الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث عشر في- ذكر التتار.- وتراجم بعض ملوكهم.- ووقائعهم
.
[جنكيز خان] : اعلم أن ملكهم الأول وطاغيتهم هو جنكز خان الذي خرب البلاد وأباد العباد وأنشأ «1» للتتار ذكرا، وقبله إنما كانوا ببادية الصين فملكوه عليهم وأطاعوه طاعة أصحاب نبي لنبي، بل طاعة العباد المخلصين لرب العالمين، وأمه تزعم أنها حملت به من شعاع الشمس أ؛ فلهذا لا يعرف له أب. والظاهر أنه مجهول النسب، ورأيت في مسند أبي يعلى ما يدل «2» على هذا وهو أن (حرقوسا) لما سأل علي رضي الله عنه أمه من أين هذا قالت: لا أدري إلا أني كنت أرعى غنما في الجاهلية (بالربذة) فغشيني شيء كهيئة الظل فحملت منه فولدت هذا. انتهى.
وهو الذي وضع الكتاب الموسوم (بالياسا)«3» والتي يتحاكمون ويحكمون بها وأكثرها تخالف شرائع الله وكتبه، وإنما هو شي اقترحه من عند نفسه وذكر بعضهم أنه كان يصعد جبلا ثم ينزل ثم يصعد، ثم ينزل حتى يعيا. ويقع مغشيا عليه. ويأمر من عنده أن يكتب ما يلقى على لسانه حينئذ. فإذا كان هذا هكذا فالظاهر أنه الشيطان كان ينطق على لسانه بما فيها.
وذكر الجويني أن بعض عبادهم كان يصعد الجبال في البرد الشديد فسمع قائلا يقول له: أنا قد كلفنا «4» جنكيز خان وذريته الأرض.
وفي كتابه: من زنى محصنا كان أو غير محصن قتل «5» وكذلك من لاط قتل. ومن تعمد الكذب قتل. ومن سحر قتل، ومن دخل بين اثنين يختصمان فأعان
أحدهما قتل، ومن بال في الماء الواقف قتل. ومن انغمس فيه قتل، ومن وجد هاربا ولم يرده قتل، ومن رمى إلى أحد شيئا من المأكول قتل؛ بل يناوله من يده إلى يده (!) .
ومن أطعم أحدا شيئا فليأكل منه ولو كان المطعم أمير الأسير، ومن أكل ولم يطعم من عنده قتل، ومن ذبح حيوانا ذبح مثله؛ بل يشق جوفه ويتناول قلبه بيده يستخرجه من جوفه أولا.
وأهدى له رجل جام زجاج من معمول حلب فاستحسنه فوهن أمره بعض خواصه وقال: يا خوند هذا زجاج لا قيمة له. فقال: أليس قد حمله من بلاد بعيدة حتى وصل إلينا مسالما أعطوه مائتي (بالس)«1» .
وقيل له إن في هذا المكان كنزا فإن فتحته أخذت منه مالا كثيرا فقال: الذي بأيدينا يكفينا دعوا هذا يفتح للناس ويأكلونه. وهم أحق به منا، ولم يتعرض له.
وكان يحب المصارعين وأهل الشطارة وقد اجتمع عنده منهم جماعة فذكر له إنسان بخراسان فأحضره فصرع جميع من عنده فأكرمه. وأعطاه بنتا من بناته.
فمكثت عنده مدة لا يتعرض لها فاتفق أنها زارت بيت القان فجعل السلطان يمازحها ويقول: كيف رأيت المستعرب. فذكرت أنه لم يقربها. فتعجب من ذلك.
وأحضره فسأله عن ذلك فقال: يا خوند أنا إنما حظيت عنده بالشطارة. ومتى قربتها نقصت منزلتي عندك.
ولما احتضر أوصى أولاده بالاتفاق. وضرب لهم الأمثال و [كان] بين يديه نشابا فجعل يأخذ السهم ويعطيه للواحد منهم. فيكسره. ثم أنه غير حزمة أخرى ودفع مجموعة إليهم فلم يطيقوا كسرها. فقال: هذا مثلكم إذا اجتمعتم واتفقتم. وذاك مثلكم إذا افترقتم واختلفتم. وله عدة أولاد أكبرهم (توشي) .