الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والآن إنما يصرف على الجامع من مال الحمام. وفي كل أوان يأتي أقارب الناصري من القاهرة وينازعوا أرباب وظائف الجامع ويقول أن الحمام ليست وقفا على الجامع إنما هي لنا وأن وقف الجامع أخرجه السلطان أ.
«جامع السفاحية» :
بناه المقر الأشرف أبي العباس أحمد بن سبط بني السفاح وترجمته مذكورة مع أقاربه؛ أنشأ مدرسة وجامعا بلا منبر بل بكرسي يحمل، ويوضع أخذ شكله من كرسي البخاري بالجامع الكبير وليس له سدة بل تخت من خشب موضوع للمؤذنين.
وكان في محله معصرة معدة للسيرج فنقضها وجعلها قبالة الجامع المذكور وأسس هذا «1» الجامع وبلغ بأساس المأذنة إلى الماء فنبع عليهم فعجزوا عن إزالة الماء فطرحوا في الأسس جرزونا «2» وحواريق «3» من أشجار التوت ثم بنى فوق ذلك.
والباني أولا هو مصطفى. ثم عدل عنه إلى المعلم محمد شقير.
ونحاته شخص مصري يقال له: محمد الفيل.
ونقل إليها الأحجار والرخام الاسود وأخذ بوابة كانت قبال المدرسة الزجاجية فجعلها بوابة الجامع. وجدّ واجتهد في عمارته.
وحصل له في أول يوم وفي أول حجر وضع بعد الأساس نكاية عظيمة من ابن الرزاز الحنبلي فإنه صار ينشد: «4»
ومطعمة الأيتام من كد فرجها
…
لك الويل لا تزني ولا تتصدقي
(37 و) ف والله يعلم المفسد من المصلح.
ومحرابها وحائطها القبلي وقناطرها من الرخام الأسود والأصفر وأبوابها من الخيط المنجور في غاية الحسن، وصانع ذلك هو الحاج أحمد بن الفقيه بترتيب الحاج عبد الله الخشاب وكان من أهل الخير إلا باب الشباك الذي عند قبر والد الواقف فإنه من صنعة شخص أعجمي حضر إلى حلب فادعى معرفة الصنعة فاستعمله القاضي شهاب الدين في هذا الباب وفي حاجبه فكلفه عليه كلفة زائدة عن حده فاصرفه. واستعمل الحاج أحمد المذكور. وكان يقول لو عملت هذا الباب من ذهب ما كلفت عليه هذا القدر. انتهى.
ورخام صحنها في غاية الجودة. وتأنق القاضي شهاب الدين المذكور في بنائها، وجعل له فيها خلوة لينقطع عن المباشرات فيها. وكان مغرما بهذا الجامع. مكثرا لذكره.
وعمل لنفسه جبة من الصوف الأسود ليلبسها عند جلوسه في الخلوة. واقتطع من ملكه، و [ا] شترى أملاكا فوقفها على هذا الجامع و [ا] شترى كتبا نفيسة ووقفها عليه. ورتب خطيبا فخطب بهذا الجامع.
وقد خطب بهذا الجامع الشيخ عمر الاعزازي وهو من أهل الخير والصلاح.
وخطب به شيخنا الشيخ محمد الاعزازي وسيأتي تاريخ وفاته مع ترجمته.
ورتب مدرسا فدرس بها الشيخ علي الكردي- تلميذ والدي- وهو من أهل الفضل. وكان والدي يميل إليه، ويحبه. ثم سافر الشيخ علي إلى القاهرة وقرأ على مشايخها.
ودرّس بها الشيخ العلامة قاضي المسلمين أبو بكر بن اسحاق الحنفي «1» . والشيخ
شمس الدين أمير حاج «1» المقرئ، أحضره القاضي بهاء الدين من القاهرة وكان صوفيا منقطعا عن الناس عارفا بالقراءات وأول اجلاس عمله بالجامع المذكور حضر معه شيخنا المؤرخ. وتكلم على أول سورة فاطر.
ودرس بها الشيخ العالم الصالح الشيخ عبيد- وستأتي ترجمته- ثم لما آل الأمر والكلام على هذا الجامع لولده الزيني عمر كشط ما على الكتب من الوقف واستأصلها بيعا.
وأجر وقفها. وشرط في كتاب وقفها محدثا يقرى البخاري ويقرأ السيرة النبوية. وأن يصرف لشخص كل شهر مبلغا ليكنس الشارع الشرقي. ويرشه لئلا يدخل الغبار إلى مدرسته.
وجدد فيها ولده الزيني عمر بعده شيئا من الأبواب المنجورة ووقف واقفها لها ربعه تفرق يوم الجمعة. ورتب لها مؤذنين للأوقات الخمس وإماما. وقراء سبع في كل يوم طرفي النهار، ويوم الجمعة قبل الصلاة وبعدها وقارئ كرسي. وغير ذلك من خبز ومشتغلين.
انتهى.
وقد أقام القاضي شهاب الدين القاضي كمال الدين ابن الخطيب يكتب مصروف عمارة المدرسة فلما وصل إلى صرف خمسة الاف «افلوري» «2» أمره بالإمساك عن الحساب. وأن لا يرفع إليه حساب بعد اليوم.
(37 ظ) ف والسورة «3» النحاس التي معلقة بها وقف المدرسة الصلاحية أخذها ووضعها في هذه المدرسة.
وابتدئ في عمارتها في أواخر سنة إحدى وعشرين. وتمت في أوائل سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة.