الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجوعه إلى بغداد
لما بلغ أبو بكر من العمر سبعين عاما وشعر بقرب أجله واشتاق إلى بلده بغداد عزم على السفر إليها، فسافر بصحبة تلميذه وصاحبه عبد المحسن بن محمد بن علي الشيحي في شعبان سنة اثنتين وستين وأربعمائة، فسلكا طريق الساحل فمرا بطرابلس ثم حلب وأقام بها أياما ثم توجه إلى بغداد فوصلها في ذي الحجة من السنة نفسها وكان في طريقه يختم في كل يوم وليلة ختمة كاملة.
ولما وصل بغداد استأنف تحديثه ودرسه في جامع المنصور ببغداد واجتمع إليه طلابه بلهف وشوق فحدث بسنن أبي داود من روايته وأملى فصولا من التاريخ والزيادات.
***
مرضه ووصيته ووفاته
مرض الخطيب - رحمه الله تعالى - في منتصف رمضان من سنة ثلاث وستين في حجرته بباب المراتب بدرب السلسلة قرب المدرسة النظامية. ولم يكن له عقب ولا وارث فأراد أن يختم حياته بعمل من أعمال البر فكتب إلى القائم بأمر الله يستأذنه أن يفرق ماله - وكان مائتي دينار - (1) على أصحاب الحديث فأذن له ووكل أمر توزيعه إلى أبي الفضل بن خيرون. وأوصى بأن يتصدق بجميع ثيابه وما يملكه من أشياء بعد موته ووقف جميع كتبه ومصنفاته على المسلمين وسلمها إلى ابن خيرون.
واشتد مرضه في ذي الحجة وتوفي ضحى يوم الإثنين سابع ذي الحجة من سنة ثلاث وستين وأربعمائة رحمه الله.
ولما مات دفن عند قبر بشر الحافي - رحمهما الله تعالى - يوم الثلاثاء، وكان قد صلي عليه في جامع المنصور وصلى عليه القاضي أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله وتبعه الفقهاء والخلق العظيم - وكان بين يدي الجنازة جماعة ينادون: هذا الذي كان يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو إسحاق الشيرازي شيخ الشافعية ممن حمل جنازته. وكان قد حضرها جميع الفقهاء وأهل العلم ونقيب النقباء في بغداد (2). وانتشر خبر وفاته في البلاد الإسلامية وأرسلت
(1) انظر المنتظم 8: 269، والتذكرة 3: 1143، ومعجم الأدباء 4:45.
(2)
انظر التبيين 269 - 270، والتذكرة 3:1144.