الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنب التيس بتشديد الباء المفتوحة: صاح عند الوثوب للسفاح، الحزن بفتح الحاء: ما غلظ من الأرض، لحاه، شتمه، الصميم: الخالص، الرعاع: الضعفاء، شعوب بفتح الشين: الموت، لواذا: مستترين، الحلوم: العقول، العاتق: ما بين الكتف والعنق، النجوم هنا: يراد بهم الأشراف.
يذكر حسان في هذه الأبيات أن الأهاجي التي يرسلها ابن الزبعري لا تشبه إلا صياح التيوس وأنه لا يكثرت بشتائمهم يرسلها لئيم خامل في قومه، ثم راح يعير قريشا بمقامها في أحد حين تولى حمل اللواء نفر من بني قصي تساقط منهم تسعة تعاقبوا حمل اللواء فسقطوا واحدا إثر آخر، فلما لم تجد قريش لواءها مرفوعا فروا ولكنهم أبيدوا جميعا، وأوردوا المنايا، وقدم الشاعر صورة لقريش تستتر وتستخفى وقد طاشت عقولها من الهول.
وقدم الشاعر أكثر من صورة للمعركة المضطربة: صورة الفرار، وصورة الإبادة، وصورة قريش تساق إلى الموت والرماح محطومة في ظهورها، وصورة للمتسللين الذين أذهلهم الخوف فطلبوا الحياة وراء صخور الشعاب بعيدا عن عيون المسلمين (وكل ذلك كان في الفترة الأولى قبل أن تطلع عليهم خيول خالد).
* * *
حسان يتحدث عن غزوة الخندق
تجمعت جيوش الأحزاب: اليهود وغطفان وقريش حول المدينة بعد أن حفر الخندق حولها وجعل المسلمون ظهورهم إلى جبل سلع استعدادا للقاء الأعداء، وسهر الصحابة يحرسون الثغرات، ثم جاءت آية الله ريحا صرصرا أطارت الخيام والقلوب، ومزق الله الأحزاب شر ممزق {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} (1) بهذا حدث القرآن والتاريخ، وانطلقت شاعرية حسان متأثرة بالقرآن فقال:
جيش عيينة وابن حرب فيهم
…
متخمطين بحلية الأحزاب
حتى إذا وردوا المدينة وارتجوا
…
قتل النبي ومغنم الأسلاب
وغدوا علينا قادرين بأيديهم
…
ردوا بغيظهم على الأعقاب
بهبوب معصفة تفرق جمعهم
…
وجنود ربك سيد الأرباب
وكفى الإله المؤمنين قتالهم
…
وأثابهم في الأجر خير ثواب
(1) سورة الأحزاب الآية 25
عيينة: هو عيينة بن حصن الفزاري قائد غطفان، ابن حرب: أبو سفيان، المتخمطون: شديدو الغضب والحلية: الصورة وفي رواية: حلبة: ويراد بها اجتماع القوم، الأيد: القوة، الريح المعصفة: الشديدة الهبوب.
وكان حسان في هذه الأبيات من القصيدة مؤرخا حيث قدم عيينة وأبا سفيان غاضبين في صورة الأحزاب التي اجتمعت وليس لهم من هدف حين جاءوا المدينة غير قتل النبي والظفر بالأسلاب وحينما اعتزوا بقوتهم وكثرتهم ردهم الله على أعقابهم مغيظين وفرقت جموعهم ريح عاصفة وجنود من عند الله وكفى الله المؤمنين القتال وأجزل لهم الثواب وكان حسان في شعره هذا مرددا ما قاله القرآن في سورة الأحزاب. في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} (1) وقوله:
وتناول حسان في غير هذه القصيدة أحداثا جانبية في الغزوة كمصرع ابن عبد ود.
* * *
ولم يتخلف حسان عن تقديم صور لغزوة قريظة وغزوة بني النضير وذي قرد وتناول تلك الغزوات في أكثر من قصيدة وكان صدر قصيدته في بني قريظة:
لقد لقيت قريظة ما غطاها
…
وحل بحصنها ذل ذليل
غطاها: ساءها
وقال في غزوتي قريظة وبني النضير:
لقد لقيت قريظة ما سآها
…
وما وجدت لذلك من نصير
أصابهم بلاء كان فيهم
…
سوى ما قد أصاب بني النضير
سآها: ساءها
وغزوة ذي قرد تلك التي أغار فيها عيينة بن حصن على إبل حوامل ذات ألبان لرسول الله صلى الله عليه
(1) سورة الأحزاب الآية 9
(2)
سورة الأحزاب الآية 25
وسلم - فاستاقوا تلك الإبل، وركب الأنصار في طلبهم وفيهم قتادة الأنصاري والمقداد فردوا الإبل وفر المغيرون بعد معركة غلبت فيها القلة المؤمنة الكثرة الباغية، وتناول حسان تصوير ذلك في قصيدة فقال:
هل هر أولاد اللقيطة أننا
…
سلم غداة فوارس المقداد
واللقيطة: أم حصن وكان قد التقطها حذيفة مع جوار أخر في سنة مجدبة ثم تزوجها.