الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إما أن يكون الراوي ضعيفا ليس من شرطه، أو يكون مقبولا عنده غير أنه عدل عنه استغناء بغيره، والله أعلم.
فصل
سبب ترك البخاري إخراج الحديث عن طريق الشافعي
والذي نقول في تركه الاحتجاج بحديث الشافعي إنما تركه لا لمعنى يوجب ضعفه لكن غني عنه بما هو أعلى منه، وذلك أن أقدم شيوخ الشافعي الثقات الذين روى عنهم: مالك بن أنس، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وداود بن عبد الرحمن العطار وسفيان بن عيينة.
البخاري لم يدرك الشافعي وروى عمن هو أكبر سنا من الشافعي
والبخاري لم يدرك الشافعي (وروى عن من)(1) كان أكبر منه سنا، وأقدم منه سماعا، مثل مكي بن إبراهيم البلخي وعبيد الله بن موسى العبسي، وأبي عاصم الشيباني ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وخلق (2) يطول ذكرهم.
وهؤلاء الذين سميتهم رووا عن بعض التابعين.
وحدثه أيضا عن شيوخ الشافعي جماعة كعبد الله بن مسلمة القعنبي وعبد الله بن يوسف
(1) في الأصل: وورا عن من
(2)
في الأصل: وخلقا.
التنيسي وإسماعيل بن أبي أويس، وعبد العزيز الأويسي، ويحيى بن قزعة (1)، وأبي نعيم الفضل بن دكين، وخالد بن مخلد وأحمد بن يونس، وقتيبة بن سعيد.
- وهؤلاء كلهم رووا عن مالك، ومنهم من روى عن الدراوردي كسعيد بن أبي مريم المصري، وأبي غسان النهدي، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وعلي بن المديني.
وهؤلاء رووا عن سفيان بن عيينة، وفيهم من يحدث عن داود بن عبد الرحمن العطار.
وغير من ذكرت أيضا ممن أدرك شيوخ الشافعي قد كتب عنه البخاري.
- فلم ير أن يروي عنه حديثا عن رجل عن الشافعي عن مالك، وقد حدثه به غير واحد عن مالك، كما رواه الشافعي، مع كونه الذي حدثه به أكبر من الشافعي سنا، وأقدم سماعا.
(1) يحيى بن قزعة القرشي المكي المؤذن مقبول من العاشرة، سمع مالك بن أنس وهو من أفراد البخاري.
اعتراض: البخاري روى في صحيحه حديثا نازلا وهو عنده عال
فإن قيل: فقد أورد البخاري في صحيحه نازلا حديثا كان عنده عاليا، وهو حديث " مدعم " رواه عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك (1)، ورواه أيضا عن عبد الله بن محمد المسندي عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الفزاري عن مالك، وهذا الحديث في الموطأ.
- ولا شك أن البخاري قد سمعه من غير واحد من أصحاب مالك. إذ كان قد لقي جماعة ممن روى له الموطأ عن مالك.
(1) صحيح البخاري كتاب الأيمان والنذور، باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزروع والأمتعة.
- " فأعظم ما في الباب لو روى عن رجل عن الشافعي عن مالك " أن يكون قد نزل عن عالي حديثه درجة، وهو في الاعتبار أعلى من حديث أبي إسحاق الفزاري الذي أخرجه بدرجة لأن بينه وبين مالك من طريق الشافعي لو أخرجه رجلين ومن طريق الفزاري ثلاثة.
وهذا يدل عن خلاف ما ذكرت، وينقض ما عليه في هذا الباب اعتمدت.
***
البخاري لم يرو نازلا وهو عنده عال إلا لمعنى
إن البخاري لم يرو في الصحيح حديثا نازلا وهو عنده عال إلا لمعنى في النازل لا يجده في العالي، أو يكون أصلا مختلفا فيه، فيذكر بعض طرقه عاليا ويردفه بالحديث النازل متابعة لذلك القول، فأما أن يورد الحديث النازل وهو عنده عالي لا لمعنى يختص به، ولا على وجه المتابعة لبعض ما اختلف لبعض ما اختلف فيه فغير موجود في الكتاب.
وحديث أبي إسحاق الفزاري فيه بيان الخبر وهو معدوم في غيره، وأنا أسوقه ليوقف على صحة ما ذكرته.
حديث مدعم وتخريج الخطيب له
أنبأنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحرشي بنيسابور ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا معاوية بن عمرو (1) عن أبي إسحاق عن مالك بن أنس قال: حدثني ثور (2) أخبرني سالم مولى ابن مطيع أنه «سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: افتتحنا خيبر فلم نغنم ذهبا ولا فضة إنما غنمنا الإبل والبقر والمتاع والحوائط ثم انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى، ومعه عبد له يقال له " مدعم " وهبه له أحد بني الضباب فبينما هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه
(1) ما بين القوسين ليس في صلب المخطوطة وإنما كتب بالهامش وكتب عليه صح.
(2)
هو: ثور بن زيد الديلي، المدني، ثقة من السادسة مات سنة خمس وثلاثين.
(3)
الحديث بهذا اللفظ عند البخاري في كتاب المغازي باب غزوة خيبر. وسيمر معنا من رواية ثانية بالعنعنة عاليا إن شاء الله تعالى. قال ابن طاهر: والسر في ذلك أن في رواية أبي إسحاق الفزاري وحده عن مالك: حدثني ثور بن زيد، وفي رواية الباقين: عن ثور والبخاري حرص شديد على الإتيان بالطرق المصرحة بالتحديث اهـ. (الفتح 7: 488). قوله " وادي القرى ". قوله " عائر " أي لا يدري من رمى به، وقيل هو الحائد عن قصده. قوله " الشملة " كساء يشتمل به الرجل. قوله " لتشتمل عليه نارا " وذلك لأنه أخذها من الغنيمة قبل القسمة وهو الغلول الذي أوعد الله عليه قال الله تعالى:(ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة)" الكرماني 16: 108 " ويحتمل أن يكون - أي الاشتعال - ذلك حقيقة، بأن تصير الشملة نفسها نارا فيعذب بها، ويحتمل أن يكون المراد: أنها سبب لعذاب النار وكذا القول في الشراك الآتي ذكره. " فتح الباري 7: 489 ". قوله " بشراك أو بشراكين " الشراك: سير النعل على ظهر القدم.
(4)
في صحيح البخاري " ولم ". (3)
(5)
في صحيح البخاري " إنما غنمنا البقر والإبل. . . ". (4)
سهم " عائر " حتى أصاب ذلك العبد فقال الناس: هنيئا له الشهادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل (4) - حين سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بشراك أو بشراكين (5) فقال: هذا شيء كنت أصبته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك أو شراكان من نار».
- فلينظر كيف قد جود أبو إسحاق رواية هذا الحديث وحكى فيه سماع " مالك من ثور بن زيد "(6)، وسماع ثور من سالم وسماع سالم من أبي هريرة.
- وأما أصحاب مالك: عبد الله بن وهب، ومعن بن عيسى، وأبو قرة موسى بن طارق (7)، ومحمد بن إدريس الشافعي، ومحمد بن الحسن الشيباني، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وإسماعيل بن أبي أويس، وسعيد بن كثير بن عفير، وأبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، ومصعب بن
(1) في صحيح البخاري " أهداه ". (5)
(2)
في الأصل " عابر " والتصويب من صحيح البخاري. (1)
(3)
في الأصل: فقال له، والتصويب من صحيح البخاري. (2)
(4)
(3) والذي نفسي بيده إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا فجاء رجل قال الحافظ: لم قف على اسمه.
(5)
في الأصل " بشراك أو شراكين " والتصويب من صحيح البخاري.
(6)
في الأصل " مالك بن ثور من زيد " وهو خطأ واضح من النساخ. والصواب ما أثبتناه.
(7)
موسى بن طارق اليماني، أبو قرة، الزبيدي، القاضي ثقة يغرب، من التاسعة.
عبد الله الزبيري، وسويد بن سعيد، فإنهم جميعا رووه من غير بيان خبر ولا نص سماع.
- أنا القاضي أبو بكر بن الحسن الحيري ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: أنا ابن وهب قال: أخبرني مالك بن أنس (1):
- وأنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان قال: أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي ثنا إبراهيم بن الهيثم ثنا إسماعيل بن أبي أويس المدني حدثني مالك بن أنس (2).
- وأنا عبد الرحمن بن عبيد الله الحربي وعثمان بن محمد بن يوسف العلاف قالا: أنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم حدثني إسحاق الحربي ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك (3):
- وأنبأنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال: ثنا محمد بن عبد الله بن سفيان المعمري، قال: ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: ثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر، قال: ثنا مالك بن أنس:
- وأنا علي بن أبي علي المعدل قال: ثنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق البزار قال: ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العز قال: ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال: ثنا مالك:
- وأخبرني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال: ثنا محمد بن المظفر الحافظ قال: أنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال: قرأ علي سويد، مالك.
- وأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي قال: قرأت على أبي بكر الإسماعيلي، أخبركم هارون بن يوسف قال: ثنا ابن أبي عمر قال: ثنا معن (4) عن مالك:
- وأنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي قال: أنا عبد الله بن محمد بن عثمان المدني الحافظ: أنا المفضل بن محمد الجندي قال: ثنا أبو حمه محمد بن يوسف (5) ثنا أبو قرة قال: ذكر مالك:
(1) عند مسلم في كتاب الإيمان باب غلط تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون.
(2)
البخاري: كتاب الأيمان والنذور باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزرع والأمتعة.
(3)
سنن أبي داود كتاب الجهاد، باب في تعظيم الغلول (2711).
(4)
هو ابن عيسى الأشجعي.
(5)
محمد بن يوسف الزبيدي أبو حمه صاحب أبي قرة، صدوق من العاشرة مات في حدود الأربعين ومائتين.
- وأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم الدمشقي (1) في كتابه إلينا ثنا أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الفقيه قال: أنبأنا الربيع بن سليمان أنبأنا الشافعي قال: أنبأنا مالك:
- وأخبرني الحسن بن أبي طالب ثنا محمد بن المظفر ثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي ثنا أبو إبراهيم المزني ثنا الشافعي أنبأنا مالك: (2).
- وأنبأنا الحسن بن أبي بكر بن شاذان قال: أنبأنا القاضي أبو نصر أحمد بن نصر بن محمد بن إسكاب البخاري ثنا عبد الله بن عبد الوهاب القزويني ثنا إسماعيل بن توبة ثنا محمد بن الحسن عن مالك بن أنس (3):
- وأخبرني عتيق بن سلامة بن نصر بن عبد الله الأنصاري ثنا عبد الرحمن بن عمر بن محمد المصري ثنا أحمد بن بهزاد الفارسي ثنا عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير حدثني أبي حدثني مالك.
- عن ثور بن زيد عن أبي الغيث مولى مطيع عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر فذكر الحديث بطوله نحو ما تقدم.
- وهكذا رواه عن مالك عبد الرحمن بن القاسم ويحيى بن عبد الله بن بكير المصريان.
(1) في المخطوطة تمزق عند هذا الاسم.
(2)
السنن للإمام الشافعي 113، وانظر بدائع المنن 2:118.
(3)
الموطأ رواية محمد بن الحسن.
والبخاري يتبع الألفاظ بالخبر في بعض الأحاديث، ويراعيها لأسباب.
وقد كان بعض الناس أنكر قول أبي هريرة: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر "، لأن أبا هريرة إنما قدم في أثناء الوقعة، فأخرج البخاري حديث أبي إسحاق لتجويده وإسناده، إذ فيه قطع لعذر (1) من اعترض عليه بتجويز كونه مرسلا مقطوعا أو مدلسا غير مسموع، وتأول قوله ففتحنا خيبر أنه أراد بذلك إدراكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر أثناء الوقعة، لا أنه أراده كونه معه في ابتدائها، وكذلك كانت قضية قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقيب فتحه بعض حصون خيبر فشهد بقية الفتح، وسار معه لما قفل من غزوته.
…
وقد أورد البخاري في الجامع لحديث أبي إسحاق نظائر، إذا تأملها الناظر تبين صحة ما قلنا.
لا يوجد للشافعي حديث على شرط البخاري أغرب به، وأنا اعتبرنا روايات الشافعي التي (2) ضمنها كتبه فلم نجد فيها حديثا واحدا على شرط البخاري أغرب به ولا تفرد بمعنى فيه يشبه ما بيناه في حديث أبي إسحاق، ونلزم البخاري إخراجه من طريقه، وإن كان لا يلزمه.
(1) في الأصل: لغذر، بالمعجمتين. ولعله تصحيف من لعذر. وهي الحجة التي يعتذر بها.
(2)
في الأصل " الذي " وقد كتب في الهامش " التي " وكتب عليها " صح ".
وإذ قد بينا الوجه الذي لأجله " خنى "(1) البخاري عن إخراج حديث الشافعي في صحيحه، فمثله القول في ترك مسلم بن الحجاج إياه، لإدراكه ما أدرك البخاري من ذلك.
…
رواية أبي داود لحديث الشافعي
وأما أبو داود السجستاني فقد أخرج في كتابه (2) الذي جمع السنن فيه، عن الشافعي غير حديث: من ذلك:
ما أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ثنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي ثنا أبو داود ثنا ابن السرح وإبراهيم بن خالد (3) هو " أبو ثور " الكلبي في آخرين قالوا ثنا محمد بن إدريس الشافعي حدثني عمي محمد بن علي بن شافع عن عبد الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير بن عبد يزيد بن ركانة «أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة (5) ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة، فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلقها الثانية في زمان عمر، والثالثة في زمان عثمان» .
قال أبو داود: أوله لفظ إبراهيم وآخره لفظ ابن السرح.
(1) كذا في الأصل: ولعله غني أي استغنى.
(2)
كتابه المعروف باسم " سنن أبي داود ".
(3)
في سنن أبي داود: " الكلبي أبو ثور ".
(4)
سنن الترمذي كتاب الطلاق (1177)، سنن أبو داود الطلاق (2208)، سنن ابن ماجه الطلاق (2051)، سنن الدارمي الطلاق (2272).
(5)
(4) ألبتة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: والله في السنن وقال: والله. وفي المسند وبدائع المنن " ووالله ".
من أخرج من الحفاظ حديث الشافعي
وأخرج له أبو عيسى الترمذي، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، ولم نرد بقولنا لهذا إلا الإبانة ليتطاول قول من حكينا عنه أنه احتج علينا بترك الأئمة له، على أن الترك لا يزيد في حال المتروك إذا كانت عدالته ظاهرة، والألسن بالثناء عليه ناطقة، وإنما التأثير لذكر " ينكت "(1) به الجرح، وترك " يرد فيه "(2) التضعيف والقدج، وقد كان لشعبة (3) بن الحجاج مذهب فيمن يترك حديثه.
…
مذهب شعبة فيمن يترك حديثه
أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل أنبأنا علي بن محمد بن أحمد المصري ثنا محمد بن عمرو بن نافع.
وأنبأنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني بها ثنا صالح بن أحمد الحافظ أنبأنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قراءة ثنا علي بن الحسن الهسنجاني ثنا نعيم بن حماد قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: سمعت شعبة وسئل من الذي يترك حديثه؟ قال: الذي إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعرفون فأكثر طرح حديثه، وإذا اتهم بالكذب طرح حديثه، - يعني إذا صح عليه - وإذا روى حديثا غلطا مجمعا عليه فلم يتهم نفسه فيتركه طرح حديثه، وإذا أكثر الغلط يترك حديثه، وما كان غير ذلك فارو عنه دخل لفظ أحد الحديثين في الآخر.
(1) غير واضحة في الأصل لوجود تمزق فيه ولعلها كما كتبناها أو يثبت به الجرح.
(2)
غير واضحة في الأصل لوجود تمزق شديد فيه.
(3)
في الأصل: لسعيد وهو خطأ من الكاتب والصواب ما أثبتناه - والله أعلم.
فصل
زعم: إنما عدل البخاري عن الاحتجاج بالشافعي لقلة عمله بالحديث
وزعم بعض من يدعي المعرفة أن الشافعي إنما عدل البخاري عن الاحتجاج بروايته، لقلة علمه كان بالحديث وعلله، ومعرفة أسانيده وطرقه، وتمييزه صحيحه من سقيمه، وأحوال رواته (1) ونقلته، وهذه دعوى متعرية عن البرهان، ما أنزل الله بها من سلطان، وأظن صاحبها تأول:
ما أنبأنا أبو نعيم الحافظ ثنا سليمان بن أحمد اللخمي قال: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: قال محمد بن إدريس الشافعي: أنتم (2) أعلم بالأخبار الصحاح منا (3)، فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى أذهب إليه، كوفيا أو بصريا أو شاميا.
(1) في الأصل " روايه ".
(2)
في الأصل " أني ".
(3)
في الأصل " هنا ".
فرأى أن هذا قول مقر بالتقصير، يقول في قاعدة مذهبه على التقليد، وليس الأمر كذلك.
وإنما أراد الشافعي إعلام أحمد بن حنبل أن أصله الذي بنى عليه مذهبه الأثر دون غيره فيما ثبت النص بخلافه، وأشار إلى أن أصحاب الحديث أشد عناية من غيرهم بتصحيح الأحاديث وتعليلها، وأكثر بحثا عن أحوال الأمة في جرحها وتعديلها، ليستخرج بذلك ما في نفس أحمد " ويسبره "(1)، هل يجد عنده طعنا عليه، أو عيبا فيما يذهب إليه، أو " خبرا "(2) يخالف أصله، أو أثرا ينقض قوله، وهذا يدل على قوة نفسه فيما أصله، وإتقانه قاعدة مذهبه وما شيده.
…
قول الشافعي إذا وجدتم سنة خلاف قولي فخذوا بها
وقد أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق البزار ثنا دعلج بن أحمد (3) قال: سمعت أبا محمد الجارودي يقول: سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: إذا وجدتم سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف قولي، فخذوا بالسنة، ودعوا قولي، فإني أقول بها.
وكيف يوجد في الأمر ما يخالف مذهبه!!! وعلى الأثر عول ومنه استنبط، وبه أخذ!!!
(1) الأصل أصابته ماء ورطوبة فطمس في هذا الموضع.
(2)
الأصل أصابته ماء ورطوبة فطمس في هذا الموضع.
(3)
في مناقب الشافعي للبيهقي زيادة " بن دعلج " وهو جد " دعلج ".
وإنما قال هذا تعظيما للأثر، وحثا على التمسك بالسنن.
إخراج البخاري عن جماعة هم دون الشافعي
ويبطل قول المعتل بما ذكرناه في أول هذا " الفصل "(1) أن البخاري قد أخرج منهم قدم في العلم ثابتة، ولا حالة عند أهله ظاهرة، كعبد الله بن مرة، في صحيحه أحاديث عن جماعة ليس لواحد وسعدان بن يحيى اللخمي، وشبيب بن سعيد الحبطي وطلحة بن أبي سعيد، وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير، وخلق يطول ذكرهم، احتج بأحاديثهم وليس يقاربون الشافعي في اشتهار الاسم، وانتشار العلم، وبيان الفضل، وصحة الأصل،
(1) في الأصل " الفطك ".
بعض مناقب الشافعي
فإن مناقبه أكثر من أن تحصى، وعد ما جمع الله فيه لا يستوفى، إذ كان المخصوص من الدين، والرجحان الظاهر المبين، والتقدم في المسلمين بما فاق به النظراء، وسما به على الأكفاء، فصار نسيج وحده، وفريد مجده، وقريع دهره،
وواحد عصره، إن ذكرت المفاخر فهو الغاية، وإن عدت المحاسن فإليه النهاية، ذو القدم السابقة، وصاحب النية الصادقة، والفهم الراجح، والفضل الواضح، والمجد الشامخ، والسناء الباذخ، والفطنة الدقيقة والقريحة العميقة، والعقدة الوثيقة، واستقامة الطريقة، وكرم الخلقة، والمزية الشامخة العليا، والتقدم في الفقه والفتيا، " فتصرف "(1) في سائر العلوم بافتنان، وحاز ما عجز عنه أهل الأسنان (2)، وضبط ذلك بحسن بصيرة وإتقان، ولو عدد المبالغون، وأحصى مناقبه المحصون، لأدركتهم السآمة في حسابها، ولأقروا بالعجز " عن "(3) استيعابها، وأنا ذاكر من شواهد أخباره، ومورد من مشهور أذكاره، نبذة موجزة يسيرة، تزيد المستبصر بصيرة، وتكبت العدو الحاسد، وتخصم الألد المعاند، تزيل - إن شاء الله - شك المستريب، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
(1) في الأصل تمزق وخفاء
(2)
الأسنان: من السن، وهو العمر والمراد بذلك من تقدمت بهم أعمارهم.
(3)
ليست في الأصل وإنما هي في الهامش وكتب عليها " صح ".
قول مالك بن أنس فيه
أنبأنا محمد بن رزق البزار أنبأنا محمد بن الحسن السراحي ثنا أبو نعيم الاستراباذي حدثني علي بن عبد الرحمن بن المغيرة: علان المصري قال: سمعت حرملة يقول: سمعت الشافعي يقول: أتيت مالك بن أنس، وأنا ابن ثلاث عشرة سنة وكان ابن عم لي والي المدينة فكلم لي مالكا فأتيته، لأقرأ عليه، فقال: اطلب من يقرأ لك، فقلت: أنا أقرأ. قال: فقرأت عليه، فكان ربما قال لي لشيء قد مر: أعد حديث كذا فأعيد عليه حفظا، فكأنه أعجبه، ثم سألته عن مسألة فأجابني، ثم أخرى فقال: أنت يجب أن تكون قاضيا. (1).
أخبرني علي بن أحمد الرزاز قال: أنبأنا علي بن محمد بن سعيد الموصلي ثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم الطائي ثنا عبد الله بن عمر القواريري ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت مالكا يقول: ما يأتيني قرشي أفهم من هذا الفتى - يعني الشافعي - (2).
…
وصف ابن عيينة له أنبأنا أبو نعيم الحافظ بأصبهان ثنا عبد الله بن محمد " بن جعفر بن حبان (3) " ثنا عمرو بن عثمان المكي " حدثني "(4) أحمد بن محمد ابن بنت الشافعي قال: سمعت أبي وعمي يقولان: كان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا يسأل عنها، التفت إلى الشافعي، فيقول: سلوا هذا.
…
(1) مناقب الشافعي للبيهقي 1: 101 وفيه زيادة " ثم أخرى " مكررة مرتين. وتوالي التأسيس ص 50.
(2)
تاريخ بغداد والمناقب للرازي 17.
(3)
ليست في الحلية.
(4)
في الحلية " ثنا ".
ذكر مسلم بن خالد إياه
أخبرني الحسن بن أبي طالب ثنا محمد بن العباس الخزاز ثنا محمد بن (محمد)(1) الباغندي حدثني الربيع بن سليمان.
وأنبأنا أحمد بن محمد البزار واللفظ له قال: أنبأنا علي بن عبد العزيز البرذعي أنبأنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ثنا الربيع بن سليمان المرادي قال: سمعت الحميدي يقول: سمعت الزنجي - يعني مسلم بن خالد - يقول للشافعي: أفت يا أبا عبد الله، فقد آن لك أن تفتي، وهو ابن خمس عشرة سنة.
…
قول عبد الرحمن بن مهدي فيه أنبأنا محمد بن " أحمد بن "(2) رزق ثنا دعلج بن أحمد (3) قال: سمعت جعفر بن أحمد الساماني يقول: سمعت جعفر ابن أخي ابن أبي ثور يقول: سمعت عمي يقول: كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب " أن "(4) يضع له كتابا فيه معاني القرآن، ويجمع " قبول "(5) الأخبار فيه، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع كتاب الرسالة.
قال عبد الرحمن بن مهدي: ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعو للشافعي فيها.
(1) الزيادة من تاريخ بغداد.
(2)
الزيادة من تاريخ بغداد للخطيب 2: 64.
(3)
في مناقب الشافعي للبيهقي " أخبرنا أبو محمد دعلج بن أحمد بن دعلج "(1: 230).
(4)
سقطت من الأصل وكتبت بالهامش وكتب عليها " صح ".
(5)
في تاريخ بغداد " فنون " وهو تصحيف (2: 64).
قول يحيى بن سعيد القطان فيه
أنبأنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي أنبأنا علي بن عبد العزيز البرذعي أنبأنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ثنا الحسن بن محمد الصباح قال: أخبرت عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: إني أدعو الله للشافعي في كل صلاة، أو في كل يوم - يعني لما فتح الله عليه من العلم ووفقه للسداد فيه -.
…
ذكر أيوب بن سويد له أنبأنا أحمد بن أبي جعفر أنبأنا علي بن عبد العزيز أنبأنا ابن أبي حاتم قال: في كتابي عن الربيع بن سليمان قال: سمعت أيوب بن سويد الرملي لما رأى الشافعي قال: ما ظننت أني أعيش حتى أرى مثل هذا الرجل (1)، ما رأيت مثل هذا الرجل قط.
قلت: وقد رأى الأوزاعي، ومالك بن أنس وسفيان الثوري.
(1) حلية الأولياء 9: 94، ومناقب الشافعي للبيهقي 2: 246، 247.
وصف مصعب بن عبد الله الزبيري
أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق ثنا أحمد بن كامل القاضي حدثني أبو الحسن بن القواس قال: حدثني ابن بنت الشافعي قال: سمعت زبير بن بكار يقول: قال لي عمي مصعب: كتبت عن فتى من بني شافع من أشعار هذيل ووقائعها وقرا، لم تر عيناي مثله، (1) " قال: قلت: يا عمي أنت تقول: لم تر عيناي مثله!! قال: نعم يا بني لم تر عيناي مثله " (2).
قلت: وقد رأى مصعب (3) مالك بن أنس ومن عاصره من العلماء بالمدينة.
…
ذكر محمد بن الحسن الشيباني إياه أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ثنا محمد بن إبراهيم " بن علي "(4) ثنا عبد العزيز بن أحمد ابن أبي رجاء قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي: كان محمد بن الحسن يقرأ علي جزءا، فإذا جاء أصحابه قرأه عليهم أوراقا، فقالوا له: إذا جاء هذا الحجازي قرأت عليه جزءا، وإذا جئنا قرأت علينا أوراقا؟ فقال (5): اسكتوا، إن تابعكم هذا لم يثبت لكم أحد (6).
…
قول بشر بن غياث المريسي فيه أنبأنا أبو نعيم الحافظ ثنا الحسن بن سعيد بن جعفر " البصري (7) " ثنا زكريا " بن يحيى "(8) الساجي ثنا الزعفراني قال: حج بشر (9) المريسي سنة إلى مكة، ثم قدم فقال: لقد رأيت
(1) انظر المناقب للبيهقي 2: 45، 46، 266.
(2)
ما بين القوسين قد سقط من الأصل، وكتب في الهامش بخط دقيق إلا أن الكاتب واحد وكتب عليه " صح ".
(3)
في الأصل زيادة " بن " فصار الكلام: مصعب بن مالك بن أنس، وهو خطأ من النساخ.
(4)
ما بين القوسين ليس في الحلية.
(5)
في الحلية " قال ".
(6)
حلية الأولياء 9: 93.
(7)
ليست في الحلية.
(8)
ليست في الحلية.
(9)
في الأصل: بسر بالمهملة. وهو خطأ من النسخ.
بالحجاز رجلا ما رأيت مثله سائلا ولا مجيبا - يعني الشافعي.
…
ذكر أحمد بن حنبل له أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق ثنا عبد الله بن جعفر بن شاذان ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: لولا الشافعي ما عرفنا فقه الحديث (1).
زعم: إبطال أهل الحديث لروايات جماعة من الفقهاء اختلاف الشافعي عنهم
فإن قال قائل: إن وصف الشافعي بالفقه وعلو مرتبته في العلم مما لا يمكن دفعه، ولا يتوصل إلى ستره، غير أن ذلك على مذاهب أصحاب الحديث بمجرده لا يوجب قبول الخبر، والاحتجاج بالرواية، إذ قد أبطلوا روايات جماعة من العلماء، وردوا أخبار غير واحد من الفقهاء، كأبي حنيفة، وابن أبي ليلى، وأبي يوسف القاضي، وأبي البختري وهب بن وهب، ومحمد بن الحسن، وغيرهم ممن يطول ذكره، مع اشتهار هؤلاء بمعرفة الأحكام والاجتهاد في مسائل الحلال والحرام، فهل الشافعي إلا كواحد منهم؟ أو حكمه عند المحدثين يفارق حكمهم؟؟؟
(1) توالي التأسيس ص.
قلت (1): بل بين حكمه وحكمهم تفاوت كثير، وفرقان - إذا تأمله الناظر - واضح منير، وذلك أن كل واحد ممن تقدم ذكره، لما رد أخباره أصحاب الحديث ضعفوا أمره.
ما قبل من تجريح في أبي حنيفة رحمه الله
كما أخبرنا محمد بن الحسين القطان أنبأنا علي بن إبراهيم المستملي قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: ثنا نعيم - يعني ابن حماد - ثنا الفزاري وهو أبو إسحاق قال: كنت عند الثوري فنعي أبو حنيفة فقال: الحمد لله، وسجد، قال: كان ينقض الإسلام عروة عروة. وقال - يعني الثوري: ما ولد في الإسلام مولود أشأم منه. .
أخبرني عبد الله بن أبي الفتح ثنا عمر بن أحمد الواعظ ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا محمود بن غيلان ثنا المؤمل قال: ذكر أبو حنيفة عند الثوري " وهو "(2) في الحجر فقال: غير ثقة، ولا مأمون، غير ثقة ولا مأمون، فلم يزل يقول، حتى " جاوز "(3) الطواف.
حدثني الحسن بن أبي طالب ثنا عبد الواحد بن علي القاضي " ثنا أبو محمد عبد الله بن سليمان بن عيسى القاضي "(4) ثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وسئل عن أبي حنيفة
(1) في الأصل: الكلام غير واضح
(2)
ليست في الأصل وإنما هي من تاريخ بغداد المصنف.
(3)
في تاريخ بغداد " حتى جاز ".
(4)
ما بين القوسين ليس في الأصل وإنما كتب في الهامش وكتب عليه " صح ".
يروي عنه؟ قال: لا. .
أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق أنبأنا هبة الله بن محمد بن حبش الفراء ثنا أبو جعفر محمد بن عثمان ابن أبي شيبة قال: سمعت يحيى بن معين وسئل عن أبي حنيفة فقال: كان يضعف في الحديث.
أنبأنا محمد بن الحسين القطان أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق ثنا سهل بن أحمد الواسطي ثنا عمرو بن علي قال: أبو حنيفة النعمان بن ثابت ضعيف الحديث، عامة حديثه غلط. ما يسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قليل الحديث.
صفحة فارغة
صفحة فارغة
وقالوا في ابن أبي ليلى
ما أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي أنبأنا أحمد بن سعيد بن سعد ثنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي ثنا أبي قال محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قاضي الكوفة،
أحد الفقهاء وليس بالقوي في الحديث. 11 - آ
…
وأما أبو يوسف
فأخبرنا محمد بن الحسين المتوثي أنبأنا دعلج بن أحمد المعدل أنبأنا أحمد بن علي الأبار ثنا محمود بن غيلان قال: قلت لزيد بن هارون: ما تقول في أبي يوسف؟ قال: لا تحل الرواية عنه، إنه كان يعطي أموال اليتامى مضاربة، ويجعل الربح لنفسه. .
أخبرني أحمد بن محمد بن غالب حدثني محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك الأدمي ثنا محمد بن علي بن أبي " داود "(1) الأيادي ثنا زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن حدثني أبو داود سليمان بن الأشعث ثنا عبيدة (2) بن عبد الله الخراساني قال رجل لابن المبارك: أيهما أصدق أبو يوسف أو محمد؟ قال: لا تقل أيهما أصدق، قل أيهما أكذب؟.
(1) كتبت في هامش الأصل وكتب عليها " صح " وفي تاريخ بغداد " محمد بن علي الأيادي ".
(2)
في تاريخ بغداد 14: 257 " عبده ".
ووصفوا أبا البختري بوضع الحدث كذلك.
أنبأنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي بنيسابور قال: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت يحيى بن
معين يقول: أبو البختري - يعني القاضي - يضع الحديث. .
…
وقالوا في محمد بن الحسن ما أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق ثنا أحمد بن علي بن عمر بن حبيش الرازي قال: سمعت محمد بن أحمد بن عصام يقول: سمعت محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي يقول: سمعت يحيى بن معين وسألته عن محمد بن الحسن فقال: كذاب.
وصف الشافعي بالصدق والعدالة والثقة
وأما الشافعي: فالمحفوظ عن العالمين بالحديث، ومن يرجع إلى أقوالهم في الجرح والتعديل، وصفهم له بالصدق والأمانة، وذكرهم إياه بالثقة والديانة،
سماع أحمد الموطأ من الشافعي وكان قد سمعه من جماعة قبله
كما أنبأنا أبو سعيد الماليني أنبأنا عبد الله بن عدي الحافظ ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني ثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: سمعت الموطأ من محمد بن إدريس الشافعي، لأني رأيته فيه ثبتا، وقد سمعت من جماعة
قبله.
ثناء أحمد بن حنبل عليه
وأخبرني الحسن بن أبي طالب ثنا محمد بن العباس الخزاز ثنا عبد الله بن إسحاق المدايني قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سألت أحمد بن حنبل عن الشافعي فقال: قد سألناه، واختلفنا إليه فما رأينا إلا خيرا (1).
…
- وأنبأنا عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم ثنا إبراهيم الحربي قال: سألت أحمد بن حنبل عن الشافعي فقال: حديث صحيح ورأي صحيح، قلت: ما تقول في أبي حنيفة؟ قال: لا حديث، ولا رأي.
وقد روى أحمد بن حنبل في مسنده عن الشافعي أحاديث كثيرة، وروى أيضا عن سليمان بن داود الهاشمي عن الشافعي حديثا.
(1) المناقب للبيهقي 2: 259.
ثناء يحيى بن معين على الشافعي
أنبأنا أبو نعيم الحافظ ثنا أحمد بن بندار بن إسحاق الفقيه ثنا أحمد بن روح " البغدادي قال: سمعت " الزعفراني قال: كنت مع يحيى بن معين في جنازة فقال له الرجل: يا أبا زكريا ما تقول في الشافعي؟ قال: دع هذا عنك، لو كان الكذب " له "(1) مطلقا لكانت مروءته تمنعه من أن يكذب (2).
أنبأنا أبو سعد الماليني ثنا عبد الله بن عدي قال: سمعت يحيى بن زكريا بن حيوة يقول: سمعت هاشم بن مرثد الطبراني يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: الشافعي صدوق، لا بأس به (3).
ثناء أبي حاتم على الشافعي
أنبأنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال: أنبأنا علي بن عبد العزيز قال: أنبأنا عبد الرحمن بن أبي حاتم (4) الرازي قال: سمعت أبي يقول: محمد بن إدريس الشافعي صدوق.
واستيفاء ما ورد في هذا المعنى يطول. وفي يسير ما ذكرت كفاية عن كثير.
لم يقف علماء الحديث على وهم من الشافعي في الحديث
على أن أئمة النقل قد اعتبروا ما رواه الشافعي، فلم يقفوا منه على وهم، ولا أدركوا له شيئا قد لحقه فيه سهو، حتى قال من انتهى إليه الحفظ في عصره، ولم يدانه أحد من أهل وقته، أبو زرعة الرازي:
قول أبي زرعة
ما أنبأنا رضوان بن محمد بن الحسن الدينوري قال: سمعت أبا عبد الله الحسين بن جعفر العنبري بالري يقول: سمعت الزبير بن عبد الواحد يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني بمصر يقول: سمعت أبا زرعة يقول: ما عند الشافعي حديث غلط فيه.
ثناء ابن عبد الحكم على الشافعي
أنبأنا محمد بن علي بن أحمد المقري أنبأنا محمد بن جعفر التميمي بالكوفة أنبأنا عبد الرحمن بن محمد بن حاتم بن إدريس البلخي ثنا نصر بن المكي ثنا ابن عبد الحكم
(1) ليست في الأصل وإنما هي من مناقب الشافعي للبيهقي والبداية والنهاية.
(2)
المناقب للبيهقي 2: 249 - 250 والمناقب للرازي 81 والبداية والنهاية 10: 253 والحلية 9: 97.
(3)
المناقب للبيهقي 2: 249، والبداية والنهاية 10: 253 وتذكرة الحفاظ 1: 362 من غير اللفظة الأولى.
(4)
في الأصل " حامد " وهو غلط من النساخ والصواب ما أثبتناه.
قال: ما رأينا مثل الشافعي، كان أصحاب الحديث ونقاده يجيئون إليه، فيعرضون عليه، فربما أعل نقد النقاد منهم، ويوقفهم على غوامض (من)(1) علم الحديث لم يقفوا عليها، فيقومون وهم متعجبون منه. ويأتيه أصحاب الفقه، المخالفون والموافقون، فلا يقومون إلا وهم مذعنون له بالحذق والديانة، ويجيئه أصحاب الأدب فيقرأون عليه الشعر فيفسره، ولقد كان يحفظ عشرة آلاف بيت شعر من أشعار هذيل بإعرابها وغريبها ومعانيها، وكان من أضبط الناس للتاريخ، وكان يعينه على ذلك شيئان: وفور عقل، وصحة دين (2)، وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله عز وجل. (3).
بعض ما ورد عن الشافعي من كلام في أحوال الرواة
وقد نقل عن الشافعي مع ضبطه لحديثه كلام في أحوال الرواة، يدل على بصره بهذا الشأن، ومعرفته به، وتبحره فيه. فمن ذلك قوله:
(1) كتبت في الهامش وكتب عليها " صح ".
(2)
في التوالي " وصحة ذهن ".
(3)
التوالي 59 ومناقب الرازي 20 ببعض اختلاف.
الرواية عن حرام حرام
الرواية عن حرام بن عثمان حرام.
قوله عن بعض الرواة توثيقا وتعديلا
وذكر داود بن قيس الفراء، وأفلح بن حميد الأنصاري فرفع بهما في الثقة والأمانة (1).
(1) المناقب للبيهقي 1: 523 بزيادة " والإتقان لما رووا " وانظر التوالي.
- وسئل عن أسامة بن زيد الليثي، ومحمد بن أبي حميد فقال: لا بأس بهما (1).
وغمض على ليث بن أبي سليم.
وقال: من حدث عن أبي جابر البياضي (2) بيض الله عينيه.
- وسئل عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فحكى من أمره ما يوجب ضعفه وترك الاحتجاج بحديثه.
وقال: إرسال الزهري عندنا ليس بشيء، وذلك: أنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم.
(1)(المناقب للبيهقي 1: 547)
(2)
في الأصل " البيضائي " والصواب ما أثبتناه.
- وكل ما حكيته هاهنا عن الشافعي، فإنه عندنا عن شيوخنا بالأسانيد المتصلة بيننا وبينه، وإنما حذفتها ميلا إلى الإيجاز.
ولو اجتهد المتقن الحافظ، وتحرى البصير الناقد، أن نصف هؤلاء المذكورين آنفا، على قدر أحوالهم، وننزلهم في الرواية منازلهم، لما عدا ما ذكر الشافعي من أمرهم، وهذا يدل منه على علم وافر، وفهم حاضر، ومعرفة ثاقبة، وبصيرة نافذة.
انتهاء العلم بالمدينة إلى الفقهاء السبعة وعمن أخذ علمهم
وقد كان العلم بالمدينة انتهى إلى الفقهاء السبعة، وهم سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبو بكر بن
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
- وأخذ عن هؤلاء السبعة علمهم محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ويحيى بن سعيد
الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان.
وأخذ الشافعي علم هؤلاء الأربعة عن أصحابهم.
- أما الزهري فحفظ علمه عن مالك وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن سعد، ومسلم بن
خالد الزنجي، وعمه محمد بن علي بن شافع،
وأما يحيى بن سعيد وربيعة وأبو الزناد فحفظ علمهم عن مالك وسفيان أيضا.
- وكان من فقهاء المدينة ومحدثيها محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، فلم يدركه الشافعي، لكنه أخذ علمه عن صاحبيه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، وعبد الله بن نافع الصائغ.
***
إلى من انتهى العلم في مكة وعمن أخذ علمهم
وأما أهل مكة، فانتهى العلم فيهم إلى عطاء، وطاووس ومجاهد، وعمرو بن دينار، وابن أبي مليكة،
فأخذ الشافعي علم عطاء عن أصحاب ابن جريج وهم مسلم بن خالد، وعبد المجيد بن
عبد العزيز بن أبي رواد، وسعيد بن سالم القداح، وهؤلاء كانوا بمكة،
- ورحل إلى اليمن فأخذ عن هشام بن يوسف قاضي صنعاء، ومطرف بن مازن، وهما من كبار أصحاب ابن جريج.
وكان ابن جريج أخذ العلم عن عطاء نفسه.
وأما طاوس ومجاهد فإن علمهما انتهى إلى ابن جريج أيضا.
- وكان أخذه عن عبد الله بن طاوس، والحسن بن مسلم بن يناق، وإبراهيم بن ميسرة
" وشاركه ابن عيينة في السماع عن ابن طاوس وإبراهيم بن ميسرة "(1).
فأخذ الشافعي علم ابن جريج عن أصحابه الذين قدمنا ذكرهم.
وأخذ عن ابن عيينة نفسه ما كان عنده من هذا النوع وعنه أيضا أخذ علم عمرو بن دينار، وابن أبي مليكة.
وبعضه أخذه عن داود بن عبد الرحمن العطار، وكان ممن علت سنه، وتقدم سماعه.
…
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل وكتب في الهامش بنفس الخط وكتب عليه " صح ".
انتهاء العلم في الشام إلى الأوزاعي وعمن أخذ علمه
وانتهى العلم في الشاميين إلى عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي فأخذ الشافعي علمه عن صاحبه عمرو بن أبي سلمة التنيسي.
انتهاء علم المصريين إلى الليث وعمن أخذ علمه
وكان الليث بن سعد انتهى إليه علم أهل مصر، فأخذ الشافعي علمه عن جماعة من أصحابه، والذي عول عليه من بينهم يحيى بن حسان.
…
عمن أخذ علم العراقيين أهل الكوفة
وأخذ الشافعي علم العراقيين عن فرقتين (1)، فما كان عن أهل الكوفة.
فأخذ عن أبي إسحاق السبيعي، ومنصور بن المعتمر، وسليمان
(1) في الأصل " فرتعين ".
الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، ونحوهم فإنه أخذ عن سفيان بن عيينة وأبي أسامة حماد بن أسامة، ووكيع بن الجراح.
أهل البصرة
وما كان من أهل البصرة:
فأخذ عن إسماعيل ابن علية، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وغيرهما.
وكمل للشافعي مطالعة علم جميع الأمصار، والإشراف على حال علماء سائر الأقطار (1).
وقد ذكرنا في هذه الأوراق على سبيل الاختصار، ما فيه مقنع لذوي النهى والأبصار.
- ونسأل الله تعالى إلحاقنا بالصالحين، وتوفيقنا لسلوك طريقة أئمتنا الماضين، وأن لا يجعلنا من الشاكين المرتابين، ويتولى عصمتنا في حال الدنيا والدين، فإنا إياه نعبد، وبه نستعين.
- حدثني أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت له: يا رسول الله ما تقول في صحيح البخاري؟ فقال لي: صحيح كله، أو جيد كله، أو نحو هذا من الكلام، لو أنه أدخل فيه الشافعي.
والحمد لله وحده وصلواته على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم.
(1) انظر الشافي شرح مسند الشافعي لابن الأثير مخطوط في المقدمة.