الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زاوية الجية:
هذه الزاوية داخل باب المقام ملاصقة لجامع الطواشي المتقدم ذكره في الجوامع أنشأها..... «1»
تحت القلعة بالقرب من جامع دمرداش.
أنشأها تغرى برمش كافل حلب. وكانت أولا سوقا للخلع بلا بناء فاشترى أرضها من بيت المال. وأسسها في سنة أربعين. وتمت في سنة إحدى وأربعين.
وجعل لها وقفا حوانيت على بابها وبحضرتها وحصصا من قرى وجعل سماطا ومجاورين وشيخا بايزيدا آفاقيا «2» عزبا. وجعل لها قارئا يقرأ البخاري. وشرط أن يكون حنيفا. وجعل فوقها مكتبا للأيتام. واتخذ بها مدفنا فخرج إلى الموكب فلما رجع سمع قراءة بالمدفن فقال: ما هذا (!) فقيل: يقرءون القرآن للواقف. (78 ظ) ف فقال: إنما جعلت هذا المكان سقاية للماء.
وأما بوابتها فكانت بدار العدل فنقلت «3» إلى هذه الزاوية. وأما الحوض الذي بحضرة شبابيكها فكان السلطان المؤيد قد أحضره لما أراد إعادة السور على عادته القديمة ليجعله عتبة باب عند ساحة بزا فلما لم يتفق ذلك ألقيت هناك فأحضرها تغرى برمش وجعلها حوضا.
وهذه الزاوية لطيفة محكمة بالحجر المنحوت وفرش من الرخام الأصفر وغيره وإلى جانبها مطبخ يطبخ به للفقراء، ومرتفق يأتي إليه الماء من دولاب على القناة وجعل النظر فيها لمن تولى نيابة السلطنة بقلعة حلب فكأنه والله أعلم استشعر من نفسه
الخروج عن الطاعة عند موت الأشرف فخاف أن يهدمها أهل القلعة وجعل عمالتها للريس ضياء الدين بن النصيبي لأنه هو الذي تولى عمارتها وكان صديقا له. انتهى.
[تغري ورمش]
واعلم أن تغري ورمش «1» المذكور كان في خدمة الأشرف برسباي وكان الأشرف يعتمد عليه في أموره، ويشاوره، ويعظمه لعقله ودهائه ومكره، فإنه كان ذا رأي سديد، ولما نزل الأشرف إلى آق بسبب الأمير عثمان سلم إليه تخت مصر فأشار على الأشرف أن لا يجاوز البيرة، وأن يرسل جيوشه لمحاصرة آق فلم يعمل الأشرف برأيه فما نجح أمره- كما تقدم في ترجمة الأشرف- ثم لما رجع الأشرف إلى القاهرة لم يبرح تغري برمش «2» من قلعة الجبل، ولم ينزل إلى العقبة بل لما شاهد الأشرف قد أشرف عليه نزل عن مكانه وقال: هذا المكان الذي سلمته إلى فزادت محبة الأشرف له، وفوض إليه كفالة حلب ليطالعه بأخبار التتار عوضا عن انيال الجكمي. فدخل تغري برمش حلب وخرج القضاة إلى لقيه على عادتهم وكان شيخنا المؤرخ يعرفه قديما من مدينة بهسنا «3» لأن شيخنا كان حاكما بها، وكان والد تغرى برمش صديقا لشيخنا يستدعيه إلى بستانه مع ولده تغري برمش المذكور فلما التقيا تغافل كل منهما عن معرفة الآخر. وقال الكافل للقضاة إلى هنا تلقوني على طريق العتب. فقال القاضي الحنفي له: خالكم نور الدين محمود أخبرنا أنكم تتأخرون عن هذا الوقت فأنف من ذكر خاله وقال: اليوم يوم بارد فأحجم الحنفي عن مكالمته.
ثم أنه نزل على عين المباركة، ودخل حلب بكرة النهار بحشمة زائدة فباشر حلب بعقل وعفة واستكشف أحوالها بالرجال والمكر، وجعل له في كل بيت من بيوت الأمراء من يخبره بأخبارهم، وأرسل إلى بلاد الأعاجم من يستكشف له الأخبار، ثم سافر عن حلب.... «1»
ثم قدمت عليه العساكر من مصر ثانيا، وهم: قرقماش
…
«2» وجانم أخو (79 و) ف الأشرف وثاني بك نائب قلعة مصر واقبغا التمرازي وخجا سودون واركماس الدوادار ويشبك المشد وقراجا وتمراز. ومعهم كفال البلاد وهم: اينال الجكمي كافل دمشق، وجلبان كافل طرابلس وقانباي الحمزاوي كافل حماة وتوجهوا من حلب ومعهم القاضي معين الدين بن العجمي كاتب سر حلب، وكان تغري برمش يميل إليه إلى عين تاب، ثم إلى الابلستين، ثم إلى قرب سيواس.
ودخل بعض العسكر سيواس واشتروا «3» حاجاتهم وكان قد ساق معه الأعراب والتركمان وابن رمضان والأكراد بيتوتهم ونعمهم ثم توجهوا من سيواس إلى اقشار وأخذوا قلعتها فهرب نائبها انيق حسن إلى قلعة بلدرش فتوجه المصريون وكافل طرابلس وحماه خلفه وحاصروا القلعة المذكورة اثنين وعشرين يوما، وعملوا مكحلة عظيمة ترمي بقنطار حلبي وأكثر، ولما أشرفوا على أخذ القلعة المذكورة فرانيق حسن المذكور منها أيضا. فأخذوها. ثم توجه إلى ارزمكان خلا كافل دمشق وحلب. وقد تقدم ذلك مفصلا «4» فتحققوا إذ ذاك موت الأشرف وكان قصد تغري برمش أن يتوجه إلى قلعة النجا لخلاص اسكندر من أخيه. وأن يذهب بالعسكر وبالاسكندر
إلى بلاد العجم لأخذ ثأر الشام من أولاد تمر لنك. وكان يقول لشيخنا مرات بحلب: والله لأحضرن نساء التتار إلى حلب ولأفعلن بهم كما فعلوا بنساء الشام.
فلما لم يتم ذلك وتوفي السلطان، ورجع العسكر من غير ائتلاف بينهم فلما (76 و) م قاربوا حلب كتب تغري برمش إلى أهل حلب يأمرهم بمنع العسكر من دخول حلب، فتوجه العسكر إلى بلادهم، فأخذ هو في العصيان والخروج عن الطاعة باطنا. ولما وردت خلعته باستقراره بكفالة حلب أراد كاتب السر أن يخلفه على قاعدتهم فقال له: لا أخلف بحضرتك. ثم أخذ في العصيان واستجلاب التركمان وغيرهم فاستشعر السلطان جقمق بذلك فورد المرسوم الشريف بملطفات إلى القلعة وأمراء حلب بالركوب عليه. فلما كان ليلة الجمعة بعد العشاء المسفر صباحها عن سلخ شعبان سنة اثنين وأربعين ركب الأمراء عليه، ورموا عليه من القلعة فركب هو أيضا على الأمراء فشتت شملهم، فهرب أمراء حلب منها فلما أصبح النهار أرسل خلف القضاة فرحت في خدمة شيخي قاضي القضاة علاء الدين إلى دار العدل ودخلنا إليها من باب عند بيت قرا دمرداش ودخلنا إليه فإذا الجند عنده وعليهم آلات الحرب والرمي موجود من القلعة وقد تهيأ هو وأهل القلعة للقتال فدخلنا إليه بالشباك، فقال لشيخي وبقية القضاة: ما السبب الذي رمى به أهل القلعة عليّ هل ورد مرسوم بذلك. وما الذي ظهر مني. وأمرهم بالصعود إلى القلعة للسؤال عن حقيقة ذلك. (78 ظ) ف
فخرج القضاة إلى القلعة، وخرجت معهم. فلما خرجنا من دار العدل وقاربنا القلعة ورأيت شيئا هالني فرجعت أنا فصعد القضاة إلى القلعة فأظهر أهل القلعة المرسوم الشريف بالرمي عليه فنزل القضاة. فلما نزلوا قدم أهل القلعة على اطلاقهم هلا مسكتموهم وأمرتموهم أن يصعدوا على برج القلعة. ويأمرون العامة بإخراجه من البلد. فلما نزل
القضاة إلى دار العدل وأخبروه بذلك بلغني أنهم
…
«1» شاوروه على الخطبة. فقال: اخطبوا باسم السلطان. وكذلك على رأسه بجامع الناصري بدار العدل. ثم جد في الرمي على القلعة وعلى حصارها، وسيأتي طرف من ذلك في فصل القلعة.
ثم أخرجه العامة من حلب في عاشر رمضان يوم الثلاثاء ورجموه، وخرج خروجا فاحشا. واسكت مماليكه. وأخذ ما كان معهم من المال فخرج من باب أنطاكية وذهب إلى طرابلس فمر على طريقه بطر علي بن سقلسيس. وراح إلى طرابلس فملكها يوم «2» الخميس تاسع عشر رمضان. وأقام بها إلى آخر رمضان فخرج منها بعد أن صادر أهلها فأمر أن يؤخذ من كل صاحب فسخة «3» من الصابون على قدر موجوده فخص كل فسخة ألف درهم. وأما صابون الأمراء وأركان الدولة فإنه أخذ عن آخره. وقصد حصار برج ايتمش ليأخذ مائه من زردخانه جلبان. وأرسل القضاة الأربع ومعهم ناصر الدين محمد الحلبي من جماعته إلى من بالبرج ليسلموا ما فيه من الزردخاناه، فما أجابوا. وأمسكوا ناصر الدين...... «4» فأرسل ناصر الدين إلى السلطان.
وأما تغري برمش فلما أخبره القضاة بالخبر همّ بحصار البرج. وشرع في خراب بيت الأمير محمد ناظر البرج، وأخذ أربعة قدور نحاس من معصرته ومصبنته لصنع مكاحل ليرمي على البرج.
فتوجه أهل البرج إلى الرملة وجلبان «1» وأظهر الفساد. ثم رجع إلى حلب ومعه الجم الغفير من التركمان والعرب فحاصر حلب وألح في حصارها وذلك عند باب النيرب وكان الناس يخرجون لقتاله ظاهر البلد فلما كان يوم الجمعه انكسر بعض الناس منه فأمسك جماعة من أهل حلب وقطع أيديهم فدخلوا إلى البلدة ورأى الناس أيديهم.
فجد الناس عن ذلك في دفعه عن حلب فرحل عن باب النيرب، ثم حاصرها من باب الفرج وباب الجنان.
وفي يوم الجمعة أحضر السلالم إلى مسجد التوبة بباب الفرج. وأراد أن (79 و) ف يزحف من هناك فسمع أن كافل دمشق الجكمي انكسر من العسكر المصريين وأمسك فترك الزحف. فصاح الناس عليه من فوق السور، وقويت قلوبهم. فرجع متوجها إلى لقى العسكر المصري إلى جهة حماة. فقاتلهم بالقرب من حماة فانكسر وهرب إلى جهة ابن صوجي إلى جبل الأقرع. فأمسكه.
ثم دخلوا به حلب راكبا على بغله وخلفه شخص في يده صولجان يلعب به فأسمعه الناس ما يكره وأصعدوه إلى القلعة، وأودعوه السجن في قيد ثقيل فقال: بيني وبين القتل مسافة الطريق. وأرسل شخص إلى القاهرة إلى السلطان يخبره «2»
…
ثم ورد المرسوم الشريف بقتله فانزلوه من السجن. وعصروه بين أبواب القلعة ليقر على المال. فلم يعترف.
فأحضروه إلى باب القلعة وقدموه لضرب الرقبة فنادى عليه الجلاد: هذا جزاء من خرج عن الطاعة. فقال:
هذا جزاء من لم يرع نعمة الله. وأخذوا جثته ودفنوها في حانوت من وقف مدرسته وجعل له باب صغير إلى مدرسته. انتهى
…
«3»