الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر السور
كان سور حلب مبنيا بالحجارة من بناء الروم. ولما وصل كسرى أنوشروان إلى حلب وحاصرها تشعثت أسوارها وكان ملك حلب إذ ذاك توسطينيانوس ملك الروم. ولما استولى عليها أنوشروان «1» وملكها رمّ ما كان هدم من أسوارها وبناءها بالآجر الفارسي وشاهدنا منه في الأسوار التي ما بين باب الجنان وباب انطاكية. قال «2» الصاحب: أظن أن كسرى فتحها من هذه الجهة فإنها كانت أضعف (108 ظ) ف مكان في البلد فلهذا كانت المرمة فيه دون غيره.
وفي أسوارها أبرجة عديدة جددها ملوك الإسلام بعد الفتوح مثل بني أمية. وبني صالح لما كانوا ولاة عليها من قبل بني العباس وعلى الخصوص صالح بن علي وعبد الملك ولده.
ولما خربت بمحاصرة نقفور ملك الروم لها في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وخرج منها سيف الدولة هاربا واستولى عليها نقفور. وقتل جميع من كان فيها. ثم رجع إليها سيف الدولة جدد سورها سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة واسمه مكتوب على بعض الأبرجة. ولحقت منها برجا كان إلى جانب باب قنسرين من جهة الغرب «3» .
وكذلك جدد فيها سعد الدولة بن حمدان ولد سيف الدولة أبرجة واتفق سورها في سنة سبع وستين وثلاثمائة.
وبنى بنو مرداس لما ملكوها فإن معز الدولة أبا علوان ثمال بن صالح بن مرداس بنى فيها أبرجة بعد سني عشرين وأربعمائة.
وبقيت إلى أن خربت بأيدي التتر. وكذلك غيرهم من الملوك الذين أسماؤهم مكتوبة عليها مثل:
قسيم الدولة آقسنقر
وولده عماد الدين زنكي الأتابك.
وبنى نور الدين فصيلا على مواضع من باب الصغير إلى باب العراق. ومن قلعة الشريف إلى باب قنسرين إلى باب انطاكية، ومن باب الجنان إلى باب النصر إلى باب أربعين جعل ذلك السور ثانيا قصيرا بين يدي السور الكبير. وعمر أسوار باب العراق. وكان ابتداء العمارة في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. انتهى كلام الصاحب.
وقد دخل المختار بن الحسن بن بطلان «1» حلب في سنة أربعين وأربعمائة قال: ولها سور فيه سبعة أبواب.
ولما ملك الظاهر غازي حلب أمر بإنشاء سور من باب الجنان إلى برج الثعابين. وفتح الباب المستجد. وأمر بحفر الخنادق وذلك في سنة اثنين وتسعين وخمسمائة.
وفي هذه السنة أمر برفع الفصيل «2» الذي بناه نور الدين. وجدد السور والأبرجة، [و] عين لكل أمير من أمرائه برجا يتولى عمارته إلى أن انتهت وكتب كل أمير اسمه على برجه، وبنى أبرجة من باب الجنان إلى باب النصر، وبنى سورا من شرقي البلد على دار العدل، وفتح له بابا من جهة «3» القبلة. وبابا من جهة الشرق والشمال على حافة الخندق يسمى الباب الصغير. وكان يخرج منهما إذا ركب، وبنى دار العدل؛ كما تقدم- بين السورين الجديد الذي جدده إلى جانب الميدان
والسور العتيق الذي فيه الباب الصغير. وفيه الفصيل الذي بناه نور الدين. وكان الشروع في بنائها في سنة خمس وثمانين وخمسمائة (98 و) م.
[خندق الروم] :
واهتم الملك الظاهر «1» أيضا بتحرير خندق الروم. وسمي بخندق الروم (109 و) ف لأن الروم حفروه لما نازلوا حلب أيام سيف الدولة. وهو من قلعة الشريف إلى الباب الذي يخرج منه إلى المقام ويعرف بباب نفيس. ثم يستمر خندق الروم من ذلك الباب المذكور شرقا إلى باب النيرب. ثم يأخذ شمالا إلى أن يصل إلى باب القناة خارج باب الأربعين. ثم يأخذ غربا من شمالي الجبل إلى أن يتصل بخندق المدينة.
وأمر الظاهر برفع التراب وإلقائه على شفير الخندق مما يلي المدينة فارتفع ذلك المكان.
وعلا. وسفح إلى الخندق.
وبنى عليه سور من اللبن في أيام العزيز.
وبنى الأتابك شهاب الدين طغربك برجا عظيما فيما بين باب النصر وبرج الثعابين مقابل أوتونات الكلس، ومقابر اليهود من شمالي حلب. وذلك بعد العشرين وستمائة.
وأمر الأتابك طغربك «2» المذكور الحجارين بقطع الأحجار من الحوارة من خندق الروم، وقصدا في توسعته. فعمق. واتسع. وازداد البلد به حصانة.
وتقدم الكلام على قلعة الشريف.
ورأيت في تاريخ الإسلام: في سنة عشر وستمائة حفر خندق حلب فظهر قطع ذهب وفضة، وكان الذهب نحو عشرة أرطال صورى والفضة بضعة وستين رطلا. وكان على هيئة اللبن. انتهى.
وكذلك في تاريخ ابن كثير؛ لكنه قال: ظهر بلاطة وهم يحفرون فوجد تحتها من الذهب خمسة وسبعون رطلا ومن الفضة خمسة وعشرون رطل فضة بالرطل الحلبي.
وكذلك في تاريخ الكتبي؛ لكنه قال: فوجد تحتها سبع عشرة قطعة من الذهب والفضة على هيئة اللبن. فاعتبرت. فكان منها ذهبا مصريا ثلاثة وستون رطلا بالحلبي. وعشرة أرطال. ونصف صوري. وأربعة وعشرون رطلا فضة. ثم وجدوا حلقة من ذهب وزنها رطلان ونصف فكمل الجميع قنطارا. انتهى.
وجدد الملك الناصر يوسف بسور حلب أبرجة كل واحد منها أيضا قلعة وذلك في سنة اثنين وأربعين وستمائة.
وسبب بنائه لها أن التتر لما نزلوا حلب ثم رحلوا عنها من غير حصول غرض أخذ في الاستعداد وتحصين البلد بالأبرجة من باب أربعين إلى باب قنسرين، وذلك من شمال حلب إلى قبليها عدتها نيف وعشرون برجا. ارتفاع كل برج فوق الأربعين ذراعا وسعته ما بين الأربعين إلى الخمسين وكل برج له رواقات تستر المقاتل من حجارة المجانيق والنشاب. وكان السور يشتمل على مائة وثمانية وعشرين برجا وبدنة، ومساحته خارجا عن دور القلعة ستة آلاف وستمائة وخمسة وعشرون ذراعا.
وسور القلعة تقدم.
هذا ما كانت عليه أسوار البلد قديما. ولما هجم هولاكو «1» أخربه كما سيأتي في التتار، ودام كذلك إلى أن جاء كمشبغا وأخرب بانقوسا وذلك في سنة اثنين وتسعين وجعلها دكا، وذلك لخروجهم على السلطان برقوق وقيامهم مع منكاش «2» (109 ظ) و.
وأمسك جماعة من أهل الهزازة وقتلهم. وقطع أصابع جماعة من الرماة منهم. وقتل ابن أبي الرضا بسبب هذه القضية فعند ذلك سأله أهل حلب أن يعمر سور حلب. وكان منذ خربه
هولاكو «1» لم يبق له إلا الأساسات فجمع أهل حلب من بينهم ألف ألف درهم وعمر السور عمارة هائلة. وجعل له بابين. وفرغ من عمارته في دون ثلاثة أشهر وعمل أكثر أهل حلب فيه تبرعا بأنفسهم.
ودام كذلك حتى هجم تمرلنك حلب خرب أسوارها أيضا.
فجاء المؤيد- رحمه الله إلى حلب واستشار عقلاء الناس على إعادة السور على ما كان عليه قديما إلى باب العراق. فأشار شيخنا المؤرخ بعدم ذلك فإن فيه تخريب المساجد وغيرها. فغضب المؤيد منه ومال جماعة إلى رأي (98 ظ) م السلطان. واستصوبوه. ثم في اليوم الثاني اجتمع شيخنا بالسلطان فقال له السلطان: الرأى ما أشرت به. فأمر بعمارة الأسوار، وجدد أبراجا عديدة من باب الجنان إلى باب قنسرين كل برج منها كالقلعة.
ثم إن الأشرف برسباي تمم ما كان قد بقى من عمارته. وهو الآن مستقر على بنائها أ.