قاله مسلم بن حضر ابن قيم الحموي من أبيات «4» :
لعزمك أيها الملك العظيم
…
تذّل «5» لك الصعاب وتستقيم
ألم تر أنّ كلب الروم لما
…
تبين أنهّ الملك الرحيم
(23 و) ف
وقد نزل الزمان على رضاه
…
وأنّ لخطبه الخطب العظيم
فحين رميته بك عن خميس
…
تيقن فوق ما أمسى يروم
نك في العجاج شهاب نور
…
توقد وهو شيطان رجيم
(26 ظ)
م أراد بقاء مهجته فولى
…
وليس سوى الحمام له حميم
[وفي سنة إحدى وأربعين وخمسمائة]«1» :
وفي سابع يوم من استقرار نور الدين «2» بحلب اتصل خبر مقتل أتابك بصاحب أنطاكية البيمند فخرج ليومه في عساكر أنطاكية وقسم عسكره قسمين:
قسما أنفذه إلى جهة حماة. وقسما أغاربه على جهة حلب وعاث في بلادها.
(24 و) فوكان الناس آمنين. فقتل وسبى عالما عظيما وعاد حتى وصل إلى صلدع ونهبها ووصل الخبر إلى حلب فخرج أسد الدين شير كوه «3» في من كان بحلب من العساكر. وجدّ في السير؟ فقام الفرنج وأدرك جماعة من الرجالة يسوقون الأسرى فقتلهم واستنقذ كثيرا مما كانت الفرنج أخذته. وسارع مختبأ «4» عن طريق الفرنج إلى أن شن الغارة على بلد ارتاح واستاق جميع ما كان للفرنج فيه وعاد إلى حلب مظفرا.
(27 ظ) م ووردت الأخبار بعد وفاة زنكي بأن ابن جوسلين جمع الفرنج من كل ناحية وقصد الرها على غفلة بموافقة النصارى المقيمين فيها فدخلها واستولى عليها وقتل من فيها من المسلمين فنهض نور الدين في عسكره ومن انضاف إليه من التركمان وغيرهم في زها [ء] عشرة آلاف فارس. ووقعت الدواب في الطرقات من شدة السير ووافوا البلد وحصل ابن جوسلين «1» وأصحابه فيه فهجموا عليه ووقع السيف فيهم. وقتل من أرمن الرها والنصارى من قتل. وانهزم إلى برج يقال له «برج الماء «2» » فحصل فيه ابن جوسلين في تقدير عشرين فارس من وجوه أصحابه وأحدق بهم المسلمون وشرعوا في النقب عليهم حتى تعرقب البرج فانهزم [ا] بن جوسلين في الخفية من أصحابه، وأخذ الباقون، ومحق السيف كل من ظفر به من نصارى الرها. واستخلص من كان فيه أسيرا من المسلمين ونهب منها شيئا كثيرا من المال والأثاث والسبي وانكفأ المسلمون بالغنائم إلى حلب وسائر الأطراف «3» .
وفي هذه الوقعة نهبت، وحرقت، وخلت من أهلها ولم يبق منهم بها إلا القليل ووصل خبر الفرنج إلى غازي بالموصل فجهز العساكر إلى الرها، فوصلت وقد ملكها نور الدين فبقيت بيده ولم يعارضه أخوه سيف الدين غازي «1» .
وفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة: حصر العادل نور الدين «3» حصن حارم فجمع البرنس صاحب أنطاكية وقاتله فانهزم الفرنج وقتل البرنس «4» .
قال ابن الوردي: وحمل رأسه إلى حلب وأسر أصحابه. وفي ذلك يقول [ا] بن المنير الأطرابلسي «5» .
أقوى الضلال وأقفرت عرصاته
…
وعلا الهدى وتبلجت قسماته
وانتاش دين محمد محموده
…
من بعد ما علت دما عثراته