الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم لشهاب الدين أخي كمال الدين؛ فخطب ولده في حياته.
ثم لما توفي في فصل سنة خمس وعشرين انتقلت إلى شيخنا شهاب الدين ابن الموازيني «1» .
وجعل تغري بردى لقاضي المسلمين شمس الدين الصفدي وظيفة مباشرة فيه.
فلما انتقل من حلب إلى طرابلس قاضيا جعلها للقاضي شرف الدين سبط [ا] بن العجمي. انتهى.
جامع منكلي بغا الشمسي
؛ ولي نيابة حلب عوضا عن قطلوبغا الأحمدي في سنة ثلاث وستين وسبعمائة
ثم وليها ثانية كما تقدم وفي هذه التولية أنشأ هذا الجامع. وباشر منعوتا بأحسن الأوصاف حاملا ألوية العدل والإنصاف إلى أن نقل إلى نيابة دمشق بعد سنة كاملة.
وهذا الجامع لطيف، حسن العمارة، ظاهر النورانية، يشرح الصدر ويذهب الهم، ويفرج الكرب. ومحرابه في غاية الجودة من الرخام الملون والفسيفسا [ء] ، وهو معتدل على القبلة. من غير انحراف، ومنبره نهاية من الرخام الأبيض، والفصوص الملونة. وكذلك سدته من الرخام الأبيض جيد في بابه، وحائطه فيه وزرة من الرخام الملون السماقي والأبيض. ومنارته حسنة على هيئة لطيفة مدورة في غاية الإحكام.
وكان أولا قبل أن يبنى محلة يباع فيها الخمر. ويقال لها محلة الأرض. فقيض الله سبحانه وتعالى هذا الرجل فأزال المناكر وأسس هذا الجامع بالعدل والإنصاف؛ كما قال الشاعر:
وإذا تأملت البقاع وجدتها
…
تشقى كما تشقى الرجال وتسعد
وأصرف عليه من وجه حلال «1» . ثم بلغ مشد العمارة «2» أن الصيرفي كان يقطع من كل فاعل حبة. فأهانه؛ وقال: لو درى بك النائب لأهانك وكان الفاعل ينام ويعمل. ولا يكلف. ويأمره بالصلاة «3» . وأقام لعمارته ابن المهندار فقام قياما حسنا وعمره، وثمر وقفه وزاد ريعه، وشرى له حصصا.
وقد وقف منكلي بغا كتبا نفيسة لهذا الجامع؛ ومنها: «التفسير للقرطبي «4» » و «التبصرة لابن الجوزي «5» » و «مجمع الأحباب للحسيني «6» » ، وغيره من الكتب النفائس. وقد ذهب نصف مجمع الأحباب، وكان كله في مجلدين فذهب مجلد واحد وهو كتاب جليل ترجم فيه الأوليا [ء] والعلما [ء] ، وتكلم فيه على طريق الصوفية، ووضع الكتب في خزائن بالجامع المذكور. وهذه الخزائن متقنة محكمة فيها الصفائح العظيمة على طريق النجارين. وبلغني أن الشيخ فريكا وهو من الصالحين كان نجار ذلك.
ومنكلي بغا ترجمته مشهورة، منها:
بلغه أن إمام الحلاوية- وهو ابن النجار- وكان نائبا عن القاضي الحنفي وله بيت خلف الحلاوية فأراد ان يستقرب البعد لأجل الإمامة ففتح له بابا إلى الحلاوية من (34 ظ) ف قبتها فلما بلغ منكلي بغا ذلك حضر إلى الحلوية، ونظر فيها، وقد قيل له: أين الباب المذكور.
وعين مكانه فوقف عليه وسأل ما هذا؟ فقيل له: ما جرى.
فقال: «أما سمع الإمام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خطوة ترفع درجته، وخطوة تضع خطيئة» . وأمر بسد الباب. انتهى
وفي تاريخ ابن حبيب سنة ثمان وستين وسبعمائة أنشأ منكلي بغا جامعه المشار إليه.
وحوض السبيل. وله نفع متعدد لا يحتاج إلى دليل. انتهى.
ومكتوب على بابه الشمالي أنه أنشأه في غرة شهر صفر سنة سبع وستين وكذلك على باب الشرقي ولا اختلاف في ذلك لأنه ابتدئ في عمارته سنة سبع، وتم (37 و) م في سنة ثمان. انتهى.
وتوفي منكلي بغا [عام 774 هـ.]«1»
وهذا الجامع قيض الله له في محنة تمر رجلا صالحا نزل فيه ومنع الناس من الدخول إليه وإخراب شيء منه ببركة صاحبه. وفي تاسع عشر المحرم سنة اثنين وخمسين وثمانمائة شرع في نقض الحائط الغربي من هذا الجامع وبعض القبو الملاصق له لأنه انشق قديما. وأراد الحاج عمر الجابي لوقفه أن يبني فيه قناطر. وأن يضعها على الصفوية وهي تربة للصفوي «2» عليها وقف في طاحون الدوير وبها قبر وكان هناك قراء لهم معلوم مرتب من رايع الوقف.
واشترى لذلك أحجارا عظيمة ورأيت بعضها على باب الجامع. فلم يتفق ذلك. وكان قد اجتمع مال من رايع الجامع وهو مدخر بالجامع المذكور فتقاسم المباشرون المال ولم يبنوا شيئا من الجامع، فزاد التقطع في الحائط في السنة المذكورة لما أحدثوا قناة حمام المالحة في أساسه.
فذهب أهل المحلة إلى كافل حلب تنم «3» وأحضروه إلى الجامع، فرأى حاله وما آل إليه فرق عليه.
وكان الخواجا شهاب الدين أحمد الملطي- عين التجار بحلب إذ ذاك- قد تكلم معه في عمارته فقال أخاف من عمارته أن يتوصل أحد من الحكام إلى أخذ شيء من
مالي. ودلهم على التكلم مع الكافل في ذلك فتكلموا مع الكافل وعرفوه أن ريعه لا يفي بعمارته. فقال الكافل أنا اتبرع بعمارته. فقال له الجماعة بل نترامى على الملطي، ونسأله أن يعمره. فقال لهم: افعلوا ما بدا لكم فذهبوا إلى الملطي. واعلموه بذلك، فأخرج خمسمائة «افلوري «1» » متبرعا بها في عمارته.
وتبرع ابن الشحنة محب الدين العلامة بالكلس من ماله. فأرسل كافل حلب إلى القاهرة وأحضر صناعا لبناء ذلك، فحضروا ومعهم مهندس. وكان قليل الكلام. ومعلم وشيال، وكان الشيال طويلا له قدرة على حمل الحجارة العظيمة فشرعوا في النقض كما تقدم فنقضوا حتى بلغوا الأساس ووضع في الأساس أعمدة.
وتمت عمارة ذلك في العشر الأوسط من ربيع الآخر من السنة المذكورة فقال علي بن الرحال: «إن هذا البناء يتشقق ثانيا» . فحدث في القبو بعض تشقق. وقد (35 و) ف تشقق الحائط الشمالي مع قبوه في سنة ثلاث وسبعين وازداد في سنة أربع.
واعلم أن الحاج محمد بن صفا- رحمهم الله كان رجلا خيرا، تبرع بجملة من ماله لما فرغت دراهم الملطي. فصرفت في عمارة الحائط المذكور. ولم يقطع للمستحقين الدرهم الفرد.
ولما ولي الكلام على الجامع خشقدم؛ داودار قاتباي الحمزاوي- رحمهم الله تعالى- قام بعمارته أحسن قيام، ورقم قبليته بالحجارة الحندراتية «1» وبيضه متبرعا بذلك كله من ماله فزاد في حسنه.
ثم لما ذهب مع استاذه إلى كفالة دمشق أرسل له مصابيح من دمشق (37 ظ) م فعلقت فيه. وهي مذهبة. وغير مذهبة «2» .
ثم لما تكلم عليه يوسف خازندار «3» جانم «4» اشترى «5» له بسطا كثيرة من ماله نشرت بالجامع المذكور مضافة إلى البساط الكبير الذي وقفه الأمير صارم الدين بن منجك؛ وكان قدم حلب في بعض التجاريد.
ووقف عليه الحاج عمر بن صفا بساطا كبيرا؛ وكذلك أحمد بن الديوان الاستادار «6» .
وكان هذا الجامع يحضر إليه الناس من البلاد الشاسعة وأطراف البلد للنظر إلى محاسنه، والاجتماع بمحدثه والدي. وقرا [ء] ة الحديث فيه بشرط الواقف.