المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

توقف الفتح: أن المسلمين في إحدى غزواتهم البحرية لجزيرة من - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌التمسك بالإسلام حقاهوسبب النصر والنجاة في الآخرة

- ‌على طريق الجسد الواحدإلىمركز اليابسة على الأرض مكة المكرمة

- ‌وفي سبيل الله

- ‌ المراد بسبيل الله في القرآن

- ‌معنى سبيل الله إذا قرن بالإنفاق

- ‌سبيل الله في آية مصارف الزكاة

- ‌الشرط الجزائي

- ‌المراد بالشرط الجزائي والداعي إليه

- ‌ ما للشرط الجزائي من صور مختلفة

- ‌ ما يندرج تحته الشرط الجزائي من أنواع الشروط التي تشترط في عقود المعاملات

- ‌ضوابط الشروط المقترنة بالعقد

- ‌الشرط الذي يلائم العقد

- ‌ما يجب لصحة الشرط الذي يلائم العقد

- ‌الشرط الذي يجري به التعامل

- ‌الشرط الفاسد

- ‌ المذهب الحنفي

- ‌ العقود التي يكون فيها الشرط الفاسد مفسدا للعقد

- ‌ تأصيل المذهب الحنفي وتطور الفقه الإسلامي

- ‌السبب في تحريم تعدد الصفقة - وحدة العقد

- ‌تطور الفقه الإسلامي في الشروط المقترنة بالعقد

- ‌ تطور الفقه الإسلامي في المذهب الحنفي

- ‌تطور الفقه الإسلامي في المذهب الشافعي

- ‌ تطور الفقه الإسلامي في المذهب المالكي

- ‌تقدير مذهب مالك

- ‌ المذهب الحنبلي

- ‌الشرط الصحيح في مذهب الحنابلة

- ‌استكمال المذهب الحنبلي بأقوال ابن تيمية

- ‌مقارنة بين المذاهب الأربعة في تصحيح الشروط المقترنة بالعقد

- ‌مقارنة إجمالية:

- ‌مقارنة تفصيلية

- ‌ملخص قرار الهيئة

- ‌من زوايا الدعوة إلى الله

- ‌النبوةدراسة من القرآن الكريم

- ‌الفرق بين النبي والرسول

- ‌نهج القرآن في تحديد كل من النبي والرسول

- ‌شبهات وشعاراتحولتطبيق الشريعة

- ‌تحول العبادات إلى عاداتوأثره في حياة المسلمين

- ‌مفهوم العبادة في الإسلام

- ‌تحول مفهوم العبادة

- ‌أمثلة على هذا التحول

- ‌سبب هذا التحول

- ‌خطر هذا التحول على الحياة الإسلامية

- ‌أحمد بن حنبل

- ‌ مرضه ووفاته

- ‌من مراجع البحث

- ‌حسان بن ثابت

- ‌صدق شاعريته

- ‌بين حسان وشعراء قريش بعد إسلامهم

- ‌من مدائحه في الغساسنة

- ‌شعر حسان في الإسلام

- ‌من شعر حسان المرتجل في الوفود

- ‌الغزوات والسرايا في شعر حسان

- ‌حول فرار الحارث بن هشام يوم بدر

- ‌على ماء بدر

- ‌يوم أحد

- ‌حسان يتحدث عن غزوة الخندق

- ‌فخره في الجاهلية

- ‌تفاخره في شعره الإسلامي

- ‌حسان الثائر لكرامة الأنصار

- ‌الهجاء في شعر حسان

- ‌المراثي في شعر حسان

- ‌شعر حسان سجل للأنساب

- ‌شعر حسان الإسلامي

- ‌الأمومة والطفولة في الإسلام

- ‌الأمومة في القرآن

- ‌أم إسماعيل

- ‌أم موسى

- ‌أم المسيح

- ‌الحسبة والنظام الإداري

- ‌ النظام الإداري الإسلامي؟ وقيام الأفراد به:

- ‌أهمية الحسبة في النظام الإسلامي

- ‌النظم الحديثة والحسبة

- ‌الوضع في الإسلام

- ‌الحديث عن لو

- ‌إسقاط الكرة الأرضية بالنسبة لمكة المكرمة وتعيين اتجاه القبلة

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولتعيين الاتجاه بين مكانين على سطح الكرة الأرضية

- ‌الفصل الثانيحساب البيانات المطلوبة من المثلث

- ‌الفصل الثالثحساب المسافات والانحرفات اللازمة لإسقاط الخريطة المطلوبة

- ‌الفصل الرابعإعادة إسقاط خريطة العالم بالنسبة للاتجاهات الصحيحة للصلاة

- ‌أول سماعه للحديث

- ‌رحلاته في طلب الحديث

- ‌نيته عند شربه ماء زمزم

- ‌إبطاله لكتاب مزور كتبه اليهود

- ‌خروج الخطيب إلى دمشق وهجره بغداد

- ‌رجوعه إلى بغداد

- ‌مرضه ووصيته ووفاته

- ‌علومه

- ‌بعض مناقبه وأخلاقه

- ‌بعض صفاته

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌ تراجم رجال سند هذه الرسالة

- ‌ ابن الطراح

- ‌ست الكتبة

- ‌محمد بن علي المظفر بن القاسم

- ‌إسماعيل ابن أبي اليسر التنوخي

- ‌ ابن جعوان

- ‌ علي بن المظفر النشبي

- ‌وصف المخطوطة وعملي في الكتاب

- ‌سند المخطوطة إلى المؤلف

- ‌بعض مزايا الشافعي

- ‌فصلسبب ترك البخاري إخراج الحديث عن طريق الشافعي

- ‌مصادر التحقيق والمقدمة

- ‌مؤتمرات

- ‌لجنة رسالة المسجد

- ‌لجنة إعداد الأئمة

- ‌لجنة إدارة المسجد

- ‌لجنة التمويل

- ‌لجنة التخطيط الهندسي

- ‌لجنة خطبة الجمعة

- ‌لجنة المسجد الأقصى

- ‌عبد الله بن عبد الله الزائد

- ‌محمود شيت خطاب

- ‌الرسالة العسكرية للمسجدالثكنة الأولى

- ‌التربية الاستعمارية

- ‌تعريب المصطلحات

- ‌الدين والعسكرية هل هما على طرفي نقيض

- ‌أثر المسجد في العسكريين

- ‌النصر مسئولية الشعب كله لا الجيش وحده

- ‌المسجد والعسكرية

- ‌مقترحات

- ‌رسالة المساجد في صدر الإسلام

- ‌ بناء مسجد قباء:

- ‌ بناء المسجد النبوي:

- ‌ بناء المساجد في الأسفار والغزو:

- ‌ منزلة المساجد في الإسلام:

- ‌وظيفة المسجد في صدر الإسلام

- ‌أمر المساجد والقائمين عليها اليوم

- ‌الوسائل لتحقيق رسالة المسجد اليوم

- ‌محمد المجذوب

- ‌رسالة المسجد قديما وحديثا

- ‌جامعات شعبية

- ‌بين أمس واليوم

- ‌التطور المدمر

- ‌لنبدأ من هنا

- ‌المسجد الذي نريده

- ‌المراكز الإسلامية

- ‌طموح مشكور يرجى تحقيقه

- ‌رسالة المسجد عبر التاريخ

- ‌أبو بكر القادري

- ‌أحمد شلبي

- ‌رسالة المسجد في العالم عبر التاريخ

- ‌رسالة المسجد في الماضي والحاضر

- ‌ضياء الدين بابا خانوف

- ‌سليمان دنيا

- ‌طفيل محمد

- ‌المسجد ومكانته في الإسلام

- ‌محمد حسين يوسف

- ‌رسالة المساجد في عصور ازدهارها

- ‌أوضاع المساجد في العالم في العصر الحاضر

- ‌المسجد محور للنشاط ومركز للتوجيه الروحي والفكري للأمة

- ‌ إعداد الأئمة ومساعديهم ورفع كفاياتهم ومكانتهم

- ‌التخطيط لبناء المسجد ومرفقاته

- ‌محمد حسين الذهبي

- ‌رسالة المسجد في العالم عبر التاريخ

- ‌رسالة المسجد في عصور ازدهارها

- ‌أوضاع المساجد في العالم في العصر الحاضر

- ‌عبد الرءوف حامد التكينة

- ‌رسالة المسجد

- ‌إحياء رسالة المسجد

- ‌محمد بشير الباني

- ‌المسجد المعاصر

- ‌وضع هذا المسجد

- ‌الحلول لهذه الأزمة

- ‌التوصيات

- ‌أولا: فيما يتعلق بموضوع رسالة المسجد

- ‌ثانيا: فيما يتعلق بموضوع إعداد الأئمة والخطباء والدعاة

- ‌ثالثا: فيما يتصل بموضوع خطبة الجمعة

- ‌رابعا: فيما يتصل بموضوع:الإشراف على المسجد

- ‌خامسا: فيما يتعلق بموضوع المجلس الأعلى العالمي للمساجد

- ‌الاختصاصات

- ‌تكوين المجلس

- ‌سادسا: فيما يتعلق بموضوع تمويل المساجد

- ‌نفقات المساجد ورسالتها

- ‌سابعا: فيما يتصل بموضوع التخطيط الهندسي للمساجد

- ‌ثامنا: فيما يتعلق بموضوع المسجد الأقصى

- ‌تاسعا: توصيات عامة

- ‌كتب من التراث

- ‌نظام الأسرة عند ابن تيمية

- ‌كتب أجنبية

- ‌كيف صرت مسلما

- ‌المسلمون في أمريكا

- ‌المؤتمر الدولي للمسكرات والمخدرات

- ‌ حجر الأساس للجامعة الإسلامية لغرب أفريقيا

الفصل: توقف الفتح: أن المسلمين في إحدى غزواتهم البحرية لجزيرة من

توقف الفتح: أن المسلمين في إحدى غزواتهم البحرية لجزيرة من جزر البحر الأبيض المتوسط غلوا، فنهاهم قائدهم وأنذرهم، إلا أنهم لم ينتهوا وأعرضوا عن النذر، فلما أبحرت بواخرهم عائدة بهم إلى قواعدهم في شمال أفريقية، بعث الله عليهم ريحا عاتية أغرقتهم مع ما حملوه من سحت حرام، لم ينج منهم غير قائدهم الذي سلم لأمانته، فأخبر عن مصير الذين يغلون في الغنائم، خلافا لتعاليم القرآن الكريم والسنة المطهرة وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يسلمون الغنائم كاملة لقادتهم، حتى الإبرة والمخيط.

ومنذ توقف الفتح الإسلامي العظيم، لأن المسلمين غيروا ما بأنفسهم، حتى اليوم، جرت معارك دفاعية انتصر فيها المسلمون؛ لأن قادتهم خافوا الله فوهبهم النصر، يكفي أن أذكر من القادة المنتصرين: قاضي القضاة أسديرة الفرات فاتح صقلية وصلاح الدين الأيوبي الذي استعاد القدس من الصليبيين، وقطز قاهر التتار ومحمد الفاتح فاتح القسطنطينية.

إن كل القادة الذين نجحوا في صد المعتدين أو أضافوا فتحا جديدا على الفتوحات الإسلامية، كانوا متدينين إلى أبعد الحدود، وكانوا أمثلة شخصية لرجالهم في التدين والاستقامة والعمل الصالح.

وخبا نور المسجد بعد تفسخ المسلمين، ولكن بقي شيء من نوره يشع قليلا، كالذي يعالج سكرات الموت، حتى غزا أعداء المسلمين بلاد المسلمين في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي، فأجهز الاستعمار على بقية النور في محاولة طمسه إلى الأبد.

ولكن الله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

***

ص: 468

‌التربية الاستعمارية

كان هدف الاستعمار القضاء على القرآن الكريم عقيدة وشريعة ولغة، فقد خطط " لويس الثالث " ملك فرنسا الذي أسره المصريون (بالمنصورة) وهو أسير، وكان مجمل تخطيطه القضاء على القرآن الكريم عقيدة وتشريعا ولغة.

وكانت الأسباب الموجبة لتخطيطه: أن المسلمين لا يستعبدون أبدا، ما داموا متمسكين بهذا القرآن.

وشبت ثورات عارمة في الهند على الإمبراطورية البريطانية، وكان المؤجج الأول لأوار تلك الثورات

ص: 468

هو التمسك بالدين الحنيف.

وضاق غلادستون رئيس وزراء بريطانيا حينذاك ذرعا، فوقف خطيبا يكاد يتميز من الغيظ حقدا على الإسلام والمسلمين، فقال:(لا يستقر للاستعمار قرار ما دام هذا القرآن يتلى صباح مساء بين المسلمين، فيجب أن نمزقه لنثبت أقدامنا في البلاد الإسلامية).

ومزق الله الإمبراطورية البريطانية، وحفظ الله القرآن الكريم، وصدق الله العظيم:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (1)

ولكن، هل أخفق الاستعمار في تحقيق أهدافه كلها؟

الحق أنه لم يخفق كل الإخفاق، بل حقق بعض أهدافه في بذر الشكوك بجدوى القرآن عقيدة وشريعة ولغة.

لقد بذل قصارى جهده في بذر هذه الشكوك تمكينا للاستعمار في ديار المسلمين وتمهيدا لخلق دولة إسرائيل.

وبذلت الصهيونية العالمية قصارى جهدها دعما للاستعمار خدمة لمطامعها التوسعية الاستيطانية وتحقيقا لحلمها من النيل إلى الفرات.

في سنة 1897 ميلادية، عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة (بازل) بسويسرا تحت رئاسة هرتزل نبي الصهيونية، كما يسميه الصهاينة ومن لف لفهم، وكان من مقررات هذا المؤتمر: إحياء التوراة عقيدة ولغة.

ورصدت الصهيونية العالمية لتحقيق هذا الهدف ملايين الجنيهات الذهبية كما ذكر هرتزل في مذكراته، لإحياء الدين اليهودي وغرسه في نفوس اليهود وعقولهم معا، ولإحياء اللغة العبرية الميتة.

في هذا الوقت بالذات وبتأثير المال الصهيوني، ظهرت أصوات ناشزة مريبة في الغرب، تشكك في القرآن لغة وعقيدة وتشريعا، ولكن هذه الأصوات قوبلت بالرفض المطلق من العرب والمسلمين.

وفي سنة 1917 الميلادية صدر وعد بلفور الذي عزز الأطماع الصهيونية وبعث آمالها، فاشتدت عزائم الصهيونية والاستعمار لتحقيق أهدافها في التشكيك بجدوى القرآن الكريم لغة وعقيدة وتشريعا.

(1) سورة الحجر الآية 9

ص: 469

في هذا الوقت بالذات، ظهرت أصوات عربية ناشزة، تدعو إلى العامية تارة، وتدعو إلى كتابة العربية بالأحرف اللاتينية، ليصبح هذا القرآن مهجورا ولتصبح اللغة العربية التي تربط العرب من المحيط إلى الخليج بإخوانهم المسلمين من الخليج إلى المحيط، لغة المقابر والكهوف، كما عبر عنها أحد المريبين من العرب المسلمين ومن العرب غير المسلمين أيضا مع الأسف الشديد.

وأتساءل والأسى يذيب قلبي: هل كانت صدفة من الصدف، أن تطرح فكرة بعث التوراة لغة وعقيدة بإماتة القرآن لغة وعقيدة وتشريعا؟

الذين يدعون بأن الصدفة عملت عملها، لا بد أن يكونوا قد ألغوا عقولهم والذين يصدقون هذا الادعاء لا بد أن يكونوا من المغرر بهم كل التغرير، أو من الجهلاء كل الجهل أو من العملاء كل العمالة.

إن وراء إماتة القرآن الكريم لغة وعقيدة وتشريعا، الاستعمار أولا، ووسيلتهم بذلك نفوذهم وعملاؤهم، والصهيونية العالمية ثانيا، ووسيلتها في ذلك الماسونية والمال الصهيوني والدعاية الصهيونية، فلا تعجبوا بعد ذلك أن يصبح " سلامة موسى " من قادة الفكر العربي، وأن يمسي الذي شارك في افتتاح الجامعة العبرية في القدس سنة 1939 عميد الأدب العربي.

لقد اكتشفت أن الذين دعوا إلى اللغة العامية وإلى كتابة العربية بالحروف اللاتينية من الماسون، وأن الذي رفع ذكرهم بين الناس هم الماسون والاستعمار.

ودليلي على ذلك هو وجود أسمائهم في معجم المحافل الماسونية في الشرق وهو كتاب مطبوع في بيروت.

إن أصابع الماسونية وراء هؤلاء الأمعات الخونة الذين لم يدخلوا في حياتهم مسجدا ولم يؤدوا صلاة فيه أبدا.

ولعل أطرف مناقشة جرت بين المرحوم الشيخ عبد العزيز البشري والأستاذ عبد العزيز فهمي الذي تولى كبر الدعوة إلى كتابة العربية بالأحرف اللاتينية، فخلد في مصر بإطلاق اسمه على أكبر شارع في مصر الجديدة بالقاهرة وبالمترو الذي ينطلق من ساحة التحرير في القاهرة إلى نهاية شارع المنتزه بمصر الجديدة.

قال الشيخ عبد العزيز البشري لعبد العزيز فهمي: لماذا تريد أن تكتب العربية بالأحرف اللاتينية؟ قال عبد العزيز فهمي: أريد أن أعممها، فقال البشري - عليه رحمة الله -: إنك تريد أن تبرنطها ولا تريد أن تعممها، هكذا يخلد العرب المريبين، أما المخلصون فلهم الله.

وأذكر بهذه المناسبة أنني شهدت جنازة المرحوم الشيخ محيي الدين عبد الحميد، ومن الأقدار العجيبة أن أحد الفنانين مات في نفس اليوم الذي مات فيه الشيخ محيي الدين. كان سرادق الميتين متجاورين، وكان في سرادق الشيخ عشرات، وفي سرادق الفنان آلاف.

ص: 470

وشيع جنازة الشيخ إلى مثواه الأخير عدد قليل من الناس، وشيع جنازة الفنان أكثر من عشرة آلاف. ويومها سالت من عيني دمعات، وما خفي في نفسي كان أعظم. . . .

- قلت لنفسي: إن هذا الشيخ كان أكبر محقق للتراث العربي الإسلامي وخدم العربية والإسلام خدمة باقية، أما الفنان فقد عمل ثلاثين سنة على إفساد الأخلاق وتشجيع التخنث والانحلال.

أهكذا يجازي العرب بخاصة والمسلمون بعامة من يخدم العربية والإسلام ومن يحارب الأمة في أخلاقها.

وا أسفاه على العرب والمسلمين!!

- ولكن إلى متى يبقى العرب والمسلمون بهذه الحال؟ إلى متى يبقون في غفلتهم التي تجعل الحليم حيرانا؟

إن أكثر الذين تلقوا العلم في الغرب، أشرف عليهم مستشرقون يهود أو جواسيس.

وقد نزل أكثرهم إلى مستوى الخادمات أخلاقيا، ولا أزيد.

وكانت رسائل أكثرهم هدما لمبادئ الدين الحنيف وتاريخه.

وقد نال بعضهم شهاداتهم برسائل منها: التناقض في القرآن الكريم، وسفورزا اليهودي.

إني أتمنى أن يستيقظ العرب والمسلمون، وحينذاك ستتغير مفاهيمهم وإلا فاقرأ السلام على العرب والمسلمين.

- وعاد هؤلاء المستغربون من العرب والمسلمين، لينفثوا سمومهم في المعاهد والجامعات، كل مصادرهم وثقافتهم أجنبية، وكل عملهم ترجمة أفكار الأجانب من مصادرهم، لأنهم لا أسس ثقافية لديهم من المصادر العربية الإسلامية، فلا عجب أن يدعي أحدهم: أن الفتح الإسلامي كان لأسباب اقتصادية. . . كان العرب قبل الإسلام أغنياء، فأصبحوا بعد الإسلام فقراء.

هكذا تكون الثقافة وإلا فلا!

- لا عجب أن ينهار التعليم في المعاهد والجامعات، وأن يتنكر أكثر المتخرجين فيها لمبادئ الدين الحنيف، لاعتقادهم بأن هذا التنكر (تقدمية) وأن التمسك بالدين (رجعية).

ولا عجب أن يغمز أكثر المتخرجين العربية والإسلام بمناسبة وبغير مناسبة.

ولا عجب أن يدرس هؤلاء القضايا العربية والإسلامية، بأفكار معادية للعربية والإسلام.

إني أطالب بوضع حد حاسم لهذا الانهيار، بحيث أصبحنا نتقدم إلى الوراء.

ص: 471

التربية العسكرية الاستعمارية

لست بحاجة إلى أن أنوه بأهمية العسكريين ضباط وضباط صف وجنود ومراتب أخرى، لأن بيدهم القوة الضاربة، وصلاحهم صلاح للأمة، وفسادهم فساد لبلادهم.

لذلك ركز الاستعمار وساعدت الأيدي الخفية من ماسونية وصهيونية على العسكريين بخاصة، وعملت على تربيتهم تربية فاسدة.

كانت الكليات العسكرية وكليات الأركان العربية الإسلامية تدرس تاريخ حرب المستعمرين، وتدرس تاريخ القادة الذين استعمروا بلاد العرب والمسلمين بأسلوب يجعل الطلاب يؤمنون بتفوق المستعمرين، وبضرورة الاقتداء بهم منهاجا وتصرفا.

وكان الطلاب العسكريون يتخرجون ضباطا وهم يعرفون عن (الجنرال مود) و (الجنرال اللنبي) أكثر مما يعرفونه عن الرسول القائد - عليه أفضل الصلاة والسلام - وعن خالد بن الوليد.

وكان أكثرهم لا يعرفون عن قادة الفتح الإسلامي شيئا مذكورا، ومن المذهل أن نسأل الضابط العربي المسلم عن اسم القائد العربي المسلم الذي فتح مدينته ونشر فيها العربية لغة والإسلام دينا، فلا يعرف هذا الضابط لهذا السؤال جوابا.

كما يدرس في الكليات العسكرية وكليات الأركان، الفكر الغربي للسائرين بفلك الغرب، والفكر الشرقي للسائرين بالفلك الشرقي، من الناحيتين التعبوية (التكتيكية) والسوقية (الاستراتيجية)، وقد تكون الأفكار الشرقية الغربية هذه لا تلائم الطبيعة العربية والإسلامية، وقد تكون على طرفي نقيض من هذه الطبيعة.

أما الفكر العسكري العربي والإسلامي فغائب عن تلك الكليات.

أما التدريب العسكري فهو تدريب شرقي أو غربي، ولا دخل للتدريب النابع من فكرنا وطبيعتنا في تدريب الطلاب العرب والمسلمين.

وما يقال عن التنظيم والتسليح، يقال عن التدريب العسكري.

كل هذا التعليم والتدريب، يدرس بلغة عربية ركيكة، تشيع فيها المصطلحات الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والتركية، وحتى الروسية أيضا، تأكيدا للاستعمار الفكري البغيض.

ص: 472