الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وارتحلوا من ساعتهم عن الشام وعبروا الفرات منهزمين، وراحوا (103 ظ) م خاسئين. انتهى.
[أبو بكر الشعيبي] :
وقال سعد الدين الجويني: سألت الشيخ أبا بكر الشعيبي الزاهد عن التتار قبل أن يطوفوا البلاد فزفر زفرة ثم أنشد: أ
وما كل أسرار النفوس مزاعة
…
ولا كل ما حل الفؤاد يقال.
والشعيبية: قرية من قرى ميافارقين.
وكان هذا من الصلحاء الأبدال، صاحب علم وعمل ورياضيات. ومجاهدات. قال الجويني المذكور: سألني السلطان المظفر أن أقول له أن يأذن له في زيارته فلم يجب، وقال:
أنا أدعو له أن يصلحه الله تعالى لنفسه ولرعيته فيجتهد أن لا يظلم. قال: وكان أكثر أوقاته يتكلم على.... «1» خرج إلى الشعيبية وقال لأولاده: احفروا لي قبرا. فأنا أموت بعد يومين. فحفروا له ثم مات في اليوم الذي عيّنه في سنة إحدى وأربعين وستمائة. انتهى.
رجع: وهلاكو تقدم أنه ابن طرلي.
[طولى «2» بن جنكيز خان] :
ورأيت بخط بعضهم:
طولي بن جنكيز خان
كان من أعظم ملوك التتار حازما.
شجاعا مدبرا، ذا همة عالية، وسطوة عظيمة وشهامة شديدة وله خبرة بالحروب وافتتاح الحصون، ومحبة في العلوم العقلية من غير أن ينفعل «3» منها شيئا. واستدعى
إليه جماعة من العلماء بها كالمؤيد العرضي، والتقي علي الجويني، وابن طلب. وغيرهم.
وجمع حكماء مملكته وأمرهم أن يرصدوا الكواكب ويحققوا أمرها، وكان واسع الصدر يطلق الكثير من الأموال والبلاد مما يشح التتار بمثله؛ فإن الغالب عليهم الشح، وكان على قاعدة المغل في عدم التقيد بدين أو الميل إليه. وإنما كانت زوجته قد تنصرت وكانت عضد النصارى ويقيم شعارهم بتلك البلاد التي استولى عليها وكان سعيدا في حروبه وحصاراته لم يرم أمرا إلا سهل عليه وحصل في قلوب الناس كافة من الرعب منه ما أوجب انقيادهم إليه أو هربهم من بين يديه فطوى البلاد واستولى على الأقاليم وفتك في الشام.
ورأيت في بعض التواريخ قال: لما ملك هلاكو الشام أحضر النصير الطوسي «1» وقال انظر من يملك مصر من عظمي أو مقدمي عساكري فقد قيل أني لا أملكها فنظر فلم يجد من أسماء من يملكها إلا كتبغا. وكان صهر هلاكو يسمى كتبغا نونين فظنه هلاكو إياه. فانفذه على العساكر الذي خذلهم الله تعالى على يد المظفر على عين جالوت.
[هلاكو وابن المستعصم] :
وحكى سراج الدين الأرموي أنه لما توجه إلى هولاكو «2» رسولا من جهة صاحب الروم بعد أخذه بغداد. قال: دخلت عليه فوجدت حوله صبيا صغيرا يلعب فأخذ بمجامع قلبي فلم استطع كف بصري عنه. فلما رأى ذلك هلاكو قال للترجمان:
قل له أتعرف هذا الصبي من هو. فلما قال لي الترجمان ذلك قلت: لا. قال: فلم تديم النظر إليه قلت: أجد في نفسي الميل إليه عن غير اختياري. قال: هذا ولد الخليفة. قال سراج الدين: فقمت قائما وقبلت قدمي ذلك الصغير. فقال هولاكو للترجمان: عرفه أنا قد أقمنا له من يؤدبه بآداب المسلمين، ويعلمه دين الإسلام. ولم ندخله في دين المغل. قال الأرموي: فقلت له من الشكر ما على ذلك ما ناسب. وتحققت رجحان عقله. أ
وذكر أن هذا الولد اسمه المبارك أبو.... «1» وبقي عنده إلى أن مات.
وقرأت في سيرة الظاهر بيبرس أن في شهر رمضان سنة أربع وستين وستمائة وصل المبارك ولد المستعصم الذي كان عند هولاكو وصحبته جماعة من أمراء العربان فأنزله نائب الشام جمال الدين النجيبي ولما وصل السلطان إلى دمشق سير إليه جلال الدين بن الداودار الطواشي
…
فما عرفوه وظهر أنه بخلاف ما أظهر فسيره إلى مصر محتفظا عليه.
[كتاب هولاكو إلى الناصر] :
وفي سنة ثمان وخمسين وستمائة- في وسط العام- قرئ بدمشق كتاب. هولاكو بسبب الناصر «2» وذلك قبل أن يصل إليه وهو:
أما بعد فنحن جنود الدنيا ب ننتقم ممن عتا وتجبر. وطغى وتكبر
…
ونحن قد أهلكنا البلاد وأبدنا العباد. وقتلنا النسوان والأولاد. فيا أيها الباقون أنتم بمن مضى
لاحقون. ويا أيها الغافلون أنتم سائرون [نحن]«1» جيوش الهلكة لا جيوش (108 و) م المملكة، مقصودنا الانتقام، وملكنا لا يرام، ونزيلنا لا يضام، وعدلنا في ملكنا قد اشتهر، ومن سيوفنا أبن المفر.
أين المفرّ ولا مفر لهارب
…
ولنا البسيطان الثرى والماء.
ذلّت لهيبتنا الأسود وأصبحت
…
في قبضتي الأمراء والخلفاء.
ونحن إليكم صائرون، ولكم الهرب، وعلينا الطلب.
ستعلم ليلى أي دين تداينت
…
وأي عزيم للتقاضي غريمها.
دمرنا البلاد وأيتمنا الأولاد، وأهلكنا العباد، وأذقناهم العذاب وجعلنا عظيمهم صغيرا، وأميرهم أسيرا. تحسبون أنكم منا ناجون أو متخلصون وعما قليل سوف تعلمون على ما تقدمون. وقد أعذر من أنذر؛ قاله الذهبي في تاريخ الإسلام.
[زواج هولاكو وإسلامه] :
وفيه: قال الظهير الكازروني «2» : حكى لي المنجم أحمد بن البواب النقاش- نزيل بزاعة- قال: عزم هلاكو على زواج بنت ملك الكرج فأبت حتى يسلم فقال: عرفوني ما أقول. فعرضوا عليه الشهادتين. فأقربهما. وشهد عليه بذلك خواجا نصير الدين الطوسي، وفخر الدين المنجم. فلما بلغها ذلك أجابت فحضر القاضي فخر الدين الخلاطي فتوكل لها النصير وللسلطان الفخر المنجم وعقدوا العقد باسم
باماران خاتون بنت الملك داود بن ايواني على ثلاثين ألف دينار. قال لي ابن البواب: وأنا كتبت الكتاب في ثوب أطلس أبيض. فتعجبت من إسلامه.
قلت: إن صح هذا فلعله قالها بفمه لعدم تقيده بدين ولم يدخل الإسلام إلى قلبه. والله أعلم.
وسمعت من والدي- رحمه الله يقول إنه لما نزل على حلب وسمع أذان المؤذنين في الأوقات الخمس سأل بعض من معه: ما هذا. فقال له: هذا الأذان يعلمون به أوقات الصلوات. فقال؛ ومن أمرهم بهذا.
فقال: نبيهم. فقال: ومتى مات نبيهم. فذكر له تاريخ وفاته. فقال:
وهؤلاء إلى الآن يسمعون أمره، فتعجب من ذلك. انتهى.
ولما رجع من الشام وقتل الكامل بلغ ثمن المكوك من القمح بميافار قين
…
خمسة وأربعين ألف. ورطل الخبز بين «1» سبعمائة وعشرون درهما وستمائة درهم واللحم الرطل بستمائة درهم، واللبن بستمائة الرطل. والعسل: الأوقية بستمائة والبصل بثلاثة دراهم، ورأس كلب بستين درهما، وبيعت بقرة لنجم مختار بسبعين ألف فاشترى الملك الأشرف رأسها وكوارعها بستة آلاف وخمسمائة درهم؛ قاله ابن أبي حجلة. انتهى.
[وفاة هولاكو] :
وتوفي إلى لعنة الله في سنة أربع وستين وستمائة «2» بكر كرجلي. وقيل أن وفاته كانت في سابع ربيع الآخر سنة ثلاث وستين ببلد مراغة، ونقل إلى قلعة (تلا) فدفن بها.
وكان هلاكه بعلة الصرع فإنه كان حصل له منذ قتل الكامل صاحب ميافارقين الصرع في كل وقت فكان يعتريه في اليوم الواحد المرة والمرتين والثلاث. ولما عاد من