الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونسخة كتاب الملك أحمد:
بقوة الله وإقبال دولة قان خرمان أحمد إلى سلطان مصر: أما بعد فإن الله سبحانه وتعالى بسابق عنايته، وعظيم آيته. وقد كان أرشدنا في عنوان الصبى وريعان الحداثة بنور هدايته إلى الإقرار بتوحيده والاعتراف بربوبيته والشهادة لمحمد عليه السلام بصدق نبوته وحسن الاعتقاد في أوليائه الصالحين من عباده في بريته فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام. فلم نزل نميل إلى إعلاء كلمة الدين وإصلاح أمور المسلمين إلى أن أفضى بعد أبينا الجيد «1» وأخينا الكبير
…
«2» الملك إلينا فأفاض علينا من جلابيب ألطافه ولطايفه ما حقق به آمالنا في جزيل الآية، وعوارفه وجلاء هذه المملكة علينا وأهدى عقبا لها إلينا فاجتمع علينا في فوزبلباي وهو الجمع الذي يقدح فيه الآراء جميع الأخوان والأولاد والأمراء الكبار ومقدمي العساكر في انفاذ (110 و) م الجم الغفير من العساكر الذي ضاقت الأرض برحبها من كربهم وامتلأت القلوب رعبا لعظم صولهم وشدة بطشهم إلى تلك الجهة بهمة يخضع لها شمّ الأطواد وعزمة يلين لها صم الصلاد. ففكرنا فيما محضت فيه زبدة عزائمهم عنه فأجمعت أهواءهم عليه، فوجدناه يخالف لما كان في ضميرنا عن إنشاء الخير العام الذي هو تقوية شعار الإسلام، وأن لا يصدر عن أوامرنا ما أمكنا إلا ما يوجب حقن الدماء ويسكن الدهماء، ويجزى له في الأقطار أزج نسائم الأمن والأمان ويستريح به المسلمون في سائر الأمصار في مهاد الشفقة والإحسان تعظيما لأمر الله وشفقة على خلق الله فألهمنا الله تعالى إطفاء تلك النائرة وتسكين الفتن الثائرة، وإعلام من أشار بذلك الرأي بما أرشدنا لله تعالى إليه من تقديم ما يرجى به شفاء العالم من الأدواء.
أو تأخر ما يجب أن يكون آخر الدواء، وإننا لا نحب المسارعة إلى هزّ النصال للنصال إلا بعد إيضاح الحجة، ولا نأذن لها إلا بعد تبين الحق وتركيب الحجة. وقوى عزمنا على ما رأيناه من دواغن الصلاح، وتنفيذ «1» ما ظهر لنا به وجه النجاح. إذ كان شيخ الإسلام، قدوة العارفين جمال الدين عبد الرحمن الذي هو نعم الغوث لنا من أمور الدين فأصدرناها رحمة من الله لمن وعاها ونقمة على من أعرض عنهما وعصاها. وأنفذنا أقضى القضاة قطب الدين
…
بهاء الدين هما من ثقات هذه الدولة الزاهرة ليعرفاهم طريقنا فيتحقق عندهم ما تنطوي عليه لعامة المسلمين جميل نيتنا. وبينا لهم أننا «2» من الله على بصيرة وأن الإسلام يجب ما قبله، وأنه تعالى ألقى في قلوبنا نفع الحق وأهله، ويشاهدون عظيم نعم الله على ألطافه بما دعانا إليه من تقديم أسباب الإحسان، ولا يحرمونها بالنظر إلى ساكن الأحوال فكل يوم هو في شان، فإن تطلعت نفوسهم إلى دليل مستحكم به «3» دواء من الاعتماد وتبغون بلوغ المراد فلينظروا من جملة ما ثرنا مما اشتهر خبره وعمر أثره فإنا ابتدأنا بتوفيق الله بأعداء أعلام الدين وأظهاره وإيراد كل أمر وإصداره تقديما، وإقامة لنواميس الشرع المحمدي على مقتضى قانون العدل الاحدي «4» ، إجلالا وتعظيما على قلب الجهور وعفونا عن كل من اجترح سيئة واقترف، وقابلناه بالصفح وقلنا عفا الله عما سلف، وتقدمنا بإصلاح أوقاف المسلمين من المشاهد والمساجد والمدارس وعماره بقاع البر والربط الدوارس، وإيصال حاصلها بموجب عوائدها القديمة إلى مستحقيها بشروط واقفيها.
ومنعنا أن يلتمس شيء مما استحدث عليها. وأن لا يغير أحد شيئا مما قرر أولا فيها.
وأمرنا تعظيم أمر الحاج وتجهيز وفده وتأمين سبيله، وتيسير قوافله، وأطلقنا سبيل التجار والمترددين إلى تلك البلاد ليسافروا لحيث اختيارهم على أحسن قواعدهم، وحرمنا على العساكر والقردولات والشحاني في الأطراف التعرض لهم في مصادرهم ومواردهم.
وقد كان صادف قراغولنا جاسوسا في زي الفقراء كان سبيل مثله أن يهلك. فلم نر اهراق دمه. وبحرمة ما حرم الله تعالى، وأعدناه إليهم ولا يخفى ما كان في انفاذ الجواسيس «1» آنفا من الضر العام على المسلمين فإن عساكرنا طالما رأوهم في زي الفقراء والنساك وأهل الصلاح فساء ظنونهم في تلك (110 ظ) م الطوائف. فقتلوا منهم من قتلوا أو فعلوا بهم ما فعلوا، وارتفعت الحاجة بحمد الله إلى ذلك بما صدر منا فتح الطريق، وتردد التجار وغيرهم. فإذا أمن الفكر في هذه الأمور وأمثالها لا يخفى عليهم أنها أخلاق جبلية «2» طبيعية، وعن شعر ابن
…
«3» والتطبع
…
«4» وإذا كان الحال على ذلك فقد ارتفعت دواعي النفرة التي كانت موجبة للمخالفة.
فإنها إن كانت بطريق الدين وللذب عن وجوه المسلمين فقد ظهر بحمد الله تعالى من عز دولتنا النور المبين وإن كانت لما سبق من الأسباب ممن تحرى الآن طريق الصواب فإن له عندنا لزلفى وحسن مآب. وقد رفعنا الحجاب. وأتينا بفصل الخطاب، وعرفناهم غرضنا بنية خالصة لله تعالى استنيناها وحرمنا على جميع عساكرنا العمل بخلافها ليرضى به الله والرسل ويلوح على.... «5» أثر الإقبال والقبول. ويستريح من اختلاف الكلمة هذه الأمة. ويتجلى بنور الائتلاف ظلمة الاختلاف والغمة. فيسكن في سابغ ظلها البوادي والحواضر، وتقر القلوب التي بلغت من الجهد الحناجر وتعفى سائر الهنات والجرائر.