الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصحو «1» ، إلى غير ذلك من أحوالهم وإشاراتهم.
وقد قيل لعبد الله بن المبارك: من الملوك؟ قال: الزهاد.
وكن كما قال الأول:
طلّق الدنيا ثلاثا
…
واتخذ زوجا سواها.
إنها زوجة سوء
…
لا تبالي من أتاها.
أنت تعطيها مناها
…
وهي تعطيك قفاها.
فإذا نالت مناها
…
منك ولتك وراها.
انتهى.
ونبتدئ بتعريف الخانقاه:
[الخانكاه] : وهي بالكاف، وهي بالعجمية ومعناها: ديار الصوفية. ولم يتعرض الفقهاء للفرق بينها وبين الزاوية والرباط.
[الرباط] : وهو المكان المسبل للأفعال الصالحة والعبادة
واعلم أنه يجوز للفقهاء الإقامة في الربط. وتناول معلومها. ولا يجوز للمتصوف القعود في المدارس وأخذ جرايتها؛ لأن المعني الذي يطلق على التصوف موجود في الفقيه ولا عكس.
ونشرع الآن بذكر أول خانكاه بنيت بحلب فنقول:
«خانكاه البلاط
«2» » :
وسوق البلاط هو سوق الصابون الآن. ولها بابان أحدهما من السوق المذكور.
والآخر من شارع شرقيها.
أنشأها شمق الخواص لولو الخادم- عتيق رضوان- وذلك في سنة تسع وخمسمائة واسمه مكتوب في- عتبة بابها الشرقي. وكان يتولى حلب نيابة. فسمت نفسه إلى التغلب عليها فقتل.
[لولو الخادم، عتيق رضوان] :
واعلم أن لولو المذكور هو الملكي ووقف هذه على الفقراء المنجردين دون المتأهلين بحلب؛ كذا رأيته في تاريخ الصاحب بخطه.
وهذا كان مملوكا لتاج الرؤساء ثم صار إلى الملك رضوان. وولي تدبير حلب مع ابنه ألب أرسلان الأخرس. وخاف منه فقتله مع جماعة من أمرائه وأجلس (70 و) ف أخاه صبيا صغيرا يقال له سلطان شاه. وتولى أمر حلب وباع أملاكا كثيرة (68 ظ) م من بلد حلب تولى بيعها الحاكم بحلب وتولى لولو قبض ثمنها وحكم فيها منفردا بالأمر إلى أن قتل وهو متوجه إلى قلعة جعبر قتله جماعة من مماليك رضوان بأمر مولاهم.
وفي «عنوان: «البر» : وألب أرسلان محمد استولى على حلب وله من العمر سبع عشرة سنة. وقتل خلقا من أصحاب أبيه. فاغتاله خادم كان خصيصا به اسمه لولو في رجب سنة ثمان وخمسمائة وكان ملكه بحلب سنة واحدة. واستولى هذا الخادم على حلب والمال ومزقه وظهرت منه شهامة. وخرج من حلب للصيد فرماه تركي بسهم فقتله في محرم سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
وقال بعضهم لما عمل لولو على ألب أرسلان وقتله أخذ الأموال من القلعة وسار هاربا يطلب بلاد الشرق فلما وصل إلى دير حافر قال سنقر: تتركونه يقتل تاج الدولة، ويأخذ الأموال، ويمضي. فصاح بالتركية يعني الأرنب. الأرنب. فضربوه بالسهام، فقتلوه.
ولما هرب لولو أقامت القلعة في آمنه خاتون بنت رضوان يومين فلما قتل ملكوا سلطان شاه بن رضوان. انتهى.
وهذه الخانكاه كانت مركزا للفقراء ومجمعا لأهل الطريق فمن كان بها:
[الشيخ نجم الدين عبد اللطيف بن محمد الميهني] :
شيخ الطريقة سليل المشايخ المسلكين بقية السلف الصالحين نجم الدين أبو محمد عبد اللطيف شيخ الشيوخ بحلب بن الشيخ القدوة بدر الدين محمد بن أبي البركات موسى بن يوسف بن سعد بن سعيد بن محمد بن أبي ناصر بن أبي سعيد بن أبي الخير الحلبي الميهني.
وعمه: الشيخ نجم الدين.
وقد لبس والدي منه خرقة التصوف «1» المنسوبة إلى جدهم الشيخ العارف أبي الخير الميهني الصوفي في سنة ست وسبعين وسبعمائة بباب منزله بالقرب من الخانكاه المذكورة.
ونسب هذه الخانكاه والدي إلى نور الدين وبعد جددها.
[الشيخ أبو الخير الميهني الصوفي] :
والشيخ أبو الخير المذكور لبس من الشيخ أبي الفضل الحسن السرخي. وهو لبسها من أبي نصر سراج الدين الطوسي. وهو لبسها من أبي محمد المرتعش. وهو لبسها من الشيخ أبي القاسم الجنيد- وهو لبسها من خاله السري السقطي، وهو لبسها من معروف الكرخي، وهو لبسها من داود الطائي «2» ، وهو لبسها من حبيب العجمي «3» ، وهو
لبسها من الحسن البصري «1» ، وهو لبسها من علي بن أبي طالب، وهو أخذها من سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
واعلم أن أبا الخير هو أول من فرض النصيب لأهل التصوف. وقد توفي عبد اللطيف سنة سبع وثمانين وسبعمائة.
قال ابن حبيب: وكان إنسانا خيرا في نفسه. مثابرا على فعل الخير في يومه أضعاف أمسه.
ومن ذرية أبي الخير المذكور عبد اللطيف بن أبي الفتوح. وفي تاريخ شيخنا نصر الدين بن سعد بن سعيد بن محمد مولده يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول (70 ظ) ف سنة تسع وستمائة بحمص.
ومات في أوائل سنة سبع وتسعين وستمائة بحلب فجأة غص بلقمة.
وترى ترجمته في تاريخ شيخنا. وكان دينا خيرا. لا مبدلا ولا مغيرا مشمولا مقبولا في السكون والحركة.
واعلم أن هذه الخانكاه لم تزل بأيدي هذا البيت [و] لما مات عبد اللطيف شيخ والدي أخذها ولده سراج الدين عمر.
وبعده أخذها ولده أبو الخير.
وكانوا يقيمون بها الذكر والأوراد ولها صوفه مرتبون تجري عليهم (69 و) م المعاليم من وقفها. وبيدهم أشهاد عليه خط الشيخ علي الهروي المتقدم ذكره يشهد لهم بذلك ثم سد باب الخانكاه الذي من السوق. وجعل صغيرا. وهو باق إلى الآن على تلك الهيئة.
وهجرت وردم التراب خلف بابها الشرقي. وردمت بركتها وانقطع الماء عنها وسكنها من
جعلها بيتا من جملة البيوت. ثم لما قدم الشيخ الصالح الزاهد العامل علاء الدين بن يوسف الجبرتي حلب- وستأتي ترجمته وما اتفق له في الحوادث إن شاء الله تعالى- وعمر الصاحبية والحدادية كما تقدم فيهما صار يتردد من الحدادية إلى هذه الخانكاه، وأقام لها مؤذنا واماما وأخرج التراب من بركتها وأجرى إليها الماء من رأس القناة في كيزان جديدة.
فإن قناتها القديمة- أخذت كما سيأتي- تبرع بمصروفها الأمير تغري برد بن يونس نائب السلطنة بقلعة حلب إذ ذاك وأصرف عليها جملة كثيرة. وعزل مرتفقها وزاد فيه بيوتا وهم أن يجرى إليه فائض الماء من البركة، وفتح بابها الشرقي وفتح لها في صدر إيوانها شباكا إلى الشارع لئلا يتطرق لابطال شعار هذه الخانكاه كما كانت. وفتح شباكا آخر اتجاه بابها الغربي في جانب رواقها بحيث أن من كان في السوق يعلم أن هناك مسجدا ومن مر في الشارع يعلم ذلك.
وأخبرني من أثق به أن الجمل بحمله كان يدخل من باب هذه الخانكاه الذي في السوق. فلما اختصر فكان لا يعلم أن هناك خانكاه إلا من يدخلها. وهذا كان سبب فتح الشباكين المذكورين وبيض قبليتها. وكساها حصرا ومصابيح. ولما كشط كلها القديم شاهد في جانب قبليتها بابا من جهة الشرق ففتحه فوجده كان باب خلوة. وأخذها بعض جيران الخانكاه وأضافها إلى بيته. وعمر فوقها بيتا له. وسيأتي ما اتفق له بسبب ذلك في الحوادث. انتهى.
قلت: وقول والدي أنها نورية يحتمل أن نور الدين جدد فيها شيئا ولها أوقاف كثيرة مبرورة.