الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفقهاء وحب البلاذر] :
وحكى القاضي بها [ء] الدين لجماعة قال: لما كنا بالمدرسة النظامية ببغداد اتفق خمسة من الفقها [ء] استعمال «حب البلاذر» «1» لأجل الحفظ. فاجتمعوا ببعض الأطبا [ء] وسألوه عن مقدار ما يستعمل الإنسان منه. وكيف يستعمله. ثم اشتروا القدر الذي قال لهم الطبيب. وشربوه في موضع خارج من المدرسة. فحصل لهم الجنون.
وتفرقوا وتشتتوا. ولم يعلم ما جرى عليهم، وبعد أيام جاء إلى المدرسة واحد منهم. وكان طويلا وهو عريان ليس عليه شيء سوى ستر عورته، وعلى رأسه بقيار «2» كبير له عذبه طويلة خارجة عن العادة. وقد ألقاها ورا [ء] هـ. فوصلت إلى كعبه وهو ساكت، ساكن عليه السكينة والوقار، لا يتكلم. ولا يعبث. فقام إليه من كان حاضرا من الفقها [ء] رسالة عن الحال. فقال لهم: كنا قد اجتمعنا. وشربنا حب البلاذر. فأما أصحابي فإنهم جنّوا. وما سلم منهم إلا أنا وحدي، وصار يظهر العقل العظيم والسكون وهم يضحكون منه وهو لا يشعر بهم. ويعتقد أنه سالم مما أصاب أصحابه وهو على تلك الحالة «3» . انتهى.
[رسالة الشاعر ابن خروف لابن شداد] :
وقد كتب الأديب نظام الدين المعروف بابن خروف الشاعر إلى ابن شداد رسالة يستنجد منه فروة قرضية، وهي:
بهاء الدين والدنيا
…
ونور المجد والحسب
طلبت مخافة الأنوا
…
ء من نعماك جلد أبي
وفضلك عالم أني
…
خروف بارع الأدب
حلبت «1» الدهر أشطره
…
وفي حلب صفا حلبي
ذو الحسب الباهر والنسب الزاهر، يسحب ذيول سيراء السرا [ء]«2» ويحسب النحاة لأجل الفرا [ء] ، ويمن على الخروف النبيه بجلد أبيه، قانئ الصباغ قريب عهد بالدباغ، ماضل «3» طالب قرضه ولا ضاع. بل ذاع ثناء «4» صانعه وضاع «5» . أثيث «6» حمائل الصوف، يهزأ من الرياح بكل هو جاء عصوف. إذا طهر إهابه، يخافه البرد ويهابه.. ما في الثياب له ضريب. إذا نزل الجليد والضريب، ولا في اللباس له نظير، إذا عرى من ورقه الغصن النضير. لا كطيلسان ابن حرب «7» ، ولا جلد
عمرو الممزق بالضرب «1» ، كأنه من جلد حمل الجرباء الذي يراعي البدر والنجم، ولا من جلد السخلة الجرباء التي ترعى الشجر والنجم. فرجي النوع. أرجي الضوع. يكون تارة لحافا وتارة بردا، وهو في الحالين يحيي حرا. ويميت بردا. لا يزال (47 ظ) م مهديه سعيدا، ينجز للأوليا [ء] وعدا. وللأعداء وعيدا، إن شاء الله والسلام «2» . انتهى.
وقد درس بها واقفها واستناب القاضي زين الدين أبا محمد عبد الله بن الحافظ عبد الرحمن بن علوان الأسدي. (46 ظ) ف
ولما توفي القاضي وليّ القاضي زين الدين. ودرس استقلالا. ولم يزل بها إلى أن توفي سنة خمس وثلاثين فوليها ولده القاضي كمال الدين أبو بكر محمد ولم يزل بها مدرسا إلى أن كانت حادثة التتر فخرج عنها إلى ديار مصر ثم عاد إلى حلب في أواخر سنة إحدى وستين وستمائة وولي تدريس هذه المدرسة، وتدريس الظاهرية، والقضا [ء] ، ولم يزل بها إلى أن توفي في ليلة الأحد رابع وقيل خامس عشر شوال سنة اثنين وستين وستمائة.
ووليّ تدريسها جده القاضي محي الدين أبو المكارم محمد بن قاضي القضاة جمال الدين محمد بن عمه فلم يزل بها إلى أن توفي في سنة تسع وستين.
ووليها أخوه افتخار الدين عثمان فلم يزل مدرسا بالصاحبية فقط إلى أن توفي بالديار المصرية.
ووليها ولده شرف الدين عبد المجيد مع الأوقاف بحلب وهو مستمر بها إلى تاريخ سنة سبع وسبعين وستمائة.
وهذه المدرسة كانت قبل فتنة تمر عامرة بالعلماء، ودرس بها الشيخ شرف الدين الأنصاري وغيره.
وبعد تمر سكن «1» شيخنا الشيخ علاء الدين بن الوردي وكان يقرئ بها «الحاوي» و «البهجة» «2» . والناس يترددون إليه.
وكان شيخنا المؤرخ يدرس بها الأحد والأربعا [ء] دائما. وكنت أحضر معه.
ومن جملة من درس بها قبل الفتنة التمرية: ابن بنت الباريني. قال لي الشيخ علا [ء] الدين بن مكتوم أنه كان يتصفح كراسا من: «الروضة» وكراسا من «المهمات» مرة واحدة. ويردهما. وأنه لما تكرر ذلك منه أصيب بالعين فأخذته الحمى. ومات. انتهى.
ودرس في هذه المدرسة جماعة من القضاة:
كالسيد.
وشيخنا زين الدين بن الخزري.
والباعوني.
ثم تعطلت هذه المدرسة. وصارت مسكنا للنسا [ء] حتى قدم الشيخ الصالح الزاهد علا [ء] الدين الجبريني. فحضر إلى هذه المدرسة، ورأى ما حل بها من التعطيل فشرع في إخراج النساء منها. وفي عمارتها. وتبييضها. وترخيم ما تقطع من رخامها. وتعزيل خلاويها، وعمارة مرتفقها، وفتح بركتها. ولما فتح إيوانها الشمالي (وعزّل) ظهر فيه قبر، فأبقاه في مكانه. وأقام شعار هذه المدرسة من ترتيب