الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر المارستانات
ونبدأ منها:
بيمارستان العتيق:
قال ابن الجوزي: المارستان بفتح الراء، والعامة تكسرها. وبعضهم يتفاصح فيقول:
البيمارستان وهو أعجمي فقيل: المارستان. انتهى.
ومعناه بيت المرضى «1» .
[ابن بطلان الطبيب المؤرخ] :
اعلم أن المختار بن الحسن المتطبب دخل حلب سنة أربعين وأربعمائة؛ قال وبها بيمارستان صغير، كذا نقلته من خط الصاحب.
ثم رأيت في تاريخ الصاحب من خطه أيضا ما لفظه: المختار بن الحسن بن عبدون بن سعدون بن بطلان الطبيب أو الحسن البغدادي، طبيب حاذق. نصراني له مصنفات حسنة في الطب وعددها، وله شعر. وهو الذي بنى البيمارستان بأنطاكية.
وقيل هو وضع البيمارستان بحلب، وجدد نور الدين عمارته.
وأنه اختار له هذه البقعة التي هو الآن فيها بحلب دون سائر بقاعها وأنه اختبر صحتها بلحم علقه في أماكن حلب بأسرها فلم يجد أصلح من هذا المكان لبناء البيمارستان، فإن اللحم لم يتغير «2» .
وقفت على مقالة وضعها في علة نقل الأطباء تدبير أكثر الأمراض التي كانت تعالج
قديما بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد كالفالج واللقوة «1» ومخالفتهم في ذلك لمسطور القدماء صنفها في سنة خمس وخمسين وأربعمائة بأنطاكية، وقال في آخرها وأظنه بخطه: قال المختار بن الحسن: صنفت هذه المقالة لصديق لي في سنة 455 وأنا يومئذ مكدود الجسم، منقسم الفكر في جمع الآلات لبناء بيمارستان بأنطاكية.
وقال في أثناء هذه المقالة: ومما يدل أيضا على اختلاف أحوال البلاد بتنقل القرانات ما حكاه لنا مشايخ أهل حلب أن شجر النارنج ما كانت تنبت بحلب لشدة بردها، وأن الدور القديمة كلها لم يكن يستطاع السكنى في الطبقة السفلى منها. وأن البادهنجات حدثت منذ زمان قريب حتى أن لادار إلا وفيها عدة بادهنجانات بعد أن لم يكن بحلب ولا واحد.
ووجدت في تعليق لي خرج ابن بطلان من بغداد سنة تسع وثلاثين وأربعماية، وسافر إلى الشام ودخل مصر سنة أربعين وأربعمائة وأقام بها ثلاث سنين. ثم عاد إلى القسطنطينية وأقام بها سنة ثم خرج منها إلى حلب وأقام بها مدة. وبأنطاكية وكان يتردد من إحداهما إلى الأخرى إلى أن ترهب بأنطاكية.
ومات بها بعد خمس وخمسين. (86 و) ف
وكان القاضي كسرى- قاضي حلب- قد أسن، وانحدر إلى ركبته مرض أزمنه ومنعه من المشي فجاءه أبو غانم وهو ابن بنت القاضي كسرى بابن بطلان الطبيب فنظر إلى موضع الألم وقال أدخلوه إلى حمام حارة. واتركوه بها حتى يغشاه الكرب ويضيق نفسه ولا تمكنوه من الخروج فإذا غلبكم على رأيكم وقام خارجا بنفسه فخذوا ماء باردا واضربوا به فخذه إلى ركبته فإنه براء.
فأدخلوه إلى حمام الكنيسة عند باب الجامع- وهي حمام النطاعين وقد دثرت الآن- وفعلوا به ما قال. فأراد أن يستريح. وطلب ذلك منهم فقالوا له: هاهنا جماعة وعوراتهم
مكشوفة فاصبر إلى أن نزيلهم من طريقك، ودافعوه عن الخروج إلى أن زاد كربه، ولم يطق الصبر. فنهز قائما. فرموه بماء بارد كما أمرهم فاستمر ماشيا على عادته الأولى.
فسئل ابن بطلان عن ذلك فقال: رأيت هذا شيخا مسنا. ولا يحمل مزاجه أن يسقى أدوية ويعمل له ضمادات ربما يؤذيه فلم أر له دواء ألطف من هذا.
قال لي بهاء الدين أبو محمد الحسن بن الخشاب أنه وجد بخط بعض بني شرارة النصارى الحلبيين أن بطلان توفي بأنطاكية يوم الجمعة الثامن من شوال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. انتهى.
وعلى بابه مكتوب عمره السلطان نور الدين بتولي ابن أبي الصعاليك.
وفي هذا البيمارستان قاعة للنساء مكتوب عليها عمر هذا المكان في دولة السلطان صلاح الدين يوسف بن العزيز محمد بتولي أبي المعالي محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن العجمي الشافعي في شهر رمضان سنة خمس وخمسين وستمائة.
وعلى إيوانه أنه عمر في أيام الأشرف شعبان؛ وأن هذا الإيوان وقاعة النساء الصيفية أنشأها صالح سبط بن السفاح.
وعلى الشباك الذي على بابه أنه أحدث في سنة أربعين وثمانمائة على يد الحاج محمد البيمارستاني. وقاعة المنسهلين كانت سماوية فأسقفها القاضي شهاب الدين بن الزهري.
ومن جملة أوقافه: قرية معراثا «1» وأراضي خارج حلب. ومن جملة «2» أوقافه: حصة بوادي العسل. وحصة بالحميرا وحصة بطاحون عربيا، جعلها المتكلم عليه الآن ملكا له باليد العادية؛ قاله العز بن العديم.
وهو بيمارستان مبارك يستشفى به وهو نير، شرح، ومفروش من الرخام. وبه بركتا ماء يأتي إليهما الماء الحلو من قناة حيلان. انتهى.