الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الميت، اللهم إني ضيفك ونزيلك، وفي جوارك وفي حرمك، وأنت أولى من أكرم ضيفه ورحم جاره، وأعان نزيله، يا رب يا مغيث.» .
وعلى باب خارج تربته في الحوش.
«فرّ من الخلق فرارك من أسد.» .
وعلى باب الميضأة:
«المال في بيت الماء» . فكان المغفلون يعزلونها ظنا منهم أن هناك مال. وهو أراد غير ذلك. انتهى.
ومن فوائده للدخول على الملوك:
«شالوم شيشالوم، صابور صيصابور، شدي قدي «1» . لا أرجو إلا أنت الله ربي، إن مسني الضر وأنت أرحم الراحمين» .
وأول من درس بهذه المدرسة في زمانه الشيخ موفق أبو القاسم بن عمر بن فضل الكردي الحميدي. ولم يزل مدرسا بها إلى أن خرج عنها كما تقدم. وكانت وفاته سنة عشرة وستمائة.
ثم درس فيها الشيخ الإمام شمس الدين بن المظفر حامد بن أبي العميد عمر بن أميري بن ورش القزويني ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي يوم الجمعة ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وستمائة. وكان مولده سنة سبع وأربعين (54 و) ف وخمسمائة.
ووليها بعده ولده عماد الدين محمد ولم يزل بها إلى أن كانت فتنة التتر فدثر بعضها.
ولم يبق بها ساكن. وخرب وقفها لأنه كان سوقا بالحاضر. انتهى.
«مدرسة الفردوس» :
أنشأتها الصاحبة ضيفة خاتون تربة ومدرسة ورباطا. ورتبت فيها خلقا من القراء والفقهاء والصوفية.
وأول من درس فيها شمس الدين أحمد بن الزبير الخابوري ولم يزل إلى عصرنا وهو سنة ثلاث وسبعين وستمائة؛ قاله ابن شداد «1» .
قلت: ووقفت على ذلك ضيعة وهي: «كفرزيتا «2» » وثلثي طاحونها. وثلثها الآخر على (البلدقية) كما سيأتي.
وهذه المدرسة بناؤها عظيم مرتفع بالحجارة الهرقلية. وهي كثيرة الأماكن من المساكن، وبها خشخاشة «3» للموتى. وبركة ماء كان يأتي ماؤها من بستانها من دولاب خارجها. وفي جانب هذا البستان إيوان عظيم بالحجارة العظيمة.
وفي داخل هذه المدرسة عواميد من الرخام الأصفر. ومحرابها من أعاجيب الدنيا يرى الناظر وجهه فيه من صفاء معدنه. وجدد في هذه المدرسة بعد واقفتها. وأقيمت فيه الجمعة.
وخطب بها قبل فتنة تمر السيد علي الهاشمي؛ وسيأتي ذكره في الحوادث. وهذه المدرسة مرخمة من الرخام الأبيض والأسود، وبها قاعة عظيمة لمدرسها ولهذه المدرسة من جهاتها الأربع مناظر وشبابيك إلى بستانها. وكانت عمارتها أعلى مما هي عليه الآن.
واختصرت.
وبها إيوان عظيم مكتوب عليه في طرازه وطرازها: «لله در أقوام إذا جن عليهم الليل سمعت لهم أنين وألحان. وإذا أصبحوا رأيت عليهم تغير ألوان.
[وداخل الإيوان من الطرف الأيمن «1» ] :
إذا ما الليل أقبل كابدوه
…
ويسفر عنهم وهم ركوع
أطار الشوق نومهم فقاموا
…
وأهل الأمن «2» في الدنيا خشوع «3»
أجسادهم تصبر على التعبد. أقدامهم ليلها مقيمة على التهجد. لا يرد لهم صوت ولا دعاء. تراهم في ليلهم سجدا ركعا. قد ناداهم المنادي، وأطربهم الشادي.
[وفي صدره]«4» :
يا رجال الليل جدوا
…
رب صوت لا يرد
ما يقوم الليل إلا
…
من له حزم وجد
لو أرادوا في ليلهم أن يناموا أقلقهم الشوق إليه فقاموا. وجذبهم الوجد والغرام فهاموا. وأنشدهم مريد الحضرة وبثهم. وحملهم على المناجاة وحثهم:
حثوا مطاياكم وجدوا
…
إن كان لي في القلوب وجد
قد آن أن تظهر الخبايا «5»
…
وتنشر الصحف فاستعدوا
الفرش مشتاقة إليهم. والوسائد متأسفة عليهم. النوم قرم إلى (54 ظ) ف (54 ظ) م عيونهم والراحة مرتاحة إلى جنوبهم. الليل عندهم أجل الأوقات في المراتب. ومسارهم عند تهجدهم رعي «6» الكواكب:
وزارني طيفك حتى إذا
…
أراد أن يمضي تعلقت به
فليت ليلي لم يزل سرمدا
…
والصبح لم أنظر إلى كوكبه
هجروا المنام في الظلام، وقلدوا بطول المقام، وناجوا ربهم بأطيب كلام. وأنسوا بقرب الملك العلام، لو احتجبوا عنه في ليلهم أذابوا، ولو تغيبوا عنه لحظة لما
طابوا، يديمون التهجد إلى السحر ويتوقعون ثمر اليقظة والسهر، بلغنا أن الله تبارك وتعالى يتجلى للمحبين فيقول لهم من أنا؟ فيقولون: أنت مالك رقابنا. فيقول: أنتم أحبتي. أنتم أهل ولايتي وعنايتي. ها وجهي فشاهدوه ها كلامي فاسمعوه. ها كأسي فاشربوه: وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً
«1» . إذا شربوا طابوا ثم طربوا. وإذا طربوا قاموا، إذا قاموا هاموا. إذا هاموا طاشوا، وإذا طاشوا عاشوا. لما حملت الصبا ريح قميص يوسف لم يغضض ختامه، إلا يعقوب ما عرفه أهل كنعان. ومن عندهم خرج ولا هوذا وهو الحامل.
ومكتوب على باب سطر وهو غاية في الجودة. وقد مدح هذا السطر الشعراء: «أمر بإنشائه ضيفة خاتون في أيام السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الملك العزيز محمد بن السلطان الظاهر غازي بتولي عبد المحسن العزيزي الناصري في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة» ؛ هكذا شاهدته.
والعزيز تقدم متى مات، ومتى ولي ولده الناصر فانظر يا هذا ومن جملته: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ «2» .
ومما قال فيه الشعراء:
في باب فردوس حلب
…
سطر من الدر «3» عجب
فيه صحاف من ذهب
…
هن صحاف من ذهب
وبلغني أن شخصا من أهل حلب يقال له شهاب الدين ابن الزبيبة وكان هذا الرجل من أهل العلم، وكان طريفا له منادمة حسنة. وكان يحفظ ألف حكاية. وقد وليّ قضاء اسكندرية، نزل إلى بركة الفردوس ولف لفة بأربعة وعشرين شاشالفة
سكرية. ولفة بيضاء- وتحتها كرسي من سنجاب. ولما دخل قاضي القضاة ابن الزملكاني إلى حلب متوليا قضاءها نزل مشهد الفردوس وكان إذ ذاك بحلب الأديب شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الدمشقي فقال:
يا حاكم الحكام يا من به
…
قد شرفت رتبته الفاخرة
ومن سقى الشهبا مذحلها
…
بحار علم وندى زاخرة
(55 و) ف
نزلت بالفردوس فابشر «1» به
…
دارك في الدنيا وفي الآخرة
وعامل أهلها بالتشديد فقال له نائبها الطنبغا: يا قاضي لأي شي ما تعاملنا كما كان القاضي زين الدين يعاملنا؟ فقال: ذاك كان يخاف على منصبه. وأنا لو عزلتموني اليوم أصبح على بابي من الطلبة والتلاميذ والمستفتين مثل ما على بابي اليوم في الحكم؟ فقال له صدقت. انتهى.
ونظم الأديب جمال الدين أبو بكر محمد بن محمد بن نباته في كمال الدين المشار إليه:
ليهن حما الشهباء قاض حوت به
…
جمالا على تفضيله اتفق النص
فلو مثلت كتب النحاة بنعته
…
لما جاز أن يجرى على نعته النقص
ومن نظم كمال الدين المشار إليه من أبيات:
من ذا يرى ذاك الجمال وينثني
…
وله إلى لقيا سواه جنوح
إني وهبت ببابكم روحي لكم
…
فانظم بلطفك أمن «2» تلك الروم
ولما توفي رثاه ابن نباته المشار إليه فقال من قصيدة:
بلغا القاصدين أن الليالي
…
قبضت جملة العلى بالكمال
وقفا في مدارس العقل والنقل
…
ونوحا معي على الأطلال