الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والواقع من الأمر أن فكرة النهي عن تعدد الصفقة - فضلا عن أنها وردت في أحاديث عن النبي عليه السلام هي الفكرة الطبيعية التي تتفق مع تطور القانون. فهي الفكرة الأولى التي يقف عندها نظام قانوني ناشئ، في توخيه الدقة في التعاقد بتحري البساطة في العقد. وتكون وحدة العقد مبدأ جوهريا من مبادئه، ومن ثم لا يجوز أن يتضمن العقد أكثر من صفقة واحدة وإلا أخل ذلك بوحدته، بل لعل الفقه الإسلامي استغنى بهذه الفكرة وأمثالها -كفكرة اللفظية وفكرة مجلس العقد- عن الشكلية في العقود، تلك الشكلية التي بدأت في القانون الروماني رسوما وأوضاعا ساذجة، وجاءت في الفقه الإسلامي ضربا من الشكلية أكثر تهذيبا.
ولعل فكرة وحدة الصفقة في العقد الواحد لم يخلص منها أي نظام قانوني مهذب في مراحله الأولى من التطور، فإنها الفكرة التي تلائم العقل القانوني عندما يبدأ في تشييد صرح من النظم القانونية، فهو يتحرى لها الثبات والاستقرار عن طريق وحدة العقد، إذ أن حاجة القانون إلى الثبات والاستقرار تسبق في تاريخ تطوره حاجته إلى المرونة والتجدد - إلى أن قال ـ:
تطور الفقه الإسلامي في الشروط المقترنة بالعقد
تطور الفقه الإسلامي في المذاهب الأربعة
على أن الفقه الإسلامي لم يلبث جامدا عند المرحلة الأولى للفكر القانوني، بل خطا خطوات واسعة في طريق التطور، تطور في المذهب الحنفي نفسه وفي المذهب الشافعي، وتطور تطورا أسرع في المذهبين المالكي والحنبلي.
1 -
تطور الفقه الإسلامي في المذهب الحنفي
رأينا مما قدمناه من نصوص الفقه الحنفي أن فقهاء هذا المذهب -بالرغم من أنهم يقررون كمبدأ عام وجوب وحدة الصفقة- يحدثون مع ذلك في هذا المبدأ ثغرات هامة، فيدفعون المذهب إلى طريق من التطور يوطئ أكنافه ويوسع ما ضاق منه، سدا لحاجات التعامل.
1 -
فأول ما يقررونه -لا على سبيل الاستثناء من المبدأ، بل مطاوعة لطبائع الأشياء- أن الشرط الذي يقتضيه العقد هو شرط صحيح يصح معه العقد. وبديهي أن ما يقررون من ذلك غني عن أن