الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في هذه الأبيات نزع حسان إلى الفخر بموقف الأوس وبني النجار في المعركة لنصرة دين الله المتين ثم انتقل إلى بيان مصرع سادة قريش في بدر وهم: أبو جهل وعتبة وشيبة، ثم بين نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف على القليب ينادي أولئك الذين طواهم القليب، وانطوت معهم بعض صفحات العناد، ودفنت كبرياء قريش، ولو أنطقهم الله حين نودوا لقالوا لرسول الله: لقد صدقت دعوتك وكنت صاحب الرأي السديد.
وخليق بنا أن نسمي هذا اللون من القول المنظوم نظما لا شعرا فهو كتلك الأراجيز التي نظمت بها قواعد العلوم والتاريخ وليس شعرا يحلق فيه الخيال ويطير ما سمحت له أجواؤه.
* * *
حول فرار الحارث بن هشام يوم بدر
حين اشتدت رحى القتال في بدر لم يثبت الحارث بن هشام شقيق أبي جهل، وقد رأى أبطال قريش تعصف بهم رياح الموت فآثر الفرار والنجاء من أهوال المعركة وقد عيره الناس بفراره فقال:
الله يعلم ما تركت قتالهم
…
حتى علوا فرسي بأشقر مزبد
ووجدت ريح الموت من تلقائهم
…
في مأزق والخيل لم تتبدد
وعلمت أني إن أقاتل واحدا
…
أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي
فصدفت عنهم والأحبة دونهم
…
طمعا لهم بعقاب يوم مفسد
وبهذا الأسلوب اعتذر الحارث عن الفرار؛ لأنه لا يضر المسلمين شهود الحارث وإنه ليطمع في يوم يثأر فيه للأحبة الذين خلفهم صرعى في بدر.
والحارث هذا هو ابن هشام بن المغيرة وأمه أسماء بنت مخربة وأمها عقاب كانت بنت أمة لرجل من تغلب فكانت جدته لأمه بنت أمة وذلك ما عير به حسان الحارث في كل أهاجيه له، وهذا النسب لم يغب عنه أبو بكر أستاذ علم الأنساب ذلك العلم الذي تلقاه عنه حسان فهجا الكثير من القرشيين دون أن يمس نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد تناول حسان فرار الحارث يوم بدر فقال:
يا حار قد عولت غير معول
…
عند الهياج وساعة الأحساب
إذ تمتطي سرج اليدين نجيبة
…
مرطى الجراء خفيفة الأقراب
والقوم خلفك قد تركت قتالهم
…
ترجو النجاء فليس حين ذهاب