الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الحالة تعتبر مركزا للأرض اليابسة، وصدق الله العظيم، إذ يقول:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ} (1)
* * *
(1) سورة الشورى الآية 7
الفصل الأول
تعيين الاتجاه بين مكانين على سطح الكرة الأرضية
إن تعيين الاتجاه بين مكانين على سطح مستوى، هو الخط المستقيم الذي يصل بينهما، وأما الاتجاه بين مكانين على سطح كروي فلا يكون خطا مستقيما، ولكنه يكون قوسا من دائرة وعلى ذلك يمكن بيان الاتجاه بين مكانين على سطح الأرض بعدد كثير من الأقواس الدائرة، ويعتبر الاتجاه الصحيح بين هذه الأقواس هو أقصرها طولا، وهو قوس الدائرة العظمى المارة بهذين المكانين - والدائرة العظمى هي الدائرة التي يمر مستواها بمركز الكرة الأرضية، ولا يوجد غير اتجاه واحد صحيح في هذه الحالة. وهذا الاتجاه لا يقاس من الخرائط الموجودة في الأطالس المصورة المعروفة بيننا، ولكنه يجب حسابه باستعمال المثلث الكروي الذي بين هذين المكانين وبين القطب الأرضي الشمالي. إن المدن على سطح الكرة الأرضية تعين أماكنها بخطوط الطول وخطوط العرض. والمعروف أن خطوط العرض تبدأ من خط الاستواء بمقدار عددي يساوي صفرا، ثم تتجه شمالا وجنوبا إلى كل من القطبين الشمالي والجنوبي حتى يصل الرقم العددي لها إلى 90 من درجات خطوط العرض. ومعنى ذلك أن المقدار العددي لخط العرض بمثل الزاوية المركزية (1) المحصورة بين مستوى دائرة الاستواء، وبين موضع هذا الخط على سطح الكرة الأرضية. وجميع خطوط العرض تمثل دوائر كاملة في مستويات متوازية، ولكنها مختلفة في أطوال أقطارها. وأكبرها قطرا هي دائرة الاستواء - وهي الدائرة العظمى الوحيدة بين دوائر خطوط العرض جميعها - وقطرها يساوي القطر الأكبر للكرة الأرضية، وهو حالي 12760 كم تقريبا. ثم بعد ذلك تنقص أقطار هذه الدوائر حتى تصل إلى الصفر عند القطبين.
(1) الزاوية المركزية هي الزاوية التي رأسها عند مركز الكرة الأرضية.
ولما كان من الواجب عند تعيين انحراف مكان ما عن مكان آخر، أن يكون حساب هذا الانحراف هو أقصر بعد بينهما، لذلك فإن تعيين الانحراف الصحيح بين أي بلد يجب أن يكون في مستوى الدائرة العظمى المار بكل منهما معا، وليس على محيط أي دائرة أخرى غيرها. أما خطوط الطول فهي أنصاف دوائر عظمى، وهذه الدوائر تمر بالقطبين الشمالي والجنوبي، وكذلك تتجمع عندهما، ويبدأ ترقيم هذه الدوائر من خط الطول الأساسي المار بمرصد جرينوتش قرب مدينة لندن عاصمة انجلترا، وهو خط الطول صفر. ومن عند هذا الخط تتجه خطوط الطول شرقا وغربا حول الكرة الأرضية، حتى تتقابل عند الجهة الخلفية له من سطح الأرض، وعلى ذلك فإن خطوط الطول تبدأ من صفر إلى 180 درجة شرقا، وأيضا من صفر إلى 180 درجة غربا. ونلاحظ أن جميع خطوط الطول تكون متعامدة مع جميع خطوط العرض على سطح الكرة الأرضية وأن المسافات الأفقية بين خطوط الطول وبعضها تضيق كلما اتجهنا شمالا أو جنوبا، بالنسبة إلى خط الاستواء، حتى تصل إلى الصفر عند القطبين. كما نلاحظ كذلك أن مستويات هذه الدوائر تمر جميعها بمركز الكرة الأرضية، أي أنها أنصاف دوائر عظمى. وسوف نراعي بإذن الله تعالى في رسم الإسقاط المقترح بيانه في هذا البحث، أن يكون هذا الإسقاط محتفظا بخاصية صحة الاتجاهات وكذلك صحة المسافات فقط، أما صحة التشابه فليست من أغراض هذا البحث. كما أن صحة الاتجاهات والمسافات ستكون بين مدينة مكة المكرمة، وبين جميع مدن العالم قاطبة. وذلك بقصد التمكن من معرفة الاتجاه الصحيح للصلاة في جميع بقاع العالم، والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق.
* * *
سبق أن علمنا أن تعيين الاتجاه الصحيح بين مكانين على سطح الكرة الأرضية، يكون على قوس الدائرة العظمى المارة بهذين المكانين، وكذلك علمنا أن المدن على سطح الكرة الأرضية تعين.
مواضعها بخطوط الطول وخطوط العرض. وعلى ذلك نرى أنه عندما نريد تعيين اتجاه الصلاة لأي بلد ما، يجب معرفة مقدار خط الطول وخط العرض المارين بهذا البلد. وذلك بالإضافة إلى معرفة مقدار خط الطول وخط العرض المارين بمدينة مكة المكرمة
ثم نجعل كلا من هذا البلد، ومن مدينة مكة المكرمة طرفين في مثلث كروي، وأما الطرف الثالث فإنه يكون القطب الشمالي الأرضي. انظر الشكل رقم (1).
نفرض:
أن خط طول مدينة مكة المكرمة = ل 1
وأن خط عرض مدينة مكة المكرمة = ض 1
وأن خط طول المكان = ل 2
وأن خط عرض المكان = ض 2
في الشكل رقم (1) نجد أن:
ق = القطب الأرضي الشمالي.
م = مدينة مكة المكرمة.
ن = أي مكان على سطح الأرض (البلد).
م = زاوية انحراف المكان بالنسبة إلى مكة المكرمة.
ن = زاوية انحراف مكة المكرمة بالنسبة إلى البلد، وهي زاوية اتجاه القبلة.
ق = زاوية الفرق بين خط طول البلد وبين خط طول مكة المكرمة = (ل 2 - ل 1).
القوس (ن ق) = متمم خط عرض البلد = (90 - ض2).
القوس (م ق) = متمم خط عرض مكة المكرمة = (90 - ض1).
القوس (م ن) = المسافة بين مكة المكرمة وبين البلد.
وهذا المثلث الكروي يمكن حساب المعلومات المجهولة فيه من المعلومات المعلومة، وهي (ض1، ل1)، (ض2، ل2) وعلى ذلك نستطيع تعيين مقدار الزاوية (ن) وهي زاوية اتجاه القبلة عند هذا المكان، كما نستطيع تعيين بعد هذا المكان عن مدينة مكة المكرمة، وأيضا يمكننا تعيين انحراف هذا المكان عن مكة المكرمة ومن معرفة هذا الانحراف الأخير والمسافة بين المكان وبين مكة المكرمة يمكننا رسم خريطة العالم المطلوبة في هذا البحث. ولقد وجدنا من المناسب لرسم الخريطة المطلوبة، أن نأخذ أولا الأمكنة المطلوبة عند تقاطع خطوط الطول مع خطوط العرض لكل عشر درجات وتحسب أبعاد وانحرافات هذه الأمكنة عن مدينة مكة المكرمة، ثم نصل بعد ذلك بين نقط خطوط الطول المتساوية في المقادير مع بعضها، فنحصل على خطوط العرض المطلوبة في هذا الإسقاط أيضا، أي أننا قد حصلنا بذلك على إسقاط خطوط الطول والعرض الأرضية بالنسبة إلى مدينة مكة المكرمة. ثم بعد ذلك نرسم حدود القارات وباقي التفاصيل على هذه الشبكة من الخطوط، ولقد وجدنا في بعض الأماكن أنه من الواجب تصغير الأمكنة إلى خمس درجات بدلا من عشرة، وكذلك في بعض الأمكنة القليلة الأخرى وجدنا من المناسب تصغير الأمكنة إلى درجة واحدة. وهذا الإسقاط يعتبر إسقاطا متوازيا متكافئا في المسافات للعالم كله، بالنسبة إلى مدينة مكة المكرمة.