الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما تهدم عمره جقمق الدوادار وجعله نصفين: نصفا لمدرسته بدمشق ولها (53 و) ف غالب ضيعة من عمل الباب يقال لها «عين أرزة» . انتهى.
وهذه المدرسة أنشأ صاحبها إلى جانبها تربة ليدفن بها من يموت من الملوك والأمراء.
وبناء هذه المدرسة محكم. وبها خلاوى للفقهاء وبركة ماء. وهي على ترتيب الشرفية التي تقدم الكلام عليها. وقد استعصت مرة على التتار فأرادوا قلع عتبتها فحفر المقيمون بها سقاطة من أعلى بابها ورموا عليهم بالأحجار فاندفعوا عنها. انتهى.
«المدرسة
الهروي
ة الشافعية» :
هذه المدرسة خارج باب المقام
قال ابن شداد «1» : «أنشأها الشيخ أبو الحسن على بن أبي بكر الهروى» . انتهى.
اعلم أن الشيخ عليا المذكور مدفون في قبة جانب هذه المدرسة. وبناء القبة هو كهيئة الكعبة. فلذلك كانت حاملة في الزيارات مكتوب عليها: حكم ومواعظ وبها بئر من خارجها تنسب إلى سيدنا الخليل عليه السلام. وقد قال الهروي المذكور أن هذه البئر ظهرت بهذه التربة.
[الهروي]
والهروي ترجمه صاحب حماة «2» ، وابن خلكان «3» . والذهبي «4» .
قال ابن خلكان: الهروي الأصل. الموصلي المولد. المشهور. نزيل حلب طاف البلاد، وأكثر الزيارات. وطبق الأرض بالدوران برا وبحرا. سهلا وجبلا. وكل مكان قصده. ولم يصل مكانا إلا وكتب خطه على حائطه، وضرب به المثل في
ذلك، قال جعفر بن شمس الخلافة «1» يصف رجلا يستكدي بأوراقه شعر:
أوراق كديته في بيت كلّ فتى
…
على اتفاق معان واختلاف روي
يطبق «2» الأرض من سهل إلى جبل
…
كأنها «3» خط ذاك السائح الهروي
وكان فيه مع ذلك فضيلة. وله معرفة بعلم السيما «4» . وبه تقدم عند الظاهر صاحب حلب. وبنى له المدرسة بظاهر حلب.
وقال القاضي «5» ورأيت على حائط الموضع الذي كان يلقى فيه الدروس من المدرسة المذكورة هذين البيتين:
رحم الله من دعا لأناس
…
نزلوا هاهنا يريدون مصرا
نزلوا والخدود بيض فلما
…
أزف «6» البين عدن «7» بالدمع حمرا
وتوفي في شهر رمضان في العشر الأوسط سنة إحدى عشرة وستمائة. انتهى.
وقال الذهبي. وله تواليف حسنة. وكان يعرف السيما. وبه تقدم عند الظاهر. وبنى له مدرسة بظاهر حلب فدرس بها، وصنف خطبا. ودفن في قبة المدرسة.
وقال جمال الدين واصل: كان عارفا بأنواع الحيل والشعبذة. وصنف خطبا وقدمها للناصر لدين الله فوقع له بالحسبة في سائر البلاد. وإحياء ما شاء من الموات والخطابة بحلب.
وكان هذا التوقيع بيده له به شرف، ولم يباشر شيئا من ذلك. انتهى.
قلت: قد سمع من عبد المنعم الفراوي تلك الأربعين السباعية. وروى (53 ظ) ف عنه الصدر البكري وغيره. ورأيت له المزارات والمشاهد التي عاينها في البلاد.
ومن المواعظ التي على تربته؛ من كلامه «1» :
قل لمن يغتر بالدنيا وقد طال عناه
…
هذه تربة من شيد هذا وبناه
طالما أتعبه وقد هدّ قواه
…
طلب الراحة في الدنيا فما نال مناه
سلكت القفار. وطفت الديار. وركبت البحار، ورأيت الآثار، وسافرت البلاد، وعاشرت العباد. فلم أجد صديقا صادقا. ولا رفيقا موافقا فمن قرأ هذا الخط فلا يغتر بأحد قط «2» ابن آدم دع الاحتيال فما يدوم حال. ولا يغالب التقدير، فلن يفيد التدبير، ولا تحرص على جمع مال. ينتقل إلى من لا ينفعك شكره ويبقى عليك وزره، سبحان مشتت العباد في البلاد، وقاسم الأرزاق في الآفاق. هذه تربة الغريب الوحيد علي بن أبي بكر الهروي عاش غريبا ومات وحيدا، لا صديق يدينه، ولا خليل ينعيه، ولا أهل يرونه، ولا إخوان يقصدونه، ولا ولد يطلبه، ولا زوجة تنادمه، أنس الله وحدته، ورحم غربته.
وهو القائل:
طفت البلاد مشارقا ومغاربا
…
ولكم صحبت بسائح وحبيس
ورأيت كل غريبة وعجيبة
…
ورأيت هولا في رخاء وبؤس
الطعم يذل الأنفس العزيزة، ويستخدم العقول الشريفة. وعلى قبره «3» :
«يا عزيز ارحم الذليل، يا قادر ارحم العاجز، يا باقي ارحم الفاني، يا حي ارحم