الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل العاشر في- جوامعها.- وبعض مدارسها.- وخوانكها.- وزواياها.- وربطها.- وبيمارستانها
.
لما فتح أبو عبيدة حلب كما تقدم صلحا أو عنوة «1» ، ودخل من باب (26 و) ف أنطاكية فحف المسلمون بالأتراس حتى بنيت الشعيبية. وكانت تسمى قديما بمسجد الأتراس ثم بالغضائري «2» . وسيأتي لماذا سميت بالشعيبية «3» - صالحوا أهلها على القول بأنها فتحت صلحا على موضع المسجد الجامع، فاختطه الصحابة- رضي الله عنهم وكان بستانا للكنيسة التي هي الحلاوية الآن. والجب الذي فيه كان دولابا للبستان، ثم جدده سليمان بن عبد الملك، ولم يذكر ابن العديم في «4» ترجمة سليمان أن سليمان بناه.
وقال في مكان آخر: وبلغني أن سليمان هو الذي بناه «5» ، كما رأيته بخط ابن عشائر «6» ولم يبق فيه من بناء سليمان سوى السور. وقد نقض من السور قطعة يسيرة فوق الباب الغربي في «7» سنة تسع وأربعين وثمانمائة وأعيد في أوائل سنة خمسين، وكذلك القبو الذي على الباب الغربي داخل الباب وخارجه. ابتدئ في عمارته في أواخر سنة تسع وأكمل في أوائل سنة خمسين.
ولم يعمر من مال الجامع وإنما عمره شخص يقال له: أبو بكر بن الحلواني وشرط لنفسه أن يسكن مدة حياته في البيت الذي عمره على ظهر القبو المذكور وبعده يكون وقفا على مؤذني الجامع، وسيأتي في الحوادث كيفية موت أبي بكر المذكور «1» .
وقد كان هذا الجامع يضاهي جامع دمشق في الزخرفة والرخام والفسيفساء وباهى سليمان في بنائه ليضاهي ما عمل أخوه الوليد في جامع دمشق.
وقيل إنما بناه الوليد، وأنه نقل إليه آلة كنيسة قورص «2» . وكانت هذه الكنيسة من عجائب الدنيا ويقال أن ملك الروم بذل في ثلاثة أعمدة كانت فيها سبعين ألف دينار فلم يسمح الوليد بذلك» .
ويقال إن بني العباس نقضوا ما كان فيه من الرخام والآلات إلى جامع الأنبار كما نقضوا آثار بني أمية من بلاد الشام. ولم يزل على هذه الصفة إلى أن دخل نقفور في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة حلب فأحرقه. ولما عاد سيف الدولة رمّ بعض ما تهدم منه ثم لما مات سيف الدولة ولى ولده أبو المعالي «4» فبنى فيه «5» .
وهذا الجامع أحرق مرارا:
منها: في «1» سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة أحرقه الفرنج.
ومنها: سنة أربع وستين وخمسمائة أحرق فجدده نور الدين الشهيد؛ كما قاله ابن كثير.
ومنها: في سنة تسع وسبعين وستمائة حرقه صاحب سيس «2» ونقل صاحب ماردين رخامه.
وسيأتي من أحرقه أيضا من التتار وغيرهم. والكلام على الجامع قبليته وشرقيته وشماليته وغربيته، ومنارته، وصحنه، ومصنعه. وما فيه على الترتيب.
أما الحائط القبلي الذي يلي الصحن وفيه أبواب القبلية فأخبرني شيخنا أنه من بناء نور الدين الشهيد؛ وسيأتي كلام ابن شداد في الخاتمة «3» .
وفي سنة ستمائة وقع باب قلعة حلب، وكان الباب قريبا من أرض البلد متصلا (26 ظ) ف بالباشورة «4» فقتل تحته خلق كثير منها: الأستاذ ثابت بن شعويق الذي بنى الحائط القبلي بجامع حلب الذي فيه محراب الصحن.
والحائط الشرقي مكتوب عليه أنه عمر في أيام الناصر محمد بن قلاوون. في سنة سبع وعشرين وسبعمائة. انتهى.
(30 و) م ومنه قطعة من جهة الشمال بنيت في أيام السلطان صلاح الدين. وأما الرمح المغروزة فيه فهو علامة لوقت العصر وقد عمل الشيخ العارف ابن التيزيني تلميذ الرئيس بن الحارمي نزيلا دمشق علامة أخرى بالقرب من العلامة المذكورة أ.
وجهة الشمالية من الجامع مقبرة للكنيسة التي هي الآن المدرسة الحلاوية قبل الفتوح. والحائط الغربي جدد بعد موت السلطان المؤيد في تولية ولده السلطان أحمد؛ ورأيته وقد سقط فلما أزيلت الحجارة الساقطة خرجت بالحمام حية من بينهالأنه سقط ليلا ولم يؤذ أحدا. وكان بحلب الوزير علم الدين فأصبح بكرة النهار بالجامع ومعه الصناع لتحرير الحائط وبنائه. فسمع كافل حلب فغضب من ذلك وأنف. فأمر بإخراج الوزير من الجامع.
وتمثل بعمارته.
إشارة «1» : «في ليلة الأربعا [ء] سابع عشر من شوال في أيام نور الدين. وذلك في سنة أربع وستين وخمسمائة أحرقته الاسماعيلية «2» . واحترقت الأسواق فبناه نور
الدين كما تقدم، ونقل إليه عمدا من قنسرين، وقطع له العمد من بعادين لأن العمد التي كانت فيه تفطرت من النار» .
وكان النصف القبلي من الشرقية التي في قبلي الجامع الملاصقة لسوق البز عن يمين الداخل من الباب القبلي سوقا موقوفا على الجامع فاستفتى نور الدين في ذلك الفقيه عبد الرحمن الغزنوي «1» فأفتاه بجوازه فنقض السوق وأضافه إلى الجامع، فاتسع المسجد. وحسن في مرآى العين.
ووقف عليه نور الدين أوقافا كثيرة. قال ابن شداد: وشاهدت الفتوى بخط الغزنوي «2» .
وهذا المكان رؤي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي فيه كثيرا وهو الآن دكة مرتفعة عن أرض الجامع. وأراد بعض المتكلمين في أيامي أن يجعل له حائطا وأن يجعله حاصلا للجامع. فمنعته من ذلك وأخبرته بما فعل السلطان نور الدين رحمه الله تعالى وأثابه الجنة. انتهى أ.